ملحمة البارود

ملحمة البارود

أسامة محمد أمين الشيخ *

[email protected]

ملحمة شعرية رائعة تجد كل معانى البطولة للمصرى الأصيل الثائر الذى يأبى الضيم ويرفض الذل ولا يسمح لدخيل أن يطأ بأقدامه أرضه الطاهرة وقد روى شاعرنا الراحل / محمد أمين - شيخ شعراء الصعيد – فى ملحمته البارود فقال فى المقدمة وقفت على شاطئ البارود وهى فى الشاطئ الشرقى للنيل قرب مدينة قوص وتحديداً بمياه قرية البارود القفطية بمحافظة قنا جنوب مصر ، وقفت على شاطئ البارود وأنا ساهم شارد الفكر وقد خيل إلى أنى أعيش تلك المعركة الخالدة التى دارت بين أجدادنا البواسل والجنود الفرنسيين إبان الحملة الفرنسية فى مارس 1799م ويتملكنى الزهو وتملأ نفسى روائع البطولات وأتساءل أى رجال كان هؤلاء الأبطال ؟ .. وما العوامل التى شكلت هذا المقاتل الصعيدى فبدا عملاقاً قوياً يعبر النهر ويتحدى الأساطيل يقاتل أعداءه بجسارة وفدائية ؟ .. حتى يحقق لوطنه هذا النصر الكبير .. الإيمان والعقيدة القوية التى تملأ نفوس الرجال .. فيتسابقون فى حومة الجهاد راغبين فى النصر أو الاستشهاد الحب الكبير لهذه الأرض الخصبة يدفعهم إلى الذود عن حياضهم وعدم التفريط فى شبر منها ، النيل الدافق المعطاء وقد انعكست دفقاته فى نفوسهم فساروا مسيرته وشاركوه الدفق والعطاء ..

يقول المؤرخ القوصى المرحوم / أحمد موسى عبد العظيم – فى كتابه ( تاريخ محافظة قنا ) فى الثالث فى مارس 1799م وصل الأسطول الفرنسى المكون من اثنتى عشر سفينة تتقدمه السفينة إيطاليا الخاصة بنابليون وعند اقترابه من شاطئ النيل عند البارود هاجمه الأهالى فردت عليهم القوات الفرنسية بالرصاص فقتل بعض الأهالى ولكن القوات المجاهدين أسرعوا بالنزول إلى النيل وسبحوا حتى تسلقوا السفن الفرنسية واستولوا على ما فيها من ذخيرة وقتلوا الجنود والضابط حتى وصلوا إلى سفينة القائد " موراندى " وهجموا عليها فأسرع هذا القائد بإشعال النيران فى السفينة فانفجر البارود الذى كان بها وألقى بنفسه فى النيل ولكن أبناء الشعب أدركوه وقتلوه مع عدد كبير من جنوده الذين استقرت أجداثهم فى أعماق النيل فقال شيخ شعراء الصعيد ملحمة البارود ملحمة النضال والرجال فى محافظة قنا .

وقف  التاريخ فى أرض iiقنا
أيـهـا  السائل عن أمجادنا
من إباء الشعب من إصراره


وعـلى البارود أرسى iiسفناً
الـبـطولات صنعناها iiهنا
مـن  صمود يتحدى iiالزمنا

وعن حلم نابليون فى بسط نفوذه على صعيد مصر فبعد هزيمته دب اليأس فى قلبه وسعى إلى نهايته حيث المنفى بعد هزائمه المتوالية وغروب شمس إمبراطوريته على يد رجال الصعيد الأبطال فقال ..

عاش  نابليون حلماً أن يرى
والحضارات  التى نشدو بها
وضـفاف النيل فى iiحوزته
جـاء نـابـليون فى حملته
يـشتهى الأهرام فى iiقبضته
والروابى  وقرون قد iiمضت





ملكة  فى مصر عرشاً iiأمكنا
بـيـن  أيـديه ثراء iiيقتنى
أى  أحـلام تـراءت ومُنى
بـهـر الـدنيا بغزو iiأرعناً
وأبـا  الـهول أسيراً مذعنا
ترقب المغرور فى ركب دنا

وعى شجاعة وصلابة أبناء البارود والذين وضعوا نصب أعينهم النصر والاستشهاد فقال ...

وإذا الأعداء فى iiأسطولهم
والوجوه  الحمر قد iiسارت
لا يـجئ الود من iiمستعمر
حـسـبونا  لقمة سائغة iiما
لا  تراعى يا قنا من iiخطر
ليس يرضى الذل iiالأعاجزُ
فوران  الدم يرعى iiأرضنا






غـمـرو النيل سفينا iiوقنا
على ضفتيه تستثير iiالأحنا
وهـراء  أن يـرجى ودنا
تـهـيبنا ولا الشعب iiونى
فـبنوك الأسد كانوا iiالمأمنا
ما شهدنا فى الليالى iiعجزنا
والإباء المر يحمى عرضنا

وقد قال " نور القفطى " فى كتابه قنا وحضارتها أن المواطنين فى البارود كانوا يتميزون بالشجاعة والإقدام ورباطة الجأش وصدق النية وصلابة العود والإيمان الراسخ ووصف شاعرنا الراحل محمد أمين الشيخ فقال على لسان أبناء البارود ...

وعبرنا النيل نحمى حقنا وأقمنا
لا نــبـالـى أيـن ؟ iiأيـن
أيـن يـحـرق إيـطاليا iiالتى
أيـن يقتل موراندى الذى داس



الـجـسر من اجسادنا واندفعنا
يــشـعـل نـاراً ؟ أيـن ؟
وقـفـت فى النيل تبغى iiحتفنا
بـالأحـقاد  حقاً بيننا iiوانطلقنا

والتاريخ ينحنى لعظمة قنا وأهاليها ويقبل الثرى القنائي فقال شاعرنا ...

وقـفـة  العرب التى سجل
جن موراندى وطارت رأسه
يا  فرنسا ما الذى يحدث لى


الـتـاريـخ  فـيها iiظفرنا
مـا الـذى يحدث ياقوم iiبنا
إنـه الإعـصار إذ iiيجتاحنا

ويخاطب ربا البارود معجباً بها أشد الإعجاب وعى شجاعة الأبناء فقال ...

الـفـرنـسـيس بحق iiشهدوا
دوخــوا الـدنـيـا iiولـمـا
عـاد  نـابـلـيون فى iiخيبته
يـا ربـا البارود يا خير iiالربا
يـا ربـا الـبارود إنى iiعاجز




مـا رأوا فى الحرب قوم iiمثلنا
دوخوا بربا البارود ذاقوا الوهنا
ونـفـاه  شـعـبـة iiمستهجنا
يـا ديـاراً بـلـورت iiأعماقنا
أن أوفـيـك مـديـحـا iiوثنا

وفى نهاية الملحمة وضعت قنا فى أعنان السماء فجعل شاعرنا التاريخ ينحنى لعظمة قنا ويقبل ثرى البارود فقال ..

وقف التاريخ فى ارض قنا = وانحنى يلثم فيها ثرينا

وهكذا سجل شاعرنا تراث بلده فى صلابتهم وقوتهم بأسلوب سلس سهل معانية بسيطة ألفاظه بعيدة عن الغرابة خيال واسع ، صدق فى المعانى ، جرأة فى الأسلوب كأنه أحد هؤلاء الأبطال الذين عاشوا الانتصار الكبير ...

              

عضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية