العدد السابع والعشرون من "الجوبة"
العدد السابع والعشرون من "الجوبة" :
ملف خاص بــ " القصة القصيرة جدا "
وحوارات مع زغلول النجار ومحمد الريشة وشيمة الشمري
هشام بن الشاوي
صدر العدد السابع والعشرون من مجلة الجوبة الثقافية حاملا معه العديد من المواد الإبداعية والمقالات والدراسات وقراءات الكتب، متناولا ملفا خاصا بالقصة القصيرة جدا.
على هامش القصة القصيرة جدا ذكر المشرف العام على الجوبه ورئيس التحرير الأستاذ إبراهيم بن موسى الحميد أنها ليست وليدة اليوم ،لكن ما استجد فيها هو تقنياتها، وكثافتها وغرابتها وومضها السريع وأنها تهتم بالموضوع والفكرة دون الاهتمام بالشخوص، خالية من الغموض، تتطلب صياغة متقنة من ناحية الحبكة، وتوظيف الشخصيات، وبنية الزمن، والأسلوب، والفضاءات، والشخصية فيها تتحرك وفق فكرة وخيال القاص، لا وفق شكلها العام أو تركيبتها ، فهي قصة (الومضة) التي تجعل القارئ أو المتلقي في حيرة من أمرها، يتابع لحظتها الآنية ليحل شفراتها.
ويتابع الحميد قوله بأن التطورات التكنولوجية السريعة والهائلة التي شهدها العالم بشكل عام.. والوطن العربي بشكل خاص، وكثرة مشاغل الإنسان، قد قرّبت إليه هذا الشكل من الفن الأدبي بحجمه المحدود الذي قد لا يتجاوز الصفحة الواحدة.. ومحدودية كلماته وأسطره، وساهمت ظروف كثيرة في بروز الاهتمام بفن القصة القصيرة جدا، حتى صار هذا الاهتمام لافتا للانتباه، ومحطّ جدل في كينونته وماهيته وشرعيته وتأثيره.
ومن هذا المنطلق خصصت الجوبة ملفا خاصا بالقصة القصيرة جدا، تناول فيه نخبة من الكتاب هذا الجنس الأدبي الجديد ..لتضع المتلقي في الصورة من حيث نشأته، والتعريف به، وما تناوله النقاد بشأنه .
و شملت الجوبة في عددها هذا دراستين.. كانت أولاهما عن "التجربة القصصية الجديدة في المغرب" لعبد الرحيم الخصار.. والتي وقف من خلالها عند أربعة أعمال قصصية للجيل الجديد("هذه ليلتي" لفاطمة بوزيان ، " حجر دافئ" لحسن رياض، و"تفاح الظل" لـياسين عدنان ، و"زقاق الموتى" لعبد العزيز الراشدي)، لنكتشف من خلالها العديد من التقنيات السردية الحديثة، التي تجسد تغيرا على مستوى البناء، كما نكتشف أيضا التحولات التي لحقت المضامين.
أما الدراسة الثانية فكانت عن " الطفل وتربية الحس الجمالي" للأستاذ الدكتور بركات محمد مراد ، والذي أوضح فيها أنه لا بد من حشد كل الجهود التربوية لتنمية الوعي الجمالي عند أطفالنا، وتشكيله من خلال جميع الوسائط والتعامل مع ثقافة الطفل البصرية، عبْرَ لغة التعبير التشكيلي، والتركيز على تنمية قدرته على الاستجابة للعناصر والعلائق البصرية، وإكسابه الخبرات الفنية من خلال معايير موضوعية بسيطة.
و تدخل الجوبة في مواجهات أربعة كانت الأولى مع الأستاذ الدكتور زغلول النجار أثناء زيارته لمنطقة الجوف بناء على دعوة من نادي الجوف الأدبي.. والذي قال بأن منطقة الجوف منطقة متميزة من الناحية الجيولوجية تميزا واضحا للغاية ، وأكثر ما يميزها وجود الصخور التابعة لأحد العصور الجيولوجية النادرة في الوطن العربي، والتي تمتد إلى ما قبل 400 مليون سنة .. وقد طالب بإعلان متكون الجوف محمية للعصر الديفوني، وضرورة استغلال رمال الجوف الوفيرة في تصنيع مادة السليكون.
