صراعنا مع اليهود: من أين وإلى أين

أحمد الجدع

الناشر : دار الضياء للنشر والتوزيع [email protected]

بدأت أنوار الإسلام تشرق في مكة، وبشر بهذه الأنوار الرجل الذي شهد له أهل مكة بالأمانة فأطلقوا عليه لقب: الأمين .

ولكن هذا النور لم يهتد به أهل مكة، بل جافوه وصدوه، والأمين الذي استأمنوه على كل شيء أبوا أن يستأمنوه على حمل نور الهداية إليهم.

وهكذا كان عناد أهل مكة، تمسكوا بظلام الأصنام، وأغمضوا أعينهم عن أنوار الهدى.

كذبوا الصادق الأمين، ولاحقوا كل من آمن به وبنور الإسلام الذي جاء به، وتمادى أهل مكة في ضلالهم ، فلم يكن للمسلمين إلا الهجرة بدينهم.

هاجروا إلى الحبشة حيث النصارى تحت حكم الرجل الصالح ، ولصلاحه واستقامته رحب بالمسلمين وآمن بما آمنوا به، وصدق رسول الله والوحي الذي أنزل عليه، فدعا المسلمون بلاده بأرض الصدق.

ثم اختار الله لمن تبع نوره أرضاً أخرى يهاجرون إليها الهجرة الكبرى، اختار لهم يثرب حيث يسكنها أعداد كبيرة من اليهود ، أهل الكتاب الأول، ويسكنها قوم من العرب اليمانيين هاجروا إليها تفادياً لأخطار سيل العرم، وكان الأوس والخزرج اليمانيون ،رغم جوارهم لأهل الكتاب من اليهود، يعبدون الأصنام!.

كان الأمل بأهل الكتاب ، فالنور الذي جاء به محمد يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، ويجدونه مكتوباً عندهم في التوراة ، ولكن اليهود أبوا أن يؤمنوا ونصبوا العداء لمن آمن.

وكان من سعادة الأوس والخزرج أن يؤمنوا وأن يكونوا أنصار هذا النور العظيم .

وكعادة اليهود فقد مكروا مكرهم ، وكادوا كيدهم ، وبذلوا كل ما استطاعوا لإطفاء هذا النور الذي شع في مكة وانتقل إلى يثرب، فأنارها بالهدى .

وعندما تغيرت عقيدة الأوس والخزرج من الأصنام إلى الإسلام تغير اسم يثرب إلى المدينة المنورة، المنورة بالنور الإلهي، والمنورة برسول اللهr والمنورة بالمهاجرين الذين حملوا معهم نور الله إلى الأوس والخزرج ،والمنورة بهؤلاء اليمانيين من الأوس والخزرج الذين احتضنوا هذا النور وحملوه وجاهدوا في سبيله.

ودارت رحى المعارك الأولى بين الإسلام الصاعد واليهودية الآفلة ، وجاست جيوش رسول الله من المهاجرين والأنصار خلال ديار هؤلاء اليهود، وانتصروا عليهم، ولفظتهم المدينة المنورة التي تلفظ من أرضها كل كفور.

وكان وعد الله مفعولا.

وقامت دولة الإسلام ، وامتد النور إلى أطراف الأرض، ولكن اليهود لم ينسوا حقدهم ، بل دفنوه حتى تأتي ساعته.

ومضت القرون، وعندما دبّ الضعف في أمة الإسلام، وتخلوا عن النور الذي انتصروا به حرض اليهود دول الصليب فتداعت بأحقادها على أمة الإسلام، فاحتلت أرضها واستلبت إرادة أهلها.

وكافأت دول النصارى شراذم اليهود فمنحتهم فلسطين، وفلسطين درة من ثلاث درر نفيسات في قلادة الإسلام: مكة والمدينة .... وقدسنا المسرى ولم تجد فلسطين منقذا، ولم يجد أهلها من المسلمين معينا.

ووقعت الواقعة، وحلّ في فلسطين أبناء القردة والخنازير، وطرد من فلسطين هؤلاء التعساء الذين ما وجدوا من أبناء دينهم نصيرا.

ونمت دولة اليهود وأصبح ساكنوها بالملايين، وعاثوا في الأرض فسادا وحرصوا أن يمتلكوا مال الأمم، وأن يقتنوا علم الأمم، وأن يحصلوا  على تأييد الأمم ، وحشدوا في فلسطين حشدهم.

ومن رحم المعاناة ومن ظلمات القهر، بدأ نفر من المسلمين يبنون صروح نصرهم، فامتشقوا سلاح الإيمان، وأعدوا لعدوهم ما استطاعوا من قوة وعتاد .

حصن اليهود قراهم (ما استقروا فيه من بلادنا فلسطين) وقلنا هذا من دأبهم ومن عاداتهم، بل من وصف القرآن لهم، ثم استكملوا هذا الوصف ببناء الجدر.

وبدا الآن مسرح المعركة معداً: القرى المحصنة والجدر، ونحن بانتظار وعد الآخرة ، المعركة الفاصلة حين نسوء وجوههم (ساداتهم) وندمر ما علوا تدميرا..... وندخل القدس فاتحين.

متى.؟ لقد اقترب الوعد الحق،ودنت ساعة النصر، وشواهدها لو أمعنا النظر كثيرة... ولا يضيرنا أن نرى من قومنا من يناصرهم.... فقد ناصرهم منافقو المدينة في الجولة الأولى ،فما نفعوهم... ولن ينفعوهم في الجولة الآخرة ، وكان وعد الله مفعولا.

كتابنا: "صراعنا مع اليهود: من أين وإلى أين"   يقرأ هذه الأحداث.