صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية (دراسة استقصائية علمية)
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
المقدمة
يهدف هذا الكتاب إلى الكشف عن درجة توافر الملامح الصريحة والضمنيّة لمكونات صورة العرب في المراحل الثلاث: الابتدائية، والإعدادية، والثانوية في إيران، والكشف عن مستوى التتابع والاستمرارية والتكامل لمكونات صورة العرب المتضمنة فيها، باستخدام أسلوب تحليل النص و المحتوى، مما يفيد في التعرف إلى الملامح التي تمّ التركيز عليها، وتلك التي ضمنت بدرجة (سلبية، إيجابية )متدنية أو لم تضمن، حيث نهدف إلى دراسة صورة العرب كما تبدو في الكتب المدرسية الإيرانية المخصصة للمواد، وقد شملت هذه الدراسة السنوات الدراسية من أول المرحلة الابتدائية حتى السنوات النهائية للمرحلة الثانوية .
جرى البحث عن هذه الصورة في الأجزاء والفصول التي تمس العرب بشكل مباشر أو غير مباشر،وهذه الأجزاء والفصول قد تم إقرارها صراحة في البرنامج المدرسي الذي وضعته وزارة التربية والتعليم الإيرانية، حيث يمثل هذا الكتاب أول دراسة علمية في العالم العربي، ولنقل في العالم تدرس هذا الموضوع بشكل علمي شامل، وموضوعي .
تعتبر فلسفة التربية والتعليم الإيرانية الكتب المدرسية مخزنها الكبير، ومعينها الذي لا ينضب، حيث تكرس الكتب المدرسية نظرة عدائية ومغايرة للواقع تجاه العرب.
في السنوات التي تبعت نجاح الثورة جهدت هذه الثورة في عملية تغيير سياسية أطلق عليها اسم الثورة الثقافية، وأعطتها أولوية قصوى، حيث ركّزت مؤسسات التربية والتعليم في إيران على التربية المذهبية والقومية لبناء الأمّة الإيرانية .
لعل الدارس لطبيعة المجتمع الإيراني، يلاحظ تلك الملاءمة والتوافق القوي بين أهداف التربية والتعليم الإيرانية من جهة وأهداف الثورة الإيرانية وحاجاتها من جهة أخرى، فلقد كانت التربية والتعليم الإيرانية بخلفيتها القومية والمذهبية، وبفلسفتها المستمدة من تعاليم المذهب الشيعي الصفوي، هي الوسيلة الأولى والأهم التي استخدمت لتحقيق أهداف الإيرانيين في انتصار الثورة الإيرانية وبقائها .
فالطلاب يكتسبون القيم والتصورات والمعتقدات السياسيّة من خلال ما يتعرضون له من تنشئة، وما يتلقونه من أفكار وقيم من خلال المناهج المدرسيّة، والقيم السائدة في مجتمعهم، التي من شأنها أن تؤثر في سلوكهم ووعيهم بالقضايا الوطنيّة والقوميّة وفعلهم السياسيّ في مرحلة النضج، وترسم لهم نهجاً خاصاً ليسيروا عليه.
إن هذه المعتقدات والخبرات والمعارف والعمليات التربويّة والتصورات التي يتعرض لها الطفل أثناء تنشئته تُشكل جزئياً هويته، ومعارفه، واتجاهاته، ومواقفه([1]).
ويُعدُّ المنهاج أحد المكونات الأساسيّة للنظام التربويّ، وأكثرها فعّإلىة في تحقيق أغراضهِ. ولمَّا كان المجتمع يتغير ويتطور تبعًا للتغيرات في البيئة والثقافة، فلا بدّ للمناهج المدرسيّة أن تتغير وتتطور؛ لأن المجتمع من أهم المؤثرات في المناهج التربويّة، فالمناهج الدِّراسيّة صورة صادقة تعكس حالة المجتمع، وثقافته، وحاجاته، وتطلعاته المستقبليّة. ([2])
والمناهج والكتب المدرسيّة تمثل في حقيقة الأمر رؤية الدولة ومؤسساتها المسئولة عن تربية النشء فيها وتشكيل شخصياتهم.
فللمناهج دور عظيم في تشكيل شخصيات الناشئة العقليّة والفكريّة والنفسيّة والجسميّة والاجتماعيّة([3]). وتعدّ دراسة المناهج والكتب المدرسيّة وتحليل نصها من الدّراسات المهمة في ميدان المناهج وطرائق التدريس؛ لأن الكتاب المدرسيّ أحد العناصر المكونة للنظام التعليميّ، وهو أداة المنهاج في تحقيق أهدافه، وأداة أساسيّة في عمليتي التعليم والتعلم([4]).
تقوم هذه الدراسة على أساس فهم كيفية تناول صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية، حيث لا بد من الوقوف عن كثب لمعرفة ما يقوله الإيرانيون عن العرب، وكيف يرسمون ملامح هذه الصورة، و كيف يؤثر ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية التنشئة لدى الإيراني . خصوصاً أن الطلاب الإيرانيين يكتسبون القيم والتصورات والمعتقدات السياسيّة من خلال ما يتعرضون له من تنشئة، وما يتلقونه من أفكار وقيم من خلال المناهج المدرسيّة، التي من شأنها أن تؤثر في سلوكهم ووعيهم وفعلهم السياسيّ بالقضايا المختلفة ؛ خصوصاً تجاه الآخر " العربي"، وترسم لهم نهجاً خاصاً لمواجهته .
نشير أولاً إلى أن النصوص المتعلقة بالعرب متناثرة ومبعثرة، مما دفعنا إلى إعادة تجميعها لكي نشكل منها مجموعة (محل بحث )، وهذا التجميع له طابع مهم، ويعطي النصوص ترابطاً يقربه من واقع نظرة الإيرانيين لصورة العرب، ولقد تم تناول هذه المجموعة أولاً من الناحية الموضوعية ؛ أي من حيث تصنيف الموضوعات التي تتناولها هذه النصوص تبعاً لأهميتها، وتبعاً للمساحة التي تشغلها، وكيفية توزيعها بين مختلف الكتب المدرسية الإيرانية، ثم القيام بتحليل النص، والسياق الذي وردت فيه هذه النصوص من حيث كيفية معالجتها، والنقاط والمحاور التي كانت محل اهتمام هذه الكتب، والجوانب التي تم إهمالها وإغفالها، ودوافع ذلك .
لا شك أن هذه الدِّراسة تستمد أهميتها من أهمية الموضوع الذي تتناوله، وهو الكشف عن درجة توافر الملامح الصريحة والضمنيّة لمكونات صورة العرب المضمنة في الكتب المدرسية في المراحل الثلاث الابتدائية، والإعدادية، والثانوية في إيران، فهي تأتي في مواجهة السياسة التربويّة الإيرانية تجاه العرب .لذا وجدنا ضرورة الاطلاع على نماذج الكتب المدرسيّة الإيرانية، بهدف إدراك الاتجاه الذي يتم غرسه في عقول الناشئة الإيرانيين ووجدانهم.
وتنبع أهمية هذه الدراسة عن صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية من خلال ضرورة معرفة أوجه اهتمام الإيرانيين بدراسة وتحليل صورة الشخصية العربية من خلال المدارس، وذلك بغية التعرف بدقة ووضوح على المداخل والأساليب والأدوات التي يتناولون بها العرب، لأن ذلك كله مما يؤثر في فهم الدارسين للعالم العربي، فلا بد من الوقوف عن كثب لمعرفة ما يقوله الإيرانيون عن العرب، وكيف يرسمون ملامح هذه الصورة، وفي النهاية كيف يؤثر ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية التنشئة لدى الإيراني .
كذلك فإن أهمية هذه الدراسة تتجلى من خلال تحليل النص الحاوي لمضمون الكتب المدرسية والذي سيكشف عن دور هذه الكتب في التعرف على صورة الآخر " العربي" ودورها في تدعيم وترسيخ قيم معينة .
العلاقات العربية الفارسية عبر التاريخ
المجابهة الأولى: صورة العرب عند الفرس قبل الإسلام:
إن المتتبع لتاريخ العلاقات العربية ـ الفارسية يؤكد حقيقة متوافرة عبر الحقب التاريخية المختلفة، تؤيدها شواهد التاريخ وأحداثه، وهي أن هذه العلاقات اتسمت بروح العداء الفارسي للعرب، والنزعة التوسعية على حساب أراضيهم وبلادهم، والرغبة الشديدة التي تصل إلى حد الهوس للسيطرة عليهم وإذلالهم والانتقاص من مكانتهم ودورهم الإنساني. فالعرب في صفحات كثيرة من الأدب الفارسي الحديث، «موبوؤن، قذرون، بشعون، وأغبياء، جلودهم سوداء». وتضيف الباحثة تعليقاً على خصال العرب هذه من وجهة نظر المثقفين الفرس: بالطبع هذا كلام غير دقيق، والقصد منه هو مزيد من الطعن والذم.
وهذا هو أيضاً موقف كبار الأدباء في التراث الفارسي القديم؛ فالشاهنامة -ملحمة الفردوسي الشهيرة- تنتهي صفحاتها بقدوم العرب المسلمين والقضاء على الدولة الساسانية وإحتلالها. وقد تم تصوير العرب فيها على أنهم أقل مدنيَّة من الفرس. فها هو ذا (رستم) قائد الجيش الفارسي يرسل رسالة إلى سعد بن أبي وقاص (قائد الجيش العربي) يقول فيها:
" فقد جئت في عساكر حفاة عراة بلا ثقل ولا رحل ولا فبل ولا تخت. ثم بلغ الأمر من شربكم ألبان الإبل وأكلكم أضباب القيعان التي تمنى أسرة الملوك العجم أرباب التخوت والتيجان. فأقبل إلى خدمة حتى ترى من إذا تبسم وهب أثمان جميع رؤوس العرب، ولا ينقص كنزه شيئاً "([5]).
وعلى هذا الأساس وضع الفردوسي ملحمته التي تخلو من أي شاعرية وأسماها الشاهنامه ( ملك الكتب) واضعاً جُلَّها في شتم العرب وتحقيرهم، وتمجيد الفرس وملوكهم ؛ وراح العنصريون الفرس يُحَفِّظُونَ أبناءهم و يغذونهم بهذه القصائد والأشعار العدائية.
ومن نماذج الأشعار العدائية ضد العرب التي دونها الفردوسي في ملحمته الأبيات التالية:
زشير شتر خور دن وسو سمار
عرب را بجايي رسيده است كار
كه تاج كيانرا كند آرزو
تفو باد بر جرخ كردون تفو
وتعني :
مِنْ شِرب لبن الإبل وأكلِ الضب
بلغَ الأمرُ بِالعرب مبلغاً أَن يَطمحوا فـي تاج المُلك
فتباً لكَ أيُّها الزمان وسحقاً
إضافة إلى ذلك فإن مظاهر العدوان العسكري المسلح كان السلوك الثابت للفرس تجاه العرب.. إذ كانوا يشنون عدوانهم كلما وجدوا لديهم قدرة على الفعل العسكري، وكلما رأوا الدولة العربية في العراق أو الخليج العربي تعاني من الضعف..
لقد أصبح العدوان والتوسع أشبه ما يكون بالقانون الثابت لدى الفرس، واستقراء التاريخ في الحقب القديمة والحديثة والمعاصرة يوفر لنا الأدلة القاطعة على هذا السلوك.
فبعـد أن استقر الفــرس في الهضبة الإيرانية حوالي سنة 900 ق م([6])، بدؤوا يهيئون أنفسهم للانقضاض على الدولة البابلية وتحينوا فرصة ضعفها، فغزوها سنة 539 ق م بقيادة كورش ودمروا مظاهر تحضرها ومؤسساتها وآثارها وأعملوا بسكانها القتل والإبادة. ودامت فترة سيطرتهم على وادي الرافدين حوالي قرنين من الزمن(539-331ق م) ([7]).
رغم ذلك فإن العرب لم يخضعوا خضوعاً تاماً للفرس، مما دفع الملك -كما قال هيرودوت- إلى التعاون مع العرب وكسب ودهم لاحتلال مصر في عهد الملك قمبيز الثاني، فمنذ أكثر من ألفي عام والفرس يتطلعون إلى توسيع نطاق هذه الإمبراطورية وتهديد حدود الدولة المصرية([8]).
إلى أن تم احتلالها من قبل الفرس على يد قمبيز بحدود 525 ق م([9]). وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الجيش المصري والتي توجت بطرد الفرس من مصر، إلا أن الأطماع الفارسية لم تنته في المنطقة، لذا غزا سابور شرق الجزيرة العربية وقتل الآلاف من سكانها، وكان يربطهم من أكتافهم ومن هنا جاء لقبه (سابور ذو الأكتاف)([10]).
وفي سنة 540م غزا كسرى أنو شروان بلاد الشام. وفي سنة 602م قتل الفرس النعمان ابن المنذر ملك الحيرة لعدم موافقته على زواج ابنته من كسرى([11]).
تشكّل معركة ذي قار واحدة من أبرز المفاصل التاريخية([12])، التي حددت العلاقات بين العرب والفرس قبل ظهور الإسلام .
لقد كان لمعركة ذي قار التي انتصر بها العرب على الفرس، أثرها في نفوسهم، حتى إن كسرى مات كمَداً وقهراً حين هزمَ العربُ جيشه في المعركة([13]).
وقد أكثر الشعراء العرب في مدح يوم ذي قار . فمن ذلك ما قاله أعشى بكر من قصيدة له([14]):
لو أن كل مَعَدٍّ كان شاركنا
في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
لما أمالوا إلى النشَّاب أيديهم
ملنا ببيض لمثل الهام تختطف
بطارق وبنو ملك مرازبة
من الأعاجم في آذانها النطف
كأنما الآل في حافات جمعهم
والبيض برق بدا في عارض يكف
ما في الخدود صدود عن سيوفهم
ولا عن الطعن في اللبات منحرف
ويظهر أن عقدة الخوف من مستقبل العرب استقرت في أنفسهم منذ زمن بعيد، وقد كانت فكرة الغلبة للعرب قد ترسخت في معتقداتهم منذ القدم.
ولعل في الحوار التالي الذي دار بين سابور وعمرو بن تميم احد زعماء وشيوخ القبائل العربية عندما اجتاحت جيوش الفرس بلاد البحرين دليلاً على ذلك.
يقول المسعودي([15]):
" وقد كان سابور في مسيره في البلاد أتى على بلاد البحرين، وفيها يومئذ بنو تميم، فأمعن في قتلهم، وفرت بنو تميم، وشيخها يومئذ عمرو بن تميم بن مر،..... فأخذوه، وجاؤوا به إلى سابور، فلما وُضِعَ بين يديه نظر إلى دلائل الهرَم ومرور الأيام عليه ظاهرة، فقال له سابور:
مَنْ أنت أيها الشيخ الفاني.
قال: أنا عمرو بن تميم بن مر، وقد بلغت من العمر ما ترى، وقد هرب الناس منك لإِسرافك في القتل وشدة عقوبتك إياهم، وآثرتُ الفناء على يديك ليبقى مَنْ مضى من قومي، ولعل اللّه ملك السماوات والأرض يُجري على يديك فرجهم، ويصرفك عما أنت بسبيله من قتلهم، وأنا سائلك عن أمر إن أذنْتَ لي فيه.
فقال له سابور:
قل يُسْمع منك.
فقال له عمرو:
ما الذي يحملك على قتل رعيتك ورجال العرب؟
فقال سابور:
أقتلهم لما ارتكبوا من أخذ بلادي وأهل مملكتي.
فقال عمرو:
فعلوا ذلك ولست عليهم بقيم، فلما بلغت وقفوا عما كانوا عليه من الفساد هيبة لك.
قال سابور:
أقتلهم لأننا نحن ملوكَ الفرس نجد في مخزون علمنا وما سلف من أخبار أوائلنا أن العرب ستُدال علينا، وتكون لهم الغلبة على ملكنا.
فقال عمرو:
هذا أمر تتحققه أم تظنه؟
قال: بل أتحققه ولا بد أن يكون ذلك.
قال له عمرو:
فإن كنت تعلم ذلك فلم تسيء إلى العرب؟
واللّه لأن تُبْقِي على العرب جميعاً وتحسنَ إلىهم فيكافئون عند إدالة الدولة لهم قومَكَ بإحسانك، وإن أنت طالت بك المدة كافؤوك عند مصير الملك إليهم، فيبقون عليك وعلى قومك، وإن كان الأمر حقاً كما تقول فهو أحزم في الرأي، وأنفع في العاقبة، وإن كان باطلًا فلم تتعجل الِإثم وتسفك دماء رعيتك؟.
فقال سابور: الأمر صحيح، وهو كائن لكم، والرأي ما قلتَ، ولقد صدقتَ في القول، ونصحت في الخطاب".
فالفرس بحكمائهم وفلاسفتهم أدركوا أن المستقبل للعرب بعد حين من خلال الإرهاصات الأولى في بلادهم التي كانت تشير إلى قرب ظهور النبوة في جزيرة العرب.
ففي أيام كسرى أبرويز كانت حوادث تنذر بالنبوة وتبشر بالرسالة، لذلك "أنفذ أبرويز عبد المسيح بن بقيلة الغساني إلى سطيح الكاهـن، فأخبره برؤيا الموبذان وارتجاج الِإيوان، وغير ذلك مـن أخبار فيض وادي السماوة وما كان من بحيرة ساوة"([16]).
وليس هناك ما هو أكثر دلالة على العمق التاريخي لحالة الصراع بين الفرس والعرب مما ورد في السيرة النبوية للذهبي الذي أشار إلى أن ولادة النبي محمد في عام 570 م أدى إلى سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وأطفأ النار التي كان يعبدها المجوس([17]).
لذا فإن قراءة الأدب الإيراني القديم الذي عبّر عنه أديبهم المشهور الفردوسي ليؤكد تأكيداً قاطعاً أن العداء للعرب مستحكم في الوجدان الفارسي عامة منذ القدم .
المجابهة الثانية : صورة العرب عند الفرس بعد ظهور الإسلام :
لم يقبل الفرس: العرب في القديم، فكيف يقبلون بهم بعد أن نزلت الدعوة بين ظهرانيهم، لذا نجد أن كسرى عندما أرسل له الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام، اشتاط غضباً، و قام بتمزيق كتاب رسول الله ^([18])؛ وذاك حينما استمع لأول الخطاب يذكر اسم نبي الرحمة محمد ^ قبل اسمه! فغضب حينها وقام من فوره بتمزيق الكتاب وقال : عبدٌ حقير من رعيتي يذكر اسمه قبل اسمي . ثم إنّه قد بالغ في الاستعلاء الفارسي ؛ فأمر عامله على إلىمن ( باذان ) أن يبعث برجلين شديدين إلى المدينة ليحملا له ([19]).
فلم تمض إلا سنوات قلائل حتى استطاعت جيوش المسلمين القضاء على أسطورة الدولة الفارسية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه –، ولعل هذا يُفسر للجميع سبب هذا الحقد الأسود في قلوب الفُرس على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ إذ إنهم يرونه قد أسقطَ حضارتَهم ودمّر مملكتهم. فلا غرابة أن يقتل على يد أبي لؤلؤة المجوسي([20]).
هذه الهزيمة حصلت في عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب، بقيادة سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية، ومنذ هذه الهزيمة بدأت الشعوبية الفارسية ضد العرب، وبلغت ذروتها في اغتيال أبي لؤلؤة الفارسي للخليفة عمر الذي وضع أساس الدولة الإسلامية (العربية)، وما زال الفرس يحجون إلى مقام أبي لؤلؤة في إيران، ويسمّونه (أبا شجاع) لأنه انتقم للفرس بعد هزيمة القادسية بقتله عمر بن الخطاب([21]).
لذلك إذا تحدثوا عن الغدر والخيانة التي تعرض لها الفاروق عمر رضي الله عنه قالوا:" بعد أن جرح عمر نتيجة سوء قصد ". فلا يشيرون صراحة إلى الاعتداء الآثم الذي تعرض له الفاروق على يدي أبي لؤلؤة المجوسي.
أسأل لماذا لم يذكروا قاتله؟. لو كان من العرب، لذكروه ووصفوا العرب بأقذع الأوصاف، لكن لأنه مجوسي فارسي، قالوا إن قتله كان دون قصد، أليس الذي قتله أبو لؤلؤة المجوسي، وقد جاء تفاصيل ذلك عند الطبري وأن القاتل كان قد دبر فعلته من قبل ([22]):
"لقد أحدث الانتصار العربي الإسلامي استفزازاً لدى الفرس. لذا فتش الفرس عن سر انتصار العرب، وحاولوا أن يفهموا كيف أن دولة العرب الفتية بإمكانياتها البسيطة استطاعت أن تسقط الدولة الفارسية . وقد استطاعوا تحديد ذلك بأنه العقيدة والقيادة المخلصة للدين، لذا نشطوا في ابتكار وسائل وطرق مختلفة استهدفت العقيدة والقيادة. كما انتبهوا إلى إحياء ديانة إيرانية قديمة لتلازم الفارسية وترتبط بها مقابل التلازم بين العرب والإسلام الذي كان سبباً في نهضة العرب، لذا ظهرت الزندقة([23]).
ومن العصبية الجاهلية أن يحرص الإيرانيون – لهوىً في نفوسهم ـ على تسمية الفتح الإسلامي لبلاد فارس بالفتح العربي. يقول الدكتور عبد النعيم حسنين إن "هذه التسمية تثير الإيرانيين ضد العرب، ويحرص الإيرانيون عليها في دراساتهم، ويلقنونها لأبنائهم حتى ينشئوا كارهين للعرب الذين فتحوا بلادهم، وحولوها من دولة عظمى إلى ولاية تابعة للحكم الإسلامي"([24]).
لكن مع دخول الإسلام إلى إيران، تمسك الفرس بكل عناد بثقافتهم الفارسية ولغتهم ووضعوا قوميتهم في موازاة ديانتهم وربما فوقها وقبلها. وهو ما يكشف بجلاء عن ظاهرة العداء المتأصلة في بنية العقل الفارسي الإيراني ضد العرب رغم أنه كان من المفترض إنهاء هذا الصراع التاريخي بعد دخول الاثنين في كنف الدين الإسلامي.
كان للفتح الإسلامي لبلاد فارس أثره العميق في النفسية والعقلية الفارسية المجوسية، والذي بدوره شكل عُقدة نفسيّة مؤلمةٍ هي " المجدُ الخالد للفرس". فالفرس حتى ذلك التاريخ كانوا يعتبرون أنفسهم سادة العالم.
ارتبط في العقلية الفارسية منذ القدم الرغبة في السيطرة، بل التفرد بها، ونفوذها السياسي يسيطر على أراضي إيران، والعراق، وشرق الخليج، وبعض غربه، واليمن . وقد خلق ذلك للفرس ما يمكن تسميته بالنظرة الاستعلائية على كل الشعوب وفيهم العرب.
والحقيقة أن الفرس ظلوا منذ اللحظة الأولى وحتى الآن يرفضون الاندماج الكامل في الهوية الإسلامية الجامعة، وسعت دائماً ولا تزال إلى الثأر من هزيمتها التاريخية أمام العرب، ولهذا تهافتت بسرعة لتبنّي الدعوة الصفوية التي حولت إيران من دولة سنية المذهب إلى أول دولة شيعية في التاريخ الإسلامي. وقد استمر سلوكهم العدواني على مدار الزمان، بغض النظر عن طبيعة الحكم في فارس.
استخدم الفرس العصبية الشيعية لمواجهة العرب حتى يبدو أن النـزاع هو نـزاع مذهبي بين السنة والشيعة، والحقيقة أنه استعلاء شعوبي فارسي على العرب، أن يحز في نفوس القوميين الفرس كيف أن عرباً من الصحراء حملوا إلى هذه الإمبراطورية رسالة دينية وهزموهم وأعطوهم عقيدتهم الإسلامية وهي روح العروبة، وألغوا هذه الإمبراطورية وصار الإسلام العربي هو السائد فيها.
في الوقت نفسه لم يسلم جيش المسلمين الأوائل من الصحابة الذين شاركوا في الجهاد ضد الأعداء وخاصة الفرس من نقد الكتَّاب الفرس وتشويه صورة ذلك الجيش الذي تربى على مبادئ الإسلام ورسخها في وجدانهم وعقولهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك نجد في بعض مقرراتهم الدراسية:
" أكثر الأفراد في جيش المسلمين يتشكل من البدو أو المسلمين حديثي الإسلام ويفتقرون إلى التربية الإسلامية لهذا السبب كانوا يوصلون الدين بشكل ناقص وفي بعض الأحيان كانوا يوصلونه ناقصاً إلى البلاد المفتوحة".
ولم يقف الأمر عند حدود التسمية ؛ فهذا ميرزا حسن الحائري، أحد علماء الروافض المعاصرين، يصف الصحابة الفاتحين لبلاد فارس بأنهم : أعراب بدائيون، أوباش خشنون، عباد شهوات، وعطاشى إلى عفة الفارسيات، ألحقوا الدمار بالمدن الجميلة والأراضي العامرة([25]) .
ويرتبط بما سبق نظرتهم إلى الصحابة ( وهم عرب أقحاح)، حيث يُشكل موقف الشيعة من الصحابة استفزازاً كبيراً للعرب خاصة ولأهل السنة عامة، حيث إن الشيعة لا تعطي لهذه المسألة أهمية كبيرة وتعتبرها مسألة عادية ينطبق عليها ما ينطبق على المسلمين، أي أنها لا تميز الصحابة ذلك التمييز الذي يميزه أهل السنة بحيث يرفعونهم فوق المسلمين. وتعتقد الشيعة أن فيهم المسيء والمصلح والطائع والعاصي والمؤمن والمنافق إلا أن هذا لا ينفي أن هناك صحابة على درجة عالية من التقوى والالتزام بنهج الرسول والإخلاص لدعوته تعتقد فيهم الشيعة وتجلهم : وتسميهم:" الأركان الأربعة" وهم: عمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر الغفاري.
في الوقت نفسه بلغ الحقد والبغض عند هؤلاء المجوس لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-محطم دولة المجوس وطارد اليهود من الجزيرة العربية درجة لا يتصورها عقل ولا يقرها منطق، فتراهم يحتفلون سنوياً بقتل الفاروق الأعظم عمر بن الخطاب، ولاشك بأن احتفالهم بهذا العيد الذي اشتهر بين العارفين (بعيد أبي شجاع الدين) أبي لؤلؤ المجوسي لعنه الله , وقد بنوا له مشهداً عظيماً على نمط مشاهدهم وقبور أئمتهم في مدينة كاشان الإيرانية في شارع الفيروزي هناك مزار مقام في ميدان فيروزي، و يقيمون التعزيات و اللطميات بذكرى موته، وقد تم تجديد بنائه عام 1408 هـ ([26]).
لذلك وبعد أن فشلت جهودهم العسكرية في التصدي للعرب المسلمين، نجد الفرس يتخذون منهجاً آخر لمقاومة الدين الجديد والقائمين على نشره من خلال ما عرف بالحركة الشعوبية التي تمثل واحدة من فصائل مخطط المؤامرة على الإسلام، وقد عمدت الشعوبية إلى مهاجمة العرب حملة لواء الإسلام وأصحاب الدولة الإسلامية في تاريخهم وأسلوب حياتهم، ومهاجمة التاريخ الإسلامي واللغة العربية، والطعن في أصول القيم الإسلامية وجذورها.
كذلك عمدت الشعوبية إلى إذاعة المجون والشراب والمجاهرة بالخلاعة والانحراف الجنسي، واعتبرت ذلك نوعًا من التحرر والظرف.
ويذكر الدكتور عبد العزيز الدوري في مقدمة كتابه" الجذور التاريخية للشعوبية": أن حاضر الأمة نتاج سيرها التاريخي وبداية طريقها إلى المستقبل، ولذا فلا انقطاع في التاريخ، ولا ظاهرة تبدو فيه دون جذور وتمهيد، ويضيف قائلاً: لكل هذا نريد إلقاء نظرة علمية نقدية على جذور الشعوبية في المجتمع العربي، ولا حاجة بنا إلى وصف الشعوبية المعاصرة، بل يكفينا أن نفهم الجذور فهمًا عامًّا سريعًا يرسم الخطوط، ويكشف الخيوط، وكلنا ثقة بأن الروح العلمية خير سبيل لفهم الذات ولمعرفة النفس، ومن عرف نفسه وعى تجربته وأدرك طريقه، ويبدأ الكتاب بالحديث عن بذور الحركة الشعوبية.
ثم عن البيئة العامة للشعوبية وبداياتها وتطورها ورجالها ومخططها الفكري، ويرى الدكتور الدوري أن المنطقة التي نشطت فيها الشعوبية نشاطًا خاصًّا هي العراق وإيران والأندلس([27]).
ويرجع الأستاذ الدوري السبب في نشاطها هذا إلى أن الإسلام قد قضى في هذه البلاد على حضارات كانت قائمة، فعزَّ على شعوب هذه المناطق خضوعها للعرب، وارتفعت أصوات تدعو إلى نبذ التراث العربي والاستهانة بالثقافة العربية الإسلامية([28]).
بدأت الحركة الشعوبية في العصر الأموي مستترة بستار إسلامي، فقد دعت إلى مساواة الموالي بالعرب، واستندت في دعوتها إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد ساعد الشعوبيين في دعوتهم هذه أن بعض الأحزاب السياسية العربية قد نادت بوجوب تحقيق المساواة التي جاء بها الإسلام، كالخوارج مثلاً، ومثل هذه المطالبة تبدو معقولة لو كانت بعيدة عن الهوى، ويبين الدوري بجلاء أن هذه الدعوة إلى المساواة لم تكن إلا ستارًا يخفي وراءه كراهية العرب، كما يورد الشواهد التي تدحض مزاعم القائلين بانعدام المساواة([29]).
كما أشار العلامة الدوري أن العصر العباسي شهد ألوانًا من الشعوبيين، فهناك العامة وهم جل هذه الفئة، وهناك دهاقين الفرس من أمثال آل برمك وبني سهل وطاهر بن الحسين والأفشين، وهناك الحركات الدينية الإيرانية كالخرمية والمانوية والزرادشتية وغيرها، وهناك الشعوبيون من الأدباء والكتّاب، وهَمّ هذه الفئة جميعًا هو الدعوة إلى إزالة السلطان العربي وإحياء مجد الفرس ومحاربة الإسلام والعودة إلى المجوسية.
وقد انتشرت هذه الحركات الشعوبية في إيران في المناطق التي تكثر فيها الجماعات غير المسلمة، وهي مناطق واقعة على الأطراف مثل خراسان وأذربيجان وما وراء النهر. ويرى الدكتور الدوري أن الشعوبيين ركزوا هجومهم بادئ ذي بدء على العرب قبل الإسلام، فهاجموهم في أسلوب حياتهم وفصاحتهم وأساليب قتالهم وأنسابهم وعلاقاتهم الاجتماعية وكرمهم ومروءتهم ومقاييسهم الخلقية، وقد يظن المرء أنهم تعففوا عن تهجمهم على العرب في ظل الإسلام تقديراً منهم لدورهم الحضاري فيه، ولكن الصحيح أن سكوتهم هذا إنما كان خوفًا من سطوة السلطان والمتدينين، ولكن التستر لم يطل، فامتد هجومهم إلى فترات التاريخ الإسلامي وشوّهوا هذا التاريخ([30])."
وكانت الحملة الشعوبية ضد العرب انطلقت بعدما أخذت الحضارة الإسلامية تزدهر وتنتشر عن طريق اللغة العربية التي طغت على لغات الأقوام والشعوب التي فتح الإسلام ديارها، فالعربية إضافة إلى كونها لغة القرآن الكريم فإنها أصبحت فيما بعد لغة الفقه والآداب و علوم الطب والصناعة؛ وكانت مدارس نيسابور و بخارى و سمرقند في القرنين: الأول والثاني وحتى القرن الثالث عربية خالصة ؛ وقد وضع أساطين علوم الفلسفة والطب و الصناعة من أبناء تلك الديار من أمثال: البيروني ؛ والرازي ؛ والبخاري وغيرهم ؛ كتبوا جميع مصنفاتهم باللغة العربية، وهذا ما أثار الشعوبيين وأغاظهم ؛ حيث إنهم كما يقول ابن حزم الأندلسي: كانوا يسمون أنفسهم الأحرار والأبناء ؛ وكانوا يعدون سائر الناس عبيدًا لهُم؛ فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، وكان العرب أقل الأمم عند الفرس خطراً ؛ تعاظم الأمر وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة ؛ وقد اتخذ الصراع بين العرب والشعوبية ألواناً مختلفة وللوقوف في وجه انتشار اللغة العربية وللتهوين من شأن العرب والانتقاص منهم ؛ ترجم الشعوبيون الشديـد والعصبية كتباً في مناقب العجم وافتخارهـم ورجم العرب بالمثالب وتحقيرهم ؛ ومن جملة ما وضعوه في هذا الشأن يمكن أن نستشهد بعدد من الكتب ومنها : كتاب "مثالب العرب" لهشام بن الكلبي، كما ألف أبو عبيدة معمر بن المثنى وهو من يهود فارس كتباً كثيرة تعرض فيها للعرب منها كتاب: "لصوص العرب" وكتاب" أدعياء العرب"([31]).
أما علاّن الشعوبي الفارسي. فقد كان عارفاُ بالأنساب والمثالب، منقطعاً للبرامكة، وكان أول ما ألفه كتاب" الميدان في المثالب"([32]) الذي " هتك فيه العرب وأظهر مثالبهم". وقد تعرض فيه للطعن بقريش وتميم، وبني أسد وغيرهم من القبائل العربية([33]).
أما سعيد بن حميد فقد صنَّف كتاب" انتصاف العجم من العرب"، وهذا ما دفع أحمد بن أبي طاهر المشهور بطيفور إلى تصنيف كتاب" فضل العرب على العجم"([34]).
وفي «سفرنامة» أو «كتاب الأسفار» لناصر خسرو (القرن الحادي عشر) تظهر صورة العربي البائس غير المتمدن، مقابل الفارسي المتحضر والمتنعم بالحياة ([35]).
ويضيف ناصر خسرو: " وعندي أن كل البدو يشبهون أهل الحسا، فلا دين لهم، ومنهم أناس لم يمس الماء أيديهم مدة سنة.. ولم أكن أستطيع أن أشرب اللبن الذي كانوا يقدمونه إليّ كلما طلبت ماء لأشرب... وهم لم يروا الحمامات"([36]).
ليس هذا فحسب، بل صورهم خسرو بالشعوب المتخلفة التي لا تميز بين الحلال والحرام حتى في طعامها، فهم يأكلون لحوم الكلاب" وهم يسمنون الكلاب كالخراف، ثم يذبحونها ويبيعون لحمها"([37]).
ولا يختلف بعض شعراء الفرس الذين كتبوا بالعربية عن الفردوسي الذي كتب بالفارسية، بل إن التشابه في الصور النمطية وأنماط المجاز المستعمل تشابه مدهش، واقرأ للمتوكلي - وهو من شعراء الشعوبية الفرس الذين عاشوا خلال العصر العباسي- قوله مخاطبا العرب:
أنا ابن الأكارم من نسل جمّْ
وحائز إرث ملوك العجـمْ
وطالـب أوتارهـم جهـرة
فمن نام عن حقـهم لم أنمْ
فعودوا إلى أرضكم بالحجاز
لأكل الضِّباب ورعْيِ الغنـمْ([38])
ومن فخر شعرائهم بأمجاد فارس، وإن كانت هذه الأمجاد هي الكفر والضلال بعينه، فهذا بشار بن برد يقول مفتخراً بالنار معبودة أجداده من مجوس فارس :
الأرض مــظـلــمـةّ والـنـار مــشــرقـــةّ
والـنـار مــعـبـودةّ مـذ كـانــت الـنـــارُ([39])
ويقول الخبيث بشار:
إبليس أفضل من أبيكم آدمُ
فتبيّنوا يا معشر الأشرار
النار معدنه وآدم طينة
والطين لا يسمو سموّ النار
والشاعر الفارسي الخريمي يقول:
وإن أبي كســـرى بـــــن هــــرمــــز
وخـاقـان لـي – لـو تـعـلـمـيـن – نـسـيـبُ
ملكـنا رقـاب الـناس في الشـرك، كلهم
لـنا تـابـع طـوع الــقـيـاد جــنــيــبُ ([40])
المجابهة الثالثة : الخلافة
الإمامة عند الشيعة أصل من أصول الدين بل هي أعظم الأركان وأن الله لا يقبل ممن أخل بها، وزعموا أن الله قد أوصى نبيه بالإمامة أكثر من أي شيء آخر، وأن الله قد أخذ المواثيق من الأنبياء عند بعثتهم بالولاية، ففضلوا الأئمة على الأنبياء والملائكة([41]).
ونسبوا إليهم العصمة، وأنهم يعلمون الغيب كل ذلك مسطر في كتبهم الموثوقة. وهذه العقيدة الخبيثة منشؤها الأول اليهودي الخبيث ابن السوداء عبد الله بن سبأ ([42]).
ومن زعم أن هذه العقائد ليست موجودة وقد اندرست، أو أن مذهب الشيعة لا يخرج في أهم أوضاعه عن حيز الاجتهاد المسموح به([43])، فقد فحش غلطه، حتى وإن كان ممن يذكر من أهل العلم، لأن النار قد تخبو، وأن الجواد قد يكبو وأن الصارم قد ينبو فالكمال لله الواحد القهار. فإنهم ما زالوا يعادون أصحاب رسول الله ويشتمونهم وينكرون القرآن الموجود أو يثبتون له التحريف والتبديل([44]).
وإن كانوا يلبسون أحياناً لباس التَّقيَّة فيخدعون به من جهلهم وكل ذلك ورثوه كابراً عن كابر -هل تلد الحيَّة إلا حيّة! فإذا كان مثل هذه الأشياء تظهر من علمائهم فكيف بأتباعهم؟.
فالشيعة (الإثنا عشرية)، ترى أن الإمامة أصل من أصول الدين، و(حجر الزاوية في المذهب الشيعي).
ويذهب الكاتب الشيعي سعد القمي، إلى أن النبي محمد^ نص على إمامة علي وأشار إليه باسمه وعينه، وقلد الأمة إمامته وأقامه ونصبه لهم علماً وعقد له عليهم أمرة المؤمنين وجعله وصيَّه وخليفته ووزيره في مواطن كثيرة([45]).
ويعتقد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية أن نص النبي على إمامة علي لا يقتصر عليه بل يتسلسل في الأئمة الاثني عشر من ولده، ويذهب المسعودي إلى أن أهل الإمامة انفردوا بالقول بأن الإمامة لا تكون إلا نصاً من الله ورسوله على عين الإمام واسمه واشتهاره كذلك، وفي سائر الأعصار لا تخلو الناس من حجة لله فيهم ظاهراً أو باطناً. وبعد أن أورد المسعودي فضائل علي والنصوص الواردة في إمامته يقول: وإن علياً نص على ابنه الحسن ثم الحسين، والحسين على علي بن الحسين، وكذلك من بعده إلى صاحب الوقت الثاني عشر([46]).
وقد أكد الشيعة أن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي عليه الصلاة والسلام أو لسان الإمام الذي قبله([47]). وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس. وبناء على هذا يذهب هؤلاء إلى القول ببطلان إمامة من تقدم على علي، فالشيعة تقول – كما جاء في رواية الطوسي- إن من تقدم على أمير المؤمنين (ع) لا يصلح للإمامة([48]).
ويرى هؤلاء الشيعة أن إمارة المؤمنين سلبت من علي بمؤامرة دبرها جماعة من بينهم أبو بكر وعمر. وذات مرة سمع الحارث بن الحصيرة الأسدي الإمام الباقر يقول: كنت دخلت مع أبي الكعبة فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال: في هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله e أو قتل ألا يردوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبداً، قال: ومن كان؟ قال: كان الأول والثاني وأبو عبيدة بن الجراح وسالم بن الحبيبة([49]).
وقد دافع الشيعة عن هذا المعتقد دفاعاً حاراً، فأوردوا العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وساقوا بعض الوقائع عن النبي واستنبطوا أدلة عقلية كثيرة، كل ذلك ليثبتوا أن علياً متميز عن غيره من الصحابة وأنه مفضل عليهم، وأن النبي e عيّنه من أجل ذلك ليكون خليفة له من بعده. وسنكتفي في هذا المجال بالإشارة إلى نماذج من هذه الحجج والبراهين التي استند إليها الشيعة وبيان قيمتها ومدى حجيتها في إثبات معتقدهم.
فمن بين ما استدل به الشيعة ما يروونه من أنه حين نزلت الآية القرآنية ﴿ﭿﮀﮁ﴾[الشعراء: 214] جمع النبي بني هاشم وأنذرهم قائلاً: أنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون بهما العرب والعجم وتنقاد لكم بهما الأمم وتدخلون بهما الجنة وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فمن يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ووصيِّي ووارثي وخليفتي من بعدي، فلم يجبه أحد منهم، فقال أمير المؤمنين: أنا يا رسول الله أؤازرك على هذا الأمر،فقال: اجلس، ثم أعاد القول على القوم ثانية وثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف فقام علي وقال: أنا أؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر. فقال: اجلس فأنت أخي ووزيري ووصيِّي ووارثي وخليفتي من بعدي. فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب: ليهنك اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك فقد جعل ابنك وزيراً عليك([50]).
وقد ذهب الشيعة إلى أن هذا نص جلي بتعيين علي خليفة من بعد النبي، وقد رفض ابن تيمية رواية الشيعة للحديث، وذكر أنها لم ترد في الكتب التي تقوم بها الحجة كالصحاح والمسانيد، بل إنها لم ترد في كتب السنن والمغازي والتفسير، ومن ثم فإن الحديث بالصورة التي رواه بها الشيعة كذب موضوع ونصه مفترى على النبي ولا تصح نسبته إليه([51]).
المجابهة الرابعة : بعد نشأة الدولة الصفوية
إن المشروع الصفوي في جوهره هو مشروع قومي لا علاقة له بالدين، يهدف إلى إعادة بناء إيران على أسس قومية فارسية تميز نفسها عن العرب وعن الخلافة الإسلامية التي ترتكز على الإسلام السني.
والآن كما كان في الماضي، ما تزال الروح القومية الفارسية هي العامل الأول والمهيمن الذي يسبق كل اعتبار آخر، بما في ذلك عامل الانتماء المشترك للدين الإسلامي، ويبدو هذا التناقض واضحا بشكل جلي في تظاهر حكام إيران بإقامة نظامهم السياسي على أساس الالتزام الدستوري بالإسلام فيما يزداد في الواقع عداؤهم للمحيط العربي الإسلامي و سعيهم الدؤوب لبسط نفوذهم السياسي وهيمنة دينهم على جيرانهم العرب.
كان قيام الدولة الصفوية في إيران يُمثل مرحلة خطيرة في محاولة الحكام الجدد المواءمة بين الدين والسياسة خاصة أن هؤلاء الصفويين لم يكونوا من الفرس أصلاً([52]).
وكانت أولى الخطوات في هذا الصعيد الادعاء بالنسب العلوي. ولتوضيح ذلك لا بد من تعرض سريع لتاريخ قيام الدولة والظروف والملابسات التي رافقت ذلك.
فبعد أن سيطر الشاه عباس على الحكم في إيران سنة 9007 هـ / سنة 1501م أعلن المذهب الإمامي مذهباً رسمياً لدولته لأسباب سياسية ومصلحية بحتة رغم أن أكثر سكان إيران كانوا على المذهب الشافعي، وقد أنذر الناس بقوله: "إنني لا أخاف أحداً.. فإن تنطق الرعية بحرف واحد فسوف أمتشق الحسام ولن أترك أحداً على قيد الحياة".
لقد استطاع الصفويون تأسيس دولة إيران، ومعنى ذلك أنهم سخروا كل الإمكانات المادية والبشرية والاقتصادية لدى شعوب إيران لخدمة أغراضهم وسياساتهم.
كما أن الصفويين رفعوا شعار "التشيع" لأسباب سياسية كذلك، فحرفوه وأساؤوا إليه، تماماً كما فعل الباطنية والغلاة قبلهم، ومن المعروف أن الصفويين ليسوا فرساً بل من قبائل التركمان في أذربيحان وشمالي غربي إيران وشرقي الأناضول، ولكنهم ما أن سيطروا على مقاليد الحكم في إيران حتى تبنوا العقدة الفارسية ضد العرب، فكانت سياستهم في عهود ملوكهم معادية للعراق والأحواز وعرب الخليج العربي. كما أنهم من جهة ثانية أكدوا على المفهوم الفارسي للتشيع وجعلوه مذهباً رسمياً لهم بل أكثر من ذلك أدخلوا عليه طقوساً وتقاليد وبدعاً جديدة فوسعوا الشقة بينه وبين التشيع العربي أكثر مما فعل البويهيون والإسماعيلية قبلهم، ومن هنا كان العدوان على العراق ومنطقة الخليج العربي سياسة دائمة لكل حكام إيران عبر العصور وقد استمر هذا النهج كما أشرنا حتى يومنا هذا([53]).
فقد كان إسماعيل الصفوي ينشر بين مريديه من القزل باش أنه لا يترك إلا بمقتضى أوامر الأئمة ولهذا فإن أفعاله وأقواله معصومة عن الخطأ. وزعم أنه ليس بينه وبين المهدي حاجز وادعى أنه هو المقصود بالآية القرآنية "واذكروا في الكتاب إسماعيل..."!! وكان من المغالين في الإمام علي رضي الله عنه وادعى بأن علي بن أبي طالب قد تنبأ بظهوره وولايته وقد أفسح المجال لأتباعه أن يغلوا فيه إلى حد العبادة والسجود له([54]).
كتب الفرس تاريخ الشيعة العرب كما شاؤوا من وجهة نظر العداء الشديد للعرب، وحيث إن أغلبية العرب مسلمون فإن حقد الفرس لم يميز بين العرب بادئ الأمر، ثم وجدوا أن أفضل فرصة للانتقام من العرب هي في اختراقهم وقد جاءتهم الفرصة حين وجد إسماعيل الصفوي أن لا أمل للفرس بالسيطرة على العراق إلا بالتشيع انتقاماً من العثمانيين السنة الذين ينافسونهم على العراق.
فالصفوية كتيار مذهبي وديني هي نوع من أنواع الغلو في التشيع، وانحراف بالمذهب العلوي الشيعي المحمدي عن أهدافه الحقيقية ومراميه الفعلية نحو تكوين إطار جديد للتشيع لا يعبر عن حقيقته وبساطته بل يخلط بين المعتقدات القديمة والإسلام ويجعل الأئمة آلهة فوق البشر وبقدرات خيالية مرعبة لا يقر بها الإسلام ولا يدعو إليها التشيع العلوي النقي الباحث عن العدالة والمساواة، فالفكر الصفوي قد جعل من رجل الدين المحور وجعل من القراءة الغيبية والمغالية لقدرات الأئمة محوراً يدور حوله ذلك الفكر حتى تحول الأمر وكأنه يشبه صناعة دين جديد لا علاقة له بالإسلام الذي نعرفه.
وكان أول من كتب حول هذا الموضوع بإسهاب هو الدكتور الإيراني ( علي شريعتي ) في كتابه القيم ( التشيع العلوي والتشيع الصفوي ) وأورد فيه مقارنات تاريخية لافتة للخراب الذي أحدثه الفكر الصفوي في المذهب الإسلامي الشيعي وهذا الكتاب بالذات قد حورب بشدة من قبل الفئة الحاكمة في طهران واعتبروه هرطقة لأنه يفضح مبالغات ومساوئ أهل الغلو والتطرف الذين حرفوا الأهداف والمقاصد النبيلة لفكر أهل البيت وتمسكوا بمظاهر وممارسات شاذة لا علاقة لها بالتشيع ولا بالإسلام كطقوس التطيير والضرب بالسلاسل وإيذاء النفس والاعتقاد بالقدرات الخارقة لأئمـة أهــل البيت وهي قــدرات لم يكــن يمتلكهــا النبي محمد ^.
لقد كانت الصفوية فكراً مذهبياً مغالياً تم تبنيه من قبل الدولة الإيرانية، وهو لا يعبر أبداً عن حقيقة المذهب الشيعي في أصوله التكوينية الأولى.
الواضح أن الذين يعتقدون بانتساب الصفويين إلى آل البيت، أرادوا أن يكسبوا الأسرة أحقيتها في الحكم، وقد حدث ذلك بتوجيه من جانب أفرادها، وأما الذين يعتقدون بانتساب الصفويين للآريين إنما هدفوا إلى تأكيد دور الصفويين في بعث القومية الإيرانية التي ظهرت على أيديهم([55]).
ويبدو أن هذا التحول إلى المذهب الشيعي كان يهدف إلى استقطاب الشيعة في إيران وتوسيع قاعدتهم الشعبية وبخاصة السربداريين المعارضة للحكم الإيلخاني، والمعروف أن المعارضة للإيلخانيين اعتمدت على العناصر الشيعية، وأدى ذلك إلى تحول الصفويين من التوجه الصوفي المحض إلى العمل السياسي الذي توّج بتأسيس دولة صفوية شيعية المذهب على يد إسماعيل الصفوي([56]).
لبس الصفويون ثوب التشيع وادعوا النسب العلوي ؛ رغم أن المؤرخين الفرس أنفسهم يؤكدون أن إسماعيل ألصفوي مؤسس الدولة وعميد الأسرة الصفوية ولد من أم أرمنية ومن أب أذري ؛ وكان جده صفي الدين الأردبيلي شيخ طريقة صوفية سني ؛ إلا أنَّ المصلحة القومية والروح العنصرية دفعتهم إلى التلبس بلباس التشيع ؛ وذلك لكي يضمنوا بقاء مدرستهم وانتشار أفكارها العنصرية ؛ وقد دأب الصفويون على شتم العرب بحجة الثأر لأهل البيت ؛ وقد أمروا كتَّابهم ووعاظهم بوضع الروايات والكتب التي ملؤوها بالشتم واللعن للصحابة والخلفاء والقادة العرب الذين كانت لهم القيادة في فتح بلاد فارس ونشر الإسلام في ربوعها.
ويرى المفكر الإيراني شريعتي أن الحركة الصفوية أرست دعائم حكومتها على أساسين محكمين وهما: المذهب الشيعي والقومية الإيرانية بهدف عزل إيران عن الأمة الإسلامية وتمييزها عن العنصر العربي والخروج من إطار الهيمنة العثمانية لمنافستها في بناء إمبراطوريتها.
وهو ما يحدث حالياً، حيث يعتبر الكثيرون أن الدولة الإيرانية هي دولـة الإمام المهدي أو دولة الزهراء سلام الله عليها. كما يؤكد على أن الدولة الصفوية بعد نشأتها في بلاد فارس حاولت عدم تكرار الخطأ الذي وقعت به الشعوبية من قبلها، بهدف ترسيخ الفكر الصفوي في ضمائر الناس وعقائدهم، فعمدت إلى "إضفاء الطابع الديني على عناصر حركتها وجرّها إلى داخل بيت النبي إمعاناً في التضليل ليتمخّض عن ذلك المسعى حركة (شعوبية- شيعية) موظفة الشعوبية في تحويل تشيّع الوحدة إلى تشيّع التفرقة، ومستغلة التشيّع لكي تضفي على الشعوبية طابعاً روحياً ساخناً ومسحة قداسة دينية"([57]).
لذا بعد أن تسلم الصفويون الحكم في إيران أخذت سياسة العداء والتوسع في التطبيق العملي، حيث قام إسماعيل الصفوي باحتلال بغداد سنة 1508م ([58])، لم يتوقف الأمر عند الاحتلال فقط، فلأجل المصالح السياسية، نجد الصفويين يتحالفون مع البرتغاليين ويعقدون معهم اتفاقية عام 1515 تنص على جعل السفن البرتغالية تحت تصرف الفرس في شن هجماتهم على البحرين والقطيف([59]). وفي سنة 1622 قام الشاه (عباس الصفوي) بغزو العراق وقام بأعمال تخريب وهدم([60]).
المجابهة الخامسة: صورة العرب عند الفرس: العهد الشاهي
بعد الفوضى التي حلّـت بإيران أثناء الحرب العالمية الأولى وبعد تردّي أحوالها وتأزّم أوضاعها، ظهرت تطلّـعات جديدة على الساحة الفكرية في المجالين الاجتماعي والسياسي من قبل مثقفي الفرس القوميين -الذين تخرّج معظمهم من جامعات أوروبا الغربية-وكانوا من العناصر النشطة في الثورة الدستورية ( المشروطة ). فقد أناخت جمال هذه التطلّـعات وحطـّت رحالها عند باب "القوميـّة الحديثة" بغية الخلاص من هذه الأوضاع المتأزّمة وهي قد نجمت ـ أي هذه التطلـّعات ـ عن وقائع وأحداث كانت نتيجة لها بل ومن آثارها، إذ تشكـّلَ بُعيد الثورة الدستورية، اتجاه جديد في القومية الإيرانية.
عدم توفيق الدستوريين في الوصول إلى أهداف الثورة الأساسية، قد أقنع هؤلاء المثقفين، أن سرّ تقدّم وتطور الغرب لم يكن في النظام النيابي ولا في البرلمان وما شابه ذلك وإنما هو مرهون بوحدة البلدان الغربية القومية والتي تعتمد ـ في واقع الأمر ـ على ركنين أساسيين وهما " الدولة " و" القوم ".
إذن وبالضرورة ترجع أسباب التشتّت والتمزّق الذي يعيشه الإيرانيون إلى وجود قوميّات متعددة ولغات مختلفة ومذاهب شتّى، فبتأسيس وحدة قومية شاملة للإيرانيين ستهدأ الاضطرابات وتنتهي الأزمات. فمن الواضح تماماً أن هذه الفكرة لا يتمّ تحقيقها إلا على حساب قمع القوميّات الأخرى وطمس هوّيتهم وسحق كل ما يتعلق بهم وبتراثهم من مظاهر ومعالم.
لقد كان أمل المثقفين الإيرانيين في هذه الفترة وما بعدها، وما يزال عند معظمهم هو إنشاء دولة موحدة قوية تحل ما كان عليه بلاط القاجاري الفاسد محلاً لها وتقضي على حكم وسلطة الحكام المحليين نهائياً.
فمنذ مجيء " رضا شاه " وتسلـّطه على سدّة الحكم سعى جاهداً لتحقيق الهدف وهو :تأسيس دولة قومية، وقد ارتكزت هذه الأيدلوجية على النقاط التالية:
1 – وحدة اللغة ( ومنع التكلم بغير الفارسية ).
2 – وحدة الأراضي ( حدود سياسية وجغرافية ).
3 – بناء جيش حديث ومتطوّر وموحـّد.
4 – التأكيد على العنصر القومي المشترك.
حاول حكام إيران في العصر الحديث التأكيد على نظرية التفوق العرقي([61]) للجنس الآري الذي ينتمون إليه([62]).
لم يزل هذا الخطاب القومي العنصري حاضراً وحاكماً في الساحة السياسية الفارسية (الإيرانية )، وتتأثر جميع القوانين والترتيبات والإجراءات بهذا الخطاب كل التأثير، ولم يكن هنالك ـ رغم تطور الحكومات وتغير الأنظمة الحاكمة ـ أي علائم وشواهد تغيير أو تعديل لهذا الخطاب، اللهم إلاّ تغيير الذرائع والمبرّرات أو بعض الأساليب.
ولعل في موقف إيران من قضية تقسيم فلسطين في العهد الشاهي دليلاً على موقفها تجاه العرب، فبعد أن اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، كانت إيران من جملة الدول التي صوتت لصالح الاقتراح ارضاءاً للقوى العظمى آنذاك([63]).
وبعد أن أعلن الصهاينة دولتهم في أرض فلسطين في 15 أيار 1948م، واعترفت بها القوى العظمى، سارعت إيران إلى الاعتراف بها، وتبادل الطرفان التمثيل الدبلوماسي([64]).
وعندما قامت الثورة الخمينية ضد حكم الشاه رفعت شعار تخليص فلسطين من الصهاينة، ولكن بعد أن حققت الثورة مبتغاها، ظهر غير ذلك([65]).
وكان احتلال الأحواز([66]) العربية عام 1925م من جانب القوات الإيرانية يمثل التطبيق العملي لنظرية التفوق والتوسع على حساب الجيران العرب.
لم تكتف إيران باحتلال الأحواز، بل وضعت استراتيجية (تفريس ) المنطقة، فبادرت إلى تغيير اسم الإقليم إلى خوزستان لنفي الصفة العربية عنه، كما قامت بتغيير أسماء المدن والقرى والأحياء والشوارع والأنهار والجبال والمواقع وإعطائها أسماء فارسية جديدة،علماً بأنه لا يوجد مصدر فارسي إيراني كان يسمّي جميع هذه المناطق بالأسماء الفارسيّة التي نسبتها إليها الدولة الإيرانية بعد الاحتلال الواقع على الأحواز في سنة 1925.
