إلى أين وصل المسرح العربي بعد اندلاع ربيع الثورات ؟
إلى أين وصل المسرح العربي
بعد اندلاع ربيع الثورات ؟
رضا سالم الصامت
شهدت بلدان عربية انطلاقا من تونس الخضراء رب يحميها و مرورا بمصر ارض الكنانة و أم الدنيا و ليبيا و اليمن و الآن سوريا ربيع ثورات أطاحت بأنظمة استبدادية فالسة خاسئة تركت شعوب هذه البلدان تعيش في الفقر و التهميش تعاني الأمرين مما جعل العديد من المبدعين الشباب بأفكار ثورية يظهرون على ركح المسرح بمسرحيات كلها نقد للأنظمة الفاسدة في ظل حرية التعبير التي كانت ممنوعة في وقت هؤلاء الحكام و نحن نحتفل باليوم العالمي للمسرح أردت من خلال هذا المقال ألتعريف قبل كل شيء بالمسرح باعتباره أداة تعبير للغير و إن بقاء المسرح و ديمومته يعتمد على شبابنا في اكتشاف نفسه و ذلك من خلال استيعابه لكل ماهو جديد من معدات و تقنيات و لغات و من خلال المسرحيات التي تعرض على خشبته مما يسهم في حل عديد المشاكل الاجتماعية العالقة في كل مجتمعاتنا العربية و نشر لغة التسامح و التفاهم بين الناس كما يحمل الجمهور قضايا شعوبنا العربية بروح متفتحة
فالمسرح أحد فنون التعبير البارزة عبر التاريخ. وهو نموذج من نماذج الثقافة العالمية التي رصعت تاريخ الإنسانية وعبرت عن أفراحه و أتراحه وتناقضاته وطموحاته وتصوراته. كيف لا و هو مرآة الشعوب بما تحمله أفكارهم و نفوسهم و أمانيهم و أحلامهم ومشاكلهم و أفراحهم
وهذا إلى جانب ما يقدمه من حلول لمشكلة التعصب و الأبعاد العنصرية و على المبدعين في هذا المجال أن يقدموا للعالم في كل تعقيداته رسالة حقيقية عن أي مجتمع و بذلك يساهم في بناء جسور تفاهم و سلم بأفكار جديدة يقبلها المتلقي
و يفهم مغزاها و يكتشف مزاياها و حقيقة إنسانيته من زيفها . فالمسرح يهذب السلوك و يفتح الآفاق نحو مستقبل فيه تفاهم و حضارة و يعلم الإنسان الاستقامة و كيف يكون مستقيما و نزيها مع نفسه و مع الآخرين ...فالمسرح يوفر لنا فرصة الاستفادة منه و من عروضه المختلفة و المتنوعة التي ينالنا منها قسط من التنوير الفكري و الثقافي وحتى الروحي
أهل الثقافة والأدب و الفن المسرحي يشيدون بكل رجال التعليم الذين علموا التلاميذ ولو ضمنيا معنى البناء الدرامي ومعنى السيناريو والحوار نشيد بأولئك الذين ساعدوا تلاميذهم على اكتساب جرأة مواجهة ا لجمهور وتهيئ الديكور والإنارة والملابس وتقمص الشخصيات.... و خاصة في ظل ربيع الثورات العربية
ونشيد أيضا بكل أولئك الذين يعتمدون مبادئ المسرح في تقديم دروسهم أومساعدة المتعلمين على تخطي صعوباتهم التواصلية والتعبيرية. نريد لهذا اليوم أن يكون نقطة انطلاق عروض مسرحية ناجحة لمجموع المؤسسات التربوية و تحسيسهم بقضايا شعوبهم و التعريف بها من خلال عروض مسرحية هنا و هناك ..لأننا بحاجة إلى مسرح فيه معرفة و شعب بلا مسرح هو شعب بلا هوية . فهل يتحسن المسرح نحو الأفضل ؟
يتميز المسرح بغض النظر عن أشكاله و أنواعه باعتباره جنسا أدبيا بمجموعة من المميزات و الخصائص و لعل اهمها - المسرحيةالتي تنبني على أفكار تطرح قضايا فكرية ، دينية ، تاريخية و اجتماعية ، و تعتمد المسرحية كغيرها من الفنون القصصية على أحداث تعرض من خلالها ما يجري بين الشخصيات و الحوار الذي يدور بينهما التي تجعل المسرح جنسا من جنس الفنون السردية وإن طبيعة المسرحية تجعل منها العمل الأدبي الوحيد الذي يتطلب تعدد الشخصيات ، و كل شخصية تحتفظ بوجودها المستقل من حيث أفكارها و مواقفها و ميولها و طموحها ، لكن هذا لا يتحقق إلا بتفاعلها مع سائر الشخوص حيث ينشأ صراع بينهما ، كذلك الفكرة وهي المضمون الذي تعالجه المسرحية ، حيث يمكن أن تعالج قضايا متنوعة و مختلفة سواء