رحلة الضياع للإعلام العربي المعاصر ، تأليف : يوسف العظم

عبد الله الطنطاوي

رحلة الضياع

للإعلام العربي المعاصر  

تأليف: يوسف العظم                      عرض : عبد الله الطنطاوي 

تمهيد

 يقع هذا الكتاب في مئة صفحة من القطع المتوسط.

وهذا الكتاب- في الأصل- محاضرة للأستاذ يوسف العظم، أضاف إليها إضافات مهمة، لأهمية الموضوع الذي يطرقه من وجهة نظر إسلامية، ومن رجل دعوة وسياسة وإعلام، طالما أهمَّه شأن الإعلام الذي كثيراً ما يواكب الجيوش في غزوها، وقد يسبقها ويمهّد لها الدروب، بغزو النفوس واستعمار العقول والقلوب، وقد فطن لأهمية الإعلام أعداء هذه الأمة وغزاتها ومستعمروها، الذين كانوا يصحبون مع جيوشهم، علماءهم ومسارحهم وألوان فنونهم، كما فعل نابليون في غزوه أرض الكنانة، وكما فعل الصهاينة وما يزالون يفعلون هم وصنائعهم، وما أكثر صنائعهم الذين ينتشرون في أصقاع الأرض، يرددون ما تأمر به الصهيونية وما يخدم أهدافها في منطقتنا العربية بخاصة، وفي العالم بعامة، وكما فعل رسل الصليبية الحديثة وما يزالون يفعلون تهديماً لصرح هذا الدين العظيم، وتخريباً لنفوس أبنائه من الجهلة والغافلين والمغفلين.

الكاتب

مؤلف هذا الكتاب هو الأستاذ الأديب يوسف العظم، ويوسف العظم هو من هو شهرةً وذيوعَ صيت يجعلاني أحار في تقديمه، لأنه أعرف من أن يُعَرَّف، فهو منذ بداية الخمسينيات ملء السمع والبصر، يحاضر هنا، وينشد شعره الإسلامي هناك، ويملأ أعمدة الصحف بمقالاته الأدبية والسياسية والاجتماعية يدبجها قلم ثائر، ينقل عن قلب تقلقه مواجع المسلمين، وعن عقل يفكر في كيفية النهوض بهذه الأمة المتخلفة التي كانت في سالف الزمان: خير أمة أخرجت للناس، فتأتي كلماته شواظاً من نار تأكل هشيم التخلف الذي يعشش في النفوس، وتضيء للسالكين والصاعدين السبل، وتشير إلى الصوى الموصلة إلى الأهداف..

يوسف العظم رجل سياسة ورجل إعلام، له عينان ذكيتان تريان مالا تستطيع رؤيته سائر العيون، وله قلب موقد، يتلظى بأشد الأمور حساسية وخطورة، يعيها أولاً، ثم يضخ وعيه أفكاراً ذكية، ودفقات من العواطف الواعية، والمشاعر المتزنة.. ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب..

الكتاب

وابتداء.. أحبّ أن أنعى على الكاتبين والنقاد تقصيرهم في عرض هذا الكتاب وتقديمه للناس، وأنا أعني الإسلاميين منهم خاصة، لأننا لم نكن نرجو من العلمانيين المنتمين إلى يسار أو يمين، أي مجهود يصب في خانة الإسلام والمسلمين، إن أولئك مشغولون بأنفسهم، يهللون، ويطنبون في عرض أي أثر أدبي أو فكري يصدر عن أيّ واحد منهم، كل أقلامهم مسخَّرة لإبراز رفاقهم، حتى جعلوا من التافهين ناساً يدعون الناس إلى احترامهم واحترام ما يقدّمون من شعر أو أدب أو فكر، وليسوا كما يقدمّوهم، ولا أنصافهم ولا أرباعهم، ولكنهم هكذا يفعلون: ينفخون وينفخون ولا يملون ولا يخجلون حتى لو كان نفخهم في قُرَبٍ بالية مهترئة أو مقطوعة.. أما كتابنا فهم (متواضعون) ولا يحبّون أن يقصموا ظهور إخوانهم بمقالة يكتبونها عن ديوان أو كتاب أو قصة أو مسرحية.. وهذه أدلتي..