وإذا ما اطلعنا على التاريخ الإيراني المعاصر والقديم في عهود السلالات القاجاريّة والزَنديّة والأفشاريّة والصفويّة والسلالات التي حُكِمَت في إيران من قبلها، فإننا لا نجد التسميات الفارسية الجديدة على الإطلاق([67]).
كذلك قرّر مجلس الوزراء الإيراني إلغاء التعليم باللغة العربية، وإغلاق المدارس العربية الأهلية، ومنع التحدّث باللغة العربية أو إلقاء الخطب بها في جميع المناسبات وعلى كافة أراضي الأحواز، كما منعت الحكومة الإيرانية في المحاكم، الترجمة من اللغة العربية وإليها فوضعت بذلك أكبر عائق أمام المواطن العربي في الأحواز لضمان حقوقه بمراجعة المحاكم، وبالرغم من أن الشاه أمر فيما بعد بتنقية الّلغة الفارسيّة من الكلمات العربية، فإن اللغة العربية بقيت لغة التداول اليومي بين السكان([68]).
من الواضح أن هذه السياسات العنصرية الإيرانية تجاه شعب الأحواز، تهدف إلى محو الهوية العربية في الإقليم وطمس معالمها، كما أنها تدلّ بشكل واضح على تنفيذ مخطط إيراني لتفريس المنطقة العربية من خلال محاربة اللغة والعادات والتقاليد العربية فيها. وبغية تغيير العامل الديموغرافي في الأحواز، (عَمَدت إيران إلى نقل قبائل عربية بأكملها وبالقوة إلى شمال إيران وإحلال الفرس محلهم، وهي سياسة لا تختلف كثيراً عن سياسة التتريك التي مارستها "جمعيّة الا تحاد والترقي" في أواخر أيام السلطة العثمانية، وكانت سياستها عنصريّة مُعادية في جوهرها للعرب. فإنها تشبه إلى حد كبير سياسة إسرائيل في تهويد الأراضي الفلسطينيّة)([69]).
إنّ تواجد الدولة الإيرانية في إقليم الأحواز قد أوجد وهماً في ذهن السلطات ومعظم أفراد الشعب الإيراني بضرورة سيطرتهم على الشعب العربي وفق فكرة (أن الجنس الإيراني الآري متميّز ومتفوّق على الجنس العربي) ([70]) .
المجابهة السادسة: صورة العرب عند الفرس: العهد الثوري
إن إيران الحالية في ظل نظام العمائم هي امتداد طبيعي يجسد روح الاستعلاء الفارسي على العرب والعروبة، وحتى على الشيعة العرب أنفسهم، لأن الإيرانيين لم يعتبروا أبداً دخول الإسلام على بلدهم فتحاً إسلامياً، وإنما عدّوه غزواً عربياً؛ ولذا يمتنعون عن تعلم العربية، أو التحدث بها ويمعنون في الاعتماد على اللغة الفارسية حتى يتميزوا بشكل استعلائي على العرب، باعتبارهم آريين وفرساً في المقام الأول الذي يسبق انتماءهم إلى الإسلام .
ويلعب النظام " الإسلامي "في إيران على ثلاث هويات مختلفة: فهو فارسي في الأصل، ويدعي أنه إسلامي بشكل عام، ويتعصب للمذهب الشيعي في جوهر تحركاته وتوجهه، و في الإطار الثقافي الإيراني العام ما تزال ملحمة الشاهنامة – التي ألفها الفردوسي -تحتفظ بمكانة عالية في صدر التراث الشعري الإيراني اليوم، وهي تمجد ملوك الفرس مقابل تحقير العرب والاستخفاف بهم، وتصفهم بالأعراب الحفاة ولم تستثنِ في ذلك قائد معركة القادسية سعد بن أبي وقاص، ولم تقتصر هذه النزعة العنصرية الاستعلائية على العرب، على الماضي الفارسي لإيران، لكنها ما تزال سارية المفعول حتى الآن، وما تزال الثقافة الإيرانية المعاصرة تحط من قدر العرب و تحقر صورتهم في الأدب الفارسي الحديث ولا تعترف الجمهورية الإيرانية للعرب الأحوازيين بحقهم الطبيعي في استخدام لغتهم العربية بعد أن فرضت اللغة الفارسية على كل القوميات الأخرى، وهي تواصل بذلك نفس النهج الشاهنشاهي الذي ابتدعه الإمبراطور رضا شاه البهلوي.
وقد عبر أستاذ السياسة في جامعة طهران د. صادق زيبا كلام عن مكنون العنصرية التي تعاني منها إيران الثورة اليوم أصدق تعبير، بقوله : " للأسف أنا واثق من أن الكثير منا - نحن الإيرانيين - عنصريون، فلو نظرتم بإمعان إلى ثقافات الشعوب الأخرى تجاه سائر القوميات والشعوب والإثنيات وأخذتم ظاهرة النكت كمقياس لوجدتم أننا أكثر إساءة من خلال النكت، فانظروا كيف نسيء إلى الترك واللور". واعتبر صادق زيبا كلام نظرة الإيرانيين اليوم تجاه العرب شاهداً آخر على عنصرية الإيرانيين، مضيفاً: "أعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال. قد تقولون لي إن الكثيرين من العرب يكرهون الإيرانيين أيضاً. أقول لكم نعم هذا صحيح، الكثير من العرب يكرهوننا ولكن هذا ليس موضوع نقاشنا"، مؤكداً ضرورة طرد النزعة العنصرية الإيرانية تجاه الغير ([71]).
أما عنصرية الإيرانيين تجاه العرب فيرجعها صادق كلام إلى الحقد والضغينة تجاه السنة ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين مشيراً إلى أنه الوجه الآخر للحقد على العرب، ويؤكد على كلامه بأن العنصرية في إيران أكثر انتشاراً بين المثقفين الإيرانيين فالكثير من المثقفين الإيرانيين يبغضون العرب، والكثير من المتدينين ينفرون منهم، وهي منتشرة بين المتدينين على شاكلة لعن أهل السنة.
وعن الأسباب التاريخية لكره العرب يقول زيبا كلام: "يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب ولم ننس القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقداً دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب إذا سنحت لها الفرصة".([72])
وأوضح صادق زيبا كلام أن الشعب الإيراني أكثر تطرفاً وسخافة من الحكومة، ضارباً مثالاً على ذلك بموقف الشعب الإيراني عندما عبَّرت الإمارات عن موقفها من الجزر الثلاث ومن تسمية الخليج العربي بـ"الفارسي"، حيث احتشد الناس أمام سفارة الإمارات العربية المتحدة، ورددوا شعارات استعلائية، وأشار كذلك إلى أقوال الإيرانيين لبعضهم "لماذا تسافرون إلى البلدان العربية وتصرفون أموالكم هناك!"، مشيراً إلى أنه لا أحد يسأل لماذا يسافر الإيرانيون بهذه الأعداد الكبيرة إلى تركيا. وأشار إلى أن هذه النظرة الاستعلائية تجاه العرب موجودة منذ الحقبة الملكية، حيث كانت تسود إيران نظرة تحطّ من شأن العرب، وهي مستمرة إلى اليوم، وأكد أن الدوافع من وراء تأسيس مجمع اللغة الفارسية كانت طرد الكلمات والمصطلحات العربية من الفارسية، وهذا يدل على الحقد تجاه العرب([73]).
صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية
بعد الثورة الخمينية
باستعراض هذه الكتب من الناحية الكمية، أمكن قياس مدى الأهمية المعطاة لمادة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية، ما بعد نجاح الثورة " الإسلامية "، فخضعت المجموعة الكاملة للنصوص التي وردت فيها هذه الصورة لتحليل موادها ووقائعها، وأمكن استخلاص المعاني الرئيسة والشخصيات وأدوارها " المهمات والصفات " التي ساهمت في تشكيل هذه الصورة .
التحليل المفرداتي
أولا : مكان مادة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية
1-الدلالة اللفظية، الاصطلاحية، التاريخية للعرب
الكتب الابتدائية :
ركزت الكتب المدرسية الابتدائية على المعنى الاصطلاحي للعرب في الكتب المدرسية الإيرانية ؛ ممثلة "البدو وسكان الصحراء القاحلة المرتبطة بالخيمة والجمل "، حيث تستخدم الكتب المدرسية الإيرانية مفردة العربي للدلالة على الصحراء، والقبائل البدوية الهمجية، في دلالة مرادفة للبداوة .
الكتب الإعدادية
رسخت هذه الكتب المدرسية في عقل الطالب : تخلف هذه القبائل، من خلال الاحتكام إلى السيف لحل مشكلاتها، وعبادة الأصنام، ووأد البنات، ومعاقرة الخمر ولعب الميسر، وقطع الطرق .... ومحاولة إظهار أن هؤلاء البدو لم يملكوا أياً من مقومات الحضارة، مع الإكثار من كلمة أعراب، بما تحويه من دلالات بديلاً عن كلمة عرب...
الكتب الثانوية
كررت هذه الكتب المدرسية صورة العرب قبل الإسلام، بأنهم قبائل بدوية همجية، تحتكم إلى السيف لحل مشكلاتها،و تمتهن المرأة وتحتقرها، وتحرمها من الميراث، كما كانت تنتشر بينهم عادة وأد المواليد من البنات، بين الكثير من القبائل، وأن المجتمع العربي مجتمع مليء بالكذب والفساد، وأن هؤلاء البدو لم يملكوا أيًا من مقومات الحضارة.
بالمقابل حاولت هذه الكتب المدرسية إظهار الفرس بصورة نمطية؛ حيث أكدت على نظرية التفوق العرقي الإيراني، فالشعب الفارسي (آري)، نقي الدم، استقر في بلاد إيران، واستطاع بهمته العالية وطموحاته أن يؤسس حضارته، لهذا صار مطمعًا لجيرانه، ولكنه تصدى لهم بحزم وقوة، حين غزا بلادهم، وهو متفوق على غيره من الشعوب المحيطة، ومتفرد في ريادته، وتقدمه، وتطوره، لهذا حاولت الكتب المدرسية الإساءة إلى كل من تحدى الفرس وحاربهم .
نلاحظ تغييب الإطار المكاني والزماني للعرب، فكتب التاريخ المدرسية الإيرانية تتحاشى التفاصيل السلبية أثناء الحديث عن تاريخ إيران بمراحلها الطويلة ؛ مع التركيز على تاريخ العربي "السلبي "، مقابل الإيجابي الفارسي.
الصورة التي رسمتها الكتب المدرسية للإيراني متأثرة " بالثنائية " التي اقتبستها إيران من المانوية " الخير - الشر، النور- الظلام . العدو - الصديق .."التمييز العرقي، فالفرس هم آريون، وهي ردٌ على صورة الآخر " العربي" " السامي " المتخلف.الفرس رمز التقدم، العرب رمز التخلف، الفرس حملة الإسلام الحقيقي، العرب المنحرفون عن الإسلام أهل البدع والضلال... ؛ حيث عُكست هذه الصورة عن وعي متعصب مسكون بكراهية العرب، والحط من شأنهم، ومحاولة صناعة الهوية الإيرانية وفق رؤية قومية – مذهبية، معتبرة نفسها تحمل لواء الإسلام الحقيقي . ([74])
النتيجة أن منهجية تلك الكتب المدرسية تتجه إلى تناول العرب باعتبارهم جزءًا مشوهاً من التاريخ، وتعتمد إزاء الجوانب الأخرى من التاريخ العربي على أسلوب التجهيل من جهة، وتشويه الحقائق من جهة أخرى، وأن تاريخهم مليء بالفتن والخلافات بكل أنواعها، وأنهم كانوا سبباً في مظلومية الشيعة التي قادت إلى فتن وحالة صراعية دائمة في التاريخ الإسلامي .وتقابل ذلك عملية تضخيم وسمو لصورة الفارسي، حيث تجدُّ وتجهد في سبيل الحفاظ على هذه الصورة.
2- مكان مادة " العرب" في الكتب المدرسية
قمنا باستعراض لنوع الموضوعات التي تناولتها النصوص ومرفقاتها، أياً كان الشكل الذي وضعت فيه، فما هي الموضوعات التي يقرؤها تلميذ المرحلة الابتدائية ؟.
وما هي الصور التي ينظر إليها ؟، والأسئلة التي يجيب عنها عندما يتناول نصوصاً في القراءة تدور عن عالم العرب ؟.
بتصنيف الموضوعات الرئيسة التي تضمنتها نصوص المجموعة .
تصنيف النصوص وفقاً للموضوعات
صفات الشخصيات في نصوص الكتب المدرسية الإيرانية
الإيرانيون العرب المؤمنون الكافرون المحب لآل البيت المتآمر على آل البيت الحكيم الساذج البسيط الإنسان المتصف بالفراسة ضيق الأفق الذكاء الغباء الفراسة قصر النظر الإنسان المتحضر البدوي المتخلف الشجاعة الجبن الجنس الآري الجنس السامي الرقي الدونية المتصف بالمكر والخديعة الصبر النزق القوة الضعف البأس التخاذل الوفاء عدم الإخلاص- الخيانة والغدر الصدق الكذب الحكيم الطائش أصحاب التراث، رمز التقدم القبائل البدوية الهمجية الريادة وخدمة الإنسانية التخلف الاحتكام للقانون لحل مشكلاتهم الاحتكام للسيف لحل مشكلاتهم موحدون لله عُبَّاد الأصنام تكريم المرأة وأد البنات واحتقار المرأة أصحاب الأخلاق النبيلة معاقرة الخمر والميسر احترام المرأة امتهان المرأة و احتقارها الاعتراف بحقوق المرأة حرمانها من الميراث المجتمع المثالي عبر التاريخ المجتمع العربي مجتمع مليء بالكذب والفساد مدافعون عن الإسلام منحرفون عن الإسلام أهل الحق أهل الضلال والباطل التفاني في خدمة آل البيت كانوا سبباً في مظلومية الشيعة
العرب : الصحراء، البدو الرحل: النظرة السلبية
الكتب الابتدائية
لا تفرق النصوص وملحقاتها بين المفردات : "البدو أو الأعراب " و " العرب " وتستخدمها بغير تمييز للدلالة على الشخصيات نفسها، كما يعزز تعريف الكتب المدرسية لمعنى كلمة العرب لهذا التماثل، إذ يعرف تعبير " العربي" بقوله " البدوي المتنقل عبر الصحراء " .
بذلت الكتب المدرسية الإيرانية مجهوداً كبيراً من أجل تثبيت صورة العرب السلبية، وتدرجت في رسم هذه الصورة لإظهار نقص العرب العقلي، والديني، والعلمي، وأن الفرس جنس بشري متفوق .
من الواضح أن موضوع الصحراء هو الموضوع الغالب إلى حد كبير، والصحراء محددة من حيث المكان، وهي صحراء الجزيرة العربية .
الكتب الإعدادية
تقارن الكتب المدرسية بين الصفات والأدوار لدى الإيرانيين والعرب..... حيث يتضح من خلال المقارنة بين الوظائف والمهن أن الشخصيات العربية تظهر في أوضاع اجتماعية دونية، إذ طبعت صورته بالإنسان المتخلف، ذي المنزلة الاجتماعية الوضيعة، والذي يظهر بلباس رث، وفي الغالب في مرتبة دونية فهو راعي أغنام، حداد...، ضيق الأفق، متآمر على آل البيت... أما الجندي العربي فهو جبان، كافر، ساذج، متآمر، متخاذل، مشوه الشكل والفكر... الإيراني في المقابل: هو إنسان، يتصف بالحكمة، والفراسة، والذكاء، والصفات الاجتماعية : كالحضارة، والرقي، والإبداع...
الصفات الجسمية : الصبر، والقوة، والبأس، والوفاء، والصدق... صاحب الحضارة، والتاريخ، والتراث الذي خدم الإنسانية؛ فيه صفات الوفاء، محب ومخلص لآل البيت...،وهو الذي يملك المنزلة والعلو الاجتماعي: مثل الطبيب، والمزارع المنتج، والعالم، والمفكر، والشاعر، والجندي.. الذي يتميز بصفات الإيمان، والتضحية، والشجاعة، والفداء...، مع تعظيم دور كل من سلمان الفارسي، وأبي لؤلؤة المجوسي، وأبي مسلم الخرساني في التاريخ الإيراني .
الكتب الثانوية
بدأت الكتب المدرسية بالمفاضلة انطلاقاً من البعد المذهبي : الكعبة المشرفة في مقابل النجف الأشرف...
كذلك حاولت الكتب المدرسية أن توجد اقترانًا وارتباطًا لا تنفصم عراه بين الفرس وآل البيت، فالفرس بطبعهم يقفون دوماً إلى جانب الحق، ومن هذا المنطلق وقف الفرس إلى جانب آل البيت في مطالبتهم بحقهم، الذي(أوصى) به النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، لذلك جهدت الكتب المدرسية كثيرًا لإبراز هذه العلاقة التوأمية بين الإيرانيين وآل البيت، ولأجل هذا المبدأ تعرض الفرس للاضطهاد من جانب العرب السُّنة.(بنو أمية وبنو العباس )، وقدموا التضحيات الكثيرة من دمهم وزعمائهم. حيث تحاول الكتب المدرسية تكرار فكرة ارتباط الفرس بآل البيت على الدوام إمامًا تلو إمام، إلى الإمام الثاني عشر (المنتظر)، الذي غاب في السرداب، وهم ينتظرونه إلى يومنا هذا، ولهذا مهدوا الأرضية من خلال استحداث نظام ولاية الفقيه، لأجل رعاية مصالح المسلمين ؛ ولإنقاذ البشرية جمعاء ؛، والإيرانيون طبعاً هم محور التغيير في العالم، وليس العرب فقط .
الوظائف في الكتب المدرسية الإيرانية
الإيرانيون العرب فرسان جبناء محاربون رعاة أغنام نبلاء حدادون مزارع المنتج - طبيب - تاجر - عالم جاهل مفكر ساذج شاعر - شخص أنيق الملابس ذو الملابس الرثة
الفتح العربي الإسلامي في الكتب المدرسية الإيرانية
الكتب الابتدائية
بداية تصور الكتب المدرسية الفارسيّ وميله نحو الاستقرار والهدوء، والسلام والأمن، وعدم الاعتداء، و البناء والعمران ؛ وغيره من شعوب الأرض أعداء حضارة وفكر؛ بل إن الفارسي في أصعب أوقاته وهو محتل من جانب الغزاة لا ينفك يبني ويعمر ويطور في الفكر والنظم، ويستفيد منه حتى المحتل.
الكتب الإعدادية
تتحدث بلاد فارس وشعبها- عمّا يتمتعون به من إمكانيات، من ثروات، وحضارة، وموقع، حيث باتوا محط أطماع جيرانهم من الروم واليونان، حتى غزوا بلادهم، مما دفعتهم إلى تشكيل الجيوش، وإعدادها لمواجهة الخطر الخارجي، فتصدوا لهم بحزم وقوة .كذلك نلاحظ التركيز على الروايات والنصوص التي تظهر دور الفرس بمعزل عن العناصر الأخرى في صنع مجريات الأحداث التاريخية.
