(النداء( نداء عَقْلٍ ووجدانٍ، ومشاعِرَ
وأحاسيس، تُحِسُّ فَتُرهِصُ بما تُحِسُّ؛
لجيلٍ معاصِرٍ يَتَعَرَّضُ كُلُّهُ للإبادة، ولأمّةٍ
غُزِيَتْ في عُقْرِ دَارِها، ولا زالَ العدوانُ
يَتَأَذّنّها بالحَربِ.
إنَّها صيحةُ الضَّميرِ من أجْلِ مزيدٍ من التفكير،
وصَيْحَةُ العَقْلِ مِنْ أجْلِ مَزِيدٍ مِن الفِعْلِ، والدعوةُ
العاقِلَةُ، من أجلِ المواقِفِ الفاعِلَةِ؛ كل ذَلك قبلَ
أن يفوتَ الأوانُ. ولاتَ ساعةُ مَنْدَمٍ لو كانوا يعلمون.
وأنَّ منْ داهَمَ العُدْوانُ مَوْطِنَهُ= كانتْ عَلْيهِ (لِزاماً ثَورةُ الغَضَبِ)
يا عامِرَ القَلْبِ يا صدِّيقُ يا عَرَبي= الأَمْرُ جَدٌّ وما في الجَدِّ مِنْ لَعِبِ
حَذَارِ فالنَّارُ تَضْرى في مَرابِعِنا= وليسَ دونَ ضِراها أيُّ مُنْقَلَبِ
حَمَائِمُ الدَّوْحِ مِنْ وُكْناتِها هَرَبَتْ= وَبُلْبُلُ الدَّوْحِ في مَنْأَى ومُغْتَرَبِ
وفارِسُ الدَّوحِ مَسْلوبٌ تَأَذَّنَهُ= وَحْشٌ وأوْغَلَ في مَمْنُوعِهِ الأَشِبِ
(قُدْسٌ) تهاوى، وأمجادٌ غَدَتْ خَبَراً= وَمَعْلَمٌ صارَ في أَكْنَافِ مُسْتَلِبِ
(فَتْحُ الفُتُوحِ) تَقَضَّى أَمْرُهُ فَغَدَا= كأَنَّهُ لم يَكُنْ في سالِفِ الحقَبِ
لم يَبْقَ (مُعْتَصِمٌ) يُزْهى بِنَخْوَتِهِ=وَلا (رَشِيدٌ) يُناجي السُّحْبَ لا تَغِبِ
ولا (ابنُ عبَّادَ) تَسْتَعْلي مَرُوءَتُهُ= فلا يُبالي إذا (الإِسْلامُ) لم يُصَبِ
ولا (المُظَفَّرُ) (إِسْلامَاهُ) تَبْعَثُهُ= بَعْثَ الحُمَيَّا، فَيَلْوِي عُنْقَ مُغْتصِبِ
كَرَّ الزَّمانُ عَلَيْنا كَرَّةً ذَهَلَتْ=مِنْها النُّفُوسُ وباءتْ بَعْدُ بالتَبَبِ
أَلْقَتْ بذي التَّاجِ مِنْ عَلْياءِ عِزَّتِهِ=وَصَيَّرَتْ أَمْرَ مُسْتَعْلٍ إلى خَربِ
وافَتْ مَنُونُ حِمَامٍ أَنْفُساً زَهَقَتْ= وأَتْلَفَتْ حَالَ مَيْسُورٍ وذي نَشَبِ
وغُيبَتْ شَمْسُ آلٍ لَمْ يَعُدْ لَهُمُ=إلّا الصَّرِيخُ وإلّا ثَوْرةُ الغَضَبِ
مُلطَّمِين على الأَعْقابِ أَنْهَكَهُمْ= جَوْرُ اللَيَالِيَ مِنْ خَوْفٍ ومِنْ سَغَبِ
لا يأَمَنُونَ على عِرْضٍ وَلَوْ حَرَصُوا=وآفَةُ الأَمْنِ فِيهِمْ (حاكِمٌ عربي)
