سوريا...لا خبز...ولا حرية 7
د.خالد الأحمد *
نشر الصحفي البريطاني ( آلن جورج ) هذا الكتاب بالانجليزية عام (2003) وترجم إلى العربية من قبل الدكتور حصيف عبد الغني عام (2006) وهذه مقتطفات من الكتاب كالخلاصة ، ومابين المعقوفتين للباحث الحالي .
الفصل السابع
أجهزة الإعلام [ الأسدي ]
"قانون الإعلام الجديد يشرّع حالة الطوارئ ". هذا ما قاله الصحافي نزار نيوف بعد قليل من إطلاق سراحه" .ربما تسمح السلطات الآن بنشر مقالات حرة نسبياً أكثر من قبل إلا أن أي صحافي يتعرض للقمع إذا تجاوز الخطوط الحمراء" وأضاف: (فالقانون صيغ بأسلوب فضفاض بحيث يخوّل السلطات أن تفعل ما تريد).
وكان (نيوف) يشير إلى المرسوم رقم (50) الذي صدر عن الرئيس بشار الأسد في 22 أيلول 2001 في نفس الوقت الذي كانت فيه المخابرات تعتقل أبرز نشطاء حركة المجتمع المدني.
و(نيوف)صحافي من مدينة اللاذقية الساحلية الذي كان يراسل دوريات أردنية ولبنانية وفلسطينية. لقد أطلق سراحه في 6 أيار عام 2001 بعد تسع سنوات من السجن لأنه (نشر معلومات خاطئة). أما جرائمه الحقيقية فكانت في مساعدته على تأسيس لجنة للدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان. اعتقل (نيوف) في كانون الثاني 1992 كجزء من حملة واسعة على لجنة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان، ومعه سبعة عشر آخرين من الناشطين في اللجنة وحوكموا أمام محكمة أمن الدولة العليا في شباط وآذار 1992 وحكم على (نيوف) بعشر سنوات سجن مع الأشغال الشاقة.
محنة نزار نيّوف
تعذّيب نزار نيوف كان فظيعاً خلال سجنه – ثم رفضوا المداواة الطبية لإصاباته. وكان تعذيبه بخاصة فيما يدعونه (الكرسي الألماني) وهو كرسي معدني تتحرك أجزاؤه بحيث يتمدد جسم المعذّب إلى أقصى حد بحيث يسبب ضغطاً هائلاً على عموده الفقري وعنقه وأطرافه. وعندما أطلق سراحه لم يستطع السير إلا على عكازات.
وخلال سجنه ربح نزار نيوف جائزة اليونيسكو لحرية الصحافة العالمية وجوائز أخرى محترمة. وجاء إطلاق سراحه بعد العديد من الاحتجاجات من لجان حقوق الإنسان والمنظمات الإعلامية في سائر أنحاء العالم والتي بلغت أوجها بتدخل البابا حنا بولس الثاني. فخلال زيارته التي رافقتها حملة "دعائية كبرى، إلى دمشق في أوائل أيار عام 2001 قدم للرئيس بشار الأسد طلباً بإطلاق سراح (نيوف) حمله من المنظمة الفرنسية مراسلون بلا حدود. وحسب قول (نيوف) في يوم 20 حزيران – اليوم السابق لمؤتمر صحفي كان سيعلن فيه فظاعات المخابرات الوحشية، أوقفه رجال أمن بثياب مدنية في دمشق وهو في طريقة للمعالجة الطبية.
"لقد حاولوا إغرائي وقاموا بتهديدي" هذا ما قاله (نيوف) لتلفزيون الجزيرة الفضائية "بدأوا أولا بإغرائي بعروض مالية هائلة إذا سكتّ عن كل ما أعرف. وعندما فشلوا توسلوا بالتهديدات". لقد أنذروه: "سنقطع لسانك ونقدمه للكلاب" .
وبدعوة من منظمة مراسلون بلا حدود، وصل نيوف لباريس في 15 تموز للعلاج في مستشفى (بتيه سلبتريير) وعقد، غير هيّاب، مؤتمراً صحفياً في اليوم التالي وأجرى سلسلة من المقابلات مفصلاً ما جرى له من تجارب. وللانتقام منه أصدرت السلطات السورية أوائل أيلول أمراً بالقبض عليه متهمةً إياه "بالسعي لتغيير الدستور بطرق غير مشروعه"، إصدار تقارير كاذبة من بلد أجنبي إثارة النعرات الطائفية". وقال لي (نيوف): أردت العودة إلى سورية" ولكن أصدقائي أوقفوني حتى أنهم أخفوا جواز سفري لمنعي من العودة".
أجهزة الإعلام خلال حكم البعث
بعد استيلائهم على السلطة عام 1963 أغلق الحزب كل الصحف المستقلة. وبجانب (البعث) اليومية الوطنية الوحيدة في السنوات الأولى لحكم البعث، ظهرت يومية (الثورة) التي صدرت عن دار الوحدة التي تملكها الدولة، وتصدر أيضا جريدة (الجماهير العربية) لمدينة حلب وجريدة (الوحدة) لمدينة اللاذقية وجريدة (العروبة) لمدينة حمص وجريدة (الفداء) لمدينة حماه.
وعام 1975 أضيفت إلى جريدة (البعث)و (الثورة) جريدة (تشرين) – بعد حرب تشرين عام 1973، وفي أواسط عام 2000 كانت تطبع 60 ألف نسخة. وصدر عن منظمة تشرين للصحافة والنشر اليومية الوحيدة باللغة الأجنبية Syria times وتطبع يومياً خمسة آلاف نسخة . وهذه المطبوعات تغطي نفس الحكايات التي تتركز حول كلمات ونشاطات الرئيس وبعض القياديين في النظام الحاكم.
وكالة الأنباء السورية – سانا – تأسست عام 1965 ، وهي في الواقع منظمة دعائية مكلفة بالتغني بمدح النظام. والإذاعة السورية ليست أقل دعاية للنظام وينظر إليها المواطنون السوريون العاديون بازدراء. وهم يعتمدون على الإذاعات والتلفزيونات الخارجية. ورغم أن الأكراد يمثلون 9% من سكان سورية ؛ كل إصدار أو إذاعة باللغة الكردية ممنوع _ قانونا_، ولكن ذلك لم يمنع من توزيع منشورات كردية [ سرية ].
وكل أجهزة الإعلام في سورية هي تحت رقابة وزارة الإعلام، فالوزير مثلا هو رئيس مؤسسة تشرين ووكالة سانا. والوزارتان [ الثقافة والإعلام ] وبخاصة وزارة الإعلام، مراقبتان من قبل الرئاسة (لأن سياسات الإعلام هي جزء من اهتمامات الرئيس الأساسية".
حُقق مع أحد رؤساء التحرير بعدما نشر صورة لحافظ الأسد يبدو فيها قصيراً منتفخ البطن، مع أن الصورة جاءت من المكتب الصحفي للرئيس . رئيس تحرير آخر بسبب خطأ مطبعي. كان يريد وصف حافظ الأسد (بطل) ولكن تبدل حرفين من الكلمة عن موضعهما جعل القائد السوري يحمل لقب (طبل) . وكان أن استجوبت مخابرات سلاح الطيران رئيس التحرير المسكين لمدة أسبوع كامل .
بشار والصحافة
وبعد استلام [ بشار ] الرئاسة بقليل ركز على رغبته في التغيير وبدّل مدراء الإذاعة والتلفزيون ومدراء تحرير الصحف اليومية الحكومية الثلاث: الثورة والبعث وتشرين. وظهرت أول أسبوعية مستقلة: (الدومري) وكذلك المجلة الاقتصادية الأولى في شباط والثانية في حزيران من عام 2001. وفي كانون الثاني وافقت الحكومة على قيام محطات إذاعة مستقلة بشرط ألا يسمح لها بإذاعة الأخبار أو المواضيع السياسية.
وفي تشرين الثاني عام 2000 قرر حزب البعث السماح لستة أحزاب أعضاء في الجبهة الوطنية التقدمية بإصدار صحفها الخاصة بها وتوزيعها. وفي السابق لم يسمح لها بتوزيع صحفها في المكاتب العامة بل على أعضاء الحزب والقريبين منهم – بصورة محدودة – وكانت أولى المجلات الحزبية التي ظهرت في الأسواق في كانون الثاني عام 2001 صوت الشعب وهي لسان حال الحزب الشيوعي السوري الذي ترأسه (وصال فرحة بكداش) وكانت دورية نصف شهرية. وفي شباط ظهرت أسبوعية (الوحدوي) لصفوان قدسي رئيس تنظيم الاتحاد العربي الاشتراكي. في أيار بدأ جناح يوسف فيصل للحزب الشيوعي السوري بإصدار مجلة (النور) ثم تبعها (العربي الاشتراكي) شهرية مجموعة مصطفى حمدون.
الدومري
في 28 شباط 2001 ظهرت مجلة (الدومري) وهي أول صحيفة مستقلة منذ انقلاب البعث عام 1963 فكانت معلماً هاماً. وكان يملكها على فرزات أحد أبرز رسامي الكاريكاتور في العالم العربي. وكانت المجلة الساخرة ابتداءً ناجحة جداً رغم سعرها العالي25- ليرة سورية أي أكثر بخمسة أضعاف من سعر الصحف اليومية الأربع. وصدر منها طبعتان في عددها الأول (75000 نسخة كل طبعة)، والمجلة مشكّلة من أكثر من عشرين صفحة من الورق العريض مملوءة بالصور الكاريكاتورية .
وتلاحق الدومري سوء الادارة وعدم الكفاءة والضياع. والمثل على ذلك حكاية في 30 نيسان 2001 عن الأوضاع في سجن عدرا السجن المدني في دوما بضاحية دمشق".لقد جعلوه سجناً بخمسة نجوم لأنهم علموا بزيارتنا له. وكان عنوان (المانشيت) المدوى: "وجدنا في الداخل سجناً واحداً للفقراء وآخر للأغنياء"، هذا ما قاله لي علي "وكلما دفعت أكثر تزداد إقامتك فيه راحة" .
وتأذى رئيس الوزراء محمد ميرو من المجلة وأمر بحذف مقالين، ودعمه في ذلك وزير الإعلام عدنان عمران. والأمر بالحذف وصل بعدما بدؤوا بطبع المجلة. ولم يستطع المسؤولون في المجلة توزيع آلآلاف النسخ التي طبعت قبل ذلك وسبّب هذا الأمر خسارة للمجلة بقيمة أربعة آلاف دولار. ومن السخرية أن المقالين اللذين لم يوقع عليهما كانا من تأليف أيمن عبد النور، أحد أقرب المستشارين للرئيس الأسد.
وفي 22 كانون الثاني 2002 بعد أقل من عام على ظهورها أعلن على فرزات إيقافها، مدعيا أن فرض إخراجها من مؤسسة الدولة والأسلوب غير الفاعل في توزيعها عن طريق الدولة والإعلان بواسطة شركة الإعلان الرسمية أدت إلى خسائر لا يمكن تحملها.
الثورة التقنية
مجيء الفضائيات التلفزيونية (والانترنت) كان كابوسا مزعجا للنظم الاستبدادية مثل نظام سورية.ولكن منع الصحون اللاقطة وضبط الدخول إلى (الانترنت) من القوانين الصعبة التطبيق إلى حد كريه. إلا أن الموضوع الحقيقي هو الضبط ذاته أكثر مما هو منع وصول الأخبار السلبية إلى الجمهور. فسورية هي بلد صغير نسبيا – وبها عائلات كبيرة العدد وليس هناك شيء هام يمكن تحاشي انتشاره والتعليق عليه. ورغم الرقيب والبوليس السري السوريون يعلمون جيداً كل ما يجري في الأمور الداخلية ويستطيعون الاعتماد على الإذاعات الأجنبية لمعرفة الشؤون العالمية. ففي أواسط عقد التسعينات كان ثلثا المستمعين كل أسبوع للإذاعة هم من مستمعي الإذاعات الأجنبية – أكثر بكثير ممن يستمعون لإذاعة الدولة المحلية.