لقد قضى الفقيد العظيم علي أحمد باكثير دون أن يرى من ينصفه، ومن قبله الرافعي، ومن بعده عشرات الشعراء والكتاب الإسلاميين، تملأ كتبهم واجهات المكتبات، ولا نرى عرضاً لتلك الكتب، أو نقداً أو أدنى إشارة.. مع أننا نخوض معركة من أشرس المعارك مع أعداء العروبة والإسلام، من المتخفين وراء أقنعة شتى، ذات أشكال وألوان قد تبهر عيون السذج والبسطاء، وليس وراءها سوى السمّ الزُّعاف، يطلونه بشعارات فيها الزيف وفيها البهرج الكاذب، كثيراً ما تبدو البغضاء من أفواههم، وما تخفي قلوبهم أكبر، لما تميزوا به من مكر وخداع، ويمكرون، ويمكر الله، والله خير الماكرين... معارك فكرية، وأدبية، وفنية، وسياسية، وعسكرية، واقتصادية، واجتماعية، وهم لا يرحمون، لأن الرحمة منزوعة من قلوبهم.

الصحافة

في الكتاب لمحات سريعة، وإشارات خاطفة لسلسلة من الفضائح، أبطالها أسماء عريقة، ولها تاريخ أسود في عدائها للعروبة والإسلام، هيهات أن نستطيع ملاحقتها وملاحظتها والرد عليها ونحن في عجلة من أمرنا.. ويكفي أن نتعلم "أن قاعدة الصحافة العربية الأولى التي انطلقت منها كانت (أهرام تقلا) و(هلال جورجي زيدان).. وأن قاعدة الإذاعة العربية الأولى التي زحف عبر أثيرها الصوت العربي لأول مرة كانت: هنا لندن.. وهنا برلين".

ويلاحظ الكاتب- منذ البداية- هذا الخلط المتعمد في الإعلام العربي، بين الثقافة والتربية والتوجيه والفكر والأدب والإعلام، "ونتيجة لهذا الخلط، صار الجيل المسلم مضيَّعاً مهدور الفكر، مشتَّت الهدف، ممزّق الهُويّة، فهو يرى في التلفاز ويسمع من المذياع، ويقرأ في الصحيفة والكتاب كل ما يريد العدو أن يراه أو يسمعه أو يقرأه، من وجهة نظر لا تخدم قضية من قضايا ديار الإسلام".

ويتحدث الكاتب عن الغزو الصحفي الذي واكب الحملة الفرنسية على مصر، والذي استقطب نصارى الشام الذين توافدوا تباعاً إلى مصر، ويتحدث عن (جريدة الأهرام) التي صدر العدد الأول منها في 5/8/1876 وكان يشي بطبيعة المهمة المشبوهة التي تحملها، وعن دار الهلال التي أسسها جرجي زيدان الذي أسهم في تزوير تاريخنا القديم والحديث في (رواياته) الموسومة بـ (روايات تاريخ الإسلام) وليس لها من الصدق الفني والتاريخي شيء... وكانت (رسالة) دار الهلال كرسالة أهرام تقلا، وقد بلغ من دهاء القائمين على أمر دار الهلال، أنهم قسموا كتّاب مصر، إلى فئات، كل فئة تسير وفق مخطط مرسوم في الظلام، لتفرز سمومها في أفئدة الناس وعقولهم وعيونهم حتى يكونوا صماً وعمياناً.. ومن هذه الفئات فئات تثير الجيل الجديد بالكأس والجنس، وتحرك المرأة بدغدغة عواطفها واستثارة مشاعرها، لتخرج عن إطار حشمتها ووقارها.. إلى آخر ما هنالك من أفكار ضالة مضلة دعت إليها دار الهلال في صحفها.

وتحدث المؤلف عن محمد التابعي وضلالاته، وإحسان عبد القدوس ومجونه وحشده العديد من كتاب الجنس واليسار في روز اليوسف وصباح الخير، ثم انتقل إلى بنات الأهرام ودار الهلال، في لبنان، وكلها تمتح من بئر العداوة للعروبة والإسلام، وتتلقى توجيهاتها ودعمها اللامحدود من الاستعمار الذي كان قد أرخى بكلكله فوق أرضنا الطيبة، وناء بثقله الأحرار من أبناء أمتنا. "ومن المؤسف أن تقتسم الدول الأجنبية وسفاراتها العديدة معظم صحف الوطن العربي، حتى صار لكل دولة في كل قطر عربي أكثر من صحيفة، تبث فكرها، وتنشر رأيها، مقابل ما يدفع لها من ثمن، وما يلقى إليها من فتات" وكلها تعمل "على هدم الإنسان العربي وازدراء عقله، ومسخ وجدانه، وإفساد ذوقه، بحيث صار ممزق الهوية، حائر اللب، مسلوب الإرادة، لا يعرف ما يراد به، وما يؤول إليه من مصير".

