لمحات حول  المرشدية

قراءة في كتاب

"لمحات حول  المرشدية"

د. حمزة رستناوي*

[email protected]

" الكافر ليس بالضرورة ضد المؤمن ,قد يكون صديقه أو عدوه تبعاً  للمصالح الدنيوية فقط , الكافر ضد نفسه"

ساجي المرشد

الكتاب الذي بين أيدينا هو "لمحات حول المرشدية" لمؤلفه نور المضيء المرشد, و هو ابن سلمان المرشد , والشقيق الأصغر لساجي إمام المرشديين ,و رغم أنه رجل أعمال ليس له صفة دينية, و لكنه شخصية ذات تأثير و نفوذ لدى عايش الدعوة المرشدية و مفاصلها التاريخية عن كثب .

و الكتاب الذي بين أيدينا يسرد قصة المرشدية على طريقة السيرة الذاتية  كون الكاتب عايش عن قرب هذه القصة ,و هي ليست سيرة ذاتية فقط و لكنها سيرة يتشاكل فيها العام و الخاص,  يتشاكل فيها الديني بالسياسي بالاجتماعي , و هذا الكتاب هو الأول في نوعه ,حيث يعتبر بمثابة وثيقة كتبها "زعيم مرشدي" حول المرشدية.

أهمية الكتاب هي في عرضه  لقضايا غالبا لا يتم مناقشتها في العلن, و لم تدرس حتى الآن  تاريخيا بشكل كاف , مما جعلها عرضة للمبالغات و التشويه و التحريف و التجاذب الطائفي.

و أهمية الكتاب كونه يعرض لشهادات و وثائق غير معرَّف بها على نحو واسع.

و كذلك كونه يطلع القارئ  على المرشدية, و يتيح  الفرصة للاطلاع المباشر على نصوص لمؤسسيها, بالطبع الكتاب هو رؤية متعاطفة داخل مرشدية , و لكنها مفيدة

خاصة بوجود كم كبير من الأحكام المسبقة و التصورات النمطية عن المرشدية , يشتغل عليها الفكر الطائفي المزدهر حاليا , و الذي يصنف البشر و المسلمين ضمنا  بين فرق ضالة و فرق ناجية.

و قد شهد العقد الأخير ظهور كتاب جاد يتناول الجانب التاريخي من حياة سلمان مرشد , أقصد "مذكرات أحمد سياف- تقديم جمال باروت" و ماعدا ذلك فنجد فقر مدقع فيما يخص أدبيات المرشدية و تاريخها.

و سأقوم بعرض للكتاب- لمحات حول المرشدية-  متشاكل مع مصادر أخرى – موسوعة ويكيبيديا عند الحاجة - مع اعتمادا على  التحقيب المُثبت في الكتاب :

  المرحلة الأولى :  سلمان مرشد

 المتأمل لسيرة سلمان مرشد يجدها سيرة لزعيم اجتماعي و سياسي , أكثر منه  زعيم ديني , ولد سليمان مرشد في مطلع القرن الماضي 1907 في قرية جوبة برغال في جبال اللاذقية , و عاش في  بيئة فلاحيه فقيرة و مهمشة .. و قاد عشيرته "بني غسان" التي سوف تعرف لاحقا باسم عشيرة سلمان مرشد "المرشديين"  باتجاه التحرر الاقتصادي و الاجتماعي,  حيث قام بمقاومة نفوذ العائلات الإقطاعية المتنفّذة آنذاك في الساحل السوري  و سهل الغاب ," و نادى بالحرية والمساواة ورفض التبعية وحارب الإقطاع ودافع عن المستضعفين من الفلاحين. قام بحركة إصلاحية وعمره لم يتجاوز 18 سنة، وعمل على توحيد عشيرته (بني غسان) التي كانت تعيش بين ظهراني العَلَويين , وكانت تتواجد في اللاذقية وفي منطقة القنيطرة (زعورة والغجر) وجبل الحلو (شين، عوج، مريمين، ...).. وحَّدَ سلمانُ طائفته في 12/7/1923، وحاربَ الفرنسيين ، فسُجِنَ ثلاثةَ أشهر تعرَّضَ خلالَها للتعذيب. وعندما خرجَ من السجن دعا إلى المساواة والعدالة بين الطوائف والأحزاب، فقامت السلطاتُ الفرنسيةُ بنفيه من اللاذقية إلى الرقة مشياً على الأقدام, و لمدة ثلاث سنوات من 1925 وحتى 1928. ثمَّ أُعيدَ من المنفى ليوضع تحتَ الإقامة الجبرية لمدة ست سنوات، لكونه عارضَ بشدةٍ البعثاتِ التبشيريةَ بين المسلمين، والتي تخفي وراءها مطامعَ سياسيةً ومصالحَ شخصية. ساهمَ سلمان المرشد في إنجاح الكتلة الوطنية نظراً لما يتمتَّعُ به من شعبية كبيرة بين صفوف الفلاحين، ثمَّ عارضَ هذه الكتلة عندما رأى أنها ابتعدتْ عن مصلحة الوطن" "1"

" انتخب سلمان مرشد  لمجلس النواب في اللاذقية ابتداء من سنة 1933, و ترشح  للانتخابات النيابية في دمشق 1937  حيث أسفرت المشاورات عن تأليف قائمتين : قائمة وحدوية تدعو إلى ضم الساحل إلى البلاد,  و كانت تجمع سلمان مع بعض زعماء الجبل و كثير من زعماء اللاذقية ,  و كانت تضم عن قضاء صهيون سليمان مرشد  و عمر البيطار. و القائمة الثانية هي  القائمة الانفصالية,  و هي التي تدعوا إلى استقلال الساحل عن سائر البلاد , و كانت تتألف من بعض المتعاونين مع الفرنسيين من الزعماء و يرأسها إبراهيم الكنج ", و نجحت القائمة الوحدوية  في 26 ت1 1937,  و تأكيدا لفوز القائمة  أعلن المشاركين بها الاستقلال و انضمام الساحل و جباله كليا إلى سوريا,  و قد أصدر نواب قائمة محافظة اللاذقية وثيقة تعهد  هذا نصها الحرفي  " نحن المجتمعون الموقعون إمضاءاتنا بذيله,  نعاهد الله و الشرف و الكرامة و العرض أن نمشي على الأسس التالية : و الذي ينكث فيها منا فإن كان مسيحيا فهو بريء من المسيح , و إن كان سنيا أو علويا فهو بريء من محمد صلم و من ولاية علي بن أبي طالب" , و احتفظ سلمان مرشد  بمقعده البرلماني في الدورة التالية في انتخابات 1943 , و بعد تنامي نفوذه " قامت العائلات الإقطاعية في اللاذقية بإثارة أهل الجوبة ضد جماعة سلمان و سلّحتهم و أمرتهم بإحراق بيته و حارته, و لكن أنصار سلمان  انتصروا  على أهل الجوبة, رغم ما كانوا فيه من حصار اقتصادي و ضيق مالي. ..و استعانت "حكومة الإقطاع" بقوات فرنسية ضدهم  و فعلا قامت القوات الفرنسية يرافقها ضباط بريطانيون باحتلال الجوبة",  "أما سلمان فما إن سمع في دمشق بصعود هذه القوات الأجنبية إلى الجوبة حتى سارع إلى رئيس الجمهورية,  و طلب منه رسميا إنزال القوات من الجبل  و قد تم سحبها بالفعل.""2"

و يلخص  ساجي المرشد ابن سلمان,   أسباب العداوات تجاه سلمان مرشد في ما يلي: " لما ظهرت قوة زعامة سلمان بالانتخابات أي حولت الزعامة إلى الجبل بعدما كانت في المدينة,  خشي زعماء المدينة على مصالحهم و أرادوا تحجيم سلمان ليبقى لهم الأمر كما كان من قبل , و هم القوة السياسية آنذاك, وقد تآلبوا عليه  لمحاربته و خشوا أن تمتد زعامته على بقية الفلاحين  لذلك  عملوا على خطة إعمال النزاع مع الجيران ليكون بينهم و بين عشيرته عداوة,  و على تحريك الفتنة بداخل العشيرة , و ساعدهم على تنفيذ هذه الخطة المشايخ الذين نقموا على سلمان, و تغييره لبعض العادات مما يضر بمصالحهم,  و خشوا أن تصل إلى طوائفهم . و كذلك عداوة بعض الزعماء الذين حسدوه و ظنوا أنهم بالالتجاء إلى الزعامات التقليدية في المدينة يحافظون على نفوذهم بعشائرهم." "3"

و رغم خلافاته مع زعماء الحركة الوطنية  تناسى سلمان الخلافات لأسباب وطنية فعندما تطورت الأحداث بالبلاد,  و بدأ القتال بين الثوار و القوات الفرنسية في دمشق و ضُربت المدينة بقنابل المدفعية,  و في 21 أيار عام 1945 قدَّم سلمان للبرلمان تصريحا تلاه النائب فخري البارودي و قد جاء فيه: " إني أضع نفسي و عشائري و أموالي تحت تصرف الأمة و الحكومة و أعلن أنه إذا كان هناك خلاف بيني و بين الحكومة فأنا وطني قبل كل شيء,  و على استعداد للقيام بكل ما يتطلبه الوطن و بكل ما توجبه سيادة البلاد و استقلالها  قد  حدث تصفيق حار أثناء قراءة الإعلان كما أخبرنا من حضر الجلسة و نقلت الصحف هذا الخبر في اليوم التالي" "4"

و قد حافظ َ سلمان المرشد على حضور سياسي لافت في مطلع الأربعينات ففي ربيع سنة 1945 "طلبت الحكومة من سلمان أن يذهب إلى الساحل و ذلك لإقناع الضباط و الجنود المتطوعين في الجيش الفرنسي بالالتحاق بالجيش العربي السوري الوطني " "5"  رغم أنه لم يكن بينهم أحد من المرشديين .

 و أما عن محاكمته التي انتهت بإعدامه فيمكن تلخيص التهم الموجهة قضائيا و إعلاميا  في  أربعة:

التهمة الأولى : كونه يدّعي الإلوهية  و كونه رب؟

" و قد سألت هيئة القضاة زعيمنا سلمان إن كان حقا يقول عن نفسه أنه رب,  فأنف أن يجيب إلا بقوله:  أنتم تقولون ذلك."