أبناءُ في رَكْبِهِمْ تَسْعَى جنايَتُهُمْ= كأَنَّهُمْ قَدَرٌ وافى بِمُنْقَلَبِ
نامْوا على الضَّيمِ في الدُّنْيا وَأَسْلَمَهُمْ=إلى المُنُونِ بِها مُسْتَوْغَرُ الدَّأَبِ
وأوْغَلُوا في الجناياتِ وقد علموا=أَنَّ الجِنايَةَ لا تُبْقِي على أَرَبِ
وَغَلَّقوا بَابَ إقْدامٍ وَقَدْ عَرَفُوا=أَنَّ الأَذلّاءَ في الأدْنى مِنَ الرُّتَبِ
دُعَاؤهُمْ مِنْ مُثَارِ الحِقْدِ مَبْعِثُهُ= وَدَابُهُمْ مِنْ مُثَارِ الحِقْدِ في النَّسَبِ
تَحُوطُهُمْ أُبَهٌ شَلّا وَتُقْعِدُهُمْ= عَنِ المَسِيرِ قُعُودَ العاجِزِ التَّعِبِ
فإِنْ وَقَفَتْ على رَسْمٍ لَهُمْ ذَرَفَتْ= عَيناكِ مِنْ هَوْلِ ما لاحَظْتَ مِنْ نَكَبِ
قد قَتَّلُوا بَعْضَهُمْ ظلماً وأَشْغَلَهُمْ=حُبُ المناصِبِ عَنْ حُسْنى وعَنْ رَغَبِ
فَغُلِّقَتْ مِنْهُمُ الأَفْهامُ وانْصَرَفُوا= عَنِ المَكارِمِ واسْتَغْنَوْا عَنِ الحَسَبِ
وآثَرُوا أَنْ يَكُونوا تَابِعاً ودُمَى=أَوْ كالبَيَادِقِ في جَدٍّ وفي لَعِبِ
يُسَارِعُونَ إلى ما يُنْدَبُون لهُ= لا يَسْأَلُونَ عَنِ المَغْزَى أَوِ السَّبَبِ
كالطَّيرِ تَرْجُفُ من خوفٍ حَشَاشَتُهُمْ= وَتَسْتطيرُ لِلَوْمٍ كانَ أو عَتَبِ
أنَّى تُوافَ تَجِدْ ذلَّاً وَمَضْيَعَةً= ولا تُوافى بِغَيْرِ الذُلِّ مِنْ حَلَبِ
حتّى اسْتَخَفَّ بِهِمْ جمعاً عَدُوُّهُمُ= وَصَارَ أمْرُهُمُ في كَفِّ مُغْتَصِبِ
(اللهُ أكْبَرُ) كَمْ سِرْنا وساوَرَنا=هَمٌّ وكَمْ بِحِمَانَا كانَ مِنْ عَجَبِ
وَكَمْ نَهَضْنَا وناوَأْنا وكَمْ ذَرَفَتْ= مِنَّا العُيونُ، وكَمْ أَلْحَفْنا في الطَلَبِ
وَكَمْ خَرَجْنَا فَلمْ يُجْدِ الخُروجُ ولمْ= تُفْلِحْ بِمَنْ خَرَجوا حُسْنى مِنَ الدَأَبِ
قد حَاطَنا البغيُ حَوْطاً مُتْعِباً وَمَشَى= مِنْ حَوْلِنا جَيْشُ أَزْلامٍ مِنَ الرَّهَبِ
حُشدٌ عَلَيْنا أَبَالِيْسٌ إِذا هُرِعُوا=إِلى تَقَفِّي خُطانا أو لِمُطَّلَبِ
يُلاحِقُونَ ظِلالاً مِنْ تَوُجُّسِنا= وَيَرْصُدُونَ وَجَاساتٍ مِنَ الهُدُبِ
)أَبْطالُ) كَمْ داهموا بَيْتاً وكم خَرَبوا= بَيتاً وكم هَدموا مِنْ مَعْقِلٍ أشِبِ
