أساسيات في القيادة والإدارة

هايل عبد المولى طشطوش

[email protected]

صدر عن دار الكندي للنشر والتوزيع في بداية شهر تموز 2008 كتاب جديد للباحث والكاتب الأردني هايل عبد المولى طشطوش حمل عنوان (أساسيات في القيادة والإدارة "النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة" ) حيث جاء هذا الكتاب وذلك لأن الحديث عن الإدارة والقيادة  هو حديث تفرضه ضرورات العصر ومعطيات الواقع المعاش، فالإنسان الذي وولد على هذه البسيطة كمخلوق اجتماعي، احتاج وخلال مراحل حياته المختلفة إلى قيادة تقوده وإدارة ترعى شؤونه وتوجيه مستمر يقوده إلى ما يحقق أهدافه وغاياته في هذه الحياة والتي ابسطها تحقيق العيش الكريم، فمنذ البدء احتاج هذا الإنسان الذي هو اجتماعي بطبعه ومن خلال الجماعة التي كان يعيش في إطارها إلى ما يسمى بالقيادة والإدارة، وذلك لأنه أدرك وبفطرته التي فطرة الله عليها إن وجود الجماعة بدون قائد هو بمثابة القطيع الهائم السائم على وجهه بدون راع يرعى شؤونه ويذود عنه المخاطر التي قد تحدق به، وقد تطورت فكرة القيادة والإدارة مع تطور واختلاف مراحل الحياة الإنسانية من بدائية إلى إقطاعيه إلى مجتمعات منظمه شيوعية ورأسماليه إلى أن وصلت البشرية إلى أرقى مراحل تطور علومها ومعارفها ودخلت _ وبقوة _ إلى ما يسمى بعصر العولمة من أوسع الأبواب وأكبرها، فتطورت نظم الحياة وتغيرت حتى شمل التطور والتغير كافه جوانبها من سياسية واقتصاديه واجتماعيه وثقافية وفكرية وتربوية....الخ، وقد كان ابرز ما في هذه التطورات هو ثورة التكنولوجيا والاتصالات والمواصلات والأقمار الصناعية وتطور الحاسوب وانتشاره بشكل منقطع النظير وظهور شبكه الانترنت والفضائيات والهواتف النقالة...الخ، كل ذلك جعل حياة الإنسان سهله وميسرة واختصر عليه الوقت والمسافات، فصار يدير أعماله ومصالحه من خلال الحاسوب والهاتف النقال أو القمر الصناعي أو يتابع أخبار أعماله وتجارته من خلال القنوات الفضائية ،وبمعنى أخر أصبح يشاهد  العالم كله بكبسه زر واحدة وهو جالس مكانه لا يحرك ساكنا ،فاختصر الزمان والمكان وتحول العالم إلى قرية صغيرة يسهل التجوال فيها .

إن كل هذه التغيرات والتطورات اجتاحت وبالتأكيد مجال الإدارة والقيادة ففرضت عليه واقعا جديدا يجاري العلوم والمعارف والتكنولوجيا الحديثة، فدخلت إلى مجال الإدارة والقيادة مفاهيم جديدة ومتطلبات جديدة لابد أن يتقنها كل من أراد النجاح في قيادته وإدارته لمؤسسته ورجاله وإعماله وأمواله ،فأصبح على قائد اليوم ومدير اليوم إن يتقن فنون الحاسوب واللغات والانترنت ومهارات القيادة والاتصال والإبداع ودخول الدورات المختلفة التي تعزز من كفاءته وقدراته وتمكنه من قيادة والدارة منظمته بنجاح وصولا إلى تحقيق الأهداف المبتغاة.

لذا فان البحث في موضوع القيادة والإدارة في هذا العصر هو ضرورة لابد منها لكي يطلع المهتمون على المفاهيم والنظريات والواجبات والخصائص والمشاكل والمعوقات وكل ما يدخل في موضوع القيادة والإدارة وخاصة أن كل الأعمال والواجبات أصبحت بحاجه إلى إدارة ناجحة وقيادة كفؤه لكي تصل إلى ما تريد من أهداف وغايات ،فلم يعد الأمر فوضويا او خبط عشوا،بل إن الإدارة بما تحتويه من واجبات يجب أن تطبق على كل الأعمال لكي يكتب لها النجاح ،وكذلك حال القائد الذي يجب أن يتمتع بالحزم والقوة وبعد النظر والإدراك وسعه الأفق واتساع الثقافة ... الخ من صفات حتى يكون قائدا ناجحا في أعماله ووظائفه .

أما حديثنا عن النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة فقد جاء بسبب الظروف القاسية والأزمات المتلاحقة والنكسات الخطيرة والاتهامات الكثيرة التي تعيشها وتتعرض لها الأمة وهو واجب يحتم على كل من كان في جوفه كلمه صدق وإخلاص وعلى كل من يجود قلمه بالكلمة الصادقة الهادفة الداعية إلى إيضاح الحقائق ووضع النقاط على الحروف وتسميه الأشياء بمسمياتها ، ان يقدم ما لديه على بساط العلم والمعرفة وينشره على الملأ ليعرفه القاصي والداني لتنجلي الحقائق وتنزاح الغمائم ويبرئ المتهم من التهمه.

ان واقع العالم اليوم وفي ظل الاضطراب الذي تعيشه البشرية قد أدى إلى طمس وتشويه كثير من المعالم الحقيقة الصادقة عن الإسلام ،مما أدى إلى اتهام الإسلام بصفات واتهامه بتهم هو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف ،عندما اختلط الحابل بالنابل اتهم الإسلام بالتطرف والعنف والتخلف والجهل والأصولية والرجعية وكان أبشع هذه الصفات والنعوت هو اتهام الإسلام العظيم بالإرهاب ،ان الإسلام لا يمثله شخص ما او قوم ما او طائفة ما ،فالإسلام منهج حياة وهو عقيدة وعبادة وهو دين ودوله وهو نظم اقتصاديه وسياسيه واجتماعية وعسكريه راقيه ومتحضرة ومتطورة ،بل إنها صالحه لكل زمان ومكان لا بل إن كل الأمكنة والأزمنة تصلح لها،إن إطلاق الصفات والاتهامات على دين رباني الهي عظيم بسبب مخالفه فرد او قوم او طائفة او خروجهم عن الطريق المستقيم أمر مرفوض وغير مقبول لا عقلا ولا منطقا ،فالإسلام أعظم واكبر من أن يمثله فرد متطرف او جهة متشددة او طائفة رجعيه او قوم جاحدون متشدقون متفيهقون ، إن الدارس للإسلام كمنهج حياة يدرك عظم هذا الدين وحضاريته ورقيه وقدرته على المتابعة ومجاراة الواقع ومواكبه التغيرات والتطورات والتماشي معها ،والسبب بسيط لذلك،انه دين الله الذي أوحى به إلى نبيه بالقران العظيم الذي يستحيل أن يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه ،انه معجزة الزمان التي حيرت العقول والألباب .

لذا ومن باب إيضاح الصورة وبيان عظم أخلاقيات الإسلام حتى في أقسى وأشد الظروف ضراوة وهو ساحة الحرب والقتال وجدت لزاما علي أن أكتب عن أخلاقيات ومبادئ الإدارة والقيادة الإسلامية التي كان بطلها رسول الله الكريم وصحابته من الخلفاء الراشدين الأجلاء وتابعيهم الذي اخلصوا العمل واتبعوا نهج نبيهم في قيادتهم وإدارتهم للامه فضربوا بذلك أروع الأمثلة وسطروا حروفا من نور في أخلاقياتهم ومثالياتهم وشكلوا لنا حجه وبيانا نحتج بها ونبينها للناس دفاعا عن الإسلام وتبرئه له من التهم الباطلة التي بات ينعت ويوصف بها ،حيث شكلت أخلاقيات ومبادئ القيادة إسلاميه نقطه مضيئة في التاريخ الإنساني لا يستطيع احد التعامي عنها او تجاهلها ولا يفعل ذلك الا حاقد او جاهل او من أولئك النفر الذين يلبسون الحق بالباطل وليس لهم غاية او هدف الا تشويه صورة الأمة والانتقاص من دورها الحضاري والإنساني والتقليل من إسهاماتها في إثراء الحضارة الإنسانية ورفدها بما هو مفيد عبر مسيرتها التي امتدت منذ أربعه عشر قرنا إلى اليوم  ، إنها أخلاقيات عز نظيرها سواء في التاريخ القديم او الحديث ،وما على الذين يوجهون التهم إلى الإسلام ويرون بأنه دين القتل والحرب والعنف والتطرف والإرهاب أن ينظروا إلى تاريخهم وماضيهم وحروبهم وأخلاقياتهم القيادية والإدارية في إدارة الشعوب والأمم ويقارنوها مقارنه بسيطة مع أخلاقيات ومثاليات الإسلام ،فالإسلام لم يستخدم الإرهاب في حربه وقتاله ولم يستخدم نظام الإبادة البشرية ولم يستخدم هدم البيوت ولا تشريد النساء والأطفال والشيوخ ولا ترويع الآمنين المطمئنين في بيوتهم ولم ينغص عبادة المتعبدين ولم يحرق دور العبادة ولا أماكن العلم والمعرفة ولم يخطف الأطفال ولم يغتصب النساء ولم يهتك الأعراض ولم يجبر احد على أتباعه قسرا وعنوة ،بل انه كان دين الرحمة والأخلاق الفاضلة وكان يستخدم نظام العفو والمغفرة حتى في نشوة النصر وزهوة القوة والمنعة،حيث  لم يكن الإسلام قاسيا ولا جبارا  لا في حربه ولا في سلمه بل كان رحيما حليما شعاره العفو عند المقدرة وحال لسانه هو كلام نبيه الكريم لمن وقع تحت رحمته وصار ذليلا صاغرا بان يقول له " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لذا ومن هذه المنطلقات كلها تنبع أهميه هذا الكتاب الذي ارجوا الله ان يكون فيه النفع والفائدة .