 و يعلق الكتاب :" كما أمروا صحف البلاد أن تكتب أنه دعا الناس إلى ربوبيته مع أنهم لم يحاكموه على هذا الأمر , فكانت مجرد أقوال كتبت في جرائد البلاد و بعض جرائد مصر و لبنان"

 أما  التهمة الثانية و هي تهمة  العمالة لفرنسا؟

و هو ما برَّأته المحكمة منه  , و يورد الكتاب قول لسلمان مرشد في الجلسة الأخيرة للمحاكمة:  " أما وقد أبرأت المحكمة ساحتنا من تهمة العمل مع الأجنبي,  فإنني أطلب الإعدام و أن يكفن جسدي بالعلم""6"  

"هذا و لم يرد في وثائق وزارة الخارجية الفرنسية عندما أفرجت  عنها فرنسا كما هي العادة بعد حقبة من الزمن و لا في مذكرات ديغول و غيره أي ذكر لسلمان أثناء الانتداب على عكس غيره من زعماء البلاد,  و هذا يوضح عدم قيام أي تعاون على أيّ مستوى كان , و المضحك في هذا أن رئيس الجمهورية آنذاك و رئيس الوزراء كانوا يتناوبون على حكم البلاد في عهد فرنسا مدة عشرين سنة و نيف,  فهل يمكن أن تضع فرنسا على سدة الحكم أناس يحابونها,  أو تقبل أن يكون ذلك في بلاد منتدبة إليها أو بالأحرى بمنطقة تقاسمتها مع بريطانيا ؟ و كذلك القضاة الذين حاكموا سلمان في المجلس العدلي كانوا موظفين عيّنتهم فرنسا في مناصبهم . و هكذا كل العائلات الغنية في البلاد كان لها صلة ووظائف كبيرة زمن الفرنسيين, و الوحيدون الذين لم يكونوا موظفين و لم يتطوعوا في الجيش الفرنسي,  هؤلاء الذين جُلبوا من جبالهم كي يحاكموا بتهمة التآمر مع فرنسا, و أذكر هنا أنه عندما حكموا عليه بالإعدام و بعد أن تمت تبرئته و تبرئة عشيرته من التعاون مع فرنسا قال في المحكمة و جهرا أمام جميع من في القاعة : إن كنت أنا أستحق الإعدام فمن لا يستحفه؟!!""7"

 و أما عن التهمة الثالثة: و هي السعي لإقامة دولة علوية.

فيورد الكتاب  : "و اتهموا سلمان في الجرائد فقط – أي لم يحاكموه عليها –بمحاولة إقامة دولة علوية,  و سلمان لم يكن زعيما للعلويين كما أشيع عنه, بل كان زعيم عشيرة بني غسان التي كانوا يسمونها الغيبية,  أي المذهب الذي لا يمثل الله في شيء في الكون , و اسمها الصحيح هو عشيرة بني غسان. و الغريب أيضا أن الدولة العلوية أقامتها فرنسا عندما كان سلمان ما زال طفلا,  و الأكذوبة الكبرى تظهر على حقيقتها عندما نعلم أن سلمان كان له الفضل الأكبر بإنجاح قائمة الانتخابات الوحدوية التي بموجبها تم ضم ما أسمته فرنسا بالدولة العلوية إلى الوطن الأم , و أخيرا كانت له اليد البيضاء بإرجاع الجيش السوري إلى أحضان الوطن , و بعد هذا كله يتهم بأنه كان يعمل لإقامة دولة علوية!!" "8"

و أما التهمة الرابعة فقد كانت : قتل زوجته أم فاتح , و هي  تهمة  لا ينفيها المرشديون  , حيث يورد الكتاب : " أوضح ساجي المرشد - قدوة المرشديين - إلى كاتب عربي كيف و لماذا قتل سلمان زوجته هلالة أم فاتح بقوله:

 القول أن سلمان قتل زوجته أم فاتح لأنها هي التي أمرت بالكمين معلومة خاطئة , فأم فاتح لم تأمر بالكمين , و لكنه قرر الاستسلام ,قتلها لكي لا تقع في أيدي رجال الدرك""9"

و حول اللحظات الأخيرة من حياة سلمان مرشد قبل تنفيذ حكم الإعدام " بعدها توجه سلمان بهدوء إلى المشنقة,  أراد الشيخ علي أديب أن يوجه بعض الكلمات الدينية إلى سلمان كالعادة عند الإعدام,  فأشار سلمان إليه بيده ألا يتكلم مطلقا و صاح بصوته القوي اسكتْ,  و صعد إلى المشنقة,  و لم يسمح لأحد أن يلمسه أو يغطي وجهه"

" و أما أولاد سلمان وزوجاته الثلاث فقد كان مصيرهم السجن و النفي إلى الجزيرة , و من وجوه العشيرة سجن حوالي عشرين رجلا مدادا متفاوتة بين مؤبد و خمس سنوات,  و قضى أكثر المحكومين بقاء في السجن جوالي عشرة أعوام. و نفي منهم ما يزيد عن أربعين رجلا ً إلى مناطق متفرقة  إلى الجزيرة و الفرات كمثل أبنائه" "10"

"و قد تم الاستيلاء على بيت سلمان و نهب حارته , و استولى الدرك على كل بيوت حارة سلمان في الجوبة,  و بدون أي صفة قانونية أو حتى أي ورقة رسمية تخولهم أن يستولوا عليها , و قد  وكلت نساء سلمان محاميا لأجل ذلك""11"

مما يؤكد الطابع الانتقامي لمحاكمة سلمان المرشد؟!

و تعلق موسوعة ويكيبيديا- الموسوعة الالكترونية الحرة-   في مادة عن سلمان مرشد :

"تعود جذور ظهور المرشديّة في النصف الأول من القرن العشرين في سوريا عن طريق سلمان المرشد والذي يشتهر أكثر باسم سليمان المرشد في منطقة الحدود الجبليّة بين محافظتي اللاذقيّة وحماة ومن تلك المنطقة امتدّت الدعوة إلى مناطق أخرى في محافظات حمص و إدلب ودمشق و طرطوس. والآن فالوجود المرشدي في محافظتي حمص واللاذقيّة هو الأقوى. كان سلمان المرشد قد لفت الأنظار إليه في 1923 عندما بشّر بقرب ظهور المهدي لـ"يملأ الأرض عدلاً" ولم يدع الناس أن يتخذوه ربا كما يشاع وكان سلمان قد  دعى إلى إلغاء الكثير من العادات التي تمس سيطرة مشايخ العلويين على أتباعهم. أعدم سلمان في نهاية عام 1946 بتهمة يقول البعض أنها أدعائه الألوهيه [4] إلا أن العديد من الباحثين يؤكدون قرار الاتهام والإعدام لم يتطرق أبداً إلى مسألة إدعاء الإلوهية كما يشاع بل أنه أعدم بتهمة قتل زوجته والتحريض على قتل آخرين في المواجهة التي حصلت مع الدرك في قريته بنهاية 1946 وقد لفقت له جميع هذه التهم بدوافع سياسية بحته [5].""12"

المرحلة الثانية : قيام الدعوة المرشدية  - مجيب.

 عقب إعدام سلمان مرشد بفترة قصيرة,  أعلن ابنه غير البكر مجيب, قيام دعوة المرشدية , و كان عمره 21 سنة " فمجيب قام بالدعوة لنفسه , و قد فاجأ الجميع بدعوته,  و قد عارضه فاتح و جميع إخوته في بادئ الأمر,  و أنا نفسي- يقصد نور المضيء-  لم أبايعه إلا بعد مضي تسعة أشهر من قيام الدعوة , و قد آمنت به بعد أن سمعت و رأيت منه ما جعلني أصدق وأومن بدعوته,  و فاتح آمن به بعدي بشهور,  و من العائلة من لم يؤمن إلا بعد مقتله بسنين , و أهم ما أحب أن ألفت النظر إليه هو أنه لم يطلق علينا مرشديين إلا بعد دعوة مجيب,  و أن كل الأحداث السياسية و الصراعات الاجتماعية التي وقعت قبل دعوة مجيب لا تلقي الضوء على الحركة المرشدية, و لا تجلو حقيقتها .لأننا بما نحن عليه الآن من واقع قائم,  إنما هو متأت عن المعرفة الجديدة السامية عن الله و حكمته بالخلق ""13"

و للمرشديين عيد وحيد هو:  عيد الفرح بالله,  الموافق ليوم إطلاق  مجيب للدعوة, و يصادف في الخامس و السادس و السابع و العشرين من شهر آب كل عام

ولد مجيب عام 1930 و قتل على يد عبد الحق شحادة آمر الشرطة العسكرية في عهد أديب الشيشكلي عام 1952

"و من وصايا مجيب :

- نصحنا مجيب بالابتعاد عن الفحشاء و الخنى : الفحشاء هو الزنى , و الخنى كلام العهر

و نصحنا بالتقليل من إشباع شهوات الجسد

و نصحنا ألا نغضب إلا على باطل, أو انتصارا للحق

و نصحن أن لا نروي حكايات نسيناها, كي لا يقودنا لساننا إلى الكذب

و نصحنا بالابتعاد عن الرياء و المخادعة

و نصحنا ألا نحقد على أحد

و نصحنا أن لا نقرب الزناة و لا نسايرهم فهذا يجعلنا نحبذ الزنا

و نصحنا أن لا نستشير بعمل الخير أحدا إذا علمنا أنه خير

و نصحنا ألا نلوم أنفسنا إذا ثرنا على الباطل, و قمنا بتعنيف المبطل

و نصحنا أن لا نكدّر المستمعين إلينا, و أن نقصر من الحديث إذا لمحنا علائم  الكدر ظهرت على وجه من نحادثه

