سألتُ سلْمى ونفسي هزها العجبُ=أين البطولة إن لم تُهدها حلبُ
أين البطولةُ والأرزاء جاثمةٌ=فوق الصدورِ وتشكو رُزءَها حلبُ
سلمى أجابت وقد سالت مدامعها=غامَتْ ملامِحُها... إذْ كُبِّلَتْ حلبُ
مهدُ البطولة في الشهباء موئله=يا حاديَ الرّكب أذِّن: إنها حلبُ
سل سابقين لنا عن فخر ما عرفوا=تلقَ الجواب جليا: إنها حلبُ
في العِلم سابقة، في الحق ناطقة=إن الحديثَ هنا، يُعنى به حلبُ
أصاب من خيرها باد وذو حضرٍ=ما خِلْتُها بخلتْ عن سائل حلبُ
خرَّ الغزاة سجودًا عند مدخلها=فيم السجودُ؟ فقالوا: إنها حلبُ
كم فارسٍ أنجبتْ، يعلو على شرفٍ=كم صاح مفتخرًا أنْ أمّهُ حلبُ
هبت تقول لمن أرادها هملًا=تمشي كسائمة: إني أنا حلبُ
تَريدني ضعةً كالعبد طائعةً=أُنْسيتَ يا جاهلًا، أنِّي أنا حلبً
يا قُرمطيُّ ألم تقرأ مخازيكم=في وجهكم وقفتْ رمزُ الإبا حلبُ
نسيتَ وقفتها في يوم محنتها=ضحتْ بصفوتِها، رمزُ الفدا حلبً
واليومَ جئت لها كأنها أَمةٌ=بل أنت عبدٌ لها، لأنها حلبُ
أغراك ذو سَفهٍ، من جُحره قد أتى=وظنّها نُزهةً، تخلو له حلبُ
وإذ بها شوكة في حلقه انغرزت=فصاح مَن هذه؟ قالوا له: "حلبُ"
إن كنت تَجْهلُها فانظر لها لترى =أسْدَ الشرى زأرتْ، عرينُها حلبُ
يا دبُّ هذي لكم عارٌ ومقبرةٌ=في بأسها اشتُهرت، بوركتِ يا حلبُ
سلْ غازيًا قبلكم كم كان مضطربًا=وجندُه صرخت مذعورة: "حلب"
يا صابِرون هُنا تروون تربتها=عزاؤكم، دائما، في أنها حلبُ
سَمِعتُ قائلكم يقولُ مفتخرًا=إني ولدتُ هنا، أفديك يا حلبُ
شَهباؤنا حلبٌ.. تاريخُنا حلبُ=لا خيرَ في ذي الدنى إنْ لم تعِشْ حلبُ