الكتب الثانوية
تظهر للقارئ أنه لولا الفرس لما قامت الحضارة الإنسانية، ولولا وجود الفكر والنظام الفارسي لبقيت بلاد و حضارات مجهولة . كذلك تتضمن الكتب المدرسية حقائق تاريخية مشوهة ومزورة في أحيان كثيرة ؛ تم إخضاعها مسبقاً لأيدولوجيا السياسة كتعريف الكتب المدرسية للفتح الإسلامي، باعتباره اجتياحاً، وغزواً، واحتلالاً، وهجمة عسكرية ...، ووصفت الفاتحين العرب بأنهم غزاة، طامعون، ولم تشر لعظمة الإسلام ؛ إلا بأسطر معدودة، وتتساءل هذه الكتب: ماذا قدم الإسلام والعرب لإيران؟ في الوقت الذي اعتبرت بلاد فارس،، وشعبها كانوا موحدين للإله قبل مجيء العرب، وأن سبب انتصار المسلمين هو حجم العدة والعديد، والتسلح الأفضل، ولم نجد سوى سبعة نصوص عن عظمة الإسلام، تحت عنوان سطوع شمس الإسلام، و فجر الإسلام، دون الإشارة للفاعلين العرب .([75])
لا شك في أن الكتب المدرسية تسعى إلى التعبئة ضد الشخصية العربية، حيث ترى هذه الكتب أن الشخصية العربية تتسم بعدوانية أصيلة، كرَّست نفسها للصراع ضد إيران؛ فالعرب في أحداث التاريخ الإسلامي يظهرون وكأنهم عنصر ثانوي، ليس له صلة ثابتة وأصيلة بالتاريخ الإسلامي، أو حتى الإنساني المدوَّن . من هنا اعتمدت الكتب المدرسية أسلوب الانتقاء، واجتزاء الروايات والنصوص التي تظهر النزعة الشوفينية الفارسية بمعزل عن القوميات الأخرى في صنع مجريات الأحداث التاريخية.
أما في أحداث التاريخ الإسلامي، فقد حاول النص تجاهل دورهم في مجريات الدعوة الإسلامية، وإذا أُريد إبرازهم، فهم أعداء الدعوة النبوية، فقريش وزعماؤها "كانوا يشعرون بالخطر من الإسلام "، وأبو سفيان (الأموي) كان من أشهر المعادين للإسلام.فالعرب يظهرون، وكأنهم ليسوا هم الذين نشروا الإسلام في الجزيرة العربية والعالم .
وصف الفتح العربي الإسلامي في الكتب المدرسية الإيرانية
وإبراز عنصر التفضيل بين الإيرانيين والعرب
الإيرانيون العرب الميل نحو الاستقرار والهدوء معتدون وبدو رحّل الدفاع عن حضارتهم الفتح الإسلامي : غزو، اجتياح، حملة عسكرية السلام والأمن وعدم الاعتداء عاشوا على النهب والسلب البناء والعمران سطوع شمس الإسلام غزاة طامعون سكنوا الخيام حضارة غنية بالإمكانيات، التخلف ثروات فقر مدقع حضارة وإمبراطورية بلا حضارة عاشوا على النهب والسلب موقع مهم متخلفون بلا مواقع/ أو مواقع متحركة تافهة صناع التاريخ هامشيون بيئة خضراء يانعة صحراء قاحلة موحدون قبل الإسلام عبّاد الأصنام حملة الإسلام الحقيقي أهل البدع والضلال الثقافة الغنية بلا ثقافة أو ثقافة تافهة أو متخلفة النجف الأشرف الكعبة المشرفة الحرم النبوي الحرم الرضوي
الأدب الفارسي والعلماء الفرس والأجانب
مقارنة بنظرائهم العرب في الكتب المدرسية الإيرانية
المرحلة الابتدائية
تعظيم الأدباء والشعراء الفرس .
المرحلة الإعدادية
هناك إهمال متعمّد للأدب العربي والعلماء العرب، يقابله تعظيم للعلماء والشعراء الإيرانيين، بشكل أكبر من المرحلة الابتدائية .
المرحلة الثانوية
تزداد في هذه المرحلة فكرة تعظيم الأدباء الفرس، مقروناً بالإشادة بشكل أكبر بالعلماء والأدباء الغربيين والأجانب؛ ما يعكس نظرة إيران للتوجه نحو الغرب، والخروج من الدائرة العربية الإسلامية على خلاف ما تطرحه الثورة. لم نجد سوى درس واحد يتحدث عن ابن خلدون، دون الإشارة إلى انتماء هذا العالم للعرب([76]).
الروح التوسعية في الكتب المدرسية الإيرانية
تجاه العالم العربي
المرحلة الابتدائية
تبدأ الكتب المدرسية في هذه المرحلة في التعريف بالخليج العربي وتسميته بالخليج الفارسي، وهذا دليل واضح على النظرية التوسعية التي عاشت فيها إيران في الماضي وتعيشها اليوم، والذي يسعى من خلال الشرح والتكرار إلى تعزيز فكرة الحدود الإمبراطورية لدى الطالب الإيراني، والاعتزاز بحدود دولة إيران تاريخياً. ([77])
المرحلة الإعدادية
التركيز على تناول حقوق إيران التاريخية في المناطق المجاورة لها مراراً وتكراراً.
يظهر ذلك من خلال عدة موضوعات، من أبرزها، تكرار تناول الكتب المدرسية للموضوعات السابقة، مع تناول ملكية البحرين والعراق، في أكثر من موقع وملكيتهما لإيران، وأن المطالب الإيرانية بالبحرين بشكل خاص، لها سند تاريخي وقانوني يدعمها. واعتبار الكتب المدرسية الإيرانية أن استثناء البحرين من الوعد الذي قطعه شاه إيران بالتنازل عنها، عن طريق الاعتراف بها "كانت بمثابة كارثة كبرى" بالنسبة لإيران .
وهنا تحاول الكتب المدرسية التأكيد للطالب الإيراني، أن لإيران حقوقاً تاريخية يجب استعادتها، من خلال ضرورة عودة البحرين والعراق أيضاً للوطن الأم " إيران " .
أما بالنسبة للسعودية، يظهر محاولات الإسقاط على الأحداث عبر الحقب التاريخية المختلفة في تناول هذه الدولة، عن طريق وصفها أولاً ؛ بأنها كانت مصدر الجاهلية، والمركز الذي جابه الدعوة النبوية . وربط فكرة ارتباط الإسلام بالأعراب الذين كانوا يقطنون السعودية، مع التركيز على إبراز أقبح الصفات لهم .
إنها محاولة من النص للربط بين الماضي والحاضر، ليذكر القارئ أن "المسلمين في السعودية" هم أصحاب الجاهلية الأولى التي قاومت الدعوة. ولا يظهر اسم السعودية باعتبارها الدولة التي انطلق منها الدين الإسلامي، ويستعاض عن ذلك بذكر مدينة مكة، والمدينة " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ على الرغم من أن اسم السعودية قد ظهر حديثاً ؛ حيث كان يطلق عليها الحجاز سابقاً .
المرحلة الثانوية
تكرار نفس الأفكار الواردة في المرحلة الإعدادية، مع التركيز على الجزر الإماراتية المحتلة، حيث يأتي ذكرها من خلال تناول أسماء الأماكن الجغرافية الإيرانية .. جزر، أنهار، خليج، شط باعتبارها مناطق فارسية، فالنص المتعلق ببعض المفردات الجغرافية، يريد ترسيخ أن الأمر يتعلق " بأماكن إيرانية " أبدية مثل : الخليج الفارسي، رود أروند " شط العرب" الجزر الإيرانية " طنب الكبرى، والصغرى، وجزيرة أبو موسى"، وعمل رحلات لطلاب المدارس إليها، وتناول أهميتها العسكرية والاستراتيجية بالنسبة لإيران، وتدريس هذه الأفكار في مختلف المناهج .
الفكر التوسعي الإيراني
الصورة الجغرافية للعرب
في الكتب المدرسية الإيرانية
الكتب الابتدائية
تبحث المناهج التعليمية الجغرافية الإيرانية حثيثاً عن أطر إقليمية بديلة عن الإطار العربي ؛ حيث تبدأ كتب الجغرافيا فى تأسيس ذهنية على اعتبار إيران دولة شرق أوسطية، وأن منطقة الشرق الأوسط من أغنى مناطق العالم بالنفط والغاز .
الكتب الإعدادية
تعرض الكتب المدرسية لسبب تكالب الدول الغربية خاصة أمريكا على منطقة الخليج " الفارسي" هو استهداف الثورة الخمينية والنفط، وأن الدول العربية النفطية، باتت مصدر التهديد نتيجة جلبها للقواعد العسكرية الغربية ؛ والتي تشكل خطراً كبيراً على إيران، وأمنها، وتخلص دروس الجغرافيا المدرسية، إلى نتيجة أن أحد أسباب تأسيس إسرائيل في المنطقة يعود لسبب الحفاظ على مصالح الغرب والطاقة فقط، وليس لأسباب استعمارية دينية مرتبطة بفلسطين .
الكتب الثانوية
نستطيع القول إن جغرافية العالم العربي لا تدخل ضمن برنامج تعليم الجغرافيا في الكتب المدرسية الإيرانية للمرحلة الثانوية، لذلك لا نجد إلا عنواناً واحداً متخصصاً لموضوع " العراق" جاء بحكم الحديث عن الدول التي تشترك بجبرية جغرافية مع هذه الدولة، والتركيز على الارتباط المذهبي معه، وهناك عنوانٌ لدرسٍ تعليمي مختصر في كتاب غير جغرافي لطلاب المرحلة الابتدائية تحت عنوان " مصر هبة النيل " !.من هنا تكاد تكون الخريطة السياسية الجامعة للعالم العربي مغيبة عن كتب الجغرافيا المدرسية، بل جاء العالم العربي ضمن خرائط لمناطق فرعية للشرق الأوسط والخليج "الفارسي"، حتى إننا لم ننتزع اعترافاً بتسمية العالم العربي بالوطن العربي. ([78])
يمكن القول أن من أهم أهداف كتب الجغرافيا، طمس اسم العالم العربي، والتركيز فقط على مفهوم الشرق الأوسط .حيث تحرص كتب الجغرافيا المدرسية في المرحلة الثانوية إلى تعظيم جغرافية إيران .، وإسناد أسماء المواقع الطبيعية الإيرانية إلى الأسماء الجغرافية وإلى تسمياتها القديمة تمجيداً لتاريخهم القديم، والتركيز على الخريطةالجغرافية للحضارة الفارسية ؛ ومنحه صفة المسلمات، مستوحين الأسماء مما ورد في التاريخ السحيق، لإثبات فارسية المكان والزمان .
نستطيع القول باطمئنان: إن البعد العربي مغيب عن عمد في كتب الجغرافيا إلا من بعص النصوص المبعثرة على حساب الحديث عن دول آسيا الوسطى والقوقاز، أميركا ودول أوروبا.
من هنا يتخرج الطالب الإيراني من طاحونة التربية والتعليم لا يعرف عن العرب سوى أنهم غزاة، دمروا حضارة فارس، وهم شعب متخلف، دينهم خطأ، وثقافتهم بائسة...، حيث يأخذ الطالب هذه النظرة معه إلى الجامعة، التي تستمر في غرس هذه القيم المشبعة بالحقد والكذب الصُّراح. .
توزيع الخرائط الجغرافية
التحليل الكمي
المفردات السلبية لوصف العرب
الكتب عدد النصوص الكتب الابتدائية 11 نصاً الكتب الإعدادية 23 نصاً الكتب الثانوية 31 نصاً
جدول صفات العرب السلبية
الكتب عدد النصوص الكتب الابتدائية 15 نصاً الكتب الإعدادية 23 نصاً الكتب الثانوية 41 نصاً
الوظائف والمنزلة الاجتماعية للعرب " السلبية
" مقابل " الإيجابية "للإيرانيين
المجموع لمختلف الصفوف في كل مرحلة
الوظائف والمنزلة الاجتماعية لمختلف الصفوف الصفات " السلبية" للعرب
الصفات " الإيجابية "للإيرانيين
المنزلة الاجتماعية 18 نصاً 216 نصاً الجندي و صفاته 9 نصوص 89 نصاً التخلف الحضاري 13 نصاً 218 نصاً الصفات الجسمية 8 نصاً 127 نصاً الصفات الأخلاقية 23 نصاً 419 نصاً
جدول الفتح العربي الإسلامي في الكتب المدرسية الإيرانية :غزو، اجتياح، حملة عسكرية، هجوم.
الكتاب عدد النصوص الكتب الابتدائية 6 نصوص الكتب الإعدادية 18 نصاً الكتب الثانوية 25 نصاً
الصورة الإيجابية للفتح الإسلامي سطوع شمس الإسلام، فجر الإسلام
الإيرانيون عدد النصوص المرحلة الابتدائية نصان المرحلة الإعدادية نص واحد المرحلة الثانوية أربعة نصوص
جدول تعظيم الأدب الفارسي
في الكتب المدرسية الإيرانية
النصوص التي أبرزت الاهتمام بالأدب والعلماء الفرس
الإيرانيون عدد النصوص المرحلة الابتدائية 76 نصاً المرحلة الإعدادية 169 نصاً المرحلة الثانوية 288 نصاً
النصوص التي أبرزت الاهتمام بالغرب والعلماء الأجانب من غير العرب
الغرب وغير الإيرانيين عدا العرب عدد النصوص المرحلة الابتدائية 11 نصاً المرحلة الإعدادية 38 نصاً المرحلة الثانوية 71 نصاً
جدول الروح التوسعية في الكتب المدرسية الإيرانية تجاه العالم العربي
الكتب عدد النصوص الكتب الابتدائية 14 نصاً الكتب الإعدادية 21 نصاً الكتب الثانوية 37 نصاً
جدول الصورة الجغرافية لإيران في الكتب المدرسية الإيرانية
-إيران دولة شرق أوسطية
الكتب عدد النصوص الكتب الابتدائية 16 نصاً الكتب الإعدادية 23 نصاً الكتب الثانوية 28 نصاً
تركيب صورة العرب
كما وردت في الكتب المدرسية الإيرانية
إرباك فكر الطالب الإيراني وتجهيله حول العالم العربي بشكل متعمد
ركزت الكتب المدرسية الإيرانية على قضايا وموضوعات استمرت في إبعادهم جهد الإمكان عن اهتماماتهم في الموضوع العربي الإسلامي، وفق برامج تزيد من احتمالات الجهل بالقضايا الأساسية المهمة، ومحاولة إلهائهم جهد الإمكان بأخرى بعيدة نسبياً، وتركز في مجملها على أرينة " إيرانية التعليم " كذلك حاولت وفق برامج أخرى زرع بعض الأفكار والاهتمامات المذهبية والقومية بديلاً للموضوعات الأخرى العربية والإسلامية، النتيجة أن الطلاب المتعلمين على وجه العموم باتوا أكثر قدرة على فهم مسئوليتهم الوطنية والمذهبية، وأوسع مجالاً لإدراك صورة العرب " المتخلفة، المتآمرة " التي شوهتها الكتب المدرسية .
أما عند الحديث عن التضحية والاستشهاد عند الفلسطينيين فعادة ما تستخدم مصطلح "فلسطيني " بدلاً من " عربي فلسطيني"، فالكتب المدرسية الإيرانية تذكر كلمة الفلسطيني دون إقرانها بالعربي الفلسطيني، وهذا التعبير المجرد من العربية لكلمة الفلسطيني له مغزاه ودلالاته المبطنة .
تغييب مكان مادة العرب في بعض موضوعات الكتب المدرسية الإيرانية بشكل متعمد
لقد كان العالم العربي غائباً في بعض موضوعات الكتب المدرسية، ولكنه قد يظهر في مكان تدور فيه أحداث التاريخ المستقاة من تاريخ الحالة الصراعية بين العرب والإيرانيين، وهي الصفة الغالبة، وقد أصبحت هذه الأحداث، وتحليل نصها حسب الرؤية الإيرانية، إطاراً للسرد والتحليل النصي التاريخي، وأحياناً موضوعاً له، وتحتل إيران : موضوعات، صور، خرائط أكبر مكان بالنسبة إلى الصور المرفقة بدروس الكتب المدرسية .
أما الإطار الزماني للأحداث التاريخية، فنجد أنها تمتد بحيث تشمل العصور القديمة، والوسطى، حتى الفترة المعاصرة، فنجد أن كتب المراحل المدرسية تركز على إيران، وتتحاشى التفاصيل السلبية وهي بالتالي كتب غير كاملة، ولا تشتمل على تجانس بين النصوص، أما الإطار الزماني والمكاني للسرد، فلا يقدم إلا صورة إجمالية ناقصة بامتياز .
اختلاف صورة العرب
ينصب حديثنا على الشخصيات التي يطلق عليها صراحة " اسم العرب"، أو أحد مترادفاته، في النصوص، حيث نجد أن الشخصيات الواردة في الكتب المدرسية تسميات ذات طابع وطني " فلسطيني أو ديني" المسلمين "، ومن هنا فإن ذكر الكتب المدرسية للأصل الوطني، وعدم الحرص على التعريف بها" هويةً عربية" له مغزاه ودلالاته،وحتماً سوف يؤثر في نظرة طلاب المدارس الإيرانية للعرب، وهو ما لا يريده- حسب تقديرنا - صانع القرار التربوي في إيران.
ولا بد أن نلاحظ أنه حتى في الحالات التي يلعب فيها " الفلسطيني" مثلهم مثل " الإيراني" دوراً رئيساً، نجد أنهم لا يصلون إلى مرتبة الأبطال في السرد .
وفي النصوص التي تنشأ عبرها علاقات بين إيرانيين وفلسطينيين، نجد أن الإيرانيين هم الشخصيات الرئيسة في السرد .
تشويه صورة العرب والإساءة إليها
ينصب حديثنا على الشخصيات التي يطلق عليها صراحة " اسم العرب"، أو أحد مترادفاته، في النصوص، حيث نجد أن الشخصيات الواردة في الكتب المدرسية تسميات ذات طابع وطني " فلسطيني أو ديني" المسلمين " ومن هنا فإن ذكر الكتب المدرسية للأصل الوطني، وعدم الحرص على التعريف بها كهوية " عربية" له مغزاه ودلالاته، سوف يؤثر في نظرة طلاب المدارس الإيرانية للعرب، وهو ما لا يريده- حسب تقديرنا - صانع القرار التربوي في إيران.
لا تظهر في نصوص الكتب المدرسية الإيرانية أي صفة من الصفات المعروفة للبدو مثل الكرم، والشجاعة، .... بل على العكس من ذلك تماماً، فقد تعمدت الكتب المدرسية تشويه هذه الصورة . من هنا تتعمد الكتب المدرسية تشويه صورة العربي كشخصية بدت مجهولة الصفات، افتقدت للإيجابية تماماً .