و نصحنا ألا نتظاهر بعظمة أخلاقية لا نمتلكها

و نصحنا أن لا نبكي أنفسنا,  بل نشكي مصائبنا إلى الله,  و هو العليم الخبير

و نصحنا ألا نتحزب إلا للحق

و نصحنا ألا نحسد أحدا,  فمعرفة الله هي كنز البقاء الذي يحسد صاحبه عليه

و نصحنا ألا نذلّ أنفسنا إلا للحق,  فمذلة النفس أمام الحق عزّة لها

و نصحنا ألا نتباهى,  فما من أحد بأعز من أحد, إلا بقدر ما يعز الله

و نصحنا أن لا ننوي فعل أمر نستحي أن نجهره أمام الناس

و نصحنا ألا نخاف قط,  فدنيا الآخرة خير للمؤمن من دنيانا هذه""14"

- "و أخبر أتباعه- أي مجيب-  أن  أخوه ساجي الإمام,  و أنه هو الذي سيعلّم المعرفة الجديدة بعده,  تلك المعرفة التي جاء بها مجيب,  و هو قبل أيام من غيبته أقصد بغيبته رحيله من دنيانا" "15"

وفقا للكتاب الذي بين أيدينا  فإن مجيب كان يعلم مسبقا بتاريخ موته:

" و ختم الخطاب بقوله : الحمد لله و الشكر إليه ,و قال هذا آخر خطاب مني لكم

بعد الخطاب تحدث إليهم عن مقتله, و يذكرون من قوله "بدي غيب عنكم لأنه فيه خلق مجروحين أكثر منكم بدي روح داويهم"" "16"

 المرحلة  الثالثة: فترة العذاب

 بعد مقتل مجيب المرشد عام 1952 أصبح ساجي سلمان المرشد المرجع الأول للمرشدية, وقد توفي  في تشرين الأول من عام 1998, ولم يوصي بالإمامة لأحد من بعده لذلك لا توجد عند المرشدية مرجعية دينية بعده.

و تمتد هذه المرحلة  من موت مجيب, و مباشرة ساجي الدعوة حتى بداية  سنة 1963,  و تعرف هذه الفترة في الأدبيات المرشدية بفترة العذاب

و تبدأ هذه المرحلة بمطالبة بعض أفراد عائلة المرشد بالثأر لمجيب و سلمان المرشد, و هذا ما لم يتبناه ساجي و لم يشجعهم عليه , و كذلك لم يمنعهم منه, فوفقا لساجي : " إن مجيب كإمام للناس,  لم يقم بالثأر من أعدائه الأوائل الذين تسببوا بمقتل أمه و الذين حاكموا أباه , و نفذوا حكم الإعدام به ظلما و عدوانا,  كما أنه لم يطلب الثأر له,  عندما كان يتحدث عن مقتله أثاء دعوته,  بل طلب منا أن نعقد الفرحة لمقتله,  لولا أن نستعفيه من أننا لا نستطيع ""17"

و في هذه المرحلة قامت الحكومات السورية المتعاقبة  بمحاربة المرشدين و مطاردتهم  بما يسمى بحملة مرشتي, و عن بداية شرارتها يذكر الكتاب:

" بدأت المخابرات تلاحق المرشديين في حمص بحجة أنهم قاوموا رجال الحكومة عندما حاولت إزالة مقام على اسم الخضر,  و كان فعلا قد حاول بعض البسطاء من المرشدين ممانعة رجال الحكومة من إزالة المقام ,و لكن مخابرات السراج – الرجل المتنفِّذ آنذاك- اعتبرتها أمرا من ساجي للوقوف ضد الحكومة ,  مع أن المحافظ أمر بعدم هدم المقام بعد احتجاج هؤلاء المرشديين, لربّما  كي لا يثير حفيظة الطوائف الدينية الأخرى أيضا,  لأنهم جميعا يحترمون هذا الاسم . و قد جابه المرشديون هذا التعنت السراجي بأن أظهروا احتجاجهم على سجن بعض المرشديين,  فتوافدوا من بعض القرى حول حمص يطوفون بالأسواق داعين رجال السراج إلى سجنهم هم أيضا , حتى امتلأت بهم سجون حمص و ما نكفوا يتوافدون""18"

و كذلك تم اعتقال ساجي في سجن الشكّية مع المقربين له من زعماء المرشدية إبان حكومة الانفصال , و تداعيات خروجه من السجن هي :" عندما  أعلن المعلم ساجي الإضراب عن الطعام حتى الموت أو نخرج من السجن , و سمع المرشديون بهذا الإضراب, فما بقي رجل أو امرأة أو حتى طفل ابن عشرة أعوام إلا و اشترك بالإضراب ,  و كانوا يرسلون البرقيات معلنين إضرابهم إلى كل الجهات المسئولة,  و امتنع الجميع فعلا عن تناول الطعام, و في اليوم الرابع من الإضراب جاءت سيارات الشرطة مساء إلى السجن,  و نقلت المعلم و رفاقه إلى بيت أم خليل في القصاع"

 المرحلة الرابعة:  اقتلاع الأشواك

 و تبدأ هذه المرحلة بعد استلام الضباط البعثيين  الحكم في آذار  1963 و الإطاحة بحكومة الانفصال,  و يفصح الكتاب عن علاقة ساجي المرشد بالبعث الحاكم آنذاك   في جلسة حوار بين البعثيين الأوائل و ساجي عقب ثورة 1963:  " إن كنتم جادين فعلا في تنفيذ هذه الشعارات,  فأنتم ستواصلوننا إلى جميع مطالبنا السياسية و المادية . أما بشأن دخول المرشديين في الحزب فهذا أتركه لكم و لنشاطكم بين المرشديين فأنا إذا أرسلت توجيها إلى المرشديين فقد يدخلون جميعا في الحزب,  و لكن لا يكون دخولهم عن اقتناع" "19"

و تستمر هذه المرحلة حتى عام 1970  و فيها خفت الضغوط الخارجية نسبيا عن المرشديين و تفرغ فيها ساجي لإعادة ترتيب البيت الداخلي و تنظيم أمور الدعوة .

تساؤلات   يجيب عليها الكتاب

 التساؤل الأول:

" عاب كثيرون على المرشديين صدق وثوقهم بإمامهم, و رأوه خطرا جدا قائلين : أن رجلا تتبعه بهذه الثقة لا تتورع عن عمل أي شيء يأمرك به, فإن أمرك بالقتل فأنت تقتل,  و إن أمرك بالضرب فأنت تضرب, و لطالما عيّروا المرشديين بمثل هذا الكلام على لسان قادتهم و على لسان أفرادهم في كل مكان من البلاد,  و في كل العهود. و على الرغم أن المرشديين لم يعتدوا سابقا على أحد, و أن إمامهم لم يستغلهم حتى يأخذوا بثأره ممن قتل أبيه و أمه و أخيه , أو من مضطهديه و سجانيه هو و جماعته اضطهادا دائما .كل ذلك لم يشفع لديهم أن مثل هذا الرجل لا تُحاذره بوادره  بل هو خيّر بنفسه و بغايته و بوسيلته .فهو إمام الدين لمن أراده.لا يقسره أحد على إتباعه,  و هو سيدلهم على الصواب في كل أمر , إن قبل زعمائهم أم رفضوا .هم يريدونه أن يفعل كمثل أصحابهم من الذين اتخذوا لنفسهم الصفة الدينية يلقي المواعظ و يأمر الناس بإتباعهم و هذا لن يكون""20"

التساؤل الثاني : ما هي  المرشدية:

 " المرشدية دين و ليست حزبا سياسيا ,هي منهج أخلاقي طاهر بقصد اكتساب رحمة الله  و مواصلة عزّته و ليست نظاما اجتماعيا معينا, و لا برنامجا اقتصاديا .هذا المنهج الأخلاقي و المسلك النفسي و المنطق العقلي متأت عن وجدانية مقتبسة من منجاة الله , فالمرشدية فعل منجاة و تعظيم للارتفاع إلى الحياة ,و ليست سوى ذلك , فهي تعتني بطهارة السريرة لا بقوانين الإدارة . و هي تبارك كل ما من شأنه تهيئة إكمال الفرد,  و إبراز جمال المجموع,  و ترفض كل ما من شأنه إعاقة كمال الفرد و تشويه جمال المجموع, يهمنا أن يكون الفرد إنسانا عزيزا يتمتع باستضاءة فكرية و طهارة قلبية , أن يصل و يكمل الفرد بالأصالة الإنسانية الفاضلة و من هذه الأصالة أن ينطلق إلى الأصالات العليا, و الأصالة تتمثل في خمسة أشياء:

- ضمير طاهر مستجلى من الايمان بالله و الانسجام مع صفاته القدسية

- فكر وامض من التماس الحقيقة

- قلب نابض بالطموح إلى الكمال الروحي و ارادة الحياة

- قدم ثابت الصف مع قضايا الحق

- و يد ممدودة بالخير للناس أجمعين " "21"

في نهاية عرضي لهذا الكتاب , و من خلال قراءتي  السيرة الذاتية للمرشدية المدونة في الكتاب,   نجد  في سيرة  هؤلاء الثلاثة  سلمان و مجيب و ساجي,  نماذج قليلة الحضور في القرن العشرين في المجتمعات العربية الإسلامية ,  فهم زعماء قدموا  نماذج  تحررية  اجتماعية و عقائدية و سياسية , و بناء على إستراتيجية لا عنفية بشكل ملفت, زعماء حققوا حضورا  لجماعتهم و اعترافا بها في ظروف صعبة.

و على سبيل المثال لا الحصر يمكن التوقف عند هذه المحطات اللاعنفية:

 المحطة الأولى:  

"إن مجيب كإمام للناس,  لم يقم بالثأر من أعدائه الأوائل الذين تسببوا بمقتل أمه و الذين حاكموا أباه , و نفذوا حكم الإعدام به ظلما و عدوانا كما أنه لم يطلب الثأر له عندما كان يتحدث عن مقتله أثاء دعوته بل طلب منا أن نعقد الفرحة لمقتله لولا أن نستعفيه من أننا لا نستطيع" "22"

 المحطة الثانية :

