يا ابنةَ الشامِ
كُتِبَتْ تحيةً لحُرةٍ سوريةٍ خرجَتْ من تحتِ الأنقاضِ -وتلكَ صورتُها- لِتُشيرَ بيدِها لفريقِ الإنقاذِ: أنها بخيرٍ ولا تحتاجُ إلى أيّ مُساعدة؛ حتى لا يلمَسَها أحد!
فَذَكَّرتني بقوانين أوروبية تُجرِّمُ لَمْسَ الملِكاتِ مهما حدث؛ ومع التطبيق:
ماتت ملِكةُ تايلاند غَرقًا أمام حُرَّاسِها وخَدَمِها ولم يُنقِذها أحدُهم لأن مَن يلمَس الملكة يُعدَم
وأُخرى إنجليزية سقطتْ من فوقِ فَرَسِها الرَّعناءِ وبقيتْ مُعلّقة؛ وتركها السَّائسُ حتى ماتتْ.
إنَّهُ القانونُ في أقصى الدِّيارْ
دَوَّنوهُ في غَياباتِ ادِّعاءٍ بِالوَقارْ!
حَدُّهُ المَسنونُ يَقْضي لِلعُروشِ المَلَكِيَّةْ
بابتِعادٍ عنْ تَمَاسٍّ بالرَّعيَّةْ
فالمَليكاتُ رُموزٌ طَوْطَمِيَّةْ
والمُلوكُ اسْتَنْفَروا جَوْرَ القَرارْ
بَيْدَ أنَّ الحَقَّ يُمْسي في صِراعاتِ الهُوِيَّةْ:
سَيْفَ رُعبٍ مُشْهَرًا في وَجْهِ قُرصانِ البِحارْ
فَتَوَضَّأْ مِن جِرارِ النُّورِ عَمِّدْ حُلْمَ " تَدْمُرْ" بالرُّجوعِ إلى المَدَارْ
أوْ تَيَمَّمْ أيُّها المَسْكونُ بالرَّفْضِ المُقدَّسْ؛
لَمْ يَزَلْ تِبْرًا تُرابٌ؛ لَمْ يُدَنَّسْ
ضُمَّهُ في القلبِ إنْ لَم يَتِّسِعْ للتِّبْرِ مَنْجَمْ
وَتَقَدَّمْ ثُمَّ يَمِّمْ صوْبَ أنوارِ الفَنارْ
وَتَعَلَّمْ في شَآمِ العِزِّ دَرْسًا في التَّحدِّي: في حياةٍ واحتِضارْ
ها هيَ العنقاءُ قامَتْ وَأَشاحَتْ، قَدُّها رُمْحٌ يُغطِّيهِ الغُبارْ
تاجُ عِفَّتِها المُرَصَّعُ بِالحَصَى الدُّرِّيِّ كانَ هو الخِمارْ
وَيْكَأَنَّ اللمْسَ في شَرعِ النُّفوسِ العَسْجَدِيَّةْ؛
مَحْضُ تَدنيسٍ وعارْ
فاترُكوها وابْلَعوا الدَّهشةَ –عاشَتْ- لَمْ تَمُتْ بَعدُ القضيةْ
خَبَّأَتْ أحرازَها في القلبِ؛ حارَ المُرجِفونَ، اقْتَصَّ أعداءُ الوفاءْ
كيف بَعد السَّعيِ للتغريبِ والإقصاءِ في جُنْحِ الليالي؛
تَعتَلي حُرَّةُ شامي صَهْوةَ الطُّهْرِ المُوَشَّى بالفِداءْ،
بشُموسٍ ساطعاتٍ تَحرُسُ الدِّفْلَى وآياتِ النَّهارْ
إنَّها بِنْتُ الحَضارةِ و"الوَليدِ" ، اليومَ قامتْ لا تُبالِي؛
أنَّها قد عَانَقَتْ مَوتًا ومالتْ:
أَسْقُفٌ؛ وانقَضَّ يركعُ فوقَ هامَتِها جِدارْ!
***
يا ابنةَ الشامِ تَعالَيْ
نَغزلُ الحُزنَ على حُمْقٍ تَدَلَّى مِنْ ذُؤاباتِ الخِيانَةِ والعَدَاءْ
مِنْ تَجاعيدِ الرَّعاديدِ الذينَ
بايَعُوا الشيطانَ ... ظنُّوا الكَفَّ مَلْأى بِانتصارْ
وَتَعالَيْ؛ نَشربُ العَزمَ كؤوسًا مِنْ عناقيدِ الإباءْ
سَوفَ نَعدُو؛ نُوقِظُ الفجرَ المُسَجَّى في مَرَافي الاِنتظارْ
وَغَدًا تُشرِقُ فوقَ الغُوطةِ الفَيْحاءِ شمسُ العارِفينْ:
أبْجديَّاتِ المَسارْ
إنْ تَكُنْ مَرَّتْ هُنا ثُمَّ اكْفَهَرَّتْ واختَفَتْ خَلْفَ الغُيومْ؛
فَلِكَيْ تُبْرِقَ لِلعُشْبِ الدَّءوبْ؛
بِشُعاعٍ يَستَحِي مِنْ هَمْسِهِ الحادي: ذُبولٌ واصْفِرارْ
ذاتَ صُبْحٍ.. سوف تأتينا ذُكاءٌ ثُمَّ تَبقَى في بَوادِي الشامِ تسقِي:
السّوسَنَ الصّديانَ عِطرًا وازدِهارْ
ثُمَّ يصحو الليْلَكُ الغافي على ثأرِ المَواني آنَ تُلْقي
شِسْعَ نَعْلٍ والخَوافي؛ مِن صَواري السُّفْنِ لِلبَحرِ الغَضوبْ؛
مَنْ تَمَطَّوا؛ والكراسي سابِحاتٌ في دِمانا؛ ثُمَّ ناموا أكمَلوا الحُلْمَ الطَّروبْ
يَصْدُقُ التَّاريخُ؛ تَغدو الرِّيحُ سَرْجَ المُنْقِذينَ الشامَ مِنْ جُبِّ الغُروبْ
لا يُبالي الحُرُّ إنْ هاجَتْ أعاصيرُ البِحارْ
لا تقولي: أينَ مِنِّي
يَومَ يَلوي العَدْلُ أعناقًا لإطعامِ المَقاصِلْ
في فَوَاصِلْ
يَرتَدي فيها البَوَاسِلْ
غَضْبَةَ البُركانِ مِمَّن أشعلوا الأوطانَ نارًا؛
أصْلَتوا سَيْفَ الدَّمَارْ
*****
7/12/2016
الغَيابَة: القاع من كل شيء/ أَشاحَ: جَدَّ في الاعتراض/ المُسَجَّى: المُمَدّد /ذُكاء: اسمٌ من أسماءِ الشمس/ الصَّهوة: المقعد على ظهر الفرس /الدِّفْلَى: زهرةٌ /الذُّؤابات: أعالي الأشياء / شِسْعَ نعلٍ: الجُزءُ السُّفليّ منه/ الخوافي: مؤخِّرات حوافر الخيل /أصلَتَ السيفَ: جَرَّدَهُ مِن غِمْدِه
وسوم: العدد 748