أما المواجهة الثانية فكانت مع الشاعر والمترجم والكاتب الفلسطيني محمد حلمي الريشة الذي قال بأن القصيدةُ بالنَّثرِ وَلِدتْ مع شرعيَّتِها كمَا يولَدُ كائنٌ من كائنٍ، تمامًا كمَا ولدت القصيدةِ العموديَّةِ قبلَ أَكثر من أَلفٍ وسبعمائةِ سَنة، وقصيدةِ التَّفعيلةِ في الأَربعينيَّاتِ (ولربَّما قَبل) منَ القرنِ العِشرين. وهي ليستْ نسيجُ نَفْسِها، بلْ هيَ تَحرُّرٌ/ تطوُّرٌ طبيعيٌّ كما يحدثُ لأَيِّ كائنٍ حيٍّ.
وجاءت المواجهة الثالثة مع الفنانة التشكيلية مروة كريدية التي ترى أن الفن عَصيّ على التعريف، وإنْ تجلى كمقاربة إبداعية لموسيقى الوجود، فالفنون البصرية التشكيلية، وغنائية السرد والشعر، هي كشف عن ينبوع المحبة والفطنة الكامن في الإنسان، وآنة تعكس كمال التناغم اللا متناهي بين الإنسان والحقيقة الواحدة المتجلية في كل تلك الكائنات، وهي تلك اللحظة التي يحقق فيها المرء تمام "الوحدة" مع الوجود .
أما المواجهة الرابعة فقد جاءت مع القاصة السعودية شيمة الشمري التي تقول بأن القصة القصيرة جدا عالم كبير ، ودلالات أكبر ، وقراء أكثر .. وهي جرعات صغيرة لأمراض مستعصية... يكتبها الكثيرون ولا يتقنها إلا القليل.
وفي باب نوافذ تناولت الجوبة مواضيع لكل من هويدا صالح في "أدب تفاعلي أم أدب تشعبي " وعلاء كعيد في " الشاعر السويسري برينو ميرسي ورحلة اكتشاف الآخر"، ومحمد الصفراني في "تجويد الشعر العربي الحديث : تشكيل السكت " ، و " أزمة اللغة أم أزمة الإبداع " للدكتور محمود خلف الله، وأخيرا " منمنمات على جدران دمشق القديمة" لأشرف الخريبي.
كما قدمت الجوبة مواضيع نقدية تناول في إحداها هشام بنشاوي "ملامح الواقعية الشعرية في "غرف للإيجار" لمحمد البساطي".. أما محمد أحمد بنيس فقد تناول "الرؤية الاغترابية في مجموعة " تركت الأرض لآخرين " للشاعر نجيب مبارك.." وتناول خالد ربيع السيد " سحمي الهاجري في دراسته النقدية الموسعة (جدلية المتن والتشكيل: الطفرة الروائية في السعودية)، الصادرة حديثاً عن النادي الأدبي بحائل.
وتورد الجوبة قصصا لكل من محمد معتصم وصبيحة شبر ومحمد صوانه وعبد السميع بنصابر وعبد الباقي يوسف ومنيرة صالح ونجوى عبد البر وعبير المقبل ولولوه العتيبي .. وقصائد لكل من ياسر عثمان والسيد موسى البكري ونجاة الزباير وعلى التومي عباسي ولطفي زغلول وأحمد الخطيب وسعد الرفاعي.. كما تضمنت قراءات لديوان تعبير للشاعر عيد الخميسي ورواية الطائر الحر لهشام مشبال وأحلام لا تعرف التحليق للقاصة الجوفية إلهام البراهيم وقصائد حب نمساوية لتوفيق التونجي.
والجدير ذكره أن الجوبة مجلة ثقافية تصدر كل ثلاثة أشهر ضمن برنامج النشر ودعم الأبحاث بمؤسسة عبد الرحمن السد يري الخيرية بمنطقة الجوف السعودية
.