مُضنىً فؤادُكَ شوقاً مِن فراقِهمُ= ما عادَ يحتملُ الشّوقَ البَراحَ فمُ
ما أيقَظَ القلبَ دّهرٌ مِن مواجعِهِ= إلاّ وكانَ صريحُ الشّعرِ يرتسـمُ
بانتْ بعينيكَ نظْراتٌ وقد فضحَتْ= دموعُها الحبَّ والأشـواقَ وهْيَ دمُ
أشباحُ أزمنةٍ يحدو بها عُمُرٌ=يغتابُ أيّامَهُ التسويفُ والعَدَمُ
زارتكَ أطيافُهم في النومِ بارقةً= كأنّها عن يقينِ الشكِّ تنفطِـمُ
تُغري اصطبارَكَ آمالُ انتظارهمُ= ويعتريكَ ومِن ذكراهـمُ الألمُ
لعلَّ يوماً يؤمُّ الشملُ حارتنا= وتستريحُ نفوسٌ مثلها الذّممُ
مُذ قاسمتنا صروفُ الدّهرِ راحتنا= و أسلمتنا إلى الأحزانِ نحتكمُ
ملَّ انتظارُكَ درباً خانَ خطوتَهُ= في كلِّ قارعةٍ أو فتنةٍ علَمُ
حتّى اغترَبْتَ بأرضٍ لا منارَ بها= وغيَّبَتكَ وعن أسماءِها الأَمَمُ
تجتثُّ أحفادَها الأيـّامُ مُنكرةً= ما قد تجنّى عليها الذلُّ والظُـلَمُ
كم يدّعي مَن يُعادينا هزيمتَنا= لكنَّهُ بشُعاعِ الشمسِ يرتطِـمُ
هبَّت علينا رياحُ السوءِ قاهرةً= زعما أحبّتنا فانتابها الندمُ
فكلُّ نائبةٍ تمضي إلى أجلٍ= ما ضاعَ حقٌّ إذا نادتْ بهِ الهِمَمُ
إنْ ماتتِ الأرضُ أو نامتْ خزائنُها= يوما ستحيا, بقطرِ الماءِ تبتسمُ
الأرضُ تُكرمُ مَن يروي مرابِعَها=إنَّ الأمومةَ في أرحامِـها الكـرمُ
مهما يطولُ علينا الّليلُ نقهرُهُ= نحنُ الشُموسُ ومنّا البدرُ ينكتمُ
إنْ أجمعتْ أُممُ النكداءِ قوّتها=أو زاحمتنا على أمجادِنا العجمُ
تبقى على العزِّ والأمجادِ رايتُنا= خفّاقةً في السّما بالنصرِ تنتظمُ
أيقنتُ أنَّكَ في أحزانِنا جبلاً=و أنتَ يا وطني قلبٌ بنا رَحِمُ
كلُّ العواصفِ قد جاءتكَ طامعةً= أن تُبْدِلَ الحبَّ كُرها فيهِ نُـتّهم
أو ساومَتنا على طيبٍ طبائعُنا= نبقى الأحبّةَ في الضرّاءِ نلتحمُ
أو مُزِّقَت في العُلا أجسادُنا قِطَعاً=الروحُ تبقى مع الشحناءِ تختصمُ
إنْ ماؤهُ سرقوا يبقى الفراتُ لنا= ودجلةُ الخيرِ تسقي ماءََهُ الدّيمُ
كلُّ الحضاراتِ تلوي مِن حضارتِنا= رقابَها عزّةَ تزهو بها الأممُ
تاريخُنا بحروفِ النّورِ نكتبُهُ=تظلُّ أسطرُهُ الطُّغراءُ تحتشمُ
آباؤنا الصيدُ قد كانوا غطارفةً= العدلُ قائدُهم ما هم بهِ هُزِموا
الشّمسُ تُكسفُ إنْ ماتتْ ضمائرُنا=جوراً وتستأسدُ الظلمـاءُ والّلممُ
أو مازجَ الضعفُ مِن قهرٍ أرادتنا= صرنا العبيدَ برأيِ الغيرِ نلتزمُ
والظلمُ يهدمُ أوطاناً بكاملِها= لا الأرضُ تبقى و لا الأزمانُ والحُرُمُ
الظلمُ في ظُلُماتٍ حاكَ ظلمتَهُ= والعدلُ في نورِهِ الأنوارُ تزدحمُ
يصونُ وحدتَنا الإنصافُ في عملٍ= والقولُ إنْ صَدَقَتْ في لفظِهِ الذممُ
والخوفُ داءٌ تُعاني منهُ أمَّتُنا= والغدرُ أسلحةُ الأعداءِ لا الشّيمُ
خانَ الطُّغاةُ عهودَ الشَّعبِ واقتسموا= خير البلادِ فعـمَّ الفقرُ والسّقَمُ
العدلُ غيرُ المُساواةِ الّتي زعموا= والشّرعُ للهِ ليسَ الناسُ ما قَسَموا
مَنْ يزرعِ الحقدَ يحصُدْ مِن مساوئِهِ= وشاعلُ النّارَ يوما فيهِ يضطرمُ
وعابِدُِ النّفسَ لا تنقى قريحتُهُ= وعابدُ اللهَ في الظلماءِ يغتنمُ
كفى صراعاً فكفُّ الموتِ شاملةٌ= لم ينجُ منها جميعُ الخلقِ إنْ فهموا
والخيرُ يكبُرُ عند الناسِ فاعلهُ= والشرُّ تُنكِرُُهُ الأخلاقُ والقيم
يبقى العراقُ جميعا لا يفارقُهُ=إلاّ الأذلُّ و في آذانهِ صَمَمُ
لولاهُ ما كانت العلياءُ شامخةً=أو مسَّ رايتَها الإكرامُ والشَّمَمُ
ليس العراقُ بغيرِ المجدِ موطنُهُ= فالفخرُ والعزُّ في أبناءِهِ نِعَمُ