صيحة ليتها لا تنتهي إلى وادٍ عميق…
غطَّتِ الجمرَ حفنةٌ من غبارِ=ظنَّها الغافلونَ أقوى سِتارِ
والغبارُ الذي أُريدَ ستارًا=هوَ أوهى من ذمَّةِ "السمسارِ"
ما لهُ غيرُ أن يزولَ مع الرِّ=يحِ، ويُذكي هبوبُهُ ألفَ نارِ
وقليلاً ما يُنتِجُ الجمرُ نورًا=حينما وقدُهُ أبو الأخطارِ
هكذا أمّتي تستِّرُ عُرياً=من هوانٍ، وفُرقةٍ، واحتضارِ
وأرى في الخليجِ موجَ افتتانٍ=هائجًا، منذرًا بشرِّ دمارِ
تحسبُ القومَ قاصدينَ دمارًا=جاءَ جهلاً، أو كانَ عن إصرارِ
فإذا القومُ في عداءٍ مُذِلٍّ=هيَّأتْهُ عجائبُ الأوزارِ
فالأشقَّاءُ خُلْفُهُمْ في ازديادٍ=واقتتالٍ يُعيدُ حربَ الفجارِ
والأشقَّاءِ في حصارٍ عقيمٍ =والألدَّاءُ سُيَّبٌ في الدَّارِ!!
أيُّ دينٍ هذا، وأيُّ اتِّحادٍ=ليتَ شِعري، وأيُّ حُسنِ جوارِ!
وانتهى القومُ للألدِّ عِداءً=ترتجي منهُ نجدةَ "المِغوارِ"
كيفَ لا يرتجي الضَّعيفُ احتماءً=بالذي ما لبأسهِ من مُجارِ
وتناسَوْا منه سوابقَ غدرٍ=وخداعَ المتاجِرِ المكََّّارِ
ذاكَ شرقًا يسيرُ، ذلكَ غربًا=ما لنا في المسيرِ أيُّ قرارِ
وتعامَوْا عن أنَّهُ شرُّ طاغٍ=فهو ربُّ التَّدميرِ والإفقارِ
لا يُبالي بما يكونُ حرامًا=ويُري الحقَّ نظرةَ استهتارِ
كُلُّنا في غدٍ منه قبضُ ريحٍ=وغثاءٌ في غضبةَ التَّيَّارِ
أيها الغافلونَ عمَّا نُعاني=في بلادٍ صارتْ إلى الكُفَّارِ
ضاعَتِ الشَّامُ، والعراقُ، وصنعاءَ=وصارتْ مزارِعَ الفُجَّارِ
فإذا بالتَّوحيدِ أصبَحَ شِركًا=وإذا الفسقُ سُنَّةُ المُختارِ
والذي لم يَزَلْ لنا فيه ظلٌّ=فهو يحيا على شفىً مُنهارِ
علِمَ الكونُ سوءَ ما نحنُ فيهِ=حيْنَ أنَّا نحيا بلا أبصارِ
أيُّها القومُ ما لِهذا خُلِقنا=دينُنا واضحٌ وضوحَ النَّهارِ
ما لنا نزعُمُ المذلَّةَ عِزًّا=وبما نحنُ فيهِ عمدًا نُماري!
لم يَعُدْ يُقنِعُ الشُّعوبَ ادّعاءٌ=من ضجيجِ الإعلامِ بالإنكارِ
عهدُ إقناعِنا السَّوادَ بياضٌ=أصبحَ اليومَ هزأةَ المهذارِ
نصرُ أعداءِ ديننا مستحيلٌ=إنَّهُ وعدُ ساخرٍ ثرثارِ
بعضَُ ما يبتغيهِ مِنَّا خطيرٌ=إنَّهُ فوقَ أخطرِ الأخطارِ
يبتغي الدِّينَ، والكرامةَ، والعُرْ=بَ، ومجدًا قد كانَ فخرَ الفخارِ
دمُهُ بالصَّليبِ يغلي سعيرًا=وأراهُ مهيَّأً لانفجارِ
ورضيتُمْ بالمكرِ منهُ بديلاً=عن شعوبٍ تريدُ صِدقَ المسارِ
هي واللهِ ما سِواها نصيرٌ=وأمينٌ على أمانِ الدِّيارِ
ما أرى القادمينَ يرضوْنَ ذِلاًّ=قد حسِبناهُ مصدرَ الإكبارِ
لا أرانا الإلهُ من بعدِ هذا=غيرَ إذلالِ طُغمةِ الأشرارِ
أيُّها المُشترونَ وعدَ الأعادي=قُبِّحَ المُشترى، وخابَ الشَّاري
سوفَ يغدو ما قد بنيتُمْ هباءً=أو مراحًا للفُرْسِ والتاتارِ
لو قبِلْنا أخوَّةَ الدِّينِ حُكمًا=واختيارًا، لكانَ خيرَ اختيارِ
قد نسيتُمْ فضلَ التَّناصحِ نهجًا=بالتماسِ الأعذارِ قبلَ العِثارِ
هل تُرى يَحسِمُ الخِلافَ حكيمٌ=أو سنبقى وما بنا من دارِ!
فعلى بُعدِ خطوتينِ، وأدنى الـ=ـمسجدُ الأقصى في أشدِّ إسارِ
ونرى القُدسَ مُستباحًا ثراها=دنَّستْهُ شراذِمُ الأمصارِ
فاق عدَّ الرِّمالِ قومي ولكنْ=لمْ ترَ القُدسُ هِمَّةَ الثوَّارِ
كُلُّنا في غدٍ سنلقى مصيرًا=ما لنا دونَ هولِهِ من خَيَارِ
لو صنعنا بما هدرنا سلاحاً=لجنينا عِزًّا على الأدهارِ
ولكانَ الذي يرانا صِغارًا=قد رأيناه في أذلِّ صَغَارِ
أيُّها القومَ، يا أعزَّ بني الدُّنيا=أعيدوا محامِدَ الأنصارِ
واستعينوا باللهِ ربًّا نصيرًا=فتَنَاسي الإلهِ شرُّ الخسارِ
أينَ منّي ــ كما أُرجِّي ــ أَبيٌّ=لا يُبالي بسطوةِ الدُّولارِ!
لم يطُلْ نومُهُ، وما كانَ عبدًا=قد أذلَّتْهُ جُرعةٌ من عُقارِ
عالِمٌ أنَّهُ القويُّ بربٍّ=وبشعبٍ يريدُ صدقَ المسارِ
ويرى النَّصرَ بالجِهادِ يسيرًا=فهوَ وعدُ الإلهِ للأبرارِ
أوْ فقُلْها: لم يبْقَ بعدُ غبارٌ=حَرَقَ الجمرُ سائرَ الأستارِ
لهفَ نفسي وألفُ لهفٍ ولهفٍ=كيفَ صِرنا في آخرِ المشوارِ
أيُّها القومُ يا فُديتُمْ بروحي=أخرسَ الخوفُ منْ غدٍ أشعاري
ربُّكمْ شاءَ أن نعيشَ كبارًا=فتعالَوْا نُريهِ فِعلَ الكبارِ