أنا بينَ يأسٍ مُحبِطٍ ورجاءِ = مُستسلماً مُتيقناً بقضاءِ
يمحو النهارُ ظلامَ ليلٍ دامسٍ = ومعي الّليالي ثرّةٌ ببقاءِ
وكأنّ شمسي في أُفولٍ دائمٍ = غامتْ بكونٍ مُدلجٍ ببلاءِ
يا هذه الدنيا تركتُكِ راحلا = فظلالُ وهمُكِ غايةُ الجُهلاءِ
ما أنتِ إلاّ نزرَ عمرٍ خالدٍ = مُتقاسمِ الأطوارِ في أجزاءِ
صبرا فإنّكِ ليلةٌ بظلامِها = تمضي فينجو العمرُ مِن بأساءِ
سَجَدَتْ لعرشِكِ مِن غروركِ أمّةٌ = يا أمّةً ضلّتْ بدربِ هباءِ
ما كانَ عرشُكِ غيرَ سفاهةِ ضائعٍ = ضحكتْ عليهِ وساوسُ الخيلاءِ
دنياكَ مِن همِّ البلاءِ مطيَّةٌ = إمّا لِقُربٍ أو لِبُعدٍ ناءِ
ماتتْ على دربِ الرذيلةِ وانتهت = أممٌ بتركِ شريعةٍ سمحاءِ
وتعاظمت فيها الخطوبُ كأنّها = سكرى يواعدُها الأسى بلقاءِ
النارُ تزحفُ في البيوتِ وجمرُها= يُمسي ويُصبحُ قاتلاً كوباءِ
وَهْمٌ يُصارعُ خلسةً أيّامَنا = نسعى إليهِ بخفّةِ الضعفاءِ
والناسُ فوضى للضياعِ مصيرُهم = النصحُ يُغضبهمْ بغيرِ حياءِ
و المالُ سيّدُهُم وما خُلقوا له = لكنّهمْ عبدوهُ في فحشاءِ
قيدُ المهانةِ صار فينا مُلهِما = نرضاهُ مِن ذلٍّ بلا إبطاءِ
صار الّلئيمُ يسودُ فينا آمراً = و ترى الكرامَ بذلّةٍ و شقاءِ
من ينتصِرْ للأجنبيِّ فإنّهُ = يحيا عليلَ الرأيِ في الآراءِ
واليرتضي لَيَّ الرِّقابِ لغاصبٍ = ستدوسُهُ أقدامُه بحذاءِ
المالُ مُلكُ اللهِ ليسَ بنافعٍ = أحداً ولا مُنجٍ مِن الإغواءِ
إلاّ لخيرٍ يُستطابُ عطاؤهُ = لا ليسَ يعطى المالُ للأعداءِ
مهما رأيتَ على الوجوهِ نضارةً = هُم ناحروكَ وأنتَ في بلواءِ
الأمرُ ذو حدّينِ إمّا صالحا = يهدي وإمّا طالحاً ببذاءِ
لا يستوي جدُّ الأمورِ بهزلِها = أو يستوي البخلاءُ بالكرماءِ
فلكم أشارَ ذوو الحلومِ لآفةٍ = إنْ آثروا الدنيا بشربةِ ماءِ
السيفُ يصدقُ عادلا في غمدِهِ = و العدلُ يكسرُ شوكةَ الدخلاءِ
والناسُ تحيا ما عدلتَ بحكمهم = والظلمُ يُطفِئُ شعلةَ الشرفاءِ
فاحكم بشرعِ اللهِ إنّكَ صائرٌ = للموتِ يوماً دون ايِّ ثراءِ
ودعِ الصلاحَ يقودُ حِلمكَ في الورى = إنّ العظيمَ يُحاطُ بالعقلاءِ