 إعلان ساجي المرشد الإضراب عن الطعام في السجن 1961 و تجاوب المرشديين خارج السجن  بالآلاف معه " لقد أجبرت الحكومة الانفصالية على إطلاق سراحه قسرا فهي كانت بين أمرين : بين أن تسمح بموت شعب بكامله جوعا , و بين أن تطلق سراح المعلم ,ففضلت الثانية مرغمة لأن المرشديين كانوا قد نشروا الخبر في كل سوريا و كتبته الجرائد,  و قابلوا ناظم القدسي رئيس الجمهورية آنذاك و رئيس الوزراء و كل المسئولين يعلمونهم بالإضراب, و ما هي إلا أيام و ينتشر هذا الخبر خارج البلاد , عشيرة كاملة تعلن إضرابها في سوريا,  و كانت جريدة أو أكثر كتبت أن ستين قرية أضربت عن الطعام في سوريا"

 المحطة الثالثة:

" حملة مرشتي "  حيث حرض أتباعه على الصبر و عدم مجابهة العنف بالعنف"

و أرسل ساجي إلى جماعته أن هذه الحملة هي هدية من الله إلى المرشديين فبها ينالون العذاب في سبيل انتمائهم إلى الدعوة الجديدة,  فليتقبلوها بصبر و إيمان " "23"

رغم  حضور البعد  الاجتماعي الاقتصادي السياسي  و الاهتمام بالشأن العام , في حياة   سلمان مرشد, فلم أجد بين المصادر الكثيرة التي تتحدث في هذا الشأن كالنضال ضد الاحتلال الفرنسي و النضال ذو الطابع الطبقي ضد الاحتكارية و الإقطاعية أي ذكر لسلمان مرشد,  ورغم وجود كثير من المحطات المهمة في سيرة الرجل, فكثيرا ما يذكر صالح العلي و ابراهيم هنانو و سلطان الأطرش و فوزي القاوقجي وسعد الله الجابري  غيرهم  في النضال ضد الاستعمار الفرنسي ,و لكني لم أجد في أي ذكر لسلمان المرشد , لا بل إن الرجل اتهم أكثر من ذلك بالعمالة لفرنسا؟!

و لكن مع مجيب و ساجي المرشد  نجد حضور البعد الفئوي و الاهتمام بشؤون الجماعة المرشدية و التأسيس لدين و أخوية اجتماعية روحية أكثر مقارنة النشاط السياسي  لسلمان مرشد.

ما يلفت هو حضور  الطابع الإنساني و القيمي  للدعوة المرشدية  على الصعيد النظري على الأقل  و بما يذكرنا ب تجارب و أقوال المسيح و بوذا  و غيرهم.

فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ لساجي:

 - " إذا أراد أحد أن يجادلك بمعتقدك,  و لم تكن تريد فقل له : نحن نقول الأديان كلها رجاء بالله , و ليست زنارا يحيط به أو يدا تمسكه,  فالمهم أن نتفق على رجاء رحمة الله . أنا أتمنى أن يرحم الله كل الناس ,يثبت المحق و يهدي المبطل إلى التوبة الحق فإذا كانت نظرتك و رجاؤك مثل نظرتي و رجائي فنحن متفقون , و إن لم تكن مثلها فالجدل عبث , لأن الدين من نعمة الخالق على المخلوق فهو يقين و حكمة و ليس نظرة فلسفية ""24"

 

- " الله ليس محصورا بدين,  و ليس من دين اتسع لكل المعرفة" "25"

 - " الكافر ليس بالضرورة ضد المؤمن ,قد يكون صديقه أو عدوه تبعا للمصالح الدنيوية فقط .الكافر ضد نفسه""26"

 - " كنت تقف على الطريق و بجانبك رجل غير مرشدي, و أنتما بانتظار أن تقلكما السيارة مرت سيارة  أومأتما لها,  توقف السائق و أقلكما معه,  و أبى أن يأخذ منكما أجرة,  وقع حادث على الطريق لحقت بكما بعض الجروح,  و هنا يبيح لكما القانون أن تدعيا على السائق لأنه سبب لكما الجروح . أنت تقدمت بدعوى  عليه كي يعوضك عما تسبب لك من أضرار, على الرغم من أنه عمل لك معروفا و لم يقصد الحاق الأذى بك , أما الثاني الذي ليس من المرشديين فقد جاؤوا يخبرونه أن القانون يجيز له أن يأخذ تعويضا من السائق,  أجاب الرجل و إن كان القانون يمكنني من أخذ تعويض منه فأنا لا أريد أن آخذ منه شيئا فإن فعلت فإن فعلي باطل,  لأنه قدم لي معروفا,  فهل أقدم له سيئة بدل المعروف.

هنا من من الاثنين هو أرضى إلى الله؟ هنا غير المرشدي هو الرضى لأنه ائتمر بإمرة الخالق أكثر من المرشدي,  لأنه الأخير مقتنع بما قالته الحكمة الإلهية في رسائل الإله عن هذا الأمر , و المرشدي غير مقتنع""27"

الكتاب يتوقف في تدوين السيرة الذاتية للمرشدية عند عام 1970 و يصمت هنا, و يمكن تبرير ذلك بكون المرشدية كدعوة كملت كنصوص و تاريخ مقدس عند ساجي, و لم تتحول إلى إمامة وراثية بعده , و هذه نقطة تسجل لها و ليس عليها.