"وبطبيعة الحال ظل الإسلام في هذه الأجواء المحمومة مبعداً عن الصحافة ووسائل الإعلام بعامة، إلا عبر واحات صغيرة، أحاطت بها الظروف القاسية، والأوضاع المالية الشحيحة، والأحوال الاجتماعية المتفسخة"، فكانت- مع الأسف الشديد- دون المستوى الإعلامي المنشود، ودون الأمل الجماهيري المرتجى.. مع أن المواطن العربي والإنسان المسلم، في مسيس الحاجة إلى الصحيفة الناجحة التي تعالج قضاياه اليومية عبر المقال والصورة والخاطرة والفكرة والعنوان والرسم الساخر..

"وهكذا تمكن الشر واستشرى الفساد عبر وسائل الإعلام".

الإذاعة

ويعرض المؤلف- في إجمال- تاريخ الإذاعة العربية ودورها في مجال الإعلام المنهزم والتوعية العمياء التي أججت عوامل الفرقة في مجتمعنا العربي، فمزقت النفوس، نتيجة الأفكار التي كانت تحترب عبر الأثير العربي، من ماركسية وقومية واشتراكية وأممية ورأسمالية ورؤى استعمارية، وزحف تبشيري، والإسلام مبعد عن الساحة، وعقيدة الأمة تعاني من مؤامرات الدخلاء، وقهر العملاء، وغفلة القطيع الكبير من الأبناء الذين كانوا ضحية ما يسمعون من (إذاعاتهم) العربيات، من تعليق سياسي مدسوس، وخبر مكذوب، وأحاديث تتلاعب بالعقول، وأغنيات ساقطات تعبث بعواطف المستمعين، ولا تقل خطورة عن الأدب المكشوف المقروء.

ولكي تكتمل اللعبة، وتؤدي الإذاعة دورها المرسوم لها في الغرف المغلقة الأبواب، استغل الدخلاء والغرباء والمشبوهون التقسيم الإداري في الإذاعة استغلالاً بشعاً، بحيث خُصَّ الإسلام- وهو دين الأمة- بقسم خاص أسموه (قسم البرامج الدينية) مهمته تقديم الأحاديث الدينية وخطبة الجمعة والفتاوى، دون أن يكون له أدنى سلطة أو رأي فيما يقدمه السياسي والأديب والشاعر والمربي والمفكر والمغني والممثل والموسيقي في الأقسام الأخرى، وهي كثيرة.. فكان هذا التقسيم بلاء على الإسلام الذي مُنح نقطة من بحر في حجرة تقوقع الإسلام داخلها وانحصر، ولا يستطيع أن يدلي برأيه فيما تقدم من سياسة واقتصاد وفكر وفن.

التلفزيون

وما قيل عن الإذاعة يمكن إطلاقه على التلفزيون العربي الذي لم يقم بدراسة وتوجيه وتقديم ما يريده أبناء أمتنا، مع أن تلك الدراسة والتوجيه والتقديم في منتهى الخطورة لهذه المدرسة الجديدة التي تدخل البيوت، وتتعهد الأجيال بكثير من عوامل التعمير أو التدمير.

ويناقش المؤلف مقولة بعض الإعلاميين: "ليست مهمتنا أن نربي وأن نوجه، وإنما مهمتنا أن نكون مرآة تعرض ما يدور في المجتمع، ومن أهدافنا إرضاء أذواق المواطنين جميعاً، كلٌّ وفق ما يرغب وما يريد" ويعتبر الكاتب هذه الفلسفة الإعلامية خاسرة، وهي تحكم على المجتمع بالتفسخ، وعلى الكيانات بالدمار، لأن فلسفة (المرآة) هذه فلسفة سلبية تعكس الخير والشر، والنظافة والقذارة، والقبح والجمال، دون أن يكون لها دور إيجابي في التغيير نحو الأفضل، ولهذا فإنها فلسفة مرفوضة.. ويقول: "إن دور الوسائل الإعلامية أولاً وقبل كل شيء دور تربوي ثقافي ريادي يقوم على تبني الهدى ورعاية الحق، وعرض صور الخير والجمال" "أما إرضاء أذواق الناس جميعاً، فهو لا يقول به عاقل..." ويقول:

"إن إطاراً عاماً للذوق لابد أن يقوم، وفق ما يجب أن يكون للإعلام العربي- والتلفاز وسيلة من وسائله- من هوية وهدف، ولا يضيرنا بعد ذلك أن يقدم الإيمان بالخير والمحبة والعزة والكرامة والبناء والعطاء عبر كلمة هادئة، أو مسرحية هادفة، أو أغنية عفة، أو برنامج علمي رصين، أو فقرات ترفيهية مرحة"..

ويطالب المؤلف ببرنامج إعلامي إسلامي يكون فيه من الوعي والعمق واللباقة بحيث يبدو الإسلام واضحاً أو ملموحاً، ولكن بطريقة مؤثرة في نشرة الأخبار، وكلمات الأغنية، والتعليق السياسي، والإعلان التجاري، على حد سواء.

ويقرر المؤلف أن التلفاز في بلادنا بلا هدف ولا هوية، وتقوم برامجه على اجتهادات أفراد يتفاوتون في درجات الوعي وتحمُّل المسؤولية، ولا يجوز أن تخرج عن إطار الهتاف للزعيم الحاكم، الذي لا يبلغ مستواه في التفكير أحد، ولا يصل إلى ذكائه كل عباقرة العالم..

ويعرج المؤلف على المسلسلات المصرية الشائع عرضها في الوطن العربي، وعلى المسلسلات العربية الأخرى، التي هي في كثرتها الكاثرة ليست سوى (مهلهلات)- على حد تعبير الأستاذ إيهاب الأزهري- فيراها هابطة المستوى،، متدنية العطاء.

ولا ينسى المسلسلات الأجنبية التي تقدم في التلفزيونات العربية، وقد رفضتها المجتمعات الأمريكية والأوروبية، وتقدمت آلاف الأمهات في الولايات المتحدة تطلب من الكونجرس أن يعمل على وقف إنتاجها وعرضها على الجيل الجديد. واستجابوا لجانب من الطلب، فسمحوا بالاستمرار في إنتاجها، وشجّعوا على تصديرها للجيل العربي المنكود.

ويعجب المؤلف للتناقضات التي يراها المشاهد العربي على شاشات التلفزيون، من مثل بث برنامج علمي عن التدخين ومضاره، يليه مباشرة إعلان يقول: إن الأسرة كلها مدعوة لتدخين نوع معين من أنواع التبغ الجيد الذي يعدّ متعة من متع الحياة للشباب والشابات والآباء والأمهات.

ولا ينسى المؤلف ما آلت إليه حال المرأة المهينة المستغلة المهدورة الكرامة في عالم الإعلام والإعلان معاً، وبصورة مبتذلة لا ترضى بها كرامة الإنسان، وإن كانت المرأة المتحررة التقدمية قد قبلتها بكل غباء وغفلة، فتظهر عارية تدغدغ العواطف، وتثير الجنس، وتهبط بإنسانية الإنسان في عالم يعج بالسعار واللهاث حول فتنة الجسد وإشباع الشهوات.

ويتساءل المؤلف في حزن: لم يصر الإعلاميون عندنا على تقليد الغرب في سلبياته ومخازيه، ولا يحاولون تقديم ما يعرض بين الحين والحين من عطاء إعلامي رفيع في الغرب الذي يقلدون؟.

وما يقال عن التلفاز يقال عن صناعة السينما عندنا، وهي في مجملها هابطة تثير القرف والاشمئزاز والغثيان.

من حصاد الإعلام العربي

ويلاحظ المؤلف العديد من السلبيات والثغرات في رحلة الضياع التي قطعها الإعلام العربي، من بُعْدٍ عن الدين، ومن كذب وافتراء وبهتان، ومن تخبط مفزع يجعلنا نفزع ونحن لا نكاد نرى القلم الإعلامي العربي، والعدسة الإعلامية القومية إلا بين ثمالات الكؤوس وأنفاس الحشيش.. كما يلاحظ قيام "التلازم والتواؤم بين الفن الهابط والإعلام- المنهزم في دنيا العرب، ليربي الجيل المنكوب على التفسخ والمهانة، ويصنع الإعلام- عبر نواح مطرب متهالك، أو مطربة مبتذلة- جيلَ الانتحار واليأس والدموع والآهات.

ويتحدث الكاتب عن الأغنية العربية، وعن مفهوم (البطولة) الذي مسخ مسخاً مقصوداً في الأفلام الخليعة والداعرة، وعن الرقص والشعر المبتذل، فيرى في كل ذلك غثائية تثير الأعصاب وتحرقها.