فالفضائيات العربية – وأبرزها تلفزيون الجزيرة في قطر المعروف بموضوعيته في تغطيته للأحداث الجارية – أصبح المصدر الرئيس للأخبار بالنسبة للسوريين. وبينما تجاهلت أجهزة الإعلام الرسمية إلى حد كبير حركة المجتمع المدني في فترة 2000-2001 نقلت الجزيرة تقارير وأنباء واسعة لا شك أنها أسهمت في انتشار الحركة من دمشق إلى باقي سورية. ابتداءً، فيما انتشرت المحطات الفضائية في كل أنحاء العالم حاولت السلطات إقناع الناس بعدم تركيب الصحون اللاقطة، وفي تشرين الثاني 1994 مثلا حذر رئيس الوزراء آنذاك محمود الزعبي انه "لا مستقبل" لمن يقومون بهذا العمل ،ولم يكن هذا مفاجئاً، في دولة هاجسها ضبط المعلومات والتي أصدرت مرسوماً بمنع استيراد الآلات (الفاكس) ولم يرفع المنع إلا عام 1993، ورغم الشكوك الرسمية، على الأقل ثلث سكان سورية يستطيعون الآن متابعة المحطات الفضائية التلفزيونية رغم ان استيراد الصحون اللاقطة لم يسمح به رسمياً إلا في تموز 2000. والسلطات قبلت بانتشار هذه الصحون اللاقطة "لأسباب يفترض الناس أنها للأرباح التي جناها أفراد على صلة قوية بالسلطات، من بيع هذه الصحون اللاقطة".
الانترنت
بدأت مؤسسة اللاسلكي السورية الرسمية مشروعاً نموذجياً في أوائل عام 1997 محدود بمئة وخمسين مشتركا من الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، يتبع ذلك مشروع وسيط سمح باشتراك رجال أعمال من القطاعين العام والخاص وبعض المهنيين كالأطباء والمهندسين. ولقد بدا العمل به عام 1998 وأنجز المشروع بعد عام واحد. ومنذ أواسط عام 2000 استطاع عامة الناس الاشتراك فيه عن طريق مقاهي الانترنت فقط.
وأول هذه المقاهي افتتح في (المهاجرين) على سفوح جبل قاسيون الجبل الذي يهيمن على منطقة العاصمة السورية. وفي شارع ناصر قرب المحطة القديمة الرثة لخط حديد الحجاز، وفي مكتبة الأسد الوطنية، وفي البناية التي تشبه التحصينات لوزارة الثقافة الضخمة المطلة على ساحة الأمويين وهي المسماة نسبة لأول سلالة حكمت من دمشق (الأمويين)، وفي رئاسة الادارة السورية لمؤسسة اللاسلكي، وفي قاعتي الترانزيت والوصول في مطار دمشق الدولي.
"عندنا الآن (5000) انترنت و EMAIL هذا ما صرح به (غطفان قنديل) مدير الجهاز في البرنامج النموذجي للانترنت، في أواسط عام 2000 وأضاف " الطلب قوي جداً جداً" . واستعمال (كلمة السر) أو (كلمة المرور) يعني أن عدد الذين يستعملون الانترنت يزيد بكثير عن عدد المشتركين. وتقديراتنا هي (20000)عشرين ألفا عام 2000. وافتتحت إدارة اللاسلكي السورية مقاهي للأنترنت في حلب ومدن سورية أخرى ولكن انتشار مقاهي الأنترنت غير الرسمية كان أسرع بكثير من المقاهي الرسمية.
وفي عام 2002 أعلن وزير المواصلات محمد بشير المنجد عن خطط للترخيص لكل المقاهي غير الرسمية. وبعد استلام بشار الأسد للسلطة (وكان رئيسا سابقا للجمعية السورية للحاسوب) أعلن انه سيكون هناك (200000) مشترك جديد في الانترنت في عام 2001 وتفرض مؤسسة اللاسلكي السورية اشتراكاً مبدئياً (5000) ليرة سورية (100 دولار أميركي) واشتراكا شهرياً ب (1000) ليرة سورية (20 دولار) وضريبة الوصل (ليرة سورية واحدةِ) للدقيقة (0.02$us) وهذه أكثر بكثير مما تستطيع تأمينه غالبية السوريين. وفي أواسط عام 2002 بدأ مشروع توفير الوصول إلى الانترنت في الأرياف بواسطة باصات خاصة مزودة بالمعدات الخاصة واحد لكل محافظة من المحافظات الأربع عشرة. وقد طبقت الخطة بتمويل من الصندوق للتنمية الريفية المتكاملة في سورية ترأسه زوجة بشار أسماء الاخرس. ووفر الاستشارات التقنية (أولاد الشبكة) منظمة فرنسية غير حكومية مكرسة نفسها لتوسيع استعمالات الانترنت .