إن تحليل النص تحليلاً عميقاً لمحتوى الكتب المدرسية الإيرانية يبين أنها قادت إلى تكوين أفكار سلبية مسبقة عن العربي وعن الآخر، تمحورت فقط حول فكرة الصراع من منظور مذهبي، يعكس مصطلحات قاموس الفكر السياسي الإيراني، حيث وضعت هذه الكتب المدرسية وفق روح المذهب الشيعي وتعاليمه، فالكتب المدرسية تلك تتضمن حقائق مشوهة ومزورة في أحيان كثيرة قد تم إخضاعها مسبقاً للأيديولوجيا السياسية، والإغفال المتعمد لتعريف الطلاب بالحضارة العربية الإسلامية . وهي إفراز للحقن العنصري الذي قامت عليه الثورة الإيرانية من خلال ثورتها الثقافية التي ركزت فيه على تغيير الكتب المدرسية الإيرانية بما ينسجم مع مبادئ الثورة ومرتكزاتها.
إن توزيع النصوص تبعاً للكتب وعدد الصفحات التي يشغلها العرب، تظهر لنا كيفية تناول الكتب المدرسية الإيرانية لهذا الموضوع، ودرجة الاهتمام التي توليها، فيوردون فيها تارةً موضوعاً رئيسًا حول العرب، وآخر عنواناً فرعياً، وأحياناً نصوصاً مبعثرة، وهذا الأمر له مغزاه ودلالاته، وهو ما سنتحدث عنه في سياق موضوعات الكتاب .
إن ما تعرضه هذه الكتب ناقص وغير دقيق، والهدف منه تشويه صورة العرب وأهل السنة، بحيث أنتجت لهم في النهاية صورةً مشوهة .
إن عرض العرب بصورة سلبية، وتجاهل نواة الصراع المذهبي وبؤره، يبرز دائماً بشكل أكثر وضوحاً، لأن العنصر الرئيس في المادة التعليمية الخاصة بالحروب التي خاضتها إيران مع العرب عبر مراحل التاريخ، هو إبراز بطولات "الإيرانيين" في هذه الحروب واستعدادهم للتضحية. إن اختيار مواد التعليم والانسجام الذي تؤمنه لهذا الدافع أو ذلك يكمن فيهما مغزىً معين.
يشار للعرب وكأنهم شعب كغيره من الشعوب، وذلك في محاولة واضحة لتسريب الاعتقاد إلى الأذهان بأن الخلاف بين إيران والعرب هو خلاف ديني، حضاري، تاريخي، بالدرجة الأولى، وليس مذهبياً فحسب .
الكتب المدرسية الإيرانية تتعامل مع الإنسان العربي في عدة مستويات تتسم بكونها تجرده من وجوده وحضوره تجريداً متزايداً حتى يختفي كلياً، أي بتحويله من العربي المتخلف، عبر تشويه صورته، إلى العربي الغائب عبر إهماله تماماً.
فسياسة الكتب المدرسية تتجه إلى تناول العرب باعتبارهم جزءًا مشوهاً من التاريخ، أو تاريخاً طويلاً من التشوه ,وعلى أساس طمس الوجود والتاريخ، المعالم العربية، وتعتمد إزاء الجوانب الأخرى من التاريخ العربي على أسلوب التجهيل من جهة، وتشويه الحقائق من جهة أخرى، وتقابل ذلك عملية تضخيم وسمو لصورة الإيراني، وتجدُّ وتجهد في سبيل الحفاظ على هذه الصورة .
من هنا يخرج الطالب الإيراني من طاحونة التربية والتعليم لا يعرف شيئاً سوى أن العرب شعب متخلف، مذهبه خطأ، ثقافته بائسة، ويأخذ الطالب هذه النظرة معه عندما يكبر وينخرط فى الجيش، والأمن والاستخبارات، والجامعة، .........
لرؤية الذات هو في نهاية الأمر رؤية الآخر، ويمكننا أن نحاول تحديداً إدراك نظرة الإيراني للعربي أو للآخر من خلال الإدراك الثوري للإيراني، فالإيراني حسب الرؤية إنسان، يملك حضارة، و تاريخاً عريقاً، وتراثاً خدم الإنسانية، فيه صفات الوفاء، والصدق،وهو محب ومخلص لآل البيت، والأسرة الإيرانية متكاتفة متعاطفة متوادة ...، أما الجندي فيتميز بصفات الإيمان، و التضحية، والشجاعة، والفداء ....وأن لديهم رسالةً لإنقاذ البشرية.
يمكننا أن نستخلص النتائج التالية من هذا التحليل للنص المقارن لصورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية :
1- بذل المؤلفون في الكتب المدرسية الإيرانية مجهوداً من أجل تنويع الموضوعات من أجل تثبيت صورة العرب السلبية، وتدرجت في رسم هذه الصورة فلم تعد قاصرة على صورة البدوي، بل صورة العربي المتصف بصفاتٍ سلبية....
2- العرب في الحالة الصراعية يتسم فيها العرب بالعدوان، وهم في حالة تناقض مع الآخرين، وهذا التناقض تكون فيه الغلبة للناحية السلبية .
3- حال العرب ووضعهم يتسم دوماً بالفقر والمركز المتدني بين الشعوب .
إن بعض الكتب المدرسية الإيرانية، تضمن كلٌ منها نصاً واحداً أو أكثر يتناول من خلال موضوعه أو شخصياته، أو إطار القصة الواردة فيه، العرب .
وهنا نجد الثغرة الواسعة .. فكل ما نجده في هذه الكتب من نصوصٍ مترجمة إلى الفارسية عن لغة أجنبية قد خلا تماماً من أي نص مترجم عن العربية لمؤلف عربي سواء أكان قديماً أم معاصراً، وهذا الأمر له مغزاه ودلالاته، وهي أن النسبة الضعيفة من الناحية الكمية يمكن أن نستنتج منها أن صانع القرار التربوي الإيراني لا يريد إطلاقاً أن تتبلور فكرة واضحة عن العرب أو عن الوطن العربي، بقدر ما يريد أن تترسخ الصورة السلبية عن أهل السنة والذين عمادهم العالم العربي خاصة لدى طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية، وفي هذه السن المبكرة تؤثر طبيعة الصورة السلبية النمطية المقدمة في عقلية الطالب الإيراني حديث النشأة .
كيف يغرس الإيرانيون الكراهية للعرب
في مناهجهم المدرسية
إن قسماً لا بأس به من الإيرانيين وأبنائهم في إيران لا يعرفون عن العرب إلا ما يتعلمونه في المدارس والكتب المدرسية، التي تحوي الأكاذيب والافتراءات على العرب، يتقبلها الطالب الإيراني، وتصبح عقيدةً لديه، لا يمكن إزالتها أو تغييرها في المستقبل .
الانفعالية
تحاول الكتب المدرسية الإيرانية إحداث حالة تعبئة انفعالية وجدانية ضد الآخر، من خلال تعظيم عقدة الاستهداف لدى الشيعة، وشحنهم بطاقات عدوانية موجهة ضد العرب السنة .
التعبئة ضد الشخصية العربية العدوانية
ترى الكتب المدرسية أن الشخصية العربية تتسم بعدوانية أصيلة، كرَّست نفسها للصراع ضد الشيعة، وهم يعتقدون أنه وإن كان العرب لم ينجحوا في كسر شوكة إيران غير أن الأهم من ذلك أن هناك إجماعاً بين الدول السنية لمحاربة إيران!، ثم الإدخال في روح الطالب وكأن التوسع أمر طبيعي .
لم نلحظ للعرب صورةً واضحةً في النصوص، فقد حاولت النصوص تجاهل دور العرب في مجريات الدعوة الإسلامية. وإذا أرادت إبرازهم، فهم أعداء الدعوة النبوية فقريش وزعماؤها "كانوا يشعرون بالخطر من الإسلام " وأبو سفيان (الأموي) كان من أشهر المعادين للإسلام.
الفوقية العرقية
تنبعث الفوقية التاريخية من الثورة الإيرانية في الكتب المدرسية من خلال ثلاث مفاهيم مترابطة غير منفصمة وهي: المذهبية الشيعية والقومية الفارسية، فالتشيع يعتبر الشعب الإيراني "شعب الله المختار" وسائر الشعوب (ضالين) وهذا المصطلح، شعب الله المختار، وُجد لـه تعبيرٌ في صورٍ وأشكالٍ ومظاهرَ عدة، وعلى كل الصُّعد السياسية والثقافية والاقتصادية، وحتى الاختراعات والاكتشافات العلمية كانت تهدف إلى إبراز الفوقية والتفرد الشيعي ـ الفارسي بلا منازع.
عنجهية الرؤية الفوقية في الكتاب المدرسي
تسهب الكتب المدرسية في حديثها عن العنجهية الفوقية والبطولة الأسطورية الفارسية، وتوغل في المقارنة بين الإيرانيين والعرب من حيث القدرات العقلية والفنية والقيمية الأخلاقية، ولإبراز الفوقية الأسطورية لشعب الله المختار، وتميزهم حتى على الرومان، وبالنسبة للنظرة الدونية للعرب فهم على مستوى متدنٍ إنسانياً وحضارياً.
تشويه صورة العرب من وجهة نظر فارسية، حيث عُكست هذه الصورة عن وعي متعصب مهجوس بكراهية العرب، والحط من شأنهم، ومحاولة صناعة الهوية الإيرانية وفق رؤية فارسية – شيعية .
فالصورة التي ترسمها للإيراني قائمة على أساس التمييز العرقي، فالفرس هم آريون بشروا ويبشرون بالخير، وهي ردٌ على صورة الآخر " العربي" " السامي "، ولا يستقيم وصف هذه الصورة إلا من خلال التأكيد والإغراق بالرجوع إلى أصل الفرس القديم أولاً، ومحاولة إحياء العادات والتقاليد الخاصة بتلك الحقبة .
مواقف التكرار والتناقض المغلف بالكراهية حيال العرب وأهل السنة
نجد أن كتب التدريس هذه تتسم بالاتجاه الانتقائي والفوقي والعدائي، وتتمثل نظرتها بالتكرار والكراهية والتناقض في العلاقة، فكراهية العرب تظهر منذ الجاهلية أو تاريخ ما قبل الإسلام ولغاية اليوم.
ولو عدنا إلى الكتب المدرسية لوجدنا بروز خط التكرار في إثارة أي موضوع مطروح، فالكتب المدرسية تورد تناقضاً شديداً وانتقائياً ومشوَّهاً لتناول المحطات التاريخية التي كان الفرس عنصراً فيها ً، وتوصل الطالب إلى أن تاريخ الفرس في الإسلام وما بعد نجاح الثورة يشير باستمرار إلى كون الشيعة ضحيةً ملاحقةً دائماً .
التناقض والتبعية في علاقات العرب مع الإيرانيين
إن الطبيعة التي تسود العلاقات بين العرب والإيرانيين تُصوَّر بأنها يسودها العداء والصراع، و هي دائماً مثقلةٌ بمصادر التوتر.
فعلاقة العرب مع الإيرانيين منذ القدم تقوم على التناقض -حسب الكتب المدرسية الإيرانية-، وذلك كما يبدو من خلال كتب التاريخ، ويبدو هذا التناقض ويظهر، بشكل يجعل التنافر والصراع هو الطابع السائد في العلاقة .حيث يظهر الفارسي وهو يقاتل بشجاعة، ويتصف بالإخلاص، والتضحية فيما يظهر العربي على النقيض من هذا.
وقدمت كتب التاريخ تعميمات سلبية على الدولة العثمانية، فعن وصف الكتب المدرسية الإيرانية للحال مع الدولة العثمانية، تصف حكم الأتراك بتمردات البدو ضد الحكم المركزي وصراعات بين الحكام الأتراك، وتميز هذا الحكم بكثرة أعمال السلب والسرقة والنهب والقتل، وتدني مستوى الأمن على طرقات البلاد، وهو ذو توجه معادٍ من قبل الحكم التركي لإيران.
التميُّز عن الأمم والشعوب الأخرى، أخذت هذه الميزة أيضاً طريقها إلى نفسية الطالب، وأصبحت عاملاً أساسياً في تكوين هذه الشخصية، وقد استغلتها الثورة الخمينية وغذتها، ومدت جذورها – اصطناعاً- إلى أعماق التاريخ، فالكتب المدرسية قد رسخت قيماً قائمة على الخرافة، قد تكون أقوى أثراً في خلق النفسية العنصرية لدى الطالب من الحقائق التاريخية نفسها، و بخاصة إذا اصطحبت مع الزمن قدسية المذهب .
نظرية الصراع مع العربي وكيفية حلِّه، وأثرها في بلورة الفكر المسبق، الذي أسهم بدوره فى إحداث شكلٍ من أشكال الحرب النفسية التي أسهمت في تكوين شخصية الطالب الإيراني ماضياً، و حاضراً، ومستقبلاً :
أولت إيران أهميةً كبرى من خلال الكتب المدرسية، لإحداث حالةٍ من الحرب النفسية واعتمادها في تحليل النص وإدارة الصراع مع الآخر، و استخدامها سلاحاً من أمضى الأسلحة المؤثرة بالنسبة لطلاب المدارس لاعتبارات أهمها أنه سلاحٌ غير مباشر يعتمد على المعرفة النفسية وتطبيقاتها في التعامل مع الوعي الإنساني وتشكيلها وتوجيهها وفق صياغة محددة .
تعتمد إيران على الحرب النفسية، وسيلةً مستخدمةً لتوجيه الطالب الإيراني، بهدف غرس قيمٍ تعليمية لطبع صورةٍ سوداء لديه عن الآخر العربي، وإظهاره بصورة المتخلف، وبالمقابل تلميع نفسها من خلال الصورة الناصعة البيضاء التي رسمتها لنفسها .
ترسخ الكتب المدرسية تعرُّض إيران لحرب نفسية ترتكز على مفهوم الحرب الهجومية، لكنها تخوضها من خلال التوسل بأسلحة فكرية،مذهبية، عاطفية، عسكرية ... من أجل تعظيم قوة المقاومة المعنوية بين الطلاب، وتُخاض هذه الحرب للتقليل من نفوذ العدو داخل الدولة الإيرانية.
ترجع استخدامات الحرب النفسية والإعلام الدعائي النفسي من قِبل إيران إلى بدايات نشأة الدولة الإيرانية، ثم تصاعدت مع عهد الثورة نفسها التي أدركت أهمية الدعاية ودورها في تحقيق أهداف الثورة، فاعتمدت الدعاية بشتى الوسائل والأساليب جنباً إلى جنب مع إنشاء المؤسسات الثورية التي اعتمدت على القوة والاقتصاد والاستخبارات، ولما كان الهدف الأساسي للثورة الإيرانية، من جميع أساليب الحرب النفسية الاستراتيجية منها والتعبوية هو السيطرة والقوامة على الشتات الشيعي، من هنا فقد استغلت واستفادت الثورة الإيرانية في عملها الإعلامي الدعائي النفسي وقامت باستغلال الكتب المدرسية لغرس هذه القيم لدى الناشئة ليكونوا جنودَ المستقبل للثورة الإيرانية .
إذا كانت إيران تكثف من حربها النفسية ضد العالم العربي عموماً والخليجي خصوصاً فإنها حرب زادت إيران من وتيرتها، حيث ركزت على شن حرب نفسية لا تهدأ لجمع الشتات الشيعي تحت وصايتها، وإقامة وطن قومي للشيعة على أرض الخليج، مستغلة ثورتها الإسلامية.وهذا يتفق مع الفكر المذهبي الإيراني. وقد بنت استراتيجيتها لشن الحرب النفسية على مزاعم وأكاذيب منها تثبيت الإحساس لدى الرأي العام الإقليمي وحتى الدولي بأن السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحققا إلا بالاعتراف بإيران دولةً إقليمية عظمى، فى الوقت الذي تدير حربها النفسية لامتناع جزء من شيعة الشتات من الاعتراف بإيران مرجعيةً مذهبيةً، وممارسة الحرب النفسية لتعزيز الشعور لدى شيعة الشتات أنهم شعب غير مرغوب فيه في الدول الخليجية، وأن تمتد الحرب النفسية إلى التأثير النفسي على الدول العربية الخليجية بأن إيران قوية لا تقهر .
وإذا كانت إيران تشن حربها النفسية لإقناع شيعة الشتات أنها دولةٌ متقدمة فإنها تصف العرب بأنهم شعوب متخلفة، وأن الإسلام السلفي هو الخطر القادم، وأن ما لدى العرب من قوة مصدرها الطاقة وأنهم يهددون بذلك الغرب، وأن التخلف أدنى ما يكون إلى الشخصية العربية المتخلفة، ولدى العرب آراء متفرقة وأن الشيعة أوثق صلةً بالإسلام .
في تقديرنا أن الحرب النفسية الإيرانية، لن تتوقف فهي أحد الأسلحة التي تستخدمها إيران ذريعةً تبيح قيامها بالاعتداءات على دول الجوار، وتستغلها لتحقق بها أهدافها التوسعية ورفضها لإعادة الأراضي العربية المحتلة، وتعلل عملها بأنه حالة الدفاع عن النفس، بما يعني قلب الحقائق ونشر الأكاذيب واستخدام أساليب الخداع بما يحقق مصالحها .
ومحاولة إقناع الطلاب من خلال الكتب المدرسية الإيرانية، بأن إيران دولةٌ خالدةٌ لا تقهر ولا تزول والعمل على رفع معنوياتهم كي لا يستسلموا لليأس وأن على الآخرين أن يضطروا للصلح معها وفق شروطها. وتوجيه الإيرانيين كي يركزوا على الناحية العسكرية قبل غيرها وذلك لتبقى معنوياتهم عالية ولتحقيق الأطماع الإيرانية.
مع تكثيف فكرة الخطر الداهم من خلال سياسة تعليمية نفسية تعزز وتتماشى مع سياسة الثورة أن بقاء الثورة ونجاحها هما الضمان لبقاء الإيرانيين وانتصارهم على الأعداء، لهذا تقوم سياسة إيران على استراتيجية كسب الأنصاًر للثورة عبر شبكة واسعة من الأساليب الدبلوماسية، والاقتصادية، والثقافية، والإعلامية ....
في تصورنا أن التعليم فى مدراسنا يجب أن يتجه إلى كشف الحقائق عن إيران، استشهاداً بالقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وفضح الدور الإيراني فى مواجهة الإسلام، وتواصلاً مع أهداف إيران من خلال محاولة استغلال مداخل الأزمات الإقليمية، وتاريخها الطويل فى محاولة النيل من العرب وأهل السنة وما تحاوله الآن من طمس الهوية العربية وتشويه الشخصية العربية. لم يعد الموقف يحتمل تهاوناً فى مواجهة الحرب النفسية الإيرانية التي لا تقل في ضراوتها عن الحرب الفكرية . فإيران تشن على الدول العربية حرباً تستخدم فيها أساليب وآليات ليست بالضرورة عسكرية. حيث يجب أن نتسلح بهذه الآليات نفسها لندافع عن حقوقنا المغتصبة.
