فضائح الطغاة في كتاب ( هكذا علمتني الحياة ) للدكتور مصطفى السباعي
استطاع السباعي _طيّب الله ثراه - أن يفضح الطغاة ويشرح حقيقتهم أمام الناس فكرا وسلوكا وانحرافا ومآلا.
ولكن رغم سلبية وجود الطغاة وشرهم وظلمهم ، فهل هناك إيجابية واحدة من وجودهم يقول السباعي (لولا الطغاة لما عرفنا أدعياء الحرية من شهدائها، ولا أصدقاء الشعب من أعدائه، ولالتبس على كثير من الناس من بكى ممن تباكى.
إن أول صفة للطاغية هي تلك التي تنـزع عنه صفة الرئاسة (الحقد) وقديما قال الشاعر العربي :
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
فإذا كان الحقد الشخصي يقتل صاحبه كمدا، والحقد السياسي يعوق المجتمع عن سيره الصحيح ، فإن حقد الطاغية يدمر الأمة تدميرا ؟!!
لماذا ؟ يجيب السباعي لأن الطاغية يذل الأمة ،ويعز أعداءها ، ويميت أحرارها، ويحيي شرارها ، ووراء الطغاة قوى خارجية تدعمهم ولكنها (تشنق أمثالهم في بلادها ، وإذا استطاع الطاغية أن يستخف قومه ليطيعوه كما قال تعالى عن فرعون (فاستخف قومه فأطاعوه ) فهم أي (الطغاة يضعون الأوهام في عقول الأمة ،لتستسيغ وهم عظمتهم ، وما يستسيغها إلا سفهاء الأحلام والسخفاء وهؤلاء ترتبط حياتهم بحياة الطاغية ومصالحهم بمصالحه !؟ عبيد الطاغية يدافعون عنه ،إبقاء على حياتهم لا على حياته ..ولا يتهافت على فـتات عهد الطاغية إلا الذين لا يجدون ما يأكلون في عهود الحرية ، ولا يعتز بالسير في ركاب الطاغية ، إلا الذين تدوسهم مواكب الأحرار … فلا تعجب من مغمورين سلط الطاغية عليهم الأنوار أن يحرقوا له البخور، ويمشوا بين يديه بالمزمار ، فلولاه لظلوا في الظلام مغمورين ليس لهم نهار ، إذا الأحرار كان لهم نهار ….
والطغاة و الأتباع يلعن بعضهم بعضا وليس بينهم أي درجة من وفاء وذمة (قد يحارب الطاغية من كان عونا له بالأمس ، ولا يخدعنك حربه له، فلو استطاع أن يكون طاغية مثله لظل له وفيا .إن أكثر الناس ضحكا على الطاغية في قرارة أنفسهم هم المنتفعون منه ، ويوم يزول يكونون أكثر الناس لعنا له ،إلا أن يكون فيهم ذماء من الوفاء والحياء ، وقل أن يكون عند أعوان الطغاة أثر منهما )
ولكنهم كيف اكتسبوا مودته من قبل ؟ يقول السباعي :لا تكتسب مودة لطاغية إلا بالذلة، ولا القوي إلا بالخنوع ولا الحاكم المغرور إلا بالثناء والنفاق ؟!
فمن يا ترى الذين مكنوا للطاغية غير هؤلاء (أكبر أعوان الطاغية سكوت الصالحين وكلام الطالحين ) يقول جل شأنه (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) يقول السباعي رحمه الله (أكبر عقاب للأمة المتخاذلة وجود الطاغية فيها ، ومن علامة انحدار الأمة أن يتمكن أشرارها من حكمها ،ثم يتسلط هؤلاء الأشرار بعضهم على بعض ،فيشغلوها بأحقادهم ومطامعهم عن علاج مشكلاتها المحدقة بها.
ويبقى أسئلة لابد من معرفة جوابها ، متى تبدأ نهاية الطغاة؟
والجواب : أول صوت يرتفع من المضطهدين ، هو بدء نهاية الطغاة و الظالمين.
وثمة سؤال آخر : ما الحكمة في التمكين للطاغية؟
يقول الشيخ مصطفى السباعي _ طيب الله ثراه : (قد يكون من حكمة الله في تمكينه للطاغية، أن تقتنع الجماهير أن حكم الشورى أسلم طريق بناء للوصول إلى الاستقرار، فلا تفتن بعد ذلك بمظاهر البطولة أبدا )؟!
وفي المآل والنتيجة : ( إن حكم الطغيان يكشف الدناءة المستورة ، والحقارة المغيبة ،كما يكشف الرجولة المغمورة والفضيلة المهجورة ).
وسوم: العدد 727