أدب الحرب عند المتنبي 5
أدب الحرب عند المتنبي
د. حسن الربابعة
الفصل الثاني
" الشؤونُ الإداريّةُ في الحرب عند المتنِّبي"
"الشُّئونُ الإداريةُ في الحرب عند المتنبي"
ُملّخص الدراسة:
للشئونِ الإداريّةِ في الحَرْبِ عند المتنبي حضورٌ عزف البَحَثَةُ على كثرتهم عن درسِها، على الرُّغم من تنوُّع موضوعاِتهاِ فيه، وهو الذي قيل عنه "مالئُ الدّنيا وشاغلُ الناس" ونظرا لأهميةِ الإدارةِ بتفرُّعاتهاِ المتعدّدة في ميدانِ الحربِ، فقد نهضتِ الدراسةُ بمقدَّمةٍ مبتسرة وثلاثةِ محاورَ على النحو التالي:
أولاً: الشئون الإدارية مصطلحا في الحرب.
ثانياً: الاتصالات، تعريفا وأقساما وأنموذجات عليها.
ثالثاً: الشئون الإداريةٌ مخطّطا وأقساماً وأنموذجات كافية عليها.
أمّا في المحور الأول فَتَمَّ تحديدُ المصطلحِ الخاصِ بالإسناد الإداري، إنسانا وموادَّ في فِقْرَةٍ مُهمّهَ في أمرِ العملياتِ الحديث.
وفي المحور لثاني: حُدَّدَتْ الاتصالاتُ تعريفاً، وَقُسّمَتْ صنوفا منها: الدَّلالةُ والأعلامُ والإشاراتُ والرُّموُز وغيرُها.
وأمّا في المحور الثالث: فتكلَفنا مُخطّطا من تسعةِ فروعِِ رئيسة: تدرسُ شرائحُ في الصَّيانِة والتكديس، وتوفيرٍ الماء، والاستراحةِ، والمراسمِ، والقتلى، والجرحى- مسلمين وروماً- والأسرى والسّبايا. واختتمت بالطَّبابة. وقد قُدّمت أنموذجات كافيةٌ من الشعر؛ تدليلا على كُلَّ فَرْعٍ فيها، مما يُعَزَّزُ أهميةَ الشّعرِ، في تجليةِ ما تسكتُ مصادرُ التاريخِ عنه في أحايينَ كثيرة.
ــــــــــــــــ
* نشر هذا البحث في مجلّة جامعة جرش الأهليّة، للبحوث والدراسات، المجلد2، عدد1، كانون أول 1997 ، ص ص133-172.
1. مقدمة
لا ريبَ في أَنَّ للشؤونِ الإداريّةِ في الحربِ عند المتنبي حضوراً، عَزَفَ البَحَثَةُ- على كثرتهم(1) - عن دَرْسِها، على الرُّغمِ من تنَوَّعِ موضوعاتهِم فيه، وهو الذي قِيل عنه: مالئُ الدُّنيا وشاغلُ النَاسِ، وذلك إمّا لِتَنَبهُّهِمْ إلى صُوَرِ الحربِ عندَهُ، فكلماتُه تتوهَّجُ في أتونِ المعاركِ فُرسانا، أوْ أَنَّ البَحَثَةَ في مجالِ شئونِ الإدارةِ بحاجة إلى خبرة ما تستوقِفُهُُمْ في ميدانها، وحاجتُهم الحقَّةُ ليس إلى الاطلاعِ على أوامر العملياتِ الحربيّة حَسْبُ، بل إلى مُمَارستِها في ميدانِ المناوراتِ والحَرْبِ، إذ لا غَناءَ في الأوامرِ الحربيّة عَنْ فِقْرَةِ الشؤونِ الإداريةِ لأِهميّتها.
ولعلّ في خلوَّ وِفاضِهم، من هذه الزاويةِ- في حدود ما اطّلعتُ عليه- أنْ يَشْغُرَ للدارس فُسْحَةٌ من البحث يراها جديدةً، فيدرسُها من محاورَ محدّدةٍ على النحو التالي:
أولاً: الشؤونُ الإداريّةُ مُصْطلحا في الحرب.
ثانياً: الاتصالاتُ، تعريفاً، وأقساماً وأنموذجات عليها.
ثلثاً: الشئون الإدارية، مخطَّطا وأقساما وأنموذجات عليها.
أولا
الشؤون الإدارية مصطلحا في الحرب Administrative matter logistics تعني تخطيط َكافّةِ القضايا العسكريةِ الداخلية، في التعبئة أو السُّوق، وهي تُعَدُّ رئيسةَ القضايا الخاصّةِ بالإسنادِ الإداريِ. وإِدارةِ الأشخاصِ، وتعالجُ تعميمَ الموادَّ وتطوَّرَها، والحصولَ عليها وادّخارَها، وَتَنَقّلَها وتوزيَعها، وإدامتَها، وإخلاءَها وترتيَْبَها، وتنقلُ الأشخاصَ وتُخليهم، وتُعنى بِضيافتِهْمِ، وهي معنيَّةٌ بالحُصولِ على المنشآتِ السكنيّة أو إنشائِها، وإدامَتِها وترتيبِها، ومن واجباتِها الحصولُ على تجهيزاتِ القواتِ المسلَّحةِ، هذا من جهة، ومن أخرى تُعدُّ الشئونُ الإداريةُ أحدَ مبادئِ الحرب، لِأنّها تُعطي القائدَِ الحريَّةَ التامَّةَ، للعملِ على تنفيذِ الخُطَّة، بأنْ تكونَ منظومَتُهُ الإداريةُ بسيطةً، وأن تكونَ للقائد درجةٌ معينةً من السيطـرةِ عليها ،ضمن نِطاقِ قيادتهِ، كما أنّها جزءٌ مُهِمٌ من أمـر العمليـات(2) (Operation order).
ولأهميةِ الشؤونِ الإداريةِ أفردَ لها غيرُ باحثٍ دراسات(3) ، غيرَ أنَّ دراساتِهم لمْ تَتَناولْها من خلال الشعر عامة، باعتباره "ديوانَ العرَب" ولا من شعرِ المتنبي خاصّةً، وهو غايةُ الدارس المنشودة، من جهة، ومن أخرى فَزَعَمَ بعضُ البَحَثَةِ منهم الجنرال (ج. ب. غلوب) في كتابهِ "الفتوحات العربية الكبرى" بأنَّهُ لُمْ تَكُنْ للعربِ استراتيجيةٌ في الحَرْبِ، بل هم خالو الوِفاضِ من الفنون العسكرية، وكانت الجيوشُ العربيةُ- كما يزعمُ- تبدو أرتالا من المتعصّبين الذين امْتَلأوا بالحماسةِ لدخولِ الجَنّة، فراحوا يَكْتَسِحونَ كُلَّ ما كان أمَامهم، بهجماتٍ محمومةٍ، دون أنْ يَمْتَلِكوا ناحيةً من علم الحرب(4). إذن فلندخل إلى ساح المتنبي من شعره، لِنَجِدَ رَدَّهُ، لا مِن خِلال فنونِ الحرب، فذاك يحتاج إلى بحوثٍ لِتَجليتها، ولكنَّ الردَّ قد يجلَّيه المتنبي في إضاءاتهِ الشئونَ الإدارية، في ساحات الوغى، وهي التي في الحربِ من الأهميّةِ بمكان.
ثانيا: الاتصالاتُ
الاتصالاتُ تُعَدُّ وسيلةٌ مُهمَةً في تنظيمِ سيرِ المعركة، عند احتدامها، وبها يَتَمُّ السيطرةُ على مُجرياِتها، ذلك لأنَّ الجُنْدَ بها يتعارفونَ، بلْ هي لغةُ التخاطبِ سواءً أكانت مشافهةً أم مُراسلة، أم إشاراتٍ أم رموزا، وبها تتحدَّدُ علاقاتُ الجيشِ مع غيرِه خارجَ الدولة، وَبِوساطَتِها تُفّهَمُ الخِطَطُ الحربيةُ داخلَ الجيش، وَتُنفَّذُ أوامرُه، فتدخلُ المعركةَ، وَجُنْدُهُ تعرِفُ ما لها من واجبٍ، وما عليها من تنفيذ.
ولئن كانت القيادةُ والاتصالاتُ تحتلُّ فِقْْْرَةَ خاصّةً- حتى اليوم- في أمرِ العملياتِ العسكريةِ، إضافةً إلى المَوقفِ والمَهَمَّةِ والتنفيذِ، فإنَّ إدخالَها في مُخَطَّطِ الشئونِ الإداريةِ إدخالٌ مُتَعمَّدٌ، لأِنَّهُ يُجَلّي أَهَمَّيتَها لما ينشعب ُعنها من إشاراتٍ ورموزٍ، ودلالاتٍ متعدّدة، بُغْيَةَ أن تُؤدَّيَ خِدمات إداريةً، وحربيةً جُلّى داخلَ المعركةِ وخارجَها.
وتنقسمُ الاتصالاتُ عِدَّةَ أقسامٍ كالتالي:
الدلالة
الأعلام
الإشارات
الرموز
المراسلات
وسائل أخرى
(1)
أَمّا الدَّلالَةُ فتعني الاستعانةَ بالأدلاّء، لهدايةِ غيرِهم إلى أهدافهم، بُغْيَةَ مَنْعِهم من الضَّياع أو فقدانِ الاتجاهِ، سواءٌ كان ذلك ليلًا أو نهارا، توفيرا ًللوقت، واستعجالا لانجازِ المَهَمّة. وعليه فإنّ الدليلَ ذو سماتٍ حاذفة بالدَّلالةِ، خبيرٌ بالطُّرُقِ الموصلة، إلى أهدافهِ، فأطلقوا عليه الخِرَّيْتَ (5) كَأَنّما يَنْظُرُ في خَرْتِ الإبْرَة لِحِذْقِه، يتموّه كالحرباء في متاهاتِ الصّحراءِِ والأمكنةِ، لِيَكْشِفَ مداخلَ خَصْمِهِ وأرضِهِ، على أَلاَّ يُكْتَشَفَ هو نفسه، كما يصوره المتنبي(6):
يَتَلَوَّنُ الخّرِِّيْتُ من خَوفِ التوى فيهـا كما تتلوَّنُ الحِـربـاءُ
والدليل ذو أهمية، ليس في متاهاتِ الصحراءِ فحسبُ، بل عندما تلبسُ الأرضُ حُلّتها بَيْضاءَ من ثَلْج، فَتَسُدُّ عليهِ مداخلَ الهدايةِ، فلابّد من دليل(7):
وَعِقابُ لُبْْنانٍ وكيفَ بِقَطُعِهـا وهـي الشَّتاءُ وَصَيْفُهُنَّ شِتاءُ؟!
لَبِسَ الثلوجُ بها عليّ مَسالِكـي فكأنّهـا بِبَيـاضِهـا سَـوْداءُ
لقد كانَ الشاعرُ يدركُ أهميةَ الدليلِ الحصيف، وَُيُفْهَمُ من شِعره، أنّ خبرةَ الدّليلِ ضرورةٌ في استخبارِ ما يراه، شأنُ بعض غلمانِهِ ممن أخطأوا استخبار ثَوْرٍ رأوه، فبعضُهم ظَنّه منارَة جامع، وبعضُهم ظَنّهُ نَخْلَة، فَضَحِكَ أبو الطيب ساخرا من نتائج استخباراتهم فقال: (8)
فَظَنّوا النَّعامَ عليكَ النَّخـيلَ وظنـَّوا الصَّوارَ عَليك المنارا
(2)
ومن وسائلِ اتصالاتِهم الأعلام، إذ كانَ لسيفِ الدولةِ، ممدوحِ المتنبي، علمٌ يَضْرِبون الأعداءَ تَحْتَ أفيائِه، وهو ممَّيزٌ للعسكريين والإداريين معا: (9)
وَتَحْتَ لِوائِه ضَرَبوا الأعادي َوذَلَّ لَهُمْ مِنَ العّرَبِ الصَّعابُ
والعلمُ أسودُ، شِعارُ بني العباس، فهو مميّزٌ معروف(10):
كَأَجْناسِها راياتُها وشِعارُهـا ومـا لَبِسَتْهُ، والسَّلاحُ المسمَّمُ
ولعلَّ ما أثبتَهّ شلمبرجة الفرنسي، في كتابه عن ملك الرُّوم نيسفور فوكاس "أنْ يُؤَكَّدَ أَنَّهُ كان للكتيبةِ العربيةِ، في زمنِ الشاعرِ أعلامٌ مُطَرَّزَةٌ بِخَطًّ كوفي، وعليها وشيٌ وَزَرْكَشَةٌ فنيَّةٌ، وفوقَها كتاباتٌ بطِرِازٍ كوفي "لا إلهَ إلا الله" وذلك على أعلامٍ عِراضٍ، كانَتْ تُحْمَلُ بأيدي دارعين، من فَوْقِ صَهَواتِ خيولٍ عُراب، وكانَ في وَسَطِ أعلامِهم صورةٌ لفارسٍ، بين صُحْبَةِ الفرسان، قد أكبَّ على طَبْلٍ، تَحْْتَ يديهِ يَقْرَعُهُ، بحماسةٍ وَعُنْفٍ، وقد رَفَعَ مِقْرَعةً في الفضاء، وأهوى على الطَّبل بِمِقْرَعَة (11) ويبدو أنّ الأعلامَ العباسيَّةَ صنوفٌ، منها في ساحِ المعركة باللونِ الأسود، وعليها كلمةُ التوحيد، ومنها أعلام لفرق الموسيقا معهم طبولُهم.
وتتابعُ الأعلامِ يُعينُ على السيطرةِ في مجالِ الرؤيا، بين القُواتِ المسلّحة، حَتّى لا يُفْقَدَ الضّبطُ بين جنودِها عندئذ، ولَعَلَّ تكريرَه اللفظيّ يؤكدُ تدَفَّقَ الجيوشِ، في تقدمهم لتحقيقِ السيطرة(12):
إذا مَضَى عَلَمٌ منها بدا عَلَـمٌ وإنْ مَضَـى عَلَمٌ منِه بـدا عَلَمُ
(3)
ومن وسائلِ اتصالاتِهم الإشاراتُ: إذ كان يُشارُ بها إلى الخيل المدرَّبة من بعيد فتفهم(13):
وَأَدَّبها طُوْلُ الِقتالِ فَطَرْفُـهُ يُشِيـرُ إليـها مـن بَعيدٍ فَتَفْهَمُ
وهي لِحُسْنِ تدريبِها، تَتَبدَّلُ عِنْدَها مَهامُّ الحواسِّ، إذْ كانت تَسْمعُ بِعَيِنها وتفهمُ الَمرادَ، في القصيدة ذاتها:
تُجاوِبُهُ فِعْلاً وما تَعْرفُ الوحى وَيُسْمِعُهـا لَحْظاً وما يَتَكَلـَّمُ
وَمِنَ الإشاراتِ طَمَعُ الطيرِ بِلحومِ أعداء سيف الدولة، لكثرةِ ما ألفه من خسائرِ خصومِهِ، الأحياءِ مِنْهم، قبِل موتهم(14):
يُطَمِّعُ الطَّيْرَ فيِهْمِ طُوْلُ أكْلِهِمِ حتّى تَكادَ على أحيائِهـمْ تَقَـعُ
والنَّسْرُ يزورُ قتلى سيف الدولة فيأكلُ لَحْمَهم(15):
وَحَائٍن لَعِبَتْ سُمْرُ الرِّماح به فالعَيشُ هاجِرُهُ والنَّسْرُ زَائـُرِهُ
وكَثرةُ قتلى أعدائهِ من وسائلِ اتصالاتهِم، وعنصرُ دَلالة(16):
إذا سلك السَّماوةَ غيرُ هـادٍ فقتـلاهـم لعينيـهِ منــارُ
ومن الإشاراتِ مسايرةُ النيرانِ لِخَيلِ سيف ِالدولة، إذ تُحَرَّقُ ديارُ الرُّوم في كلَ موضعٍ وطئوه، ويقتلون أهلَهُ، ويخربون ديارَه(17):
تُسايِرُها النيّرانُ في كُلّ مَسْلَكٍ به القومُ صرعى، والدِّيارُ طُلُوْلُ
وإشعالُ النيرانِ ليلا إشارةٌ إلى كَثْرَةِ الجيشِ؛ إمّا للاستضاءةِ أو لإِحراقِ الأعداء(18):
يُغِّيرُ ألوانَ الليالي على العدى بمنشورةِ الراياتِ، منصورةِ الجُنْدِ
(4)
ومن وسائل اتصالاتهِم الرُّموزُ التي منها قَطْعُ الطُّرقِ للرُّسُلِ، وتأخُّرُ وصولهِم، الذي يرمزُ إلى مكروهِ أصابهَم، وهو عند ذلك رسالةٌ إليهم، شأنُ الرُّوم وقَطْعُهم الطرقَ إلى قلعةِ الحَدَث، لئلا يستخبرَ سيفُ الدولة نوايا الرُّوم إليها(19):
أخذوا الطُّرْقَ يَقْطَعونَ بها الرُّ (م) سـْلَ فكانَ انقطاعُـها إرسـالا
ويبدو أنّ أَخْذَ المضائقِ على المسلمين، حَدَثَ غيرَ مرة، منها سنة الَحَدثِ (338هـ) على ما يُؤرَّخُ لمناسبة القصيدة التي منها البيت السابق، ويقال مثله عن أخذِ الرُّومِ المضائقَ على سيف الدولة سنة (346هـ).
وَهَزُّ اللواءِ إجماعٌ على قائدِ الحرب، شأنُ عِجْلٍ؛ لتنصيبهم قائدا عليهم(20):
هَزَّ اللواءَ بنو عِجْلٍ بهِ فَغَـدا رأساً لهـم، وغـدا كلٌّ لَهُ ذَنَبا
(5)
ومن وسائلِ اتصالاتهم المراسلاتُ؛ داخليةٌ بين جُنْدِ الجيشِ نفِسهِ، وخارجيةٌ بين الجيِش الإسلامي وجيِش الرُّوم، فَجَيّشُ سيفِ الدولة، كان ُيقاتل على جبهتين(21):
أَنْتَ طُوْلَ الحَياةِ للـرّومِ غـازٍ فَمَتِى الوَعـْدُ أن يكوَن القفولُ؟!
وسِوى الرُّوم خَلْفَ ظَهْرِكَ رُوْمٌ فعـلـى أيّ جَانبيـكَ تَمِيـلُ؟!
وعليه، فكانت الكتُبُ وسيلةَ اتصال، مختومةً بأختامٍ طينيةٍ أحياناً، فَيُطاعُ أَمْرُ المرسِل حال ظهورِ خاتمه(22):
بُصَرَّفُ الأمرَ فيها طِيْنُ خَاتَمِهِ ولـو تَطَلـَّس مِنْهُ كُلُّ مَكْتوُبِ
وللرِسولِ سِماتٌ منها البلاغة(23):
بالشَّرْقِ والغرْبِ أقوامٌ نُحِبُّهُمُ فَطالِعاهـم، وَكُونا أبلغَ الرُّسُلِ
وكذا بلاغةُ ابنِ العميدِ، بمراسلته إلى الرُّوم فيفزِعُهُمْ ببلاغتها(24):
يا مَنْ إذا وَرَدَ البلادَ كتابُـه قَبْلَ الجيوشِ ثَنى الجيوشَ تَحَيُّرا
وقوله في بلاغته أيضاً من القصيدة ذاتها:
وَرَسائلٌ قَطَعَ العُداةُ سَحاءَها فـرأوا قَنّاً وأسنّةً وَسَنـَوَّرا
فكانت الرسائلُ تُشَدُّ وَتُغلَّفُ- كما ترى- فتتحّولُ أمامَ الخصمِ سِلاحا متنوِّعّا؛ قنا ودروعا؛ والمراسلات تنتظرُ إجابةً عنها إلى الرُّوم، فإجابةُ سيفِ الدولةِ على مراسلاتِ الرُّوم، مفخرةٌ في سيرةِ قادةِ الرُّوم، لأنها تنبئ بعفوه عن خُصومه من الملوك(25):
وإنْ أَجَبـْتَ بِشيءٍ عَنْ رسائِلـِهِ فما يزالُ على الأملاكِ يَفْتَخِرُ
وذلكَ ِلأَنَّ مُراسلةَ ملوكِ الرُّوم لسيف الدولة تعادلُ دُروعاً يحتمون بها من بطشه، لا دروعا لحربه(26):
دُرُوعٌ لِمَلْكِ الرُّوم هذي الرّسائلُ يـَرُدُّ بهـا عَـنْ نَفْسِهِ وَيُشاغِلُ
أتاكَ يَكادُ الرأسُ يَجْحَـدُ عُنْقَـهُ وَتَنقَدُّ تَحْتَ الذُّعْرِ مِنْهُ المَفاصلُ
لقد ذاق الرُّوم من سيفِ الدولة صُنوفا من آلامِ الحربِ، وعرفوا مراسلاتهِ مشرفياتٍ لا كُتُبا(27):
وَلا كُتْبَ إَلاّ المَشرفَيْةُ عِنـْدَهُ ولا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ
ولذا فإنَّ رَدَّهُ عليهم كُتُبا يُعَدُّ مفخرةً لقادة الرُّوم إذن؛ ذلك لأنَّهُ يُتْبِعُ عادةً أسنَّتَهُ ورماحَه كُتُبَهُ، ويَرُدُّ بالخيلِ بَدَلاً من الرُسّل(28):
تتلو أَسِنَّتُهُ الكتبَ التي نَفَذَتْ ويَجَعْلُ الخيلَ أبدالاً من الرُّسلِ
ولا غروى في أنْ نَعُدَّ المتنبي، خَلَعَ على سيفِ الدولة، صفاتِ مبالغة، إذا لمْ نَحْتَكِمْ إلى آراءِ مؤرخي الفرنجة فيه، إذ كان يُسمِّيه المؤرخون البيزنطيون ممن كتبوا تاريخَ حروبِ القسطنطينية، مع حَلَبَ منذ القرن العاشر الميلادي ومنهم (شلمبرجة) –يسمونه "الكافرَ الحمداني" ويرونه الدّهرَ العربيَّ الجاثمَ في جوارهم، حتى عدَّهُ رجالُ سياستِهم المحاربَ الوحيدَ الأعظم السامي الذي أعلنَ الحَرْبَ المقدّسةَ على النصرانيةً، وذكر شلمبرجة "أن اسمَهُ سيف الدولة العظيم يكادُ يكونُ مذكورا في كُلّ صفحةٍ من صفحات كتابي هذا المثير"(29).
إذا كانَ سيفُ الدولةِ خطرا داهما يواجهُ الرُّوم، فإنه من باب أولى أن يَكْبَحَ جِماحَ الفتنِ الداخليةِ، ويقمعَ تَمرَّدَ بعضِ القبائل العربية، التي عاثت في عَمَلِه، وخالفوا عليه، كقبائلِ بني عُقيل وقُشير وبني عجلان، فأجفلَهم من بين يديه، وَظَفِرَ بهم في خَبَرٍ طويل، فلا غروى أن يُرسلوا وفودَهم إليه لاسترضائه(30):
تَبِيْتُ وفـودُهـم تسري إليـه وجـدواه التي سألوا اغتفارُ
لقد كانَ أسلوبُ سيفِ الدولة، في مراسلاته معتمدا على القوَّة المسلَّحة، لأنه يُدْرِكُ ُأنُّه لا يحقَّقُ مطالِبَهُ في مراسلاته، إلا بها، فمراسلاتُ سيفِ الدولةِ محميّةٌ بقوة السلاح(31):
وَهَلْ تُغني الرّسائلُ في عَدَوًّ إذا مـا لـَمْ يَكُنَّ ُظبي رِقاقا
ولا ريبَ في أنّ المراسلةَ إن لم تعتمد ْعلى قُوّةٍ مسلّحة، فإنها تقوُد إلى الاستسلامٍ والذُّلَّ، وهذا ما ذكرّهُ ابنُ الأثير عَنْ مَلِكَ الرُّوم "نقفور" لما راسَلهُ المسلمون من أهل الثغور، يطلبونَ منه بَعْضَ أصحابهِ ليقيموا عندهم، لدفعِ إتاوةٍ إليه، فما كان منه إلا أَنْ أحْرَقَ رسالةَ رسولِهِمْ على رأسه، وأحرقَ لِحيتَه، وقال للوفد المسلم: "أنتم كالحيّةِ في الشتاء تَخْدَرُ وتَذْبَلُ، حتى تكادَ تموتُ، فإن أخذَها إنسان وأَحْسَنَ إليها، وأدفأها، انتعشتْ وَنَهَشَتْهُ، وأنتم إنما أطعتم لِضَعْفِكُمْ، وإنْ تركتُكم حتى تستقيمَ أحواُلكم، تأذَّيْتُ بكمً ثم غزاهم وفتح ثغورَهم بحدِّ السيف(32".
ولذا كانت مراسلاتُ سيفِ الدولة، إلى ملوك الرُّوم، تعتمدُ العنفَ أسلوبا، والحربَ النفسية أسلوبا آخر، ذلك أن رسولَ مَلِكِ الرُّوم، سار في طريقهِ إلى سيفِ الدَّولة على هام الرُّوم المفلَّقة حينا(33):
وقد سارَ في مَسراك منِه رسولُهُ فما سارَ إلا فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ
وحينا يكتبُ الجوابَ على قَذالِ دُمستقهم بحِدّ السيف بعزة(34):
وَكُنْتَ إذا كاتبَتْهَ ُقَبْلَ هذه كَتَبْتَ إلـيهِ فـي قَـذالِ الدُّمسْتُق
(6)
وأما من وسائلِ الاتصالات الأخرى، التي يتعَّرف بها الجند على بعضهم فالزي الإسلامي، كالعمائم فوق هام الفرسان(35):
حتى عَبَرْنَ بِأَرْسِناسَ سوابحاً يَـنْشـُرْنَ فيـه عَمائـِمَ الفرسان
أو يميَّزُ ممدوحُه بالعِمْة من فوق المنابر، والخيولِ الناهدات في حالتيه: جالسا وراكبا(36):
وَأَحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلوساَ ورِكْبَةً على المِنْبَرِ العالي أو الفَرَسِ النَّهْدِ
ومن وسائل اتصالاتهم البريدُ(37)، الذي وظّفه وسيلةَ اتصال سريعةً، تنقل الأخبارَ ساعةً بعدَ ساعةً(38):
تُهِْدي لَهُ كُلَّ ساعةٍ خَبـَراً عـن جَحْفـَلٍ تَحْتَ سَيْفـِهِ بائـدْ
ومن وسائل اتصالاتهم المراسلون، ممن يحملون لقادتِهم بشائرَ النصر، وهزائمَ الخصم، وقد يَحْمِلُ بعضُهم رأسَ المعادي وتاجَه، دليلا على صِدْقِهِ، فيبتهجُ القائدُ، ويأمر بِضَرْبِ الدبادب، على بابه، إعلانا بالنصر، شأن المراسلين ممن حملوا لعضد الدولة بشائرَ النصر(39):
ومُوْضِعا في فِتانِ ناجيـةٍ يَحْمـِلُ في التـَّاجِ هامةَ العاقدْ
ومن وسائل اتصالاتهم الرُّكبان: إذ يسألونهم عن أخبارِ القومِ، وبهم يستدلّون على أحوالِهِمْ وَطُرِقِهِمْ(40):
لما أقمتُ بانطاكيّـة اختلفـتْ إليّ بالخبرِ الرُّكبانُ في حَلَبا
فَسِرْتُ نَحْوَك لا ألَوي على أَحَدٍ أَحُثُّ راحلتيَّ: الفقرَ والأدبا
والطلائعُ "الخيل المتفرقة في كل ناحية" وسيلةٌ من وسائلِ الاتصال، وجلبِ المعلوماتِ عن الخصوم، وهي لِكَثْرَتِها وتوزيعِها في محاورَ للقتال، تستطيع العَدْوَ وتُعجِزُ الخصم عن صدِّها بطلائعه(41):
وَمَبْثُـوْثةً لا تُتَّقـى بِطَلِيعَـةٍ ولا يُحتمى مِنَّها بِغَوْرٍ ولانَجْدِ
ومن وسائلِ اتصالاتِهم تَعَرُّفُهم على أَثَرِ الخيل على الصَّفا، إذ نقوشها صدورُ البُزاة(42):
تَماشى بأيدٍ كُلّما وافتِ الصَّفا نَقَشْنَ بـهِ صَدْرَ الُبزاةِ حوافيا
ولعلَّ اقتفاءَ الأثرِ بعد تحديدهِ، يُعينُ على تحديد الاتجاه، وعددِ الأفراس، وَرُبَّما يحدَّدُ زمانَ الحركةِ ومكانَها ، وبرزتْ ظاهرُة الاستطلاعِ والترقّبِ لاُستجلابِ المعلوماتِ عن العدوِّ، ولعلّها من أهمَّ غايات وسائلِ الاتصالات، لأَّنها تحدَّدُ العدوَّ وقوَّتَه، وتستطلعُ المعلوماتِ عنه، بالقُوّةِ المسلحة، فلابدَّ من أنْ يُرْسَلَ المترقَّبُ في واجب، كأَنَّهُ الصَّيادُ المحترفُ، الذي عليه ألاَّ يَعْطُسَ أو يُصوَّت فيهربَ صَيْدُه(43):
يُمْسِكُ فاه خَشْيَةَ السُّعـالِ مـِنْ مَطْلَعِ الشَّمسِ إلى الزَّوالِ
وقد يَقُوْمُ بدورِ ملاَّحٍ بِبُوصَلَتِهِ، فلا يُفْقَدُ اتجاهُهُ أثناءَ الحركة، إذ يَمُدُّ القنا بين آذان الخيلِ المدرَّبة، فتسيرُ باتجاهِ ما تشيرُ إليه صدورُ القنا، وذلك لِحُسْنِ تدريِبها أولاً ولِحِفْظِ الاتجاه ثانيا ،والإشارة هذه وسيلة دلالة واتصالات (44):
وَجُرْداً مَدَدْنا بَيْنَ آذانِها القَنا فَبِتـْنَ خِفافـاً يَتَّبِعْنَ العواليا
وملاحظة ُغُبارِ لاصق بجلود الخيل يَدُلُّ على نوعيّةِ الأرض، التي أثارتها الخيلُ في عَدْوِها، فيحدّدُ اتجاهَها، ويستخبرُ بها، تُعَدُّ اتصالاتٍ، يبدو على أبدان الخيل كالطرائق في البُرْدِ(45):
حَثَتْ كُلَّ أَرْضٍ تُرْبَةٌ في غُبارِهِ فَهُنَّ عَليهِ كالطّرائِقِ في البُرْدِ
ثالثا: الشئون الإدارية
تنشعب من الشئون الإدارية فروع عدة، لذا نتكلف مخطَّطا إيضاحيا تسهيلا للدراسة على النحو التالي:
(1)
أمّا الصيانةُ فبرزتْ في تنظيفِ الأسلحةِ، وإعدادِ الخيل، كَمَعّدا ت ٍلقتال، في شعر المتنبي، ذلك أنَّ الشاعرَ نفسَهَ يُعِدُّ سَيْفه، ويمسحُ عنه آثار الدماء، صيانة(46) :
وَبـِتْنـا نُقَبَّـلُ أسْيـَافّينـا وَنَمْسَحُهـا مـن دمـاءِ العِدا
فلابدَّ من مَسحِ الدماءِ، عن السيوف، كي لا تَجِفَّ عليها وهو صيانة لها(47):
يَبِسَ النَّجيعُ عليهِ وهو مُجَرَّدُ مـن غِمْـدِهِ وكأنَّما هو مُغْمَدُ
ومن الصيانةِ إماطةُ ما يَنْعَفِرُ من التَّرِاب على السّلاح(48)
وَمُنْعَفِرٍ لِنَصْلِ السَّيفِ فيـهِ تَوارِى الضَّبِّ خافَ من احتراشِ
وقد يعوجُّ فلا بدَّ من إصلاحه، خاصة إذا اندقَّ في ضُلوع الخصوم(49):
إذا اعْوَجَّ القنا في حامِليـهِ وجازَ إلى ضُلوعِهـمِ الضُّلوعا
أو إذا اندقّ في الخصم، فلابد من إصلاحه، بعدأن نيل الثأرُ به(50)
ونالتْ ثأرَها الأكبادُ مِنـْهُ فَأَوْلَتـْهُ اندقاقـاً أو صُدُوعـا
أَمَّا تجهيزُ الخيل وإعدادُها للقتال، فبرزتْ في غيرِ صورة، وذلك حفاظا على قوَّتها في الشدائد، لِتَظَلَّ سنابِكُها قوية، تحوِّلُ الصخورَ القاسياتِ رمالا في طرادها(51):
إذا وَطِئَتْ بأيدِيها صُخوراً يَفِئـْنَ لِـوَطْءِ أَرْجُلِها رِمـالا
ولابدَّ من إنعال الخيل، وإن كانَت جُسومُ الخصوم طراقا لنعالها(52):
إذا أُنْعِلْنَ فـي آثـارِ قـومٍ وإن بَعُدوا جَعَلْنَهُمُ طِراقا
ولا تنحصرُ تجهيزاتُه بالإنعال، بل يمتدُّ إلى تدريعه الَفَرسَ بتجافيف كالفارسِ نفسهٍ، وهي وقاية-لا شَكَّ- له(53):
حَوِاليهِ بَحْرُ للتجافيِف مائِجٌ يَسيِرُ به طَوْدٌ من الخَيلِ أَيْهَمُ
وتتحوَّلُ دلالةُ الصيانِةِ إلى حِمايةٍ خلفيةٍ للخليفة، لصيانةِ مهجتهٍ، بإرسال الأبطال لحمايته، إذ تعادِلُ الأبطالُ السيوفَ والخليفةُ الغِمْدَ (54):
صانَ الخليفةُ بالأبطالِ مُهْجَتَهُ صيانةَ الذَّكرِ الهنديِّ بالخَلَلِ
والشّاعرُ يُحَوِّلُ مَدْحَه أعراضَ ممدوحيه، صيانةً يكسوها حُللا أبهى اللباس، على محمل تشبيهٍ تمثيلي(55):
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ له حُلَلا وجدتُها مِنْهُ في أبهى من الحُلَل
(2)
وأَمّا تكديسُ الطّعام فبرزَ في"مطاميرَ" بالقربِ من سُميساط في الثغور الجزرية فيقول(57):
وَدُوْنَ سُميساطَ المطاميرُ والمَلا وأوديـةٌ مجهولـةٌ وُهُجـُولُ
وأمّا إعلافُ الخيِل فَيتمُّ بِعزةٍ، إذ يُرفَعُ الحَبُّ على هام العدا بعلائقَ لها، كعادتها(58).
تَعَّودَ ألا يَقْضُمَ الحَـبَّ خَيْلُهُ إذا الهامُ لم تَرْفَعْ جَنوبَ العلائِق
ومن أعلافِها عُشبُ الأعادي لسطوةِ الخيل، وقهِرِ الخَصْمِ، وقد كثرتِ الصوائفُ و الشواتي، في عصرِ الشاعر، إذ يغيرون على الرُّوم فيهما، ويُغار عليهم أيضاً، والخيلُ ترعى في ثغور "هنزيط" تصول بها وتجول(59):
وأصْبَحَتْ بقِـُرى هنْرِيِطَ جائلةً تَرعى الظُّبى في خَصيبٍ نَبْتُهُ اللِّمَمُ
ويضافُ إلى ما ذُكِر حَمْلُهُمُ المؤنَ والماءَ والإمداداتِ على الإبل المرافقة، من جهة، ولحمل الأسارىِ السبايا من جهة أخرى(60):
فَكُلّما حَلَمَتْ عـذراءُ عِنْدَهُـمُ فإنّما حَلَمَتْ بالسبي والإبِلِ
(3)
وأمّا الماءُ والتزوُّد به، فحدَّد الشاعرُ بَعْضَ أمكنته، عندما قمعَ سيفُ الدولة فِتَنا داخلية، عصفت في عَمَله، وخالفت عليه، وقد أورد البَكريّ أماكنَ المياه في ترجمتهِ الراموسة (61)،إذ ذكر ما يُمْكِنُ أن يسمى اليومّ" مراحل" تقدُّم سيف الدولة في مسيره الحربي، يمكنُ ترسُمها على النحو التالي: من الراموسة - ضيعة على ميلين من حلب-ِ "إلى تل ماسح، إلى مياه الجيار، إلى مياهِ البديّة إلى ظاهرِ سَلَمْيِة إلى مياه حيران إلى مياه الغيثر إلى ماء الجباة، ثم يجتازُ بركايا الغوير ونهيا والبييضة والجِفار وهي موقع الشاهد كما يقول النحاة، فالمواقع المائية الأخيرة ذكرها في شعره، ثم يأتي تدمرَ ثم عرض ثم الرَّصافة ثم ينتهي أخيراً بالرَّقة.
إنّها كما ترىِ ثلاثَ عشرة مَرْحَلَةً، كان يَمُرُّ بها سيفُ الدولةِ في تحركاته الداخلية، لِقَمْعِ الفتنِ التي تَعْيَثُ في عَمَلِه، ونلحظُ أنَّ أكثرَ هذه المراحل أماكنُ تزويد مياه، مما يَدُلّ على تخطيطٍ إداري لسيف االدولة، بدءا بالراموسة وانتهاء بالرَّقة الفراتية، فالشاعر يذكر(62) :
وقد نَزَحَ الغُويرُ فلا غُوْيـرٌ ونهيـا والبُييَضْةَ ُوالجِفـارُ
كما أَنَّ سيفَ الدولةِ يتتّبعُ القبائلَ المتمردةَ عليه، عند مواقعِ المياه فيطلبَها هناك(63):
طَلَبْتَهُم على الأمـواهِ حتّـى تَخـََوَّفَ أنْ تُفَتَّشهُ السَّحابُ
هذه خطته الإدارية بتزويد الماء داخليا، فكيفَ كان يتزوُّد بالماء في حروبه للرومِ خارجيا؟
يَبدو أنَّ خُطَّةَ التزويد بالماء في رومياته، كانت تعتمدُ على مصادرَ مياه منها؛ تَفرُّعُ الأنهارِ في منطقةِ الثغور، إذ كانت تَشْرَِبُ الخيلُ على شكائمها منها(64):
قَادَ الَمقانِبَ أقصى شُرْبِهـا نَهَلٌ على الشَّكيم وأدنى سَيْرِها سُرَعُ
ومنها البحيرات كبحيرة سمنين(65):
وَشُزَّبٌ أَحْمَتِ الشِّعرى شَكائِمَها وَوَسَّمتْهـا علـى آنافهـا الَحكَمُ
حَتِّى وَرَدْنِ بِسِمْنِيـنٍ بُحيرتِـها تَنِشُّ بالمـاءِ في أشداقها اللُّجُمُ
ويتوافرِ الماءُ بكثرةِ حتى تسبحَ الخيلُ فيه، ولا بدَ إذن من التزِّود منه لتوافره(66):
تَجَفَّعلُ الموجُ عن لَبّـاتِ خَيْلِهم كمـا تَجَفَّلُ تَحْتَ الغارةِ النَّعَمُ
عَبَرْتِ تَقْدُمُهُمْ فيِه وفـي بَلَـدٍ سُكَّانـُهُ رِمَـمٌ مَسكونُها حُمَمُ
ويجدون الماءَ باردا أحيانا، فتنكمشُ لبرودته خُصى الفحول فتبدو كالخصيان(67):
يَقْمُُُصْنَ في مِثْلِ المُدى من باردٍ يَذَرُ الفحولَ وَهُنَّ كالِخصيان
(4)
ومن الشؤون الإدارية مناطقُ استراحةِ الجند وإسكانِ القادة، وقد برزتْ في الشّعر منطقةٌ واسعة، لاستراحِةِ جندِ سيف الدولة، تمتدُّ من نَهِرْ الفرات إلى دمِشقَ، دون أن يحدّدَ مواقَعها بِدقة، ربَّما حفظاً للأسرار العسكرية، أو لترهيبِ العدوّ بسعتها، وانتشارِ القوات العربية بكثرة، على مَحْمَلٍ من رفع الروح المعنوية، فها هو الجيشُ العربيُّ يستريحُ فيها، بعد أن يغيرَ على الرُّوم من واسط العراق(68):
يُغيرُ بها بين اللُّقانِ و واسـطٍ ويـرْكِزُها بين الفُراتِ وجِلِّقِ
وفي منطقةِ الاستراحِة تُضْرَبُ الخياُم للقادة خاصّةً، إذ توقِعُها الريحُ أحيانا،ً لِشِدَّتها، فيفلسفُ وقوَعَها، طمعا بالرّحيل والفتوح(69):
أيقدَحُ فـي الخيمِـةِ العُذَّلُ وتشمَـلُ مـن دَهرهـا يَشْمَلُ
ولمـّا أمـرْتَ بِتطنيبِهـا أُشيــعَ بأنـّكَ لا تَـرْحَـلُ
فما اعتمدَ الله تقويضَهـا ولكـنْ أشـارَ بمـا تَفْعـَلُ
وقد تُضْرَبُ الخيامُ في صحارى لا يتحَّملُ حَرَّها إلا أشدّاءُ الرجال(70):
مُخَيَّمُ الجمعِ بالبيداءِ يَصْهَرُه حَرُّ الهواجرِ في صُمٍّ مِنَ الفِتنِ
وَتُفْتَرَشُ البسُطُ في أماكن استراحةِ القادة، وعليها تيجانُ ملوك الرُّوم، وصورهم، فَتُذُلُّ التيجاُن ساعتئذ وتعلوها العمائم الإسلامية(71):
وفي صورةِ الرُّومي ذي التاج ذِلَّةٌ لأِبلجَ لا تيجانَ إلا عَمائِمُهْ
وتتنوَّعُ الاستراحاتُ طُولاً وقصراً؛ فقد تكون طويله كالتي ذكرنا، وقد تكونُ استراحة محارب؛ قصيرةً مُتوثِّبةً، استراحة في ظلال خيول مطهَّمَةٍ تقيِّد الأوابد إذا طاردتها(72):
يَتَقَيَّلُوُنَ ظِلالَ كُـلِّ مُطَّهـَمٍ أَجَلِ الظّليم وَرِيْقَةِ السِّرحانِ
كما تنوّعتِ استراحةُ القادةِ، فشتانَ بين كثرةِ نومٍ الخويدم، كافور الإخشيدي، الذي هربَ الشاعرُ من عنده، مستغلاَّ غَفْلَتَهُ، وكان من قبل نائما في جَهْلِهِ على قربه منه(73):
ونام الخويدمُ عـن ليَلِنـا وقد نامَ قبلُ عَمىً لا كَرى
وكانَ علـى قُرْبَـهِ بيننـا مهامـهُ من جَهْلِهِ والعمى
وبين قِلَِّة نوِم سيفِ الدَّولة، الذي انشغل بالرُّوم، واقفا مع الله في جانب فقلَّ رُقادُه(74):
وَأنْتَ مع اللهِ في جانبٍ قَليـلُ الرُّقـادِ كثيرُ التعبْ
ويبدو أَنَّ قِلَّةَ رُقادِ سيف الدولة، أرهقتِ الرُّوم، وأسهرتْ قواتِهم الخلفيةَ لِما لخطورتِها من أهميّة(75):
شَنَنْتَ بها الغاراتِ حتى تَرَكْتَها وَجَفْنُ الذي خَلْفَ الفرنجِة ساهِدُ
ولا رَيْبَ في أنَّ تيقَّظَ سيفِ الدولة، أقضَّ مضاجعَ الرُّوم، وافترشَ لجُنوبهم شَوكَ القَتاد، وانتقل رُعْبُهُ إلى نفوسِهم في الليل، فرأوا منه رِماحا في كُلاهم؛ أحلاما في سُهادِهم، وهو ما يُسمّى اليوم بالصَّدمَةِ النفسية "عُصابُ الحرب" (76)،كيف لا؟ ألم يَصِفْهُ الرُّومُ بالمحارب الوحيِد الأعظم السامي الذي أعلنَ الحرَب المقدسةَ على النصرانية كما أسلفنا؟ إذن فلا غروى أن يكونَ بتيقَظهِ ابتعث الرعبَ النفسي للروم في يقظتهم ومناماتهم(77):
وَكَيْفَ يَبيتُ مضطجعاً جبَـانٌ فَـرَشْتَ لِجَنْبهِ شوكَ القتَاد
يرى في النومِ رُمْحَك في كُلاه ويخشى أن يُراه وفي السُّهاد
ولعلَّ تيقَُّظَ سيفِ الدولة يعادلُ تيقظَ الشاعرِ نفسِهِ، فالقلقُ مشتركٌ، وإنْ كانَ الواجبُ لكل منهما مختلفاً؛ ضيقاً واتساعا؛ ذلك أنَّ الشاعرَ، لم يسترح في أرضِ نخلةَ، إذ كان فيها سجينا مضطهدا، وقد اعتاد أن يفترشَ صهوةَ حصانِه بلباسِهِ الحربي(78):
مـا مُقامـي بـأرضِ نَخْلـَةَ إلا كَمُقـامِ المسيحِ بين اليهـودِ
مَفرشي صهوةُ الحِصان ولكـ(م)نَّ قميصي مسرودةٌ من حديد
وهو توَّاقٌ إلى ساحِ الحرب، متأَبِّ على استجمامِ شِعْبِ "بَوّان" يَرُدُّ على حِصانه في محمل التشخيص(79):
يقولُ بِشِعْـبٍ بَـوّانٍ حِصانـي أعـنْ هـذا يُسارُ إلى طعان
أبوكـم آدمٌ سَـنَّ المعاصـي وَعلَّمكـمْ مُفارقـةَ الجِنـان
كما تلفَّتَ إلى التيقّظ أثناءَ الإناخة للاستراحة لمراقبة العدوّ ومنع المفاجأة.(80):
فلمَّا أَنَخْنا رَكزْنا الرّمـا(م) حَ فـوق مكارِمنـا والعُلا
وهو يعادلُ به تيقّظَ ممدوحهِ في حِلَه وتِرحاله، في حَرْبِهِ واستراحته.
(5)
ومن الشؤون الإدارية المراسمُ التي استقبِل بها وفدُ الرُّوم المفاوض للهدنة، بين ملك الرُّوم وسيف الدولة، إذ برزَ في مشهد المراسمِ، رسولُ ملك الرُّوم، لابسا درِعا، يَخْفِقُ قلبُهُ هلعا، وهو يمشي بين صفّينِ متقابلين من جُنْدِ سيفِ الدولة، بعد أن اصطفوا في مراسمَ عسكرية لاستقباله، فلما رآهم رسولُ الوفدِ، كاد أن يسقطَ رُعبا، وهو يمشي باتجاهِ سيفِ الدولةِ الجالسِ على بِساطِ الملكِ الرُّومي، وعليه تاجُهُ، يبدو أنَّ سيفَ الدولة كان غَنِمَهُ، وتعمّدَ أن يَجْلِسَ على رأسه؛ إشارةٌ إلى علوَّ مكانتهٍ فوق الملك، فقسّم رسولُ الوفدِ نظرتَهُ بين سيف الدولة حينا وسيفهِ حينا آخر، كما يرسُمُهُ هذا المشهدُ سنة (342هـ)(81):
أتاكَ يكادُ الرأسُ يَجْحَدُ عُنْقَـهُ وتنقدُّ تَحْتَ الذُّعْرِ مِنْهُ المَفاصلُ
يُقَوَّمُ تقويمُ السّماطين ومَشْيَةُ إليك إذا مـا عوّجتـه الأفـاِكلُ
وما أنْ يدنو رسولُ الملكِ من سيفِ الدولة، حتى يُحَييهِ تحيَّةً عسكرية، إذ يُقبَّلُ الأرضَ بين يديه أولا ثم يقَّبلُ كُمُّه بعدها ثانيا، والكمُاة يقفون بخشوع وإجلال، مع أنّ طِرازَ السَّلام لدى سفراء الفرنجة في القرون الوسطى، رجوعُهم خُطوتين إلى الوراء، ووجوهُهم تلقاءَ الملوكِ، الذين يؤدّون التحيةَ إليهم، ثم يَمُسَونَ الأرضَ بأطرافِ قُبَّعاتِهم ذواتِ الرَّيش، ثم يلَّوِّحون بها فعلا مع الخطوتين الراجعتين، لكنَّ السفيرَ البيزنطي هذا قَّبلَ الأرضَ قبل أن يُقَبَّل كُمَّ سيـفِ الدولـة(82):
وَقَبَّلَ كُمَاً قَبّلَ التُرْبَ قَبْلـَهُ وَكـُلُّ كَمِيَّ واقفٌ مُتضائِلُ
ويعرضُ الشَّاعرُ صورةً مرعبة لوفد الرُّوم، قبل لقائه سيف الدولة، ليهزمَهُ نفسياً، ذلك أنه يُسارُ بهِ في طُرِقٍ تناثرتْ فيها جُثَثُ الرُّوم هنا وهناك، فَيُحَّدقُ الوفدُ برؤوس مفلّقة، وأشلاءٍ ممزَقة، فانكشفت أمامَه صورٌ حركيَة نفسية تقشعرُّ لهولها الأبدان(83):
وَقَدْ سارَ في مَسراكَ مِنْهُ رسولُهُ فما سـارَ إلاّ فَوْقَ هَامٍ مُفلَّقِ
وقَبْلَ وصولهِ إلى حَرس المراسم، تُسْتكَمَلُ المشاهدُ النفسية، فيرى الوفدُ لبوءةً قتلَها رجالُ سيف الدولة، واستحيوا شِبليها، لما للمشهد من رمزٍ دالًّ على سطوتهم على ملوك الغاب(84):
وأقبلتِ الرُّوُم تمشي إليك بَيْـنَ الليوثِ وأشبالِها
إذا رأتِ الأُسْدَ مسبـيّةً فأيـنَ تَفـِرُّ بأطفالِها؟
ثم يستمرُّ في مشهدِه النفسي، إذ يُبرِزُ حرسَ المراسم في أوج تسلّحِهِ، تَلمعُ في أشعِة الشمس سيوفُه، في صفَّيَّ مراسم، فيرتبكُ الوفْدُ لما يراه من رهبوت، مقدما وعرضا عسكريا، وهيبةً، عند مقابلته(85):
وأَقْيَلَ يمشي في البساطِ فما درى إلى البحرِ يمشي أم إلى البدر يرتقي؟!
والوفدُ يبحثُ شروطَ الهدنة بين الطرفين، ولا بُدَّ أن لها فوائدَ يراها الشاعر منها؛ تطيلُ أعمارَ الرماح عاما على الأكثر(86):
أخا الحربِ أَتْعَبْتَها فالهُ ساعةً ليُِغْمَدَ نَصْلٌ أو يُحَلَّ حِزامُ
ومن فوائد الهدنة عودةُ الجالين عن أراضيهم إليها، فتحتزُِّ وَقْتَئِذٍ رِقابهُم بسيف، فالهدنةُ على دخن(87):
متى عاودَ الجالونَ عاودْتَ أرضَهم وفيها رِقابٌ للسيوفِ وهامُ
(6)
وأمّا القتلى كشأن إداري فصنفان؛ عَرَبٌ ورومٌ، والعربُ نوعان؛ قتلى في ثوراتٍ داخلية، وقتلى في قتالِ الرُّوم، أما قتلى العرب في الفتن الداخليِة وثوراتهم، فجماجمُ القتلى ملقاةٌ في صحارى تأكلُها السبَّاعُ، فتثني على قاتليهم، بصورة تشخيصية متشفّية، لأن جثثهم وجباتٌ دسمةٌ لها(88):
تَرَكْتَ جَماجِمَهُم في النّقا وما يتحصَّلْنَ للناخـلِ
وأنبتَّ فيهم ربيعَ السِّبـاعَ فأثنتْ بإحسانِك الشاملِ
ويقال مثلُهُ عن قتلى العرب، في حرب الرُّومِ ممن خالفوا أمرَ قائِدِهم سيفِ الدولة، فقضوا بصورةٍ مخزية، يتشفّى الشاعر بقتلِهِم؛ ذلك لأنهم لم ينفَّذوا أمرَ سيف الدولة فنالوا جزاءَهم(89):
ونلحظُ أمرين عند المتنبي في قَتْلى العرب؛ سواء في فتنٍ داخلية، أو في حربهِم للروم: أولهما؛ أنه لم يذكرْ خَسائِرَ ممدوحِه وقتلاهم، وثانيا أنَّ جُثَثَ العرب لم تُدْفَنْ، بل تُركِتْ ملقاةً في الفلاة، وفي كلتا الحالتين تَشَفًّ بارزٌ لمخالفتهم أمرَ قائدِهم سيفِ الدولة(90):
قُل للدّمُسْتُق إِنَّ المسلمينَ لَكُم خانوا الأميرَ، فجازاهم بما صنعوا
كما أَنَّهُ لم تظهرْ في شعرِهِ مراسمُ دفنِهم، ولا دفنِ الشُّهداء الذين لم يخالفوه في حملاته، ولعلَّ ذلك يُعزى إلى إصرارِه على أن يستمرَّ بنفخِه الحميَّةِ في الأحياء؛ قادةً وجنودا، حتى على جراحاتِهِم وهزائمِهم المريرة مراتٍ كثارا، فكأنَّهُ لا يريدُ أن يذكّرَهُم بمصيرِ رِفاقهِم في السَّلاح، وهذا مما نستدلُّ عليه من سيفياتهِ التي عانى المسلمون هزائمَ كثيرةً، على يد الرُّوم؛ ذلك ما يعرفُهُ كُلُّ من قرأَ حَرْبَ الثغورِ كرَّاً وفرَّاً بين المسلمين والرُّوم، في عصر الشاعر، ويقال مِثْلُهُ عن عدم عَرْضهِ للسبايا العربيّات في ديار الرُّوم، على كَثرةِ الأحداث الدالة، التي أدرجها المؤرخون من سنة (334-356هـ).
وأَمّا قتلى الرُّوم فَكُثْرٌ- جنودا وقادة- هاماتهِم مفلَّقةً، فرآها وفدُ الرُّوم، كما قُتِلَ ابنُ الدُّمسْتُق في إحدى المعارك، وتركه أبوه صريعا في الميدان، ناجياً بروحه، مُضَحَّياً بولده قُسطنطين(91):
نَجَوْتَ بإحدى مُهجتيك جريحةً وخلَّفْتَ إحدى مهجتيك تسيلُ
وقوله(92):
وما طَلَبَتْ زُرْقُ الأسنَّةِ غَيْرَهُ ولكنَّ قُسْطَنْطِينَ كان له الفدا
(7)
وأَمّا شأنُ الجرحى من مسلمين وروم، فأبرزَهم في مشاهدَ متنوَّعةٍ، تارةً يبدو الجرحُ على وجهِ المسلمِ وسيما، يتمنّى الشاعرُ نفسُهُ جرحا مِثْلَهُ، ليزيَّنَ وجهُه عندئذ؛ كجرح محمد العلوي، الذي ناله بشرف في سُوح الجهاد(93):
يا ليتَ بـي ضَرْبَةً أتيحَ لـه كمـا أَتِيْحَتْ لـَهُ مُحمَّدُها
أَثَّرَ فيها وفـي الحديدِ ومـا أَثَّـَر فـي وجهِهِ مُهَنَّدُها
كما بَدَتِ الجراحُ تعادلُ خِبراتِ الجند في سُوح الوغى، فتزدادُ الثقة به(94):
وَكُلّ فتى للحَرْبِ فَوق جَبيِنِه من الضّرْب سَطَْرٌ بالأسنّةِ مُِعْجَمُ
أمَّا جِراحُ الرُّومِ فعارٌ عليهم، لأنهم جُرِحوا مدبرين لا مقبلين، كالدُّمسْتُق الذي ولّى على عَقِبيه جريحا، وتاركا ولده في شِفار الموت:
(نجوت بإحدى مهجتيك جريحة)
ويقارِنُ بين جريحٍ مسلمٍ، يرجعُ للقتال بخبرِة حَرْب؛ معتزَّاَ بها، ودُمستقَ جريحٍ، يعتزلُ السَّلاح ويترهْبَنُ، مُنْحَطِمَ المعنوية، يتزيّا بالمُسوح لباسا، ويقبعُ في دير منكفئا على نفسه، يمشي به الُعكَّازُ لا العكس، خائرَ القوى، راضيا بحالته هذه، بعد أنْ كان يتعَّففُ على أحسنِ الدروع الدلاص، والشقر الجياد(95):
فأصبحَ يجتابُ المُسوحَ مخَافـةً وقد كانَ يَجتابُ الـدِّلاصَ المسرَّدا
ويمشي به العُكّازُ في الدَّير تائبا وما كان يرضى مَشْيَ أشقرَ أجردا
وما تابَ حتى غادرَ الكَرُّ وَجْهَهُ جريحا وخلّى جَفْنَهُ النَّقـْعُ أَرْمـَدا
(8)
ومن نتائجِ الحربِ أسرى رجالا ونساءً من عَرَبٍ وروم، أما أسرى العرب من سيف الدولة فيعفو عنهم أحيانا، وَيَفُكُّ أوثقتهم؛ ولسموَّ خصالِ سيف الدولة يترفّعُ عن سَلَبِهم(96):
فتى لا تَسْلُبُ القتلـى يـداهُ وَيْسُلبُ عفوُه الأسـرى الوَثاقا
وبعضهم يرتعِبُ في أسره فيبولُ على فخذيه، بعد تبلّلِ ثوبهِ دما(97):
فغدا أسيرا قد بِلَلْـتَ ثيابَـهُ بِدَمٍ وبـلَّ ببولهِ الأفخاذا
ومن الأسرى من تُضْرَبُ رأسُهُ على عَجَل(98):
أَعْجَلْتَ أَلسْنُهَمُ بِضَرْبِ رِقابِهم عن قولهم لا فارسٌ إلاّ ذا
وبعضُهم يُمَدُّ النَّطعُ تَحْتَهُ لِتُحْتَزَّ رأسُه(99):
إذا ضربَ الأميرُ رِقابَ قَوْمٍ فما لكرامةٍ مَدّ النُّطوعا
وقد أجازَ الإسلامُ قَتْلَ الأسير، لأسبابٍ منها؛ حالةُ اليأس منه، وعدمُ الانتفاع به، أو تخشٍ من إفشاء أسرار آسريه. وكذلك للمعاملة بالمثل(100)، فقد كان الرُّوم يقتلون في أحايينَ كثيرةٍ أسرى المسلمين(101):
والأسرى العربُ عند الرُّوم نوعان، منهم من يُضحّى لأجله ويُرْثى، كأبي العشائر الذي مات في مصرَ، بعد قتال فرثاه(102):
كُنّا نَظـُنُّ دِيارَه مملـوءَةً ذهباً، فماتَ وَكُلُّ دارٍ بَلْقَعُ
ومنهم خسِاسٌ ضعاِفٌ، لَمْ يُطيعوا أمرَ قائدهم، واختفوا بين جثثِ الرُّوم فأسروا، فَخَلّصَ اللهُ بهم جَيْشَ سيـفِ الدولة من أدرانه، فتشفّى بأسِرهـم وقتلهـم(103):
وجدتموهم نِيامـا فـي دِمائِكـمْ كـأنَّ قتلاكمُ إياهـم فجعـوا
لا تَحَسبُوا مَن أَسَرْتُمْ كان ذا رمق فليـس يأكلُ إلا الميّتَ الضَّبُعُ
وإنمّا عَرَّضَ اللهُ الجنـودَ بكـُم لكي يكونوا بلا فَسْلٍ إذا رَجَعوا
أمّا السَّبايا فنوعان:عربيَّةٌ وروميَّة، أمَّا السبيَّاتُ العربيّاتُ، فَيُطْلَقْنَ معززّاتٍ إلى أهلهن، دونما مَساس بِكراماتهن؛ على ما لقينه من ذُعْرٍ ورهق وسقوطِ خُمُرهن(102):
وأرهقتِ العـذارى مُرْدَفاتٍ وأوطئـِت الأصيبيةُ الصِّـغارُ
وقوله(103):
فَعُدْنَ كما أُخِذْنَُ مكرّمـاتٍ عَليـِهِنَّ القَلائـدُ والمَـلابُ
ويعزي ذلك للنسب النزاري المشترك، وحقَّ الجِوارِ، وإكرامِ العربي للمرأة العربية(104):
لهم حقٌّ بِشِرْكِكَ فـي نِزارٍ وأدنى الشَّرْكِ في أصلٍ جوِارُ
أما السّبايا العربياتُ عندَ الرُّوم، فلم أقرأْ لهن ذِكْرا عنده، ولا أدري أكان يخجلُ من ذكرهن؟ أم أنه يَعْرِضُ صَفْحا عَنْهُنّ؛ حتى لا يثيرَ في النفوس العربية ضعفا وهواناً، وهو الداعي في شعرِهِ إلى نفخة الحرب وصيحاتِها في ميدان القتال؟
أَمَّا السَّبايا الرُّومياتُ فَعَرَضَ منهن مشاهدَ عِدَّة، فَمِنْهُنَّ من يحتمينَ بجمالِهن، فلا تضربُ أعناقُهُنَّ لأجِلِه(105):
فلم يَبْقَ إلا من حَماها من الظُّبا لمى شفتيها والثُّدِيُّ النَّواهدُ
ومنهن كَواسُِد عند العرب؛ والبطارقُة يبكون بحسرة عليهن ليلا (106):
تُبَكِّى عليهنَّ البطاريقُ في الدُّجى وَهـُنَّ لدينا ُمقلياتٌ كَواسِدُ
ومنهن أسيراتُ خوفٍ، وإن لَمْ يُسبَيْنَ بعدُ، إذْ كُلَّما نَضِجتْ فتاةٌ رومِيةٌ، حَلَمَتْ بالسبي العربي، محمولة على الجمال العربية؛ تعاني في ما يسمى بـ "عُصاب الحرب"(107):
فَكُلَّما حَلَمَتْ عَذْراءُ عِنْدَهُمُ فإنّما حَلَمَتْ بالسّبي والجَمَلِ
وَيُبَرزُ الشأنُ الإداريُّ هنا، إذ يُحْمَلْنَ في قواربَ مع بقيِةِ الأسرى سبايا(108):
دُهُمٌ فَوارِسُها، رُكَّابُ أَبْطُنِها مَكـْدودةٌ وبقومٍ لا بها الألِم
تَلْقى بِهِمْ زيدَ التيارِ مُقْرَبـَةٌ على جَحاِفلها مِنْ نَضْحِهِ رَثَمُ
(9)
ومن الشؤون الإدارية الطبابة، وأبرزُها الفَصْدُ بالمِبضع، شأنُ من فَصَدَ بدْرَ بنَ عمار، بمبضع فوق حقَّه فأضرَّهُ به ؛ ويبدو أنَّ الفَصْدَ كانَ في يدهِ لإزالة دمٍ فاسد، لكن الفَصْدَ لم يُؤثّر على جود يده(109):
يَشْقُّ في عِرْقِها الفِِصادُ ولا يَشُقُّ في عِرْقِ جُوْدهِا العَذَلُ
وأشادَ بفصدِ بقراط في الطّبَ، في تشبيهه كَلْبَ صيد مدرباً، على فَصْدِ صَيْدِه من أكحله(110):
كأنّه من سعِة في هوجـل كأنـَّهُ مـن علمـه بالمقْتـلَ
عَلَّمَ بُقراط فِصاد الأكحلِ
والشاعر نفسه أصيب بحمى في مصر في سنة (348)هـ، شَخَّصَ أعراضَها طبيب وعزاها- خطأ- إلى طعام وشراب كان تناولهما(111):
يَقولُ لي الطبيبُ أَكَلْتَ شَِيئا وداؤكَ في شرابِك والطّعام
ولكن الشاعرَ طموحٌ إلى ميدان الحرب، وقد طال جمامه، فأضرَّبه ذلك(112):
وما في طِبْه أَنّـي جَـوادٌ أضرََّ بِجِسْمِهِ طُوْلُ الجِمامِ
تَعَوَّدَ أنْ يُغيِّرَ في السَّرايا وَيْدخـُلَ من قِتامٍ في قتامِ
ومُلَخُّص القول، إن الشؤونَ الإدارية، والاتصالات في الحرب عند المتنبي، ظاهرةٌ لافتةٌ أدارَها في شعرهِ، لعلها تُبْرِزُ إرهاصاً لمصطلح "Logistics" الذي يتركَّزُ أساسا في مسألة إدارةِ شؤون الجند، وصيانةِ أسلحتهم، وتأمينِ عسكرهم، على أسس منظّمة؛ تمكنَّوا خلالها من إدارة عملياتِهم العسكرية، وَوَقفوا في وجهِ الرُّوم ستينَ سنة، في عهد سيف الدولة الحمداني الذي أطراه المتنبي، وصوَّرَ وسائلَ التزويد وشؤونَ الإدارةِ في عهده عامة، مما حدا بمؤرخي الفرنجة وقادتِهم أن يُسمّوهُ البطلَ الوحيدَ الواقفَ في وجه النصرانية آنذاك.
*أنظر: عين زربي، والمصيصة، ومرعش، والحدث، وسميساط، وملطية ونهر قباقب، ونهر اللامس، وغيرها وقد أشرت إليها بنجمة خماسية صغيرة*
المرجع: بلدان الخلافة الشرقية: كي لسترنج، تعريب بشير فرنسيس وكوركيس عواد، مؤسسة الرسالة، ط2، 1985، ص165.
*أنظر: الثغور وبعض المواقع التي ذكرت في النص منها مرعش وملطية وبالس وحرَّان، ومنبج وحلب والمصيصة، وسمسياط وسروج وغيرها، فتساعد مع الخريطة السابقة على تكوين صورة تقريبية لمواقعها.
يتبع ...
المرجع: أطلس تاريخ الإسلام، الدكتور حسين مؤنس، القاهرة: دار الزهراء، خريطة رقم 79، ص151.
رابعاُ:الهوامش
1- كوركيس عواد، وميخائيل عواد: رائد الدراسة عن المتنبي، الجمهورية العراقية، وزارة الثقافة والفنون، دار الرشيد، بغداد، المعاجم والفهارس، 1979، وفيه ترجمات شعره إلى غير لغة من لغات العالم وانظر:
-مجاهد مصطفى بهجت (الدكتور): المكتبة الشعرية في العصر العباسي، (123-656هـ) دار البشير: عمان، 1994.
- الجبوري، عبد الحق (الدكتور): أبو الطّيب المتنبي في آثار الدارسين، منشورات وزارة الثقافة والفنون الجمهورية العراقية، 1975، وقد صدر بمناسبة مهرجان المتنبي، بغداد، تشرين2، 1979، إذ قسّمة أربعة أقسام: تراجمه وديوانه، وشروحه ومختصراته وطبعاته ومَعلماته ومعاجم الرجال.
2- محمد فتحي أمين (الفريق الركن): قاموس المصطلحات العسكرية، ط2، (د.م) و(د.ت)، ص296، وانظر مصطلح (Logistics)، الذي بمعنى حَلَّ مسالة إطعام الجند وصيانة أسلحتهم وانظر: منير شفيق: علم الحرب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط2، 1988، ومجلة دراسات عربية: عدد6، نيسان، 1972,
3- ومنهم من عَدّ إدارةَ الحرب كممارسة الطب الذي يحرص على وقاية المريض، ومثله القائد الحريص على وقايةِ شعبه من الحرب والتخفيف من ويلاتها انظر: فوللر، ج.ف.س: إدارة الحرب من عام 1789حتى أيامنا هذه، تعريب وتعليق أكرم ديري، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1981 (المقدمة). وتنبَّهَ بعضِ البَحَثَةِ إلى تسجيلات تاريخيةٍ في تاريخ مصر القديم شكَوا من مشاكلَ إدارية أثناء حربهم مع الفراعنة، وأَنَّ الجيشَ ذا الإدارة الجيدة قد يقهر جيشا أكبر منه، إذا كان ذا إدارة سيئة كانتصار جيش الاسكندر المكدوني على جيش الفرس في معركة إبريلا سنة (331ق.م)، انظر: السّلوم، يوسف إبراهيم (العميد الركن): بحوث ودراسات، دار المرية، الرياض، ط11، 1979، ص799-82، وبعضهم وقف عند نظريةِ الإسلام في القيادة العسكرية وقواعدها في إعداد الدولة للحرب والشعب للمعركة، مرتكزا على اقتصاديات الأمة للحرب ورعاية نتائجها كَأَسْرِ المقاتلين والشهداء والمهجرين، ومواجهة نتائج الهزائم واستيعاب دروسها، والوقاية من أساليب الحرب النفسيّة، أنظر:
- محفوظ، محمد جمال (اللواء): المدخل إلى العقيدة الإستراتيجية العسكرية الإسلامية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1976، ص424-432.
-وتوقف بعض البَحَثَةِ عند الشؤون الإدارية في الحرب ونتائجها كالصَّدمة النفسية في علم الحروب وأسموه بـ "عُصاب الحرب" وكيف يعالج؟ انظر:
- مجموعة باحثين، إشراف الدكتور محمد أحمد النابلسي، دار النهضة العربية: الصدمة النفسية، علم نفس الحروب والكوارث، بيروت، ط1، 1991، ص31-37.(عُصاب الحرب القدمي). وبعضهم اهتمّ بعلم النفس في القوات المسلحة فدرس البيئة العسكرية والتكيف منها بيئة وإنسانا، انظر:
- شاندس، شارل (العقيد): علم النفس في القوات المسلَّحة، تعريب محمد ياسر الأموي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 1983، وبعضهم تنبّه إلى مشكلات ما بعد المعركة كالأسرى والجزية والغنائم وقدم بحثا في المدرسة الإسلامية العسكرية:
- محمد فرج: المدرسة العسكرية الإسلامية، دار الفكر العربي، منقحة ومزيدة، ط2،(د.ت) مشكلات ما بعد المعركة (567-586).
- محمد فرج: المدرسة العسكرية الإسلامية، ط2، دار الفكر العربي (د.م) الذي نقل عن منير شفيق.
- منير شفيق: علم الحرب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط2، 1988، ص175-182.
- مجلة دراسات عربية، عدد6، نيسان، 1972.
4- كلوب، سير جون (جنرال): إمبراطورية العرب، تعريب خيري صماد، دار الفكر العربي، بيروت، 1966، (المقدمة) خَفَّف من تجنّيه على العرب، وحاول تصحيح صورة العربي عند الغرب.
5- ابن منظور: لسان العرب المحيط، إعداد يوسف خياط، وتقديم عبد الله العلايلي، دار لسان العرب، بيروت، (د.ت) مادة (خَرْت). وهو الثقب في الإبرة والفأس وجمعها أخرات وخروت، وفي حديث عمرو بن العاص لما احتضر "كأني أتنفس من خَرْتِ الإبرة".
6- شرح ديوان المتنبي، وضعه عبد الرحمن البرقوقي، دار الكتاب العربي،بيروت لبنان، ج1، ص146-147، كل ما يرد بعد هذا يشار إليه ديوانه، (ج1، ص145-146).
7- ديوانه، ج1، ص145-146.
8- ديوانه، ج2، ص252 الصوَّار: قطيع من البقر.
9- ديوانه، ج1، ص212.
10- ديوانه، ج4، ص76، وانظر: "المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين: مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت، 1982، ج4، ص334، حيث شعارهم السواد.
11- المحاسني، زكي (الدكتور): شعر الحرب في أدب العرب، دار المعارف بمصر، ط2، (د.ت)، ص264
12- ديوانه، ج4، ص134.
13- ديوانه، ج4، ص76، (البيتان).
14- ديوانه، ج2، ص334.وانظر زيارة النسر للقتلى (ج2، ص225) والقتلى منار، ج2، ص211.
15- ديوانه، ج2، ص225.
16- ديوانه، ج2، ص211، المنار: العلم يُنْصَبُ في الطريق.
17- ديوانه، ج3، ص223.
18- انظر الحادثتين عند: ابن الأثير عز الدين أبو الحسن علي بن المكارم محمد محمد بن عبد الكريم الشيباني: الكامل في التاريخ، بيروت: دار الكتاب العربي، 1966، ج8، ص508، أحداث (339هـ)، ومجلد7، ص399، دار الكتب العلمية، ط1، 1987، وابن خلدون، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، بيروت: دار الكتاب العربي، مجلد4، 1، أحداث سنة (338هـ)، والديوان، ج2، ص189.
19- ديوانه، ج3، ص259، أخذوا الطرق يقطعون الرُّسل عن النفاذ إلى سيف الدولة.
20- ديوانه، ج1، 245.
21- ديوانه، ج3، ص277، انظر العصيانات على معز الدولة (سنة 345هـ) وعصيان أهل حرَّان على سيف الدولة سنة (352هـ)، وحتى عصيان نجا خادم سيف الدولة سنة (353هـ) ومخالفة أهل أنطا كية على سيف الدولة سنة (354هـ) وغيرها كثير (ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج8، ص514 و547 و551 و560 بالترتيب).
22- ديوانه، ج1، ص295، تطلّس: طمس.
23- ديوانه، ج3، ص208.
24- ديوانه، ج2، ص272 و275، والسَّحاء: ما يشد الكتاب من أدم، والسنور: هو الحديد والدرع.
25- ديوانه، ج2، ص201، والأملاك: جمع مَلِك.
26- ديوانه، ج3، ص232و 233.
27- ديوانه، ج4، ص70، المشرفيَّة: السيوف، والخميس: جيش من خمس كتائِب.
28- ديوانه، ج3، ص164، أبدلاً: بَدَلاً
29- د.زكي المحاسني، شعر الحرب في أدب العرب، ص259، و من الكتب التي اعتمد عليها شلمبرجة وفي وصفِ كتابه- وأنه قد جاء بثمانمائة صفحة من القطع الكبير مخطوطات، عقد اللؤلؤ للعيني، وتاريخ كمال الدين: مخطوط بدار الكتب الأهلية بباريس، وكتاب عن الإمبراطور بازيل البلغاري- مخطوط- ليحيى بن سعيد البطريق الأنطاكي، وكتب ألمانية، انظر: شعر الحرب في أدب العرب، ص259( الحاشية 2).
30- ديوانه، ج2، ص212، وانظر قبائل بني قشير القحطانية عند: كحّالة، عمر رضا (الدكتور)، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، المكتبة الهاشمية، دمشق، 1949، ج2، ص758. وذكر قبيلة عجلان ومسكنها شمالي شرقي الأردن وجبل الدروز. وانظر عصيان نجا خادم سيف الدولة على سيده عند الثعالبي، أبي منصور، يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر،تحقيق د. مفيد محمد قميحة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1983، ج1/61.
31- ديوانه، ج3، ص47، الظُّبي: حدُّ السيف.
23- ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج8، ص560 وذلك (سنة 354هـ).
33- ديوانه، ج3، ص55.
34- ديوانه، ج3، ص56، القَذال: مؤخر الرأس، الدُّمسْتُق: قائد من قادة الرُّوم، ومصطلح الدُّمسْتُق يعني: نائب ملك الرُّوم في حكم البلاد الواقعة شرقي القسطنطينية (بسّام العسلي: فن الحرب الإسلامي، دار الفكر بيروت، ط1، 1988، مجلد3، ص310). وهناك الدُّمسْتُق الكبير صاحب فرض الفروض والرئيس على الجماعة انظر: قدامة بن جعفر، الخراج وصناعة الكتابة، شرح وتحقيق الدكتور محمد حسين الزبيدي، دار الرشيد، الجمهورية العراقية، 1987، ص189.
35- ديوانه، ج4، ص310، أرسناس: نهر في تركيا اليوم، ماؤه بارد جداً.
36- ديوانه، ج2، ص171.
37- الخوارزمي: أبو عبدالله بن احمد الكاتب (ت. 387 مفاتيح العلوم، وتقديم.د. جودت فخر الدين، ط1 (بيروت: دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع)، 199، ص75، مادة :بريد".
و قدامة بن جعفر: الخراج وصناعة الكتابة، ص77 (الحاشية). وقد أفرد الباب الحادي عشر في ديوان البريد والسكك والطرق إلى نواحي المشرق والمغرب ص77-129، وذكر الطرق إلى الثغور ومسافاتها بالفراسخ مما يدل على ربطها بشبكة بريد جيدة في عصر الشاعر ومؤلف " الخراج وصناعة الكتابة"، والبريد كلمة فارسية، وأصلها بريدة ذنب (أي محذوف الذنب) وهي بغال البريد محذوفة الأذناب، ثم خففت وسمي البغل بريدا، ويسمَّى الرسول الذي يركبه بريدا، والمسافة التي بُعدها فرسخان بريد، والفرسخ: أربعة أميال.
38- ديوانه، ج2، ص176، الجحفل: الجيش.
39- ديوانه، ج2، ص176، والموضع: بمعنى المسرع، والفتان: غشاء للرحل من أدم، والناجية: الناقة السريعة. انظر لسان العرب: مادة (وضع) و (فتن) و(نجي).
40- ديوانه، ج1، ص248.
41- ديوانه، ج2/169.
42- ديوانه، ج4، ص422، حذفت إحدى تاءي تماشى تخفيفاً.
43- ديوانه، ج4، ص30، الزّوال: الساعة التي تلي الظهيرة.
44- ديوانه، ج4، ص421، الجُرْدُ: خيل قصيرة الشعر.
45- ديوانه، ج2، ص170، حَثَت: ذرّت، الطرائق: الخطوط، البُرد: الثوب المخطط.
46- ديوانه، ج1، ص165.
47- ديوانه، ج2، ص60، النجيع: الدم.
48- ديوانه، ج2، ص318، احتراش: صيده.
49- ديوانه، ج2، ص362.
50- ديوانه، ج2/ 362.
51- ديوانه، ج3، ص346.
52- ديوانه، ج3، ص44، الطراق: نعل تحت نَعل.
53- ديوانه، ج4، ص74.والتجافيف: جمع تجفاف وهو ما يُجلَّلُ به الفرس من سلاح وآلة، تقيه الجراح، وقد يلبسه الإنسان أيضاً، والأيهم: الذي لا يهتدى به.
54- ديوانه، ج3، ص164.والخليفة صان نفسه بتلقيبه سيف الدولة فحفظ الخليفة نفسَه به.
55- ديوانه، ج3، ص167.
56- حسين مؤنس (الدكتور): أطلس تاريخ الإسلام، القاهرة: مؤسسة دار الزهراء، (د.ت) خـريطـة رقـم (79)، ص150، وانظر موقع (سُميساط) على الخريطة في هذه الدراسة.
57- ديوانه: ج3، ص225، وانظر موقعها على شاطئ الفرات في المعجم العسكري الموسوعي: بإشراف العماد مصطفى طلاس، (دمشق، مركز الدراسات العسكرية) ط1، 1987، مجلد2، ص910 والمطامير: هي حفرة غائرة يخبأ بها الطعام والشراب، والملا: هي الفلاة والهجول: المطمئن من الأرض. انظر ديوان المتنبي، ج3/ 225.
58- ديوانه، ج3، ص71.
59- ديوانه، ج4، ص135وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج8، ص507-508،الأحداث في زمن سيف الدولة من سنة (339-355هـ) والغزوات المتكررة من سيف الدولة على الرُّوم ومن الرُّوم عليه.
60- ديوانه، ج3، ص207.
61- والبكري، عبد الله بن عبد العزيز:، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، تحقيق مصطفى السقا (القاهرة، عالم الكتب)، مادة "الراموسة" والغوير، ج2،ص982، ونهيا والبُييضة والجفار، وقد احتج البكري ببيت المتنبي المذكور.ديوانه، ص333، ولعل نظرة إلى الإقليم السادس الذي كان الصراع يدور فيه بين الرُّوم والمسلمين، وبين المسلمين أنفسهم أن يحدد عدد الأنهار التي تبلغ (26) ستة وعشرين نهرا أبرزها نهر الفرات الذي كانت منه فروع تمر بالقرب من الثغور: ك"ملطية" وسميساط وشميشاط، ومنبج، والرقة والرحبة في الداخل.. انظر: قدامة ابن جعفر: الخراج وصناعة الكتابة (الباب الخامس- الإقليم السادس (155-156) وانظر الفرات الأعلى عند كي لسترنج وهو نهر أرسناس حيث يوصف ببرودة مائه وهو عند الترك اليوم باسم "مرادصو".
62- ديوانه، ج2/ 209، أماكن مياه، وكثرة الأنهار وجداولها في المنطقة الثغور راجع المزيد عند: كي لسترنج: بلدان الخلافة الشرقية عربه بشير فرنسيس، وكوركيس عواد، ط2، (بيروت: مؤسسة الرسالة)، 1985 الفصل الثامنن ص147-158. وانظر خريطة رقم 4 عنده تبين الأنهار ومجرياتها في الثغور كأنهار: قراقير، والقُباقب وجَيحان، ونهر هلس، وانظر خريطة طرق المواصلات من حلب إلى الفرات في: أطلس تاريخ الإسلام: د. حسين مؤنس، خريطة رقم 74، ص144.
63- ديوانه، ج1/ 205،
64- ديوانه، ج2، 333، والمقانب: جماعة خيل.
65- ديوانه، ج4، 134، وبحيرة سمنين: على وزن فعلين: من ثغور مرعش واحتج البكري بشعر المتنبي فيها، البكري: معجم ما استعجم. ج2، ص756و 934 مادة سمنين، والشُّزَّب: ضوامر الخيل.
66- ديوانه، ج4، ص136، اللبّان: أعلى الصدّر، الرَّمم: العظام البالية، والحمم: الرّماد.
67- ديوانه، ج4، ص310، يَقمُصْنَ: يَثِبْنَ
68- ديوانه، ج3، ص54.واللُّقان: بلد بالرُّوم وراء خرشنة (انظر معجم البلـدان: ياقوت الحمـوي، ج5، ص21).
69- ديوانه، ج4، ص191،194
70- ديوانه، ج4، ص345.
71- ديوانه، ج4، ص53، الأبلج: سيف الدولة.
72- ديوانه، ج4، ص312، المطّهم: الحسن التام، التقيُّل: النوم في القائلة، والظليم: النعام، والسّرحان: الذئب
73- ديوانه، ج1، ص166، الخويدم: تصغير خادم.
74- ديوانه، ج1، ص232.
75- ديوانه، ج1، ص396.
76- الصدمة النفسية عُصابُ الحرب مسببة عن كارثة تخلق محيطا مهددا بالموت، ويسمى الصدمى الناجم عن الحرب: انظر النابلسي محمد احمد (الدكتور): الصدمة النفسية (بيروت: دار النهضة العربية)، ط1، 1991، ص31-37.
77- ديوانه، ج2، ص84، وانظر أقوال شلمبرجة في سيف الدولة إشارة الحاشية (28)، أدب الحرب، للمحاسني.
78- ديوانه، ج2، ص44.
79- ديوانه، ج4، ص389و (شعب بَوَّان) بأرض فارس وهو أحد أربعة متنزهات الدنيا (ياقوت الحموي: معجم البلدان)، ج1، ص503-505.
80- ديوانه، ج1، ص165، لماّ استقرَّ بالكوفة ركز سلاحه.
81- ديوانه، ج3، ص233والأفاكل: الرِّعدة من الفزع.
82- ديوانه، ج2، ص234، المحاسني، زكي: شعر الحرب، ص287، ينقل عن بلاشير في كتابه "المتنبي"، ص174.
83- ديوانه، ج3، ص55 ويذكر الفداء الذي طلبه ملك الرُّوم، والبساط: صف يقوم بين يدي الملك انظر: لسان العرب، مادة بسط.
84- ديوانه، ج3، ص215.
85- ديوانه، ج3، ص56.
86- ديوانه، ج4، ص114 انظر: قدوم وفد الرُّوم لسيف الدولة يطلبون الهدنة سنة 344هـ (فن الحرب الإسلامي: العسلي مجلد3، ص315-316).
87- ديوانه، ج4، ص114.
88- ديوانه، ج3، ص161، بعـد أن استنقذ أبا وائـل تغلب العدوي، من أسر الخارجي سنة (337هـ) (ديوانه: ج3، ص152).
89- ديوانه، ج2، ص338، نكب المسلمين سنة (339هـ) بالقرب من بحيرة الحدث (ديوانه: ج2، ص329) في مناسبة القصيدة، وثبَّت هذه الحادثة ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج8، ص58، إذ انقلب نصر المسلمين هزيمة، وخسروا ما كانوا غنمـوه، وسماهـا شلمبرجـة بـ"غزوة القفزة" التي قفز فيها جواد سيف الدولة قفزة عجيبة ونجا، وكان معه المتنبي وقد حُذّرَ من روم أخذوا عليه الطرق فأبى، وكان معجبا برأيه كما يرى ابن مسكوية: تجارب الأمم، طبع شركة التمدن الصناعية بمصر، 1915، ج2، ص125. والحافظ الذهبي: العبر في خبر من غبر، حققه أبو هاجر محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1985، ج2، أحداث سنوات (345هـ)و (346هـ) و(351هـ) و353هـ) وغيرها.
90- ديوانه، ج2، ص338.
91- ديوانه، ج3،ص228،المهجة: الروح.
92- ديوانه، ج2/6.
93- ديوانه، ج2/ 30-31.
94- ديوانه، ج4/ 75.
95- ديوانه، ج2/6، المسوح: ثوب شعر، الدِّلاص: الدروع، السّرد: المنظوم المنسوج.
96- ديوانه، ج3/ 46.
97- ديوانه، ج2، ص187.
98- المصدر نفسه، الجزء نفسه، الصفحة نفسها.
99- ديوانه، ج2/ 361.
100- عبد الله المناصرة، الاستخبارات العسكرية في الاسلام، ط1 (عمان: مؤسسة الرسالة)، 1987، ص293-294، واحتجاجه بصحيح مسلم بحكم قتلهم ص297، وحجته سنن أبي داود إحياء التراث العربي، ج3/ 49، أحاديث ذوات الأرقام، (2653-2654).
101- أمر الدُّمسْتُق بقتل أسرى المسلمين عندما فتح عين زُربة، والحوادث كثيرة عند المؤرخين منهم ابن الأثير: الكامل ج8، أحداث سنة (351هـ)، ص538-539 وحوادث السنين في الغزوات على الثغور، إذ كانت كرا وفرا والغارات سجالا.
102- ديوانه، ج2/ 209.
103- ديوانه، ج1/ 207، والمَلابُ: ضَرْبُ من الطيب.
104- ديوانه، ج2، ص209.
105- ديوانه، ج1/ 398، الظُّبا: السيوف، اللمى: سُمْرَة في الشفة.
106- ديوانه: ج1، ص398، البطاريق: قادة الرُّوم.
107- ديوانه، ج3، ص207، والنابلسي: الصدمة النفسية، ص31.
108- ديوانه، ج4،ص.138، بمعنى فوارسها تركب بطون القوارب لا ظهورها على خلاف الخيل وفي سنة (345هـ) أعدَّ سيفُ الدولة الأمة لعبور نهر أرسناس وسار من حلب إلى حِصن الران واجتاز بحيرة سمنين وأسبحَ سيفُ الدولة "خيله" حتى عبر النهرَ خلف ارض الرُّوم إلى تل بطريق وأحرقه، وفي ماء النهر غرق جماعة، وأقام أياما على نهر أرسناس ثم أَعدَّ سُمّاريات "سفنا صغيرة" فحمل السبي فيها ثم قفل راجعا، انظر العسلي، بسام: فن الحرب الإسلامي في العصر العباسي، ج3، ص297-333، واعتمد العسلي على شعر المتنبي مصدرا رئيسا في بحثه مما يدل على أهمية الأدب في التاريخ؛ وانظر فتح تل بطريق عند، أبي ناجي، محمود حسن (الدكتور)، الحرب في شعر المتنبي (د.م) دار الشروق، ط2، 1980، ج2، ص32 وتسلسل المعارك الثغرية زمانيا، وقد سقط حرف (و) في الشطر الثاني ولعلّ الصواب إثباته مكدودةٌ ويقوم ما بها الألمُ، ديوانه، ج4/ 138، زبد الماء الرثّم في جحافل الجيش، والرَّثم: بياض في شفة الفرس العليا.
109- ديوانه، ج3، ص336، العذل: اللوم.
110- ديوانه، ج3، ص324، الهوجل: المفازة، المقَتَل: الموضع القاتل، الأكحل: عْرقٌ في الذراع من عروق الفِصاد.
111- ديوانه، ج4، ص279 ومناسبة القصيدة، ص272.
112- منير شفيق، علم الحرب، ص20.
خامساً:المصادر والمراجع
1- أبو ناجي، محمود حسن(الدكتور): الحرب في شعر المتنبي، دار الشروق،(د.م) ط، 1980، جزءان.
2- ابن الأثير، عز الدين ابو الحسن علي بن المكارم محمد محمد بن عبد الكريم الشيباني: الكامل في التاريخ،(بيروت:دار صادر)، 1966، ج8.
3- ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد الحضرمي:كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر،(بيروت:دار الكتاب العربي) مجلد4،ج7.
4- ابن منظور، عبد الله بن محمد المكرم بن أبي الحسن الأنصاري: لسان العرب المحيط، اعداد يوسف خياط، وتقديم عبد الله العلايلي،(بيروت:دار لسان العرب)4أربعة مجلّدات.
5- البَكري، عبد الله بن عبد العزيز: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، تحقيق مصطفى السقا،(القاهرة:عالم الكتب) جزءان.
6- الثعالبي، أبو منصور، عبد الملك النيسابوري: يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، تحقيق الدكتور مفيد محمد قميحة، ط1، (بيروت: دار الكتب العلمية)، 1982، ج1.
7- الجبوري، عبد الله (الدكتور): أبو الطيب المتنبي في آثار الدارسين، (بغداد: وزارة الثقافة والفنون)، 1977.
8- الحموي، ياقوت: معجم البلدان (بيروت: دار صادر)، 1995، (7) سبعة أجزاء.
9- الخوازمي، أبو عبدالله محمد بن احمد الكاتب: مفاتيح العلوم، تقديم الدكتور جودت فخر الدين، ط1( بيروت: دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع)، 1991.
10- السّلوم، يوسف إبراهيم (عميد ركن): بحوث ودراسـات عسكـريـة، ط11(الرياض، دار المريّة)، 1979.
11- شانديس، شارل (عقيد): عْلِمُ النفس في القوات المسلحة، تعريب المقدّم الدكتور محمد ياسر الأيوبي، ط1 (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، 1983.
12- شرح ديوان أبي الطيّب المتنبي، احمد بن الحسين، وضعه عبد الرحمن البرقوقي (بيروت: دار الكتاب العربي)، (4) أربعة أجزاء بمجلدين.
13- العسلي، بسّام: فنُّ الحربِ الإسلامي في العصر العباسي، ط1 (بيروت: دار الفكر)، 1988، ج3.
14- فوللر، ج.ف.س: إدارة الحرب من عام 1789م حتى أيامنا هذه، تعريب وتعليق أكرم ديري، ط2 (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، 1981.
15- قُدامة بن جعفر: الخَراج وصِناعة الكتابة، تحقيق وشرح الدكتور محمد حسين الزبيدي، (الجمهورية العراقية: دار الرشيد)، 1981.
16- كحَّالة، عمر رضا (الدكتور): معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، (دمشق المكتبة الهاشمية)، 1949، ج2.
17- كلوب، سير، جون (جنرال): إمبراطورية العرب، تعريب خيري صمّاد، (بيروت دار الكتاب العربي) 1966.
18- كوركيس عواد وزميله ميخائيل عواد: رائد الدراسة عن المتنبي،(بغداد: وزارة الثقافة والفنون، دار الرشيد)، المعاجم والفهارس، 1979.
19- لسترنج كي: بُلدان الخلافة الشرقية، تعريب بشير فرنسيس، وكوركيس عواد، ط2، (بيروت: مؤسسة الرسالة)، 1985.
20- مجاهد مصطفى بهجت (الدكتور): المكتبة الشعرية في العصـر العباسـي، (132-656هـ)، (عمان:دار البشير)، 1994.
21- المحاسني، زكي (الدكتور): شعر الحرب في أدب العرب في العصرين الأموي والعباسي إلى عهد سيف الدولة، ط2، (القاهرة، دار المعارف) (د.ت).
22- محفوظ، محمد جمال (اللواء): المدخل إلى العقيدة الاستراتيجية العسكرية الإسلامية، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب) 1976.
23- محمد فتحي أمين (الفريق الركن): قاموس المصطلحات العسكرية، ط2(د.م) (د.ن).
24- محمد فرج: المدرسة العسكرية الإسلامية، ط2، (د.م) دار الفكر العربي.
25- المسعودي: أبو الحسن علي بن الحسين: مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، (بيروت: دار المعرفة) 1982.
26- المعجم العسكري الموسوعي: بإشراف العماد مصطفى طلاس، ط1، (دمشق مركز الدراسات العسكرية)، 1987، مجلد2.
27- المناصرة، عبد الله: الاستخبارات العسكرية في الإسلام، ط1، (عمان: مؤسسة الرسالة)، 1987.
28- منير شفيق: علم الحرب،ط2 (د.م) المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1988.
29- مؤنس، حسين (الدكتور): أطلس تاريخ الإسلام، (القاهرة: مؤسسة دار الزهراء).
30- النابلسي، محمد احمد (الدكتور): الصَّدمة النفسيَّة، علم نفس الحروب والكوارث، ط21، (بيروت: دار النهضة العربية)، 1991.