مع القرآن الكريم دراسات وأحكام

مع القرآن الكريم

دراسات وأحكام

عرض: غرناطة الطنطاوي           تأليف: حيدر قفة         

مؤلف هذا الكتاب هو الأستاذ الأديب حيدر قفة.. والأستاذ حيدر كاتب باحث معروف بغزارة إنتاجه الفكري والأدبي، ملتزم بالإسلام عقيدة وسلوكاً ودعوة، ذو عين نقادة، وبصيرة نفاذة إلى بواطن الأمور، تميز الغث من السمين من الموضوعات التي يراها ضرورية لمعاصريه من شداة العلم والمعرفة من الإسلاميين، ومن الناس الصادقين..

يقع الكتاب في 355 صفحة من القطع المتوسط.. يخاطب فيه القارئ المعاصر المتعجل الذي يؤمل أن يفهم الكثير الكثير عن كتاب ربه، ودستور دينه، في فترة وجيزة، وبأسلوب مبسط بعيد عن التعقيد والإطالة المملة، ويتناول الموضوعات التي تهمه كمسلم وليس كباحث، مع وجود القصة المشوقة، لتوضيح الفكرة ونبذ الملل.

وقد حرص المؤلف أن يبتعد بالقارئ عن مواطن الاختلاف في الفروع، ليجنب بلبلة الفكر ما أمكنه ذلك، وكان يختم أي خلاف في الفروع بما يستريح له، إذا شاء القارئ الأخذ به، وخيراً فعل.

والكتاب مقسم إلى خمسة فصول، يتناول في الفصل الأول القرآن وعلومه، فيعرّف القرآن بأنه كلام الله المعجز، ويذكر أسماء القرآن المتعددة التي ذكرها الله في كتابه، مثل التنزيل والفرقان والنور وغيرها من أسماء ذات صفة لازمة له، ويتحدث عن الحكمة من تنزيل القرآن، ونزوله منجماً، لتثبيت النبي e وتسهيل حفظه على المؤمنين، والتدرج في التشريع، كما حدث في تحريم الخمر.

وتحدث المؤلف عن علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم وعن الحكمة فيهما، وذكر نماذج من بعض الآيات المنسوخة والناسخة، وهذه مسألة مهمة تثير الكثير من الجدل بين العلماء في القديم والحديث، فكان منهم المثبت للناسخ والمنسوخ –كما فعل المؤلف- ومنهم المنكر لهما..

أما في الفصل الثاني فقد تحدث عن تاريخ القرآن وكتابة المصحف، فما ترك شاردة أو واردة إلا وذكرها، من جمع للقرآن في زمن أبي بكر وكتابته بلهجة قريش في زمن عثمان، منعاً لاختلاف الناس في لهجاتهم بعد تفرقهم وتوزعهم في البلاد المفتوحة.

في الفصل الثالث أورد المؤلف سبب نزول القرآن والهدف منه، والاستشفاء به كالرقية.

وقد تناول في الفصل الرابع وبإسهاب أثر القرآن في المسلمين والكفار والجن، وفي المناظرات، وفي اللغة العربية التي ذخرت بألفاظ جديدة لمدلولات أوجدها الإسلام، ولم تكن موجودة من قبل، ككلمتي خليفة وديوان وغيرهما، كما حفظ القرآن اللغة العربية فهي باقية ببقائه لا تندثر كما اندثرت لغات أخرى.. وهذا غيض من فيض مما كتبه المؤلف وأوضحه لعامة الناس من أمور قد تغيب عن أذهانهم.

أما الفصل الخامس فقد خصصه لعرض بعض المسائل المهمة والملحة في حياتنا اليومية قد تكون بسيطة في ظاهرها ولكنها تحتاج لعالم يفتي بها، كاستخدام القرآن كرقية أو حجاب وكقراءته للاستشفاء، وما إلى ذلك من الموضوعات الحيوية..

ختاماً أقول: إنه كتاب جدير بالقراءة لما فيه من فائدة ومتعة لتنوع موضوعاته وبساطة أسلوبه وغزارة معلوماته. وهذا ما امتازت به كتبه الأخرى ككتابيه: المسلمة المعاصرة، ورسائلي إليها وغيرهما من الكتب التي أتحف بها المكتبة الإسلامية العربية، التي هي في أمسّ الحاجة إلى مثل هذه الكتابات، التي تبحث موضوعات قديمة متجددة بهذا الأسلوب المبسط، والمعالجة السليمة في فهم ودقة وموضوعية.