مدينة غراتس النمساوية تحتفي بكنوز النمسا الفنية وعمالقة الفن التشكيلي
مدينة غراتس النمساوية
تحتفي بكنوز النمسا الفنية وعمالقة الفن التشكيلي
بدل رفو المزوري
[email protected]
النمسا\غراتس
يحتفي حاليا المجمع الثقافي الفني في مدينة غراتس والذي يضم كبريات المتاحف النمساوية ومنها الغاليري الجديد والمتحف الطبيعي والغاليري القديم في قصر(ايككين بيرك) ومتحف الآثار ومتحف القصر ومكتبة الإقليم العامة بالإضافة إلى متاحف كثيرة في قلاع إقليم (شيامارك) وأيضا متاحف قلعة(شتاينز) وقلعة (تراوتين فيلس) ومتاحف أخرى، بكنوز النمسا وبالتحف الفنية من اللوحات التشكيلية لعمالقة الفن التشكيلي في النمسا وذلك في معرض دائم في الطابق الأرضي وتم افتتاح المعرض في الشهر العاشر من العام المنصرم ولازال الجمهور يطرق أبواب الغاليري بصورة كثيفة، وتعرض في هذا المعرض الكبير أعمال مختارة لكبار الفنانين النمساويين وقد تم ترتيبها حسب التواريخ مع التركيز على التسلسل الزمني من عام 1800. في مجاميع فنية متماسكة ببعضها من حيث مكانتها في سجلات الفن النمساوي ويعرض المعرض التطور والاتجاه ذو الشأن للوحات التشكيلية من 200 عام لغاية اليوم .
يتوزع المعرض على عدة صالات حسب الترتيب الزمني وآخر هذه الصالات تعرض الأعمال الحديثة مثل لوحات الرسامة الكبيرة العالمية (ماريا لاسينغ)، وتبدأ أولى صالات المعرض بأعمال كبار الفنانين الذين يعتبرون من الفنانين الكلاسيكيين بالنمسا ورواده فيجد الزائر نفسه في هذا المعرض في مركز الثقل ونقطة التقاء اللوحات الفنية التاريخية، حيث يبرز المعرض أيضا القوة الكبيرة للواقعية في القرن التاسع عشر للفنون عبر التجمعات السياسية التي تم تفعيلها بالكلاسيك .
جولة جميلة بين قاعات المعرض ولوحات من الزمن الجميل ومنها لوحات(يوهان كوبيل فاسر 1796ـ1862) ولوحته بورتريت جميل لدوق النمسا ومحبوب إقليم شتايامارك(ارنست هيرتزوك يوهان) الذي تحمل مطاعم وفنادق وتماثيل في الاقليم اسمه، كما للطبيعة وقوة الألوان وسحر البحيرات في النمسا بكل انواعها مكانة وحيز كبير في أعمال الفنانين من القرنين الماضيين ومنها لوحات (يوسف فريد، فرانس شتاين فيلد) هذا الأخير الذي ركز بدوره على البحيرات وخاصة بحيرة(آتا) التي لا يزال يعيش على ضفافها لغاية اليوم الكثير من الأدباء والفنانين النمساويين، وهذا ما لاحظته خلال زيارتي الأخيرة لها في الربيع، وقد رسم (فرانس شتاين فيلد) البحيرة في عدة أشكال وعدة لوحات حسب الظل والضوء والزوايا وانعكاسات الجبال على البحيرة. أما لوحات(ادوارد لافالت) فقد طرقت أبواب الكنيسة وقداساتها وتجمع الناس على أبوابها مستعملا الألوان الزيتية بصورة باهرة ، الفنان الكبير(فرديناند فالد مولر1793ـ1865) تعبر لوحاته عن الهم الإنساني وأوجاع ومكابدات الإنسان عبر الخوف والهروب والفقر والمجاعة ومن لوحاته الموجودة في المعرض، لوحة الأم والليلة المقدسة والشيخوخة والحب. كذلك عرضت لوحة ( الذئب ) التي رسمت عام 1844 من طرف الفنان(فردريك كاورمان) الذي يعده النمساويون وطلبة الفنون مدرسة فنية ولوحته هذه تبرز الصراع في الطبيعة ودور القوة في تمركز الإنسان من خلال الذئب، ففي هذه المرحلة بالذات يستيقظ الاهتمام الكبير والانطباع الباهر بالطبيعة في لوحات (كاورمان) رغم العنف والقوة وفي لوحة أخرى من خلال العودة والرجوع مع البرق وسوء الأحوال الجوية في بحيرة (آتا) التي رسمت عام 1850. فالمتشبثون بالطبيعة من الفنانين النمساويين ازداد عددهم في تلك المرحلة ومنهم (توماس اندار) الذي جسد الطبيعة من خلال نهر الدانوب على الورق والقماش أيضا عام 1850.
فنانون كبار تتألق أعمالهم في المعرض ومنهم (روبرت روس، لودفيك هانز فيشر)، كذلك الفنان (ليوبولد كارل مولر) ولوحته القافلة التي تمثل نقلة نوعية في تاريخ الفن النمساوي لأن هذا الفنان كان عاشقا للحضارات واجتاز أسوار النمسا إلى الشرق فجاءت أعماله مرتبطة بمصر ولوحته هذه تبين قوة اللون والتعابير وحياة الصحراء في قافلة شرقية.
الفنان النمساوي الكبير(ايكون شيلي) أيضا احتفت به متاحف العالم من خلال أعماله التي سجلت أرقاما قياسية في مزادات العالم، فلوحته (طرف المدينة) تبين قصة فنان كبير وتعكس دقته وتقنيته في التعامل مع اللوحة.
فنانون آخرون أعمالهم زينت المعرض (الويس شون، ماري فون باسلي، تيودور هورمان ،الفريد زوف) ولوحة هذا الأخير تصور جانبا من شاطئ ريفيرا لعام 1881، كذلك رسم (كارل مولر) قصر قيصر النمسا (شون برون) في فيننا عام 1912. عرضت أيضا لـ (هيربرت بويكل) لوحة مدينة (كلاكين فورت) النمساوية.
يشكل هذا المعرض الدائم لعمالقة الفن النمساوي مركز الثقل ونقطة الإبداع في صراع ذات (الأنا) الفنان النمساوي مع الطبيعة والعالم الخارجي بقوة وتقنية والوان جميلة، إنه معرض من أجمل المعارض التي يعرضها متحف نمساوي حاليا على الإطلاق لمراحل مختلفة من تسلسل زمني وتاريخي من حياة الفن التشكيلي النمساوي، فالأعمال المعروضة هي وثائق لأرشيف قرنين من تاريخ الفن بالاضافة الى أعمال مبكرة من القرن العشرين..معرض كنوز النمسا الفنية لمحة عامة لقرنين من الفن التشكيلي في النمسا.