و يسكت الكتاب عن فتح ملفات مثل الصراع بين الرئيس الراحل حافظ أسد و شقيقه رفعت أسد , و انحياز المرشديين ضد رفعت ..الخ

يمكن النظر للمرشدية كعقد فئوي عقائدي يتحوّى مرجعية غير برهانية أو مستحيلة البرهان كسائر العقائد الفئوية الأخرى , و لكن هذا لا يشكل عائقا أم تطوير صلاحيات الدعوة المرشدية و برهان ذلك هو: الحياة و التزام الموالين لها بالقيم الحيوية كالعدالة و التسامح و المحبة و الايجابية .

لا نجد في المرشدية  بعدا تبشيرا دعائيا كما في التصورات النمطية للاسلام و المسيحية مثلا, بل هي دعوة كانت و ما تزال محصورة ضمن عشيرة معينة "المرشدية" و كان هاجس الكتاب هو تعريف الآخرين بها و الرد على الخصوم.

"وأكثر ما يميِّزُ المرشديةَ هو إلغاؤها للسلطة الدينية، إذ لا يوجد كهنوت ولا مشايخ ولا تبشير ولا دعوة إلى الدين، إنما يُعطى الدينُ بناءً على طلب المريد. فهي إذاً ليست نظاماً اجتماعياً ولا حزباً سياسياً ولا برنامجاً اقتصادياً. كما ترتكز الحركة المرشدية عَمَلياً على الحرية الدينية الكاملة بشكلٍ عام [لا إكراهَ في الدين] وعلى حرية المرأة بشكلٍ خاص [الفتاةُ المرشدية تتزوج ممن تحب]…

و الحركةَ المُرشديةَ ليستْ مغلقةً أمامَ أحد,  ولا حكراً على فئةٍ دونَ أخرى، ولا يعيشُ أبناؤها ضمن غيتوهات,  ولا يضرِبونَ حولَ مذهبهم أسواراً من الأسرار أو أنفاقاً ومتاهات، بل هي حركة عالمية مفتوحةٌ على كلِّ من يطلبُ بصدقٍ وإخلاص، دونَ اللجوء إلى أساليبِ الدعايةِ والتبشير وتسليعِ الحقيقة ولا إلى القسر أو الإكراه. لا يدينُ المرشديونَ أحداً,  ولا يكفِّرونَ أحداً، فالديَّانُ هو اللهُ. كما لا يحقُّ لأحدٍ أنْ يكونَ وصياً على أحد. وجميعُ الأديان والمذاهب هي طرُقٌ مختلفة لغاية واحدة.""28"

المرشدية قد تتحوّى كغيرها من العقائد على ازدواجية معايير بين النظرية و التطبيق , و هذا يمكن النظر إليه كقصور في حيوية من يقوم بذلك و إدانة له , و ليس من الإنصاف تعميم الحكم على الجماعة.

و أخيرا كاتب هذه السطور عاش جغرافيا في  قرية لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن قرى يسكنها المرشديين , و لكن البعد الجغرافي الزهيد هذا يقابله عشرات السنوات الضوئية من الحواجز الثقافية بين المرشديين و شركائهم في الوطن و الأرض و الحياة؟

 فمازالت التصورات النمطية الجوهرانية هي المتحكمة في نظرتنا للآخر؟

و لعل أشهر هذه التصورات النمطية هي تأليه  سلمان مرشد

و أن سلمان مرشد خائن و عميل للفرنسيين؟

و أن المرشدية تحرض على الفساد و الانحلال..الخ

فليس من المقبول في القرن الواحد و العشرين أن نعيش في قواقعنا الثقافية , فهذا هو الانتحار بعينه, و أذكِّر أن النظرة النمطية هذه لا تقتصر على فئوية معينة بل تشمل المرشديين  كجزء من سمة عامة تطبع  ثقافة المجتمعات العربية الإسلامية , و هذا ليس بمبرر لشرعنتها,  بل هو دافع لمقاومة القصور الذي يعتري هذه المجتمعات و يهدد بتهميشها

              

* شاعر وكاتب سوري

الهوامش:

عنوان الكتاب: لمحات حول المرشدية"ذكريات و شهادات ووثائق"

المؤلف : نور المضيء مرشد

ط1:بيروت 2007

ط2:بيروت 2007

 "1" عن موسوعة ويكيبيديا

"2" لمحات حول المرشدية  ص100

"3" المرجع السابق ص103

"4" المرجع السابق ص104

"5" المرجع السابق ص105

"6" المرجع السابق 152

"7" – "8" المرجع السابق 132

"9" المرجع السابق 114

"10" المرجع السابق 154

"11" المرجع السابق ص 155

"12" عن موسوعة ويكيبيديا,

"13" المرجع السابق ص197

"14" المرجع السابق ص208

"15" المرجع السابق ص214

"16" المرجع السابق ص222

"17" المرجع السابق ص250

"18" المرجع السابق ص334

"19" المرجع السابق ص364

"20" المرجع السابق ص366

21" المرجع السابق ص495.

"22" المرجع السابق ص250

"23" المرجع السابق ص274

"24"المرجع السابق ص497

"25" المرجع السابق  ص498

"26" المرجع السابق ص501

"27" المرجع السابق ص503

"28" عن موسوعة ويكيبيديا: على الرابط:

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B4%D8%AF%D9%8A%D8%A9

*نقلا من موقع ألف.