الذين يخطئون في حق الأمة.

وهؤلاء الخطّاؤون فريقان:

الأول: أولئك المرتزقة من الإعلاميين الذين رُبُّوا على عين العدو، ليكونوا معاول هدم في كيان الأمة.

والثاني: بعض الدعاة الذين يحاربون بالسلبية وضيق الأفق وسائل الإعلام جميعاً، وما دروا أنها من الأساليب الجديدة المتطورة التي ينشرون بها دعوتهم، أو يذبحون بها أنفسهم لو كانوا يعلمون.. ومهمة الدعاة أن يغزوها لا أن يلغوها، وأن يعدوا أنفسهم لتسلمها والسيطرة عليها، وفهم أساليب العمل في ميادينها القلمية والآلية، لا أن يهجروها ويتركوها للعابثين والمأجورين وحملة المباخر في مواكب العصاة والمفسدين.

"إن واجب الدعوة الإسلامية أن تخطط عن وعي وحسن تدبر، لتعرف حاجتها لسنوات مختلفة وتخصصات شتى في حقول الإعلام: كتابة نص، أو قراءة خبر، أو إخراج برنامج، أو إصدار مجلة، أو طبع كتاب، أو إدارة آلة وجهاز، فتهيّىء بذلك الشباب الموهوب في مثل هذه الحقول، الراغبين للعمل في الإسلام في جنباتها"..

نحو إعلام بناء

وفي الختام، يطالب المؤلف باتخاذ عدد من الخطوات الإيجابية الفعالة التي تسهم في قيام مجتمع إسلامي، وتربية جيل مسلم، هي:

1- لا بد من تحديد هوية للإعلام العربي، هي هوية هذه الأمة.

2- لابد من التنسيق بين وزارات التربية والتعليم، والثقافة والإعلام، والأوقاف والشؤون الإسلامية والعدل، ليتم البناء في تناسق وانسجام وتآلف بين الجميع.

3- تشكيل لجان لمراقبة الإذاعة والتلفزيون مراقبة موضوعية هادفة.

4- لابد من وضع برنامج يومي مدروس، وخطط سنوية واضحة لتلفاز إسلامي مُتَصوَّر، وإذاعة إسلامية منشودة.

5- إنشاء وكالة أنباء عربية إسلامية في بلد عربي مسلم، فيها كفاءات فنية وعلمية..

6- إصدار مجلة علمية رصينة، تربط المبتكرات العلمية الحديثة بأسس الإيمان ومفاهيم القرآن...

7- إقامة معارض دائمة للكتاب الإسلامي في سائر العواصم الإسلامية.

8- إصدار صحيفة عربية إسلامية يومية كبرى.

9- إيفاد العديد من الشبان الواعين ذوي المواهب من أجل التخصص في الحقول الإعلامية.

10- إنشاء أكثر من محطة تلفاز إسلامي في أكثر من قطر إسلامي، و"أحسب أن الله الذي يثيب المنفقين على بناء المساجد والمدارس والمستشفيات، سيثيب كذلك الذين ينفقون على تأسيس الصحف الإسلامية، والمجلات الهادفة، وغيرها من مؤسسات الإعلام التي تتناول الصورة والخبر والتعليق حتى تزول الغشاوة، وينجلي الموقف، وتتضح الرؤية وفق ما يريد الله لعباده المؤمنين ويرضى".

وأخيراً أجدني مضطراً إلى تأكيد كل ما تقدم، وإلى القول:

إنه كتاب مهم، يتناول موضوعاً من أهم الموضوعات، ومع ذلك، فإننا نطالب بالمزيد من هذه الدراسات الحيوية، لعل الله يرقق قلوب أثرياء المسلمين،، ويهديهم إلى (التضحية) بقسط من أموالهم، من أجل عمل إعلامي إسلامي حقيقي، همه الدعوة أولاً وأخيراً، ولا يفكر تفكيراً تجارياً قائماً على الربح والخسارة المادية.. إننا شاهدنا الخطوة الأولى من أغنياء المسلمين، في بعض الفضائيات، وننتظر الخطوات التاليات، في بناء فني أصيل، قائم على كوادر فنية مؤهّلة، مع الإفادة من الكفاءات المتوافرة والعاملة في غير ميدانها وتحتاج إلى من يحافظ على كرامتها في التفتيش عنها، وتوظيفها.