مثلما أنتَ للكتابِ سطورُ = وحروفٌ يئنُّ منها الشعورُ
وشروقٌ كالشمسِ فاضَ ضياءً = هكذا أنتَ للّيالي بدورُ
أو مساءاتٌ عانقتكَ بصمتٍ = وأصيلٌ يزفُّهُ الشُّحرورُ
مثل لحنٍ غنّاهُ نايٌ شجيٌّ = مُعتِقٌ للآهاتِ وهوَ أسيرُ
ورحيلُ الماضي إليكَ اغترابٌ = بمعانيهِ ينتهي التعبيرُ
للمسافاتِ في خطاكَ انتشاءٌ = وكأنَّ الخُطى إليكَ تسيرُ
دعْ جراحاتي تستبيحُ جراحي = فمواساتي أنّكَ التخديرُ
أيُّها الحالمُ الّذي يتغابى = ما لعينيكَ كالنجومِ تدورُ
والكلامُ الخفيُّ يغفو اشتياقا = بانَ كالعُصفورِ الصّغيرِ يطيرُ
كم تماديتَ في السؤالِ كثيرا = وأطلتَ الحديثَ وهوَ قصيرُ
نظراتُ العيونِ تغري حيائي = وتمنّيتُ والأماني غُرورُ
كيفَ تغدو الأوهامُ يوما حياةً = حيثُ تفنى أيّامُنا والشهورُ
بعد عُمرٍ بناتُهُ خائفاتٍ = ومداهُ المجهولُ والتغييرُ
فاستمعْ للحياةِ لحنا مُعادا = في ليالٍ فيها النهارُ الأخيرُ
تركتنا في غربةٍ وارتحالٍ = ورمتنا نحو الفناءِ نسيرُ
فسيولُ الحقدِ استلَذَّتْ دمارا = ومع الأمطارِ ابتدا التدميرُ
وإذا الحبُّ في النفوسِ ترابٌ = وإذا الحبُّ في القلوبِ صغيرُ
وإذا الدنيا غيّرتْ كلَّ شيءٍ = غيّبتْ حاضرا فماتَ الضميرُ
وإذا أنتَ في شقاءٍ طويلٍ = سرقوا آمالي وهنَّ زهورُ
وإذا أنتَ مُدمنٌ ذكرياتٍ = بعضُ أطيافٍ في الليالي تزورُ
وإذا أنتَ للقبورِ غذاءٌ = يأكلُ الدّودُ منكَ والزّمهريرُ
من وحول الأديمِ جئتَ إليها = وإليها يعودُ هذا الأسيرُ