هلّ الهلالُ فأيّ شهر يُقبِلُ = خير الشهور فلو عرفت المقبلُ
شهرٌ عليه من الجلالِ مهابة = وبلوغه للمؤمنين المأملُ
رمضانُ أقبل يا سواعد شمّري = فبه النجاةُ من اللظى والمنهلُ
للتائبين المذنبين مفازة = للأتقياء الطامعين الأفضلُ
سعدا لمن قامَ الليالي تائباً = وأنابَ فيها زاهداً يتبتلُ
تتسابقُ الخيرات عند صيامهِ = فلذا التقاةُ إلى المفازة تعجلُ
مثل البحار المُغرقاتِ حياتنا = والصومُ فيها كالسفينة يحملُ
ريعُ الصيام بشائر ومكارم = فيفيضُ عيدُ الصائمين ويَحفلُ
يعلو على الدنيا البخيلة نعمةً = بالمكرماتِ وبالمكاسبِ يرفلُ
كنزٌ دعاءُ الصائمين لربّهم = فعطاءه عند الصيامِ الأشملُ
شهرٌ به خيرُ الليالي منزلاً = جوداً تزيدُ ورحمةً لا تأفلُ
الروحُ فيه والملائكةُ العُلى = وكتابُ ربّك جمعها تتنزّلُ
مثلُ الغمام المثقلاتِ ظلالهُ = فبها الخطايا والمعاصي تُغسلُ
النومُ فيهي للتقاة عبادةٌ = بمنامهم أنفاسهم تتهلّلُ
عِتقُ الرقابِ بليلة لو أدُركت = إعمالها من ألف شهرٍ أفضلُ
يا ليلة القدر العظيم رجاءُنا = نحييك أنْ شاء الكريمُ وننفلُ
رمضانُ تدريب النفوسِ على التقى = فالخيرُ فيهي والصلاحُ الأمثلُ
كُتب الصيام فريضة وغذاءه = يُحْيي نفوسَ المؤمنين ويُجملُ
أنْ كان بالشهر العطاءُ بيادراً = فمن الدهور جميعها الخردلُ
جوعُ الجوارحِ صحّةٌ وسلامةٌ = وبهي الفقيرُ إلى المنعّمِ يُوصلُ
ليلُ المساجدِ بالتقاةِ منّورٌ = تُحيي النوافلَ والكتابَ ترتّلُ
يقضون أيّامَ العطاءِ عبادةً = وإلى الغفورِ قلوبهم تتوسّلُ
يتململون بليلهم وسجودهم = وهمُ بذاك من المعاصي جُفّلُ
رمضانُ مدرسةٌ نجاحُ فصولها = ضبطُ الغرائز والتقى وتحملُ
يحيا الكثيرُ صيامهم كمحافلٍ = فاللهو طبعٌ والتسوقُ مُشغلُ
لا خيرَ في صومِ العبادِ وليلهم = لهوٌ يباحُ وتخمةٌ وتجوّلُ
مرحى لمن صان الصيام مؤمّلاً = في العيد يُفرحه المفازُ الأكملُ
خيرُ الخليقةِ مَنْ يصومُ كأنه = أنْ راح عنه لا يعودُ ويُقبِلُ
قد فازَ مَنْ حفظ َالصيامَ كأنّه = بعد الفطورِ إلى المقابر يرحلُ
أنْ صمت صومَ الزاهدين كما هدى = يمحو الغفورُ السيّئاتِ ويكفلُ
لا تيأسنّ من النجاةِ فأنّه = رغم الخطايا فالإنابة تُقبلُ
ربحَ الصيامَ المنفقون ومَنْ لهم = خُلق الكرامِ ومَنْ تقاهم أكملُ