وكم تَداعَوْا إلى جُلَّى وكم فَعَلُوا= وكم أشاعوا بِدُنْيا القومِ مِنْ رِيَبِ
شِبْهَ الفناءِ إذا حَلُّوا بمنزلةٍ= حَلَّ الهوانُ ولم يَسْتَثْنَ مِنْهُ أَبي
(خُدَّامُ) سَيِّدِهم لم يَخْدِمُوا وطناً=ولم يُشِيدوا لَهُ عِزَّاً بِمُحْتَرَبِ
بل كُلُّ ما كان منهُم أَنَّهُم وُقِفوا= على مُلاحَقَةِ الصِّدّيقِ والعربي
كَأَنَّهُم مِنْ بني إبليسَ أنْجَبَهُمْ=أو أَنَّهُم من بني إبليسَ في الحَسَبِ
(فَوارِسٌ) أُوقفُوا للشَّرِّ وانْشَغَلُوا= بكلِّ ما في دُنا الأشرارِ من كَذِبِ
فكانَ ما كانَ من بَلْوى تُحِيطُ بنا=ومِنْ صَغَارٍ ومِنْ آهاتِ مُكْتَئبِ
ومِنْ تَدَاعٍ إلى أوطانِنا طَمَعاً= بالأرضِ والعرضِ بالحاني وبالرُّطَبِ
مِنْ كُلِّ جنسٍ ولونٍ أقبلوا أمماً=إقْبالَ سُعْرٍ فَمِنْ حُمَّى ومِنْ كَلَبِ
حِلْفاً تَحالَفَ فيهِ الحِقْدُ والطَمَعُ=تَحَالُفاً مُفْرِطاً في القصدِ والطَلَبِ
شِبْهَ الذئابِ على قِطْعانَ سائِبةٍ=تَعْدو وتَعْدو بِحَدِّ النابِ والنُّوَبِ
تُدْمِي القلوبَ وما انفَكَّتْ على بَشَمٍ=تَعْوِي لِتَجْمَعَ رَهْطَ الحِقْدِ والشَغَبِ
أو كالأفاعي أَحَابِيلاً مُفَبْرَكَةً= بِفِعْلِ حرباءَ كمْ فازتْ بِمُطَّلَبِ
أَنْيابُها للبَرِيءِ الحُرِّ تفترسُ=وَسُمُّها للْزَبُونِ التابعِ الخَرِبِ
(حِلْفٌ) مِنَ البَغيِ مَشؤومٌ مُطالَعُهُ= يَجِيشُ في صَفِّهِ حِلْفٌ مِنَ الكَذِبِ
لم يَعْرِفِ الناسُ عَنْهُم قِيدَ أُنملةٍ=فِعلاً مِنَ الخيرِ أو حُسنى مِنَ الطِيَبِ
كأَنَّما اللهُ للطُّغيانِ وَظَّفَهُم= أو أنَّهُ خَصَّهُم بالرَّيْبِ والرِيَبِ
فأَعْلَنُوها على الإسلامِ قاطِبةً=شَعْواءَ تُنْذِرُ بالتَّحْرِيبِ والحَرَبِ
(جَهَابِذٌ) أَوقَدُوا للحربِ وَقْدَتَها= وجَيَّشوا كُلَّ مَوتُورٍ وكُلَّ غَبي
صَبُوا أذاهُم على الأوطانِ ما سَلِمَتْ=مِنْهُم حَشاشَةُ شيخٍ طاعِنٍ وصَبي
وقد تَأَذَّتْ من عُدوانِهم أُمَمٌ= باتَتْ تُعاني ضُرُوبَ الخوفِ والرَّعَبِ
في الشرقِ والغربِ ما زالتْ مُعَرَّضَةً= لِشَنِّ غاراتِهم شَنّاً بلا سَبَبِ
هَدْماً وحَرْقاً وتَدْمِيراً فما تَرَكُوا= مِنْ وادِعٍ آمِنٍ أو مَعْقِلٍ أَشِبِ
