جاء الرّبيعُ يميدُ في خُيَلائه= وجلا فصيحاً كالخطيب المُصْقـَل
فكأنّما غُررُ الزَّمان تواصلتْ =وكأنّ أصْلَ الكوْن لمْ يتحَوَّل
فإذا المرابعُ زانها وهَجُ الشُّمو=س وظلَّها فيئُ الوجُود الأكمَل
ورُبىً بحُضن التّلال تألقتْ=برُواء حُسْن في رداءٍ مُخْمَل
وحدائقٌ جنْب الغدير ضفافُها=توشّحتْ بزنابقٍ وقرُنفـُل
والنّورُ أرْسل للرّحاب شموسَه=وأزاح ظلَّ الغمام المُسْبل
والماءُ يسْري في الجَداول ضاحكا=للزّهْر يجلو في ثنايا السُّنبُل
والطيْرُ أسلمَ للخمائل شجْوَهُ=فيُعيرَها شدْواً ولمّا تسْأل
عاد الربيعُ فهلْ سرى في روْعة=مثل التي غمَرتْ رُبوع المَشـْتل؟
فألهَبتْ نار الفـُؤاد وغالبتْ=شوْقاً لذي حوَر العيُون الأنـْجل
أمْ حرّك الإعْصارَ يجْرُفُ نوْرَها= ويَبُثُّ فيها كُلَّ هَيْفٍ تصْطلي؟
فانظرْ إلى تلك الضّفاف تجدْ بها=دوَلَ الرّبيع حكتْ معالمَ دُمـَّـل
نفضَتْ دموعَ الغبْن ذاتَ عَشيّة=ونَأتْ وعادتْ بالحَوادث تبْتلي
فمَعيش هذا الناس صار ملغّماً=ومآلهمْ أمْسى بحالٍ أرْذل
ولكمْ يَهولُ المرءَ أنْ يلِجَ الشِّعا=بَ، وما بها مِنْ أعْيُنٍ أوْ حَوْصل
وإنّما يلقى الثُّغورَ وما ثوَتْ=منْ طُحلبٍ وحشائشٍ أوْ جرْول
رُحْماكَ يا ربَّ العالمين أعدْ لهم=نهْج الصّلاح وَلُمَّ أهْلَ المنزِل
وأزحْ عَن الأعْيان كلَّ غشاوة =واجْعلْ عَماهم في المَذاهب ينـْجلي