أما طريقه تركيب وبناء أجزاء وأبواب هذا الكتاب فقد ارتأيت فيها - ولتسهيل أجراء المقارنة على القارئ الكريم - ان أورد في الباب الأول منه كل ما يتعلق بدراسة نظم القيادة والإدارة الحديثة من حيث التعريف والمعنى وأراء العلماء والمفكرين في هذا المجال ثم النظريات التي درست القيادة والإدارة وعلاقة كل منهما بالآخر ،كل ذلك جعلته في باب واحد لينتقل القارئ بعد ذلك للباب الثاني أي إلى القيادة الاسلاميه وكل ما يتعلق بها من تعريف للعقيدة العسكرية الاسلاميه وأهداف وأخلاقيات الحرب في الإسلام...الخ ويجري مقارنه مع ما درسه في الباب الأول ليدرك ان كل ما جاء به علماء هذا العصر من مبادئ إداريه  قد طبقته القيادة والإدارة الاسلاميه من خلال قادتها وإداريوها الذين كان على رأسهم القائد الأول والمدير الناجح محمد رسول الله عليه أفضل  الصلاة وأتم التسليم ، ونظرا لزخم المعلومات وتزاحمها ولإعطاء المزيد من التوضيح فقد تم تخصيص الباب الثالث للحديث عن الإدارة في الإسلام من جميع النواحي وبشكل تفصيلي ، لذا يكون الكتاب مكون من ثلاثة أجزاء ،الأول يتحدث عن أساسيات القيادة والإدارة المعاصرة ،والثاني يتحدث عن القيادة في الإسلام والثالث يتحدث عن الإدارة في الإسلام  .

ان الدراسات السابقة في هذا المجال كثيرة ومتنوعة  ولكن – وبعد الاطلاع على كثير منها- وجدتها لا تتحدث إلا عن الموضوع بشق واحد أي أنها تتحدث عن القيادة الاسلاميه من خلال الحديث عن الرسول القائد او عن العقيدة والإستراتيجية العسكرية الاسلاميه فقط او عن نظم القيادة  لوحدها او نظم الإدارة والقيادة معا ،ولكن ومن خلال هذا الكتاب يستطيع القارئ أن يجمع في دراسته ومعرفته عن الموضوع بين نظم وأساسيات الإدارة والقيادة المعاصرة ويقارنها على الفور مع ما كان يطبق ويجري في القيادة والإدارة الاسلاميه فيحصل عندها على نتيجة وغاية من هذه الدراسة ، وقد تم بحث الموضوع بمنهجيه بسيطة وبأسلوب سهل وميسر بعيدا عن الغموض والتعقيد ليكون في متناول الجميع على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية ولتعم الفائدة منه على كل من يطلع عليه ، وقد تم ذلك من خلال استخدام المنهج الكلاني الشامل على المقارنة والوصف والتاريخ ....الخ بأسلوب ميسر وسهل إنشاء الله ،حيث تم طرح مادة هذا الكتاب بطريقه تتمازج فيها الدراسة الأكاديمية النظرية الصرفة وبين الخبرة العملية للمؤلف الذي كان له الشرف في امتطاء صهوة القيادة العملية - قيادة الرجال - لمدة قاربت العشرين عاما ، مما أثرى البحث وزادة وضوحا وبيانا. 

وأخيرا نقول:إن نجاح الأعمال والمنظمات اليوم يتوقف على نجاح القادة وتقدمهم ومجاراتهم لعلوم ومعارف العصر وخاصة بعد أن دخل العالم إلى عصر العلم والتكنولوجيا وثورة الاتصالات والمواصلات ودخول البشرية إلى ما يسمى عصر العولمة الذي زالت فيه الحدود والقيود وانفتح العالم فيه وأصبحت نظم القيادة تحتاج إلى فكر إداري متطور يتماشى مع روح العصر ويستخدم وسائل التكنولوجيا الحديثة كالانترنت والفضائيات والأقمار الصناعية والهواتف النقالة...الخ، ولكن السؤال المطروح ألان هو ،هل زادت هذه المعطيات من تعقيد مهمة القادة أم أنها سهلت  ويسرت عليهم إدارة مؤسساتهم وشركاتهم ،دون أن يروا ويتعرفوا حتى على وجوه العاملين معهم ...؟؟ ،أن من قدر عليه أن يقود الرجال والأعمال ويريد النجاح لها وبها عليه أن يتابع ويتعلم ويتطور ويتثقف ليعرف ويلم بكل ما يدور حوله من تغيرات سريعة ومتسارعة في عالم الأعمال والرجال .

اسم الكتاب :أساسيات في القيادة والإدارة .

المؤلف: هايل عبد المولى طشطوش.

الناشر:دار الكندي للنشر والتوزيع /اربد /الأردن.

سنه النشر :2008.

عدد الصفحات:335 صفحة.