دُورُ العِبادةِ جاسُوها علانِيَةً= وأوْغَلوا في حِماها غِبَّ مُنْقَلَبِ
طَالوا لِمصَاحِفَ بالعُدوانِ وَانْتَهَكُوا= حُرْماتِها لم يخافوا ثَورَةً لِأَبي
وَحَمَّلُوا تِبْعَةَ (الإِرهابِ) كَامِلَةً=للمسلمينَ، وبَرَّوا ساحةَ الجُنُبِ
وأَوْقَعُوا أُمَّةَ الإِسْلامِ قاطِبَةً=في الاتهامِ. ولم يسْلم تُراثُ نَبِي
هذي الرسومُ المسيئآتُ التي نُشِرَتْ= تَحْكي جِناياتِ مَفْطُورٍ على الكذبِ
(شَخْصُ النبيِّ) أرادوا مَسَّ عِصْمَتِهُ= ولم يُبالوا بلومٍ كانَ أو عَتَبِ
هُمْ أَعْلَنُوها حُروباً لا حُدُودَ لها= بعدَ المَسَاسَ بِشَخْصِ (المُصطفى العربي)
وَوَزَّعُوها على دُنياهُمُ أملاً= في أنْ تُسَعَّرَ كالنيرانِ في الحَطَبِ
حُمَّى تُحِمُّ ولا تُبْقِي على أَثَرٍ=مِنَ العلاقةِ أَوْ فَضْلٍ مِنَ الأَدَبِ
لم يترُكُوا هامِشاً للوُدِّ يَجْمَعُنا=أَو مَوقِفاً مُنْصِفاً يُحْكى لذي أَرَبِ
وقد أساؤا لدينِ اللهِ واعْتَبَروا= تلك الإساءةَ مِنْ حَقٍ ومُكْتَسَبِ
قد مَوَّهُوا فِعْلَهُم واللهُ يَعْلَمُ ما= قد كانَ مِنْ فِعْلِهِمْ في سالِفِ الحُقَبِ
واليومَ نُوْصَمُ بالإرهابِ أَجْمَعُنا= ونُستطالُ بسكينٍ مِنَ الغَضَبِ
وَتُعْلَنُ الحربُ إعلاماً وعسكرةً= ويَنْفِرُ القومُ في الضافي وفي الأُهَبِ
قد أَعْلَنُوها بواشنطنْ مُدَوِّيَةً= (حَرْبَ الصليبِ) على (الإِسلامِ) فارْتَقِبِ
حرباً يطولُ مَداها وَهْيَ مُوجِعَةٌ= لِكُلِّ قلبٍ بِسَهْمِ الحقدِ مُنْضَرِبِ
سَيَعْلَمُ الجمعُ مِمَّنْ خابَ فَأْلُهمُ= ماذا تُرِيدُ وتبغي أمةُ الصُلُبِ
هُمْ يُحْسِنونَ بِهم ظناً ومسألةً= وفي ظُنُونِهِمُ ما ليسَ في الكُتُبِ
فيا محمدُ يا محمودُ يا رجُلُ= إنَّ البَليَّةَ لن تُبْقي على حَسَبِ
ولن يدومَ خَصَاصٌ فارِهٌ أبداً= ولا بَقِيَّةُ ما اسْتبقيتَ مِنْ نَشَبِ
إنْ لم تُعِدَّ لهذا الأمرِ عُدَّتُهُ= وتَنْشُدَ النَّصرَ في حُسْنى من الطَلَبِ
فاخْتَرْ لِنَفْسِكَ بين العِزِّ منزلةً= وبين ذُلٍّ مدى الأيامِ مُرْتَقَبِ
واعْلمْ بأنَّ نفادَ الصَّبْرِ أَوَّلُهُ=رأيٌ وآخِرُهُ عزْمٌ لِمُحْتَرِبِ