واستعمال (الانترنت) مراقب بدقة. والصفحات غير المرغوب فيها تحجب، والمتابعون لا يستطيعون الوصول إلى الصفحات المحجوبة، إلا إذا اتصلوا بمراكز الانترنت في البلاد المجاورة: لبنان والأردن وإذا اكتشفوا يعاقبون بدفع غرامة ثم قطع خط الهاتف وهذا مطبق حتى على الدبلوماسيين. ففي العام 1999-2000 قطعت خطوط الهاتف عن عدة سفارات أوروبية وعن بيت أحد الدبلوماسيين الأميركان لأنهم على ما يبدو استعملوا قناة غير القناة المسموح بها.
أما مصير من يخرق القوانين فقد وضح في كانون الأول عام 2000 في الحادثة التالية: تسلمت زوجة أحد رجال الأعمال الحلبيين البارزين ذي العلاقات الوثيقة بالسلطات كاريكاتوراً عبر (إي ميل) يصور حماراً برأس الرئيس السوري – راكباً حماراً آخر برأس الرئيس اللبناني، اميل لحود. والسيدة التي استلمت الرسالة الكاريكاتورية (ولا نريد ذكر اسمها هنا حتى لا نحرجها) وهي معروفة لكل من تابع هذه الحادثة، ضحكت كثيرا على ما يبدو من الكاريكاتور الذي يعلق على علاقات سورية بجارتها في الغرب. وأرادت أن تشرك أصدقاءها في دمشق بهذا التعليق الماكر ومن المؤسف أن إحدى صديقاتها بلّغت السلطات. فأوقفت المخابرات بسرعة هذه السيدة التي بقيت مسجونة تسعة أشهر في أوضاع يرثى لها من الإذلال المقصود. وجاءت هذه عندما كان المتشددون في النظام يقومون بهجوم معاكس على حركة المجتمع المدني، واستغلت كما قيل من قبل هؤلاء المحافظين لتشويه سمعة السياسة الليبرالية النسبية التي أظهرها في البدء بشار الأسد. ولقد ذهب كبار رجال الأمن إلى الرئيس وقالوا له: " أنظر ماذا فعلت بسماحك رسائل – إي ميل" هذا ما رواه أحد المسؤولين في اللجنة الأوروبية في بروكسل وهو الخبير بالأمور السورية. أظن أن بشار ارتبك، ولكن أولاً: الحادثة صحيحة ثانيا: استغلها الحرس القديم في النظام.... ولا يزالون.
[ وبعد نشر هذا الكتاب وترجمته ، أي في عام (2007) اعتقلت السلطة السورية عدداً من الشبان السوريين بسسب الانترنت ، كما حجبت السلطات السورية عدداً كبيراً من مواقع الانترنت التي كان بعض المواطنين يتابعونها ، مثل أخبار الشرق ، وأدباء الشام ...] .
وفي رواية جورج أرول (1984) البطل ونستون سميث يعمل في وزارة الحقيقة، بناية هرمية ضخمة يتألق فيها الصُلب الأبيض وتتعالى مصطبة فوق أخرى إلى علو ثلاثمئة متر في الهواء وفي أعلى البناية ثلاث شعارات للحزب مكتوبة.
الحرب هي السلم ...الحرية هي العبودية....الجهل هو القوة
وبناية وزارة الإعلام الوضيعة في سورية ليست كبيرة. وفي الأسابيع التي تلت موت حافظ الأسد في حزيران عام 2000 كانت مزينة بالأعلام التي تندب الخسارة الوطنية وفيما يصعد الإنسان الدرجات العريضة المبلطة التي تقود للمدخل الرئيسي يمكنه أن ينظر إلى أعلى ويرى شعار حزب البعث على شكل لوحة دائرية قطرها متر واحد. وفي الوسط خارطة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبها الدول العربية باللون الأخضر فوق خلفية صفراء.
وعلم البعث مصور بالأحمر والأبيض والأخضر. ساريته مغروسة في سورية. والجزء السفلي من اطار اللوحة مزين بالغار الأخضر أما القسم العلوي من اللوحة فيحمل شعار الحزب.
وحدة، حرية، اشتراكية
[ومن يمعن النظر جيداً يقرأ مايلي : شعارناالإعلامي الذي رسخه حافظ الأسد : غمز على اليسار واذهب من اليمين]
*كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية