الدولة والمجتمع المدني
الدولة والمجتمع المدني
تأليف: شاهر أحمد نصر
تقديم: د. طيب تيزيني
بقلم: عبد المعين الملوحي
تمهيد:
أصدر الأستاذ شاهر نصر كتابه الأخير
«الدولة والمجتمع المدني» والأستاذ متعدد المواهب الاهتمامات،
أصدر في المجال الهندسي الذي هو اختصاصه أربعة كتب، وفي المجال الأدبي 4 كتب وفي
ميدان الرواية رواية «قدس الأقداس» وفي التاريخ أصدر كتابين ليبلغ مجموع ما أصدره
عشرة كتب.
وأصدر الأستاذ كتابه الحادي عشر
(الدولة والمجتمع المدني) في هذا العام 2005 لقد شغلته هموم شعبه، ومآسي وطنه فقدم
لتلك الهموم ولهذه المآسي علاجاً ناجعاً، ودواء شافياً من داء التخلف والاستبداد
ورسم لها الخطوط العريضة لإقامة دولة الحرية والديمقراطية المطلوبة وتأسيس (المجتمع
المدني) المنشود.
قرأت الكتاب فشدني إليه أمران:
1ـ مراحل نشوء الدولة أولاً والخطوات التي أدت إلى رسوخ الديمقراطية في الغرب
ثانياً
2ـ الدعوة الصادقة إلى سلوك الشرق الطريق التي سلكها الغرب في بناء الدولة
والديمقراطية والمجتمع المدني لإنقاذه من التخلف والتبعية والدكتاتورية.
ملخص الكتاب:
يقع
الكتاب في 208 صفحات ويشمل ثلاثة أبواب:
1ـ الباب الأول: الدولة
2ـ الباب الثاني: الديمقراطية
3 ـ الباب الثالث: المجتمع المدني.
يعالج المؤلف في الباب الأول:
أ ـ ظهور الدولة ومسيرة أوروبا التاريخية نحو دولة الحق والقانون..
ب ـ مفهومها في علم الاجتماع، وميزات السلطة في الدولة الحديثة، وهي ثلاث: 1ـ رضا
المواطنين 2ـ حريتهم والمساواة بينهم 3ـ التداول السلمي للسلطة.
د ـ هل استكمل العرب بناء أسس الدولة؟
يرى أن العرب لم يستكملوها، وأن عملية استكمالها على أسس حضارية سليمة مهمة وطنية.
بل هي مسالة مصيرية ويختم الباب الأول بقوله:
(هذه العملية) تتطلب إرادة ورغبة في إشادة المؤسسات اللازمة المكملة لبناء الدولة
على الأسس السليمة والمعروفة فضلاَ عن إرادة ورغبة الحكام في الانتقال من حالة حكم
قطيع الرعية إلى حالة المقدرة والرغبة في حكم المجتمعات البشرية، ويعد أسلوب الحكم
الديمقراطي أكثر أساليب الحكم التي عرفتها البشرية نضجاً. لقد حان الوقت لتعيش
شعوبنا في دول الحق والقانون...
الباب الثاني:
الديمقراطية
ويتحدث المؤلف:
ـ عن مراحل تطورها
ـ أنظمة الحكم في التاريخ
ـ الديمقراطية حكم الشعب بالشعب
ـ الحرية عبـر التاريخ
ـ أسس الديمقراطية
ـ مسيرة الديمقراطية الطويلة العسيرة في الغرب وما لاقته من نجاحات وعثرات.
ـ أساليب الحكم الديمقراطي
ـ علاقة الماركسية بالديمقراطية، وهو رغم انتمائه الفكري موضوعي يذكر الأخطاء التي
ارتكبها النظام السوفياتي حين لم يعد إلى الديمقراطية بعد زوال الخطر عنه. وهو موقف
يخالف ما دعا إليه (لينين) الذي أكد على الديمقراطية في كتاباته.
وفي
هذا الباب يكتب المؤلف هذه الكلمة:
لقد أثبتت التجربة الإنسانية أن المجتمع الذي ينشد التقدم والتمدن والحضارة يحتاج
إلى بنية سياسية اجتماعية تشكل الديمقراطية اللبنة الأساسية وحجر الزاوية في أساسها
السليم. وكل إعاقة للبنى الديمقراطية تحت أية حجة أو ستار يكرس الأمراض الاجتماعية
ويعزز أركان الجمود والتخلف.. والأساس السليم للبناء الديمقراطي هو الحرية.. الحرية
من الاستعمار والاحتلال ومن هيمنة وسيطرة رأس المال والطغم الاحتكارية الاستغلالية.
إن فقدان هذه الحرية يفقد الديمقراطية مغزاها الحقيقي السليم. ويحولها إلى أداة قمع
تعيق تفتح طاقات المجتمع.
الباب الثالث
المجتمع المدني
لقد هز نفوس الأحرار ونفس المؤلف ما
تعانيه الشعوب العربية في أكثر أقطارها من غياب المجتمعات المدنية في أنظمة الحكم،
ورأى أن قيام المجتمع المدني ضرورة اجتماعية وطنية وأن مؤسساته دعامة للتطور السليم
في المجتمعات البشرية.
وأسهب المؤلف فيما قامت الشعوب العربية ـ بعد خلاصها من الاستعمار ـ من نكسات،
ولاسيما بحدوث الانقلابات وحلول الأنظمة العسكرية وما شابهها محل الدولة الوطنية
وغياب دولة القانون أو تواريها وراء مؤسسات شكلية وشعارات لفظية.
ويورد المؤلف كلمة د. طيب تيزيني الذي وضع مقدمة الكتاب، والذي يعد في طليعة
الداعين إلى المجتمع المدني والمدافعين عنه حين قال:
«تظهر أهمية المجتمع المدني حين نضع في اعتبارنا الوجه الآخر المناقض له والمناهض،
وهو «المجتمع الأهلي» ويكمن الخلاف (الابستيمولوجي) بينهما في أن الأول (المدني)
يجد مرجعيته في الوطن مفهوماً وواقعاً وسلوكاً، حيث تجري عمليات ابتلاع الظاهرات
الطائفية والمذهبية والأثنية بوصفها آليات سياسية تنطوي على احتمال تقسيم الوطن
بمقتضاها أي بمقتضى الطائفة والمذهب والإثنية. أما الآخر (المجتمع الأهلي) فيجد
مرجعياته في كل طائفة ومذهب وإثنية، حيث تنشأ «أوطان» تعبـر عن انقسام المجتمع
وتجزئته وهشاشته».
هذا ملحض الكتاب، لذلك فهو لا يغني عن قراءته قراءة واعية أولاً وعن محاولة تنفيذ
ما ورد فيه لمصلحة شعوبنا العربية ثانياً.
ميزات الكتاب
تبين لي بعد قراءة الكتاب قراءة متأنية أنه هو وكاتبه يتمتعان بالمزايا الآتية:
1ـ الموضوعية: فقد غابت الذاتية والميول الفردية عن الكتاب غياباً كاملاً.
2ـ الرّصانة: فالكتاب علمي دقيق لا يخرج عن دائرة الفكر ووقائع التاريخ.
3ـ التوثيق الكامل للأحداث والتطورات في الفكر الإنساني وسيرورة الحضارة.
4ـ حرض المؤلف على إنسانيته وعروبته وتوجعه مما تعاني أمته من تخلف واستبداد ودعوته
الجريئة للخلاص بل ورسمه السبيل إلى هذا الخلاص.
5ـ تسلسل أبواب الكتاب تسلسلاً منطقياً تاريخياً حين بدأ بالدولة وثنى بالديمقراطية
وثلث بالمجتمع المدني، هذا المجتمع الذي ينقل الشعوب العربية إلى بناء الدول
الديمقراطية التي تحقق لها الحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.