لقاء السحاب
سليمان عبد الله حمد
سبعة عشر عاما غاب أو غيّب فيها هاشم صديق عن الأجهزة الإعلامية، ومعظم هذه الأجهزة رسمية فحرموا المشاهد والمستمع ، وهاشم صديق ولد مبدعا وقدره أن يكون مبدعا وليس أي شيء آخر ، ثم عادت الروح في أول ظهور له على التلفزيون بعد هذه السنين العجاف فازدانت شاشة قناة النيل الأزرق كما لم يحدث من قبل ، ومضت الدقائق والساعات والحكمة تعانق الشجن والمرارة تمتزج بالأمل وهاشم صديق هو نفسه بذات الثراء والروعة والجمال وذات المواقف والجرأة القديمة لم تنل منه الأيام ولم تغيره ، وانساب هاشم صديق انسياب الماء في الأرض العطشى وانطلق كالسهم الهارب من الزمن الجميل ليستقر في قلب الحاضر..
ومن الصعب استعراض أجزاء من حديثه وإغفال أخرى فقد كان اللقاء كلوحة الموناليزا لا تكتمل الرؤية الجمالية إلا بمشاهدتها كاملة غير منقوصة...!!!
ورغم هذه المحاذير ،أود أن أتطرق إلى ثلاثة محاور تضمنها لقاء السحاب، فقد أكد هاشم صديق إنه كان يهدف بابتداره لقضية حقوق الشعراء ومنع بث أعماله إثبات حقوق المبدع المسكوت عنها
المحور الاول : حقوقه المادية :
ولم تكن قضية شخصية ولم يكن يسعى وراء عائد مادي وأنه لم يحقق عائدا ماديا من كل شعره وكانت المرة الوحيدة التي قبض فيها مقابلا ماليا هو مبلغ دفعه له الفنان الدكتور عبدالقادر سالم.
المحور الثاني : إبعاده عن الأجهزة والمعهد :
ثم تطرق بعد ذلك لمعاناته كمبدع في التلفزيون وكأستاذ في معهد الموسيقى والمسرح قبل وبعد أن أصبح كلية في جامعة السودان والتي انتهت بابتعاده،أو إبعاده، عن الأجهزة والمعهد.
المحور الثالث : تدوين سيرته الذاتية :
وقبل ذلك ، ذكر في مستهل اللقاء أنه بصدد كتابة سيرته الذاتية التي يذكر فيها بوضوح رؤيته وتوجهه السياسي بدلا من أن يترك ذلك للمجتهدين بعد رحيله كما حدث مع مبدعين آخرين.
المحور الرابع : أجهزة الاعلام لا تصنع مبدعاً
هذا هو المبدع الفنان هاشم صديق، الأكاديمي والشاعر والدرامي والإنسان الجميل، بطول العمر والصحة والعافية فحقاً إن أجهزة إعلام الدنيا كلها لا تصنع مبدعا حقيقيا واحدا وأن كان هو المبدع من المبدعين هم الذين يخلقون القيمة الاعلامية والفنية لهذه الأجهزة...
المحور الخامس : فأنت مبدع بشهادة أعمالك الفنية
فأنت مبدع بشهادة قصة ثورة ونبته حبيبتي وقطار الهم وبصمات فنية كثيرة شاهد عليك بأن مبدع فوق أضواء القنوات الفضائية ..
فأنت بصمة ورقم فني لا يمكن تجاهله على الرغم من مسافات البعاد والإغتراب .. فأنت داخل رحم الوطن الجميل ...!!!
وسوف تطوى صفحات النسيان تلك الأنات وتبقي تجول في ذاكرة الامس الجميل وذاك الزمان الذى مضى ولكن ما زال الحنين !!!