بين الصخور والتراب.. في قرية من القرى، رأيت بلبلاًملوناً فعجبت من وجوده فيها وقدرتُ أنه تائه.
فإذا طرت وحيداً في مناهجات الدروب فستستهدي مع الإشراق في الصبح القريب وأنا أبقى غريب الدار.. مالي من سبيل..
ذلك البلبل يشدو=عجباً ماذا يقول
أتراه يشتكي البعد=عن الروض الظليل
أم تراه يشتكي الريح=ونسماتِ الأصيل
حينما تلفحه والشمس=تمشي للأفول
أم تُراه يشتكي الجوع=ومن فقر الحقول
أم ظلام الليل=والليلُ الثقيل وطويل
ما الذي يشكوه ذاك=البلبل الشادي الجميل
* * *=* * *
أيها البلبل هذي=الأرض ما فيها من ظلال
إنها لا تعرفُ الخير=وما فيها جمال
كلها قفرٌ وما في=القفر من خيرِ يُنال
فإذا أخطأت دربَ=الروضِ في هذي التلال
فآتئدْ في الخطو والشكوى=ولا تقفُ الخيال
فعسى أن تطلع الشمسُ=غداً يا ابن الدلال
وبها ترجع للروض=وللنور ولِلَّحن الأصيل
* * *=* * *
أيها البلبلُ مهلاً=لست في الدنيا وحيد
إنني مثلك يا بلبلُ=حيران شريد..
أشتكي البعد عن الأهل=عن العيشِ السعيد..
أشتكي من ظُلمة الليل=ومن ثِقل القيود
أشتكي من نسمة الريح=وإن كانت ودود
ليس فيها من شذى=الأحباب فالبيتُ بعيد
ليس فيها الأمل المنشود=واللحنُ الجميل
* * *=* * *
إن تكن أخطأت في=السير وضيَّعت الطريق
وقطعت الأرض حتى=صرت في هذا المضيق
فأنا لم أخطئ الدرب=وكم كنتُ شفيق
لكن الأقدار أقداري=رمَتني كي أذوق
ما يذوق الناسُ في=الحالين من لينٍ وضيق
أنت قد ترجعُ للروض=غداً قبل الشروق
وأنا أبقى أسير=البعد والليلِ الطويل
* * *=* * *
آه يا بلبل إني=ها هُنا أحيا غريب
حولي الناسُ ولكن=ليس لي فيهم قريب
كلهم حيران مثلي=يشتكي وقع الخطوب
كلهم قد ترك الأهل=ومسَّتهُ الكروب