إن الحروب النفسية بجانب الحروب الإعلامية لهما شأنٌ لايقل أهمية عن الحروب العسكرية. ويجب أن نتفوق فى مجال الحروب النفسية والإعلامية ولدينا آلياتها وأن تكون الحرب الثقافية أحد أساليب الحرب النفسية والإعلامية دفاعاً عن مبادئنا وقيمنا ضد من يحاول أن ينال من تلك المبادئ ويصور لنا مبادئ وقيماً دخيلةً تهدد أمننا العربي فى أهم أركانه.. العقيدة الإسلامية وأن يُشكَّك فى أن عقيدتنا الإسلامية (السلفية) تحض على الإرهاب فهل هذا سائغٌ أو مقبول؟، علينا بالعمل دفاعاً عن عقيدتنا الإسلامية الصحيحة لنخوض حرباً نفسية مقدسة نحافظ بها على أنفسنا وبلادنا وكياننا العريض.
مرت الحرب النفسية الإيرانية من خلال الكتب المدرسية كما لاحظنا بمراحل عدة وكان لكل مرحلة طابعها كما كان لكل مرحلة منطلقاتها أو مقولاتها، ويمكن تلخيص منطلقات المراحل بالآتي:
1- مقولة عظمة التاريخ الإيراني، والحق التاريخي لإقامة إمبراطورية الخلاص الشيعي.
2- مقولة العداء للشيعة (الهولوكوست العراقي)أي أن الشيعة الإيرانيين تعرضوا وما زالوا يتعرضون للاضطهاد بسبب مذهبهم وثورتهم . وعليه فلهم الحق في جمع شيعة الشتات في دولة تحميهم من اضطهاد العالم السني لهم، وسوف نتناول هذا الموضوع لاحقاً.
3-مقولة الأمة الإيرانية أو وحدة المذهب والقومية،أي أنهم شعب ذو مذهب واحد، وقومية واحدة هي القومية الإيرانية الفارسية.
4-مقولة الإمبراطورية الإيرانية الموعودة.
5-مقولة إيران الثورة المكافحة من أجل البقاء والعيش.
6-مقولة إيران الدولة ذات التاريخ الحضاري المجيد، في محيط متخلف.
7-مقولة إيران المستقلة والجيران المتخلفين " الأدوات المتقدمة لقوى الاستكبار العالمي لحماية الغرب "، والقاعدة لتهديد إيران .
إذا كانت هذه المقولات قد طرحت لتمثل منطلقات الحرب النفسية الإيرانية في المراحل الأولى، فإن هذه المقولات كانت تتجدد ويعاد طرحها بقوالب أخرى وأحياناً يستعاض عنها بغيرها خدمة للأهداف المرحلية ويمكن تلخيص منطلقات أو مقولات الحرب النفسية الإيرانية في المرحلة التالية بما يلي:
1-مقولة خطر الإسلام السلفي وما انبثق عنه " الإسلام الوهابي، الطالباني .....
2-مقولة خطر الجار العربي الثري الذي يملك مصادر الطاقة ويهدد إيران.
3-تشويه الشخصية العربية.
4-تصوير الشخصية الإيرانية باعتبارها شخصية راقية متفوقة على غيرها.
5-مقولة أن إيران هي حامية الإسلام الحقيقي وحاضنته في العالم.
6-مقولة أن إيران الثورة هي دولة ساعية من أجل السلام الإقليمي والعالمي.
7-مجالات الحرب النفسية الإيرانية:
تعمل الحرب النفسية الإيرانية في المجال التعليمي من خلال الكتب المدرسية، حيث تهدف الحرب النفسية الإيرانية من خلال الكتب المدرسية إلى ما يلي :
1- زرع بذور التفرقة بين الطلاب الإيرانيين وبين العرب، حيث تغرس قيم الكره والحقد على العرب في نفوس الطلبة وعقولهم.
2-زرع روح الانتصار على العرب، واعتبار إيران قوة لا تقهر.
3- بث اليأس والشك بين أفراد الشعب لتمزيقهم فرقاً وأحزاباً وتركز على الشيعة الإيرانيين من الفرس دون غيرهم لتحطيم معنويات الأقليات الأخرى وتزرع في نفوس أفرادها استحالة النصر على جيش الدولة الإيرانية أو التأثير على ثورتها، وهذا يتضح أيضاً من خلال تعظيم قوة وقدرات الجيش الإيراني وحرس الثورة.
4- إبراز أوجه التخلف، والهمجية، والجبن، وعدم الإيمان عند العرب، ويلمحون أن العرب يصعِّدون التوتر في المنطقة من خلال إدخال القواعد العسكرية الأجنبية إلى منطقة الخليج .
الأهداف المتوقعة لبناء الكتب المدرسية لفكر مسبق حول العرب من خلال الكتب المدرسية الإيرانية
من خلال تحليل النص لمحتوى ومضمون الكتب المدرسية الإيرانية، وإلقاء الضوء على توجهات المعنيين به، وصورة العرب في بعض جوانبها وكما وردت، فإن الأهداف المحتملة التي يمكن أن تؤمن الغاية المتوخاة لصانعي القرار التعليمي بهذا النظام الثوري الإيراني ستكون على الأغلب: ما زالت الكتب المدرسية الإيرانية تغذي فكرة الصراع لدى الطلاب، معتمدة على فكرة تاريخية تحمل رواسب الماضي المذهبي، والقومي" عقدة الخوف من الأجنبي " " ترس از بيكانيكى " ليكون أحد أهم المصطلحات المستخدمة حتى في قاموس علم السياسة والعلاقات الدولية .
ومن الأساطير التي حاولت الكتب المدرسية اصطناعها فيما يتعلق بمفهوم الصراع حول طبيعة العدو :أنه يتسم بالضلال، والوحشية، وعدم الإيمان ... أما عن كيفية حل هذا الصراع، فتسعى الكتب المدرسية إلى تصوير حتمية دينية وفق قالب شيعي مذهبي، لينتهي معها هذا الصراع، وهي في كل الحالات تجعل من شيعة إيران، المنتصرين حتما في هذا الصراع .
تسعى إيران بجهد وقوة لتصل في أسرع وقت ممكن إلى وضع يكون الجيش الإيراني فيه جاهزاً ومستعداً للحرب النهائية الإلهية.
أما استحقاقات هذه الحرب المقدسة، فهي ايجاد جيل مؤمن ومهيأ نفسياً، بدنياً، وروحياً لخوض هذه الحرب، فمن المؤكد أن "الحرب المقدسة" تتمخض لترسيخ عدد من المسلمات غير القابلة للنقاش، حيث انشغلت الكتب المدرسية الإيرانية، في تحليل النص عن أسباب هذه الحرب، والتحولات التي سوف تحدثها، وفي ما يلي بعض الأفكار التي طرحتها الكتب المدرسية الإيرانية :
أولاً: ستُحدث هذه الحرب تغيراً كبيراً في العالم، وهي "فرضية" اعتمدت عليها إيران في بناء إستراتيجيتها التعليمية، باعتبار أن العالم العربي والإسلامي سيعلن "استسلامه" التام للقدر الإيراني الإلهي، ولا يمكن أن يفكر أي نظام بمواجهة هذه الحرب، لتزحف إيران بقيادة (المهدي) لخوض هذه الحرب، وإقامة مملكة العدل على الأرض .
ثانياً: نلاحظ أن إيران من خلال تحليل النص محتوى المناهج التعليمية قد انتقلت بالطالب الإيراني من مرحلة الدفاع عن النفس وردّات الفعل إلى مرحلة من المبادأة والمبادرة، واختيار التوقيت المناسب لها للتحرك على نحو فوري لتثأر دفاعاً عن الإسلام، تحت راية صاحب الزمان . .
ثالثاً: عزل المجتمع الإيراني عن المجتمع العربي والإسلامي:
من المفترض أن الدول العربية هي عمق استراتيجي للإسلام، والعكس صحيح أيضاً إذ تشكل غالبية بلاد المسلمين عمقاً للعرب، حيث تتقارب بينهم المشاعر والتطلعات والأهداف، والتقاؤهم المفترض سيشكل قوةً غير مرغوب فيها وفق النظام العالمي الجديد، وبذا ستتركز الجهود لتكوين أهداف مختلفة وتطلعات مختلفة لهم، ونقاط خلاف متعددة بينهم حتى تصل القناعات إلى مستوى التفرد بالمذهب والسياسة من أجل سلامة البقاء الذاتي. وهذا ما تعمقه الكتب المدرسية في عقل الطالب الإيراني ووجدانه .
رابعاً : تغييب صورة العرب الحَمَلة المفترضين لراية الإسلام
تعرض معظم هذه الكتب الإسلام دون وصفه"بالدين السماوي الجامع " وتقدم الإسلام باعتباره مجموعة من التعاليم المذهبية الشيعية.
وغالباً ما يرتبط تناول موضوع الدين الإسلامي برسم صورة للعرب تجعل القارئ يربط العروبة التي نهضت بالإسلام بالبداوة والتخلف، وتقديم البداوة في سياقها بجعلها جزءًا من الثقافة العربية الإسلامية،و مظهراً من مظاهر التخلف.
الإيرانيون الفرس : تاريخ وحضارة وتراث عريق،موحدين لله قبل ظهور الإسلام، وهم الآن وحدهم حملة رسالة الإسلام الحقيقي .
تشترك جميع الكتب في الإطراء والثناء على صورة الإيراني، ومحاولة التركيز على عراقة الحضارة والتاريخ الفارسي ؛ حتى إن الكتب المدرسية الإيرانية لم تسلم من التركيز على صفات الفارسي قديماً وحاضراً، على صفاته الخُلقية مثل : الشجاعة، والتضحية، والحكمة، والفراسة، والذكاء، والصفات الاجتماعية مثل: الحضارة، الرقي، الإبداع، والصفات الجسمية مثل : الصبر، القوة، البأس... وهذه الصفات تختفي تماما عند الحديث عن العرب القدماء، العرب المسلمين، وقد رأينا أن هذه الصفات الاستثنائية المنسوبة للإيرانيين أدت بمؤلفي الكتب المدرسية إلى إلحاق صفة "الآريين " بهم، وهذا الاستخدام لكلمة الفارسي الآري يكشف عن نظرة تعصب عرقي قديمة، فالكلمة ترد في سياق تقييم إيجابي للفرس، وتقييم لسلالة عريقة عظيمة .
في مقابل هذه النظرة، فقد حطت الكتب المدرسية الإيرانية من شأن العرب البدو أولاً، لتعظم بالمقابل من صورة الفارسي الآري، فجاء تناول الكتب المدرسية للإسلام ليظهر العرب فيه بمظهر المتآمر على الخلافة، مقابل الإيراني الذي خلد التاريخ تضحيته واستشهاده في سبيل آل البيت، والذي قدم للحضارة الإسلامية الشيء الكثير .
من هنا فإن هذا التقييم الإجمالي للعرب والمسلمين أهل السنة قد بخَسَهم إلى درجة كبيرة، وكان هذا التقييم بمجمله سلبياً، ومن شأن ذلك أن يترك لدى الطالب الإيراني رؤية مزيفة مغلوطة عن العرب والمسلمين أهل السنة، وممارسة سياسة الحذف والإغفال لتاريخ العرب، واستبعاد منظم لجميع النصوص التي تظهر صورة العرب الإيجابية .
وإذا نظرنا إلى صورة الإيراني، رئيسة كانت أو ثانوية في النصوص من حيث مدى تحديد هويتهم وتفردها، نلاحظ حضور التسمية ذات الطابع المميز الذي يعكس الشخصيات الإيرانية، فهي دائماً محددة الأسماء ومتميزة الصفات عن الآخرين، وهي محددة الهوية باللقب والمهنة والعلم .
القرآن الكريم المنزل باللغة العربية
يلاحظ عدم تقديم الآيات القرآنية الكريمة في سياقها التاريخي أو الجغرافي أو الثقافي أو الديني أو الحربي أو السياسي، وكذلك تقديمها من دون شرح ولو كان مختصراً، ولا شك أن تقديم النصوص في سياقاتها كفيلٌ بتوضيح المعني المقصود للنص أو الآية، وهي كفيلة بتقديم شروح مختصرة للمحافظة على معنى النص، وهذا العمل يؤدي إلى إثراء الفهم لدى الطالب الإيراني .
إن تقديم النصوص الإسلامية أو الآيات القرآنية في سياقها يوضح للتلميذ الإيراني المعنى المراد من النص مما يؤدي إلى انفتاح المذاهب الإسلامية على بعضها بعضاً وبشكل تنعكس آثاره على التقارب الإسلامي، والعيش معاً ضمن الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية وبشكل يتفق مع أهداف التعليم الإيراني (على افتراض أنه مذهب إسلامي يسعى للوحدة مع المذاهب الإسلامية الأخرى).
تعرض معظم هذه الكتب الإسلام دون وصفه"بالدين السماوي الجامع " وتقدم الإسلام باعتباره مجموعة من التعاليم المذهبية الشيعية.
تعظيم الحضارة الفارسية على حساب الحضارة العربية الإسلامية
لا حظنا من خلال الدراسة احتفاء الكتب التاريخية بمنجزات الحضارة الفارسية على حساب تعاليم الإسلام، ويلاحظ أنها تخلط دائماً بين التاريخ السياسي للدولة الإسلامية والدين الإسلامي وتقدم الإسلام بطريقة مذهبية.
لاحظنا تناول مفردات الحضارة الإسلامية بسلبية، حيث بدت الصورة سلبية تماماً، كما تربط الكتب الدراسية المدرسية الإنسان العربي المسلم بالتخلف، واستخدمت لذلك صوراً، ومن المعلوم أن الصور غالباً ما تكون أشد إيحاءً من الكلمات بالنسبة إلى التلاميذ.... مثال ذلك تصوير الأسرى العرب" العراقيين " في قبضة الجنود الإيرانيين .
فالحضارة العربية الإسلامية تدرس في كتب التاريخ في المدارس الإيرانية، وتقدم كتب التاريخ الحضارة الإسلامية في صورة غير إيجابية، وأنها حضارة لم توحد المسلمين، بل فرقتهم، ولم تشر إلى ما حققته من نهضة علمية قوية ازدهرت لقرون عدة، ولم تعترف هذه المناهج للحضارة العربية بالتقدم والسبق في العلوم الطبيعية كالهندسة والطب والفلك والجغرافيا إلا ضمن السياق الفارسي، ولم يأت ذكر العواصم الإسلامية، كدمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة مناراتٍ للعلوم والثقافة، بل اتفقت هذه الكتب على أن الحضارة الفارسية، طوَّرت الحضارة الإسلامية، وأضافت إليها.
كذلك تركز الكتب المدرسية الإيرانية على السمات الحضارية، والاقتصادية، والاجتماعية، وتفوق الحضارة الفارسية في هذا المجال .
وعلى النقيض من ذلك تقدم كتب التاريخ الإيرانية مفهوم الخلاف السياسي في الإسلام بطريقة سلبية، وكذلك تقدم شخصيات الخلفاء الراشدين، وتحت تأثير المذهب الإمامي الشيعي، يقدم الأحداث السياسية في كتب التاريخ المدرسية دائماً على أنها الحرب المقدسة بين الشيعة والسنة ( الإيرانيين والعرب ) .
وقد عملت تلك الكتب جاهدةً على أن تتطبع شخصية الطالب بسمات الرجال، القادة، العلماء، المحاربين، المشهورين لدى الإيرانيين .
وعلى وجه العموم فإننا ندرك بوضوح أن الكتب المدرسية الإيرانية دائماً ما تخلط بين التاريخ السياسي للدولة الإسلامية والدين الإسلامي، والفرق بالطبع شاسع بينهما.
عقـدة الهلوكوسـت "الإيرانـي "
والاضطهاد العربي للشيعة
إن ما لقيته فكرة (أن الشيعة مضطهدون )من تدعيم، وإبراز، وإلحاح من جانب الفكر الشيعي منذ نشأته حتى أيامنا هذه يفوق ما لقيته أي فكرة أخرى حاولت الكتب المدرسية الترويج لها، والاصرار على نشر قاعدة أن الشيعة جميعاً قد تعرضوا لتيار من الاضطهاد عبر التاريخ، الحصار " حصار الحسين "، وما زالت آثاره مستمرة إلى الآن . وربط هذه التضحيات بثمن الإيمان.
إن اختيار رسم هذه الصورة من خلال الكتب المدرسية، والتوسل بالتاريخ والتربية المذهبية لترسيخ هذه الصورة، والبحث عن صور ونماذج لإسقاطها على ما تعيشه إيران، إنما هو فى الحقيقة ترسيخ لفكرة استمرار التآمر على إيران " ولي الفقيه " اليوم .
تغييب الإطار المكاني والزماني للعرب في كثير من الموضوعات المفصلية والمهمة في الكتب المدرسية الإيرانية
لقد كان العالم العربي غائباً بامتياز في موضوعات كثيرة من الكتب المدرسية، ولكنه يظهر باعتباره مكاناً تدور فيه أحداث التاريخ المستقاة من تاريخ الحالة الصراعية بين العرب والإيرانيين، وهي الصفة الغالبة،وقد أصبحت هذه الأحداث، وتحليل النص لمروياتها حسب الرؤية الإيرانية، إطاراً للسرد والتحليل النصي التاريخي، وأحياناً موضوعاً له، وتحتل أكبر مكان بالنسبة إلى الصور المرفقة بدروس التاريخ . أما الإطار الزماني للأحداث التاريخية، فنجد أنها تمتد بحيث تشمل العصور القديمة، والوسطى، حتى الفترة المعاصرة، يبدو أن كتب التاريخ المدرسية الإيرانية تتحاشى التفاصيل السلبية، وهي بالتالي كتب غير كاملة، ولا تشتمل على تجانس بين النصوص، أما الإطار الزماني والمكاني للسرد، فلا يقدم إلا صورةً إجمالية ناقصة بامتياز .
التركيز على تاريخ الماضي السلبي العربي والإيجابي الفارسي
النصوص المختارة للكتب المدرسية الإيرانية يقع سردها ضمن فترة التاريخ الماضي ومحاولة إبراز الوجه الحضاري للإيرانيين، مع التهرب من كثيرٍ من المعلومات السلبية المتعلقة بالعلاقة بين العرب والإيرانيين، خاصة المتعلق منها بالأدوار السلبية التي اضطلع بها الإيرانيون في تاريخ علاقتهم بالعرب، وبأهل السنة عموماً .
وتستخدم الكتب المدرسية الإيرانية مفردة العربي للدلالة على الصحراء، وفي دلالة مرادفة للبداوة، وهذا يطبع المفهوم بالدونية أمام الفرس الذين عظموا دورهم، وغرسوا قيم التفوق في عقول الطلاب الإيرانيين، ونجحت الكتب المدرسية الإيرانية في تعزيز طابع العدائية، وعبَّأت الطالب الإيراني ضد العرب، وضد المسلمين أهل السنة. وظهر نقص العرب العقلي، والديني " المذهبي"، والعلمي، .... واضحاً في التقابل بين الصفات والأدوار بين العرب وبين الإيرانيين .
نتائج الدراسة
استطعنا من خلال ما سبق فهم كيفية تناول صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية، حيث تم الوقوف عن كثب لمعرفة ما يقوله الإيرانيون عن العرب، وكيف يرسمون ملامح هذه الصورة، حيث أظهرت الكتب المدرسية الإيرانية ؛ من دون شك أن معالجة الكتب المدرسية الإيرانية لصورة العربي ما هي في الواقع إلا نوعٌ من التشويه المنظَّم، والانحياز بشكلٍ واضحٍ وكبير إلى جانبٍ واحدٍ وهم الفرس، وهي مليئةً بالعيوب والنقائص والتشويه ؛ بحيث يتقبلها الطالب الإيراني، وتصبح عقيدةً لديه، لا يمكن إزالتها أو تغييرها في المستقبل .كذلك نلاحظ أن الكتب المدرسية الإيرانية تعمدت عدم تناول الصورة الإيجابية للعرب، والسبب في ذلك يرجع إلى طريقة تأليف الكتب، فالأهم أن يقدموا مادة تتوافق مع شروط الثورة الإيرانية، والمذهب الشيعي الذي يدينون به، وبصورة تتضمن تزوير التاريخ، و التشويه، في مضمون الكتب المدرسية ومحتواها .
لا شك أن الكتب المدرسية الإيرانية قد أسهمت في ايجاد حالة من التعبئة النفسية ضد العرب، و أدت إلى خلق بيئة صراعية، قائمة على كراهية العرب، بدلاً من تعليمهم قيم الحوار، والمصالحة، والتسامح. كذلك لم يسهم تدريس اللغة العربية والقرآن الكريم في المدارس الإيرانية بأي شكل من الأشكال في تحسين صورة الإنسان العربي في الثقافة الإيرانية، أو حتى التقريب بين الإيرانيين والعرب؛ لأن تدريس هذه اللغة والقرآن الكريم تمّ بقالبه الفارسي المعقد، وفي إطار مذهبي فقط، حتى إن هذه الكتب أسهمت للأسف الشديد في تشويه متعمد لصورة العرب.
كذلك توصلنا من خلال الدراسة إلى فهم أعمق لكيفية تأثير هذه المناهج بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية التنشئة لدى الإيراني . بحيث بدا أن الصراع الإيراني – العربي ليس صراعاً عسكرياً ولا أمنياً، وسياسياً فحسب ؛ بل هو صراعٌ تربويٌ وعقديٌ أيضاً، حيث يجب تنبيه أجيال الدارسين لتلك الحقيقة الشاملة، ويجب التعامل مع هذا الخطر بشكل جدي وعلمي، وإدراك أبعاد هذا الصراع ومراميه.
لا بد كذلك من الاعتراف بالأثر السلبي لهذه المناهج على علاقات إيران بالعرب، وأنها نتاج الثورة الثقافية، التي أفرزتها الثورة (الإسلامية )في إيران، لهذا يجب تنبيه مراكز صنع القرار السياسي، والعسكري، والتربوي في العالم العربي لهذه الحقيقة، وعمل استراتيجيات فاعلة لمواجهتها .
تبني الكتب المدرسية الإيرانية للفكر المانوي في تناولها لصورة العرب
يمكن القول أن الكتب المدرسية الإيرانية تتبنى " المانوية" – نسبة إلى ماني – منطلقاً في فهم ورسم صورة الآخر، فهم "الإيرانيون " رمز الخير، والآخر" العرب خاصة، والمسلمون السنة وشعوبها عامة " رمز الشر إلى يومنا هذا، فالعداء مع الآخر عداءٌ مانويٌ، لا تنفع معه كل محاولات حوار المذاهب والحضارات.
الصورة النمطية التي رسمتها الكتب المدرسية الإيرانية للعربي تثير الطالب الإيراني، وتستهدف العقل الفاعل للطلاب، وتشعرهم بالتوتر وعدم الارتياح من خلال صورة الثأر التاريخي التي عمقتها هذه الكتب لصورة العربي، وتعبر عن صورة الأحداث التي يفسرها الطالب وفق ما تم غرسه في وجدانه على أنها تهديدٌ أو تحد لكيانه الشخصي، تؤدي الزيادة في مستوياتها إلى الفشل في التعامل مع العربي وكذا شعوره بالقلق والخوف وفقدان الثقة به، وهذه جاءت ثمرة الكتب المدرسية الإيرانية ذات الطابع التشويهي التي أسهمت بوسائل متعددة تاريخية، و مذهبية في تشويه هذه الصورة .
تعريف بمركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
مركز مدني مستقل، يعمل في إنتاج ونشر المعرفة الاستراتيجية لتكون مادة أولية أمام صناع القرار.
ويهدف مركز أمية إلى:
§ امتلاك رؤية شاملة ودقيقة دائمة التحديث للمشهد الدولي ، وتداعياته على المنطقة العربية والإسلامية.
§ المشاركة الفاعلة في إنتاج المعرفة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العالمية المعمقة وفق قواعد ومعايير البحث العلمي العالمية.
§ نشر وتعزيز المعرفة الاجتماعية والسياسية على دوائر الباحثين والنخب وصناع القرار.
§ خدمة ودعم مشاريع الإصلاح والتنمية للدولة الساعية للنهوض .
لذا فإن المركز يسير في ثلاث خطوط متوازية لضمان تحقيق أهدافه:
أولا : الجهود البحثية الداخلية للعاملين بالمركز
ثانياً : التواصل والتعاون مع مراكز البحوث والدراسات والأكاديميات العالمية ذات الصلة بعمل المركز ، وعقد شراكات تعاون متنوعة.
ثالثاً : التنسيق مع الباحثين من خارج المركز في إنتاج الملفات البحثية المتخصصة.
ويسير المركز في عدة مجالات للعمل منها:
1- إنتاج ونشر المعرفة الاستراتيجية والتدريب عليها في مختلف فروع العلوم الإنسانية (اجتماعي، سياسي، اقتصادي، قانوني، إعلامي).
2- الرصد والتحليل الإعلامي والسياسي.
3- إنتاج البحوث والدراسات.
4- إنتاج التقارير والنشرات الدورية.
5- إنتاج الكتب والملفات المتخصصة.
6- التنظيم والمشاركة في المؤتمرات والندوات وورش العصف المتخصصة.
7- تنظيم المسابقات البحثية لاكتشاف الباحثين والمفكرين الشبان الجدد.
8- إنتاج والمشاركة في البرامج والحوارات التلفزيونية.
صدر عن مركز أمية
§ سورية تاريخ وثورة ، إعداد مجموعة من الباحثين.
§ سورية: أزمة نظام وثورة شعب ، الدكتور عمر اسكندر.
§ الأمل وأثره في حياة الأمة، الدكتور محمد عبد الله أبو صعيليك.
§ فقه النصيحة ، الدكتور محمد عبد الله أبو صعيليك.
§ الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف ، الشيخ سعيد حوى.
§ المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية ، إعداد مجموعة من الباحثين.
§ نماذج من تزييف تاريخنا المعاصر (سورية وتركيا أنموذجاً) ، إسماعيل غريب الكيلاني.
§ رسائل في فقه الرباط والجهاد ، الدكتور محمد سعيد بكر.
§ فكر وثورة ، الدكتور أحمد سعيد حوى.
§ فارس الخوري: الوطنية - العروبة – الإسلام، المحامي محمد العنجريني.
§ التميز في الخطابة والإلقاء ، الأستاذ سالم موسى.
§ مختصر كتاب المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية، مروان زكي.
§ العائلة الأسدية وجرائمها في سورية ولبنان وفلسطين، للأستاذ محمد السيد.
§ الثورة السورية محرقة "حزب الله"، مجموعة باحثين.
§ الوجيز في عقيدة الشيعة الرافضة ، دندل جبر.
§ تداعيات ما يجري في العراق وسوريا على دول الجوار والإقليم، مجموعة من الباحثين والسياسيين
§ النظام السوري والجريمة المستمرة من عام 2011 إلى 2015، مجموعة من الباحثين.
§ مواطنون لا أقليات ، مجموعة من الباحثين
§ سورية في عهد عائلة الأسد ، القاضي حسام عدنان الشحنة
§ الجيش الإيراني الإلكتروني ، الدكتور نبيل العتوم.
([1]) (عيسى أبو زهيرة، التسامح والمساواة في المنهاج الفلسطيني، مواد الصفين الأول والسادس الأساسيّ نموذجاً، مجلة تسامح. مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، العدد 4، 2004، ص 69-70)
([2]) (محمد أبو صعيليك، "الأسس النفسيّة المتضمنة في كتب اللغة العربيّة للصفوف الرابع والخامس والسادس الأساسيّة في الأردن". رسالة ماجستير غير منشورة. جامعة آل البيت، المفرق الأردن، 1999، ص1-2)
([3]) (ماجد الخطابية، بناء المنهج المدرسي، عمان، دار الشروق،2001، ص46)
([4]) (محمد عبد القادر، الجديد في تعليم التربية الإسلامية، القاهرة، 1989، 79).
([5]) الشاهنامة،ج2، ص266.
([6]) بارندر، المعتقدات الدينية، ص115.
([7]) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، ج1، ص628.
([8]) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، ج1، ص628؛ سوسة، حضارة وادي الرافدين، ج1، ص169.
([9]) للمزيد من المعلومات حول الاحتلال الفارسي لمصر، انظر: فخري، مصر الفرعونية، ص341-347.
([10]) المسعودي، مروج، ج1، ص265-270.
([11]) الطبري، تاريخ، ج1، ص316، المسعودي، مروج، ج1، ص270.
([12]) رغم أن الشاهنامة تعتبر من أهم مصادر تاريخ الفرس خلال هذه المرحلة إلا أنه تغفل الحديث عنها.
([13]) وعن هذه المعركة فقد قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال حين بلغه نصرُ العرب فيها على الفرس : " هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم، و بي نصروا" . أبو نعيم، معرفة الصحابة، رقم 1120
([14]) ابن عبدر به، العقد الفريد، ج6، ص116، النويري، نهاية الأرب، ج15، ص434.
([15]) مروج الذهب، ج1، ص265-266.
([16]) مروج الذهب، ج1، ص288-289.
[17] ) السيرة النبوية، ج1، ص42-43. وانظر الشاهنامة، ج2، ص245.
[18] ) ابن سعد، الطبقات، ج1، ص199.
([19]) ابن سعد، الطبقات، ج1، ص199؛ الكلاعي، الاكتفاء، ج1، ص85.
([20]) الطبري، تاريخ، ج4، ص190-192.
([21]) الطبري، تاريخ، ج4، ص190-192.
([22]) تاريخ، ج4، ص190-192.
([23]) جميل، الشعوبية، ص23-24.
([24]) عبد النعيم حسنين، إيران في ظل الإسلام في العصور السنية والشيعية، دار الوفاء، مصر، ط 1، 1988م، ص 27.
([25]) عثمان الخميس، كشف الجاني، دار الإيمان، مصر، (د ت)، ص52
([26]) نعمة الله الجزائري، الأنوار النعمانية، ج1، ص108.
([27]) الجذور التاريخية للشعوبية، ص11-13.
([28]) المرجع نفسه، ص22 -23
[29] ) المرجع نفسه، ص37.
[30] ) المرجع نفسه، ص46 وما بعدها.
([31]) النديم، الفهرست، ص59.
([32]) النديم، الفهرست، ص118.
([33]) للمزيد، انظر: النديم، الفهرست، ص118.
([34]) النديم، الفهرست، ص137، طيفور، تاريخ بغداد، مقدمة المحقق، ص26.
([35]) ناصر خسرو، سفرنامة، ترجمة يحيى الخشاب، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة، 1993م، ص161.
([36]) المرجع نفسه، ص162
([37]) المرجع نفسه، ص161
([38]) أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى، محاضرات الأدباء، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، ط1، بيروت1420هـ، ج1، ص424
([39]) ابن كثير، البداية، ج، ص. حوادث سنة 168
([40]) وجاء دور المجوس، ص64.
([41]) اشتهر عند متأخريهم قولهم:" إن لائمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، انظر الخميني في تفضيل الأئمة على الأنبياء لمؤلفه مال الله." من عقائد الشيعة " لعبد الله السلفي ص25
([42]) انظر: ابن سبأ حقيقة لا خيال للدكتور سعدي الهاشمي.
([43]) انظر: الرد الكافي على مغالطات الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتابه بين الشيعة وأهل السنة: لإحسان إلهي ظهير.
([44]) كتاب الإمامة والرد على الرافضة للحافظ أبي نعيم الأصفهاني ص:122- 141 وكتاب: الشيعة والقرآن لإحسان إلهي ظهير.
([45]) المقالات والفرق، ص16.
([46]) المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص237-238.
([47]) محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية، ص66.
([48]) الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص96.
([49]) الكليني، الكافي، ج4، ص545.
([50]) الطبرسي، مجمع البيان، ج19، تفسير الآية 214.
([51]) هذه هي الصورة التي رسمتها المناهج الدراسية تم عرضها بشكل مفصل في كتابنا صورة أهل السنة في الكتب المدرسية الإيرانية ..
([52])اختلف المؤرخون حول الأصل العرقي للصفويين فغالب المؤرخين يذهبون إلى أنهم من القبائل التركمانية.
([53]) عمر، الخمينية، ص 114.
([54]) المرجع نفسه، ص 115.
([55]) راجر سيوري، إيران في العصر الصفوي، ص 64
([56]) طقوس، تاريخ الدولة الصفوية، ص38.
([57]) انظر: علي شريعتي، التشيع العلوي والتشيع الصفوي.
([58]) لونكريك، أربعة قرون من تاريخ العراق، ص18.
([59]) للمزيد: انظر: بيومي، قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين، ص63؛ طقوش، الدولة الصفوية، ص84؛ مصطفى، في أصول التاريخ العثماني، ص80-82
([60]) الدجيلي، العلاقات العراقية الإيرانية، ص26.
([61]) يجد الباحث نفسه أمام حقيقة ثابتة تؤكدها المصادر التاريخية وهي: أن شعب إيران الذي يعتز بقوميته الفارسية وأنه جنس آري أنه خليط من عدة شعوب. إن نظرة إجمالية على الحالة الإثنية وهوية القوميات المتنوعة القاطنة في إيران ترينا بوضوح أن إيران بلد متعدد القوميات، فسكان إيران هم مزيج من شعوب شتى، فهناك شعب يسمى " كاس سو" كان يقطن غرب إيران، ولا يعرف إلى أي جنس ينتمي. وأما في الجنوب الغربي فكان يعيش العيلاميون، أما الأجزاء الباقية فكان يقطنها الأحباش أو جماعات من السود. لم يبق الحال على ذلك بل وفد إلى بلاد إيران الآريون التابعون للجنس الأبيض لذلك يقال أن الإيرانيين من الجنس الآري. بيرنيا، تاريخ إيران القديم، ص12، ص26.
([62]) حول نقض نظرية التفوق العرقي التي يروج لها الإيرانيون، انظر مقال: دنيش أجروال. العدد 238، الجمعة 02 مايو 2003م الموافق 29 صفر 1424هـ
([63]) شاكر، التاريخ الإسلامي (إيران)، ص78.
([64]) شاكر، التاريخ الإسلامي (إيران)، ص79.
([65]) شاكر، التاريخ الإسلامي (إيران)، ص106.
([66]) الأهواز: آخره "زاي"، وهو جمع "هوز"، وأصله "حوز"، فلما أكثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيّرتها حتى أذهبت أصلها جملة لأنه ليس في كلام الفرس "حاء" مهملة، وإذا تكلّموا بكلمة فيها "حاء" قلبوها "هاء" فقالوا في "حسن": "هَسن"، وفي "محمّد": "مهمّد"، ثمّ تلقفها منهم العرب فقلبت بحكم الكثرة في الاستعمال، وعلى هذا يكون "الأحواز" اسماً عربياً سُمّي به في أيام الإسلام . ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج1، ص 132.
([67]) عباس عساكرة، القضية الاحوازية، دار الحكمة، لندن، ص75.
([68]) عساكره، القضة الأحوازية، ص77.
([69]) العلاقات العربية-الإيرانية، مركز دراسات الوحدة العربية،ط1، بيروت، ص 281.
([70]) عساكره، القضية الأحوازية، ص89.
([71]) المرجع نفسه.
([72]) المرجع نفسه.
([73]) المرجع نفسه.
([74]) ( التعليم والتربية الإسلامية، الصف الخامس الابتدائي، المرجع نفسه، ص 37-38 تاريخ إيران والعالم، الجزء النظري فرع الآداب والعلوم الإنسانية ص 103 تاريخ، سال دوم، دوره ى راهنمايى تحصيلى، مرحله دوم تعليمات عمومى، ص2التربية الاجتماعية، الصف الخامس، ص9تاريخ إيران والعالم، الجزء النظري فرع الآداب والعلوم الإنسانية، ص 117تاريخ إيران وجهان 1،نظري "رشته ادبيات وعلوم إنساني "، الصف الأول الثانوي، ص117)
([75]) (كتاب تاريخ، الصف الأول الإعدادي، شركت جاب ونشر كتاب هاى درسى إيران، 1389، ص 68 -74، 104- 112، تاريخ، الصف الثاني الإعدادي، ص 54-55.تاريخ، الصف الثالث الإعدادي، 12-120 التربية الاجتماعية، الصف الرابع الابتدائي، ص 100- 115، التربية الاجتماعية، الصف الخامس الابتدائي، ص 89، 108 .تاريخ إيران والعالم، الجزء النظري، الصف الأول الثانوي، ص، 90- 95، 108-109، 158-160)
([76]) ( كتاب الفارسية، الصف الأول الإعدادي، ص 50 . الأدب الفارسي، الصف الأول الثانوي، 54-73،الفارسية " قراءه "، الصف الثالث الابتدائي، ص 81-83.تاريخ، الصف الأول الإعدادي،، ص 3-6، 14-17، 28- 31، 38-3943، 45، 48-49، 57-58، 62-63، 65-66، تاريخ، الصف الثاني الإعدادي، كتاب التاريخ، الصف الثالث الإعدادي، ص، 6، 8، 13، 33، 42، 86. عربى، الصف الثاني الإعدادي،، ص 54-56).
([77]) (تاريخ، الصف الثالث الإعدادي، ص 4.-21التربية الاجتماعية، الصف الخامس، ص 110-113التربية الاجتماعية، الصف الرابع الابتدائي ص 11، 46،56، -60، 86-88، الفارسية، القراءة، الصف الخامس الابتدائي، ص 159جغرافيا، سال اول، الصف الأول الإعدادي، ص 11-12تاريخ، الصف الثالث الإعدادي ص 4- 9تاريخ، الثاني الإعدادي، ص 1-5، 90-92).
([78]) (جغرافيا، الصف الأول الإعدادي، ص 18-22، 27-29, كتاب التعليم والتربية الإسلامية، الصف الأول الإعدادي ص12، كتاب التربية الاجتماعية، الصف الرابع ص 40، نفس المرجع الصف الخامس الابتدائي، ص 92، 97، 99، 103، 106، 108، 134)
وسوم: 639