سيناء بين أطماع الاستعماريين والصهيونيين، وتفريط الاشتراكيين الثوريين
الذي عرف تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، رجالاتها وتنظيمها وأدبياتها ووعيها السياسي والاجتماعي، وحبها لدينها، وأوطانها، ومجتمعاتها، وشعوبها، وحرصها عليها، وتضحيتها في سبيلها، ونصحها لحكامها، وتوعيتها لأبناء أمتها، وقد لقيت الألاقي من أعداء أمتها ودينها وقيمها، في الخارج وفي الداخل الذي يحكمه من لا يخاف الله، ولا يرحم الشعوب، ولا يأبه بمصالحها، ولا يحافظ على أرضها، حسبهم مصالحهم الذاتية، ورغباتهم الخسيسة، وشهواتهم الحيوانية، وغرائزهم الدونية، فتراهم يفرطون كلٌ فيما يحكم – بالأوطان أرضاً وشعوباً، ويرتكبون الجرائم بحقها، ومعهم (نُخبٌ) لا يخافون الله الذي يحادونه، فكراً وسلوكاً، ولا يحسبون حساباً حقيقياً واقعياً لشعوبهم، بل هم مع الأجنبي ومع الظالمين المتحكمين في رقابهم.
ومن القضايا التي تنبه الإخوان لأهميتها، ودقوا نواقيس الخطر من أجلها، قضية سيناء، وفي وقت مبكر.. بينوا للحكام والشعوب أهمية سيناء السياسية، وأهميتها الاقتصادية، وأهميتها على الأمن القومي العربي، وكتبوا كتابات واعية في صحفهم، وعلى منابرهم، وفي محاضراتهم، ولكن (أولي الأمر) وصعاليكهم المحتطبين بحبالهم، لم يأبهوا لما يقوله الإخوان، وفرطوا بهذه الأرض المباركة، وبكنوزها، كما فرطوا بفلسطين من قبل، وبغيرهما من قبل ومن بعد، يضحكون على الشعوب بكلمات معسولات مسمومات، وما يضحكون إلا على أنفسهم، إرضاءً (لأسيادهم) الذين حذروهم من (خطورة) الإخوان المسلمين عليهم وعليهم جميعاً، ثم أمروهم كما يأمر السادة عبيدهم، فزجوا بالإخوان في السجون والمعتقلات، وقتلوا قادتهم أمام الناس الذين استخفوهم فأطاعوهم، قتلوا قائدهم حسن البنا الذي كان أمل الأمة كلها، وليس أمل مصر أو العرب وحدهم، وقتلوا المفكر العظيم سيد قطب، وقتلوا المجاهد العظيم الجنرال الشيخ محمد فرغلي، والقانوني الكبير عبد القادر عودة، وثلة من القادة الأولين، وكثيراً من الجنود المعلومين والمجهولين في الآخرين، وشردوا سواهم في أرض الله الواسعة، ومن هؤلاء القائد الحكيم الشجاع كامل الشريف وسواه من المرجوين لأوطانهم وشعوبهم ولأرضهم، كأرض سيناء ذات الكنوز الظاهرة والخبيئة.
لقد فرّط حكام مصر السابقون واللاحقون بسيناء أرضاً وشعباً، بل أعملوا فيها وبأهلها تخريباً وتقتيلاً وكأنها وكأنهم دار حرب ومحاربون، وليسوا عرباً ولا مصريين ولا مسلمين، بعد أن أهملوها عقوداً مديدة.
وفي هذا الكتاب أو الكتابات والدراسات التي كتبها ثلاثة من قيادات الإخوان المسلمين، الإمام الشهيد حسن البنا، والأستاذ المفكر الشهيد سيد قطب، والقائد المفكر الحكيم كامل الشريف في هذه الكتابات تذكير وتحذير وتنبيه، وحضٌ وتأليب واستنفار، قبل ضياع أرض الطور، وتصير نسياً منسياً..
أيها المصريون .. يا عرب.. يا مسلمون..
أيتها الشعوب المستضعفة إلى درجة السحق.. هذه أرضكم فقاتلوا دونها.
وشعبها شعب عربي أصيل، فيه كل ما في العروبة والإسلام من القيم التي ارتضاها الله ورسوله والمؤمنون، لبني الإنسان.
يا عرب.. اقرؤوا وعُوا ما يُراد بهذه الأرض العربية الإسلامية، قبل أن يستلبها اللصوص المتربصون بها وبكم وبأوطانكم، فتصير أرضاً سليبة، كما صار غيرها من ديار العرب والمسلمين في بلاد الشام، وفي السودان، وفي أندونيسيا وسواها من بلاد العروبة والإسلام.
هذا الكتاب صيحة من صيحات مات أصحابها الدعاة الوعاة من أجلها، في سبيل الله الذي أمر جنده الميامين بقوله سبحانه:(انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله). فهل من مجيب ومستجيب؟
اللهم إن من جندك الميامين من قد بذلوا أرواحهم في سبيلك، فاستشهد البنا، وسيد، وآلاف مؤلفة لا نعلمهم، أنت تعلمهم، وإن منهم من ينتظر، ينتظر الموت في سبيلك.. ومن سبيلك: التضحية بكل شيء من أجل استنقاذ سيناءً أرضاً وشعباً وكل بلاد العرب والمسلمين، فهيئ لهم من أمرهم رشداً يا حكيم يا قدير.
وصلى الله وسلم على الرسول القائد محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه وأحبائه على الزمان.
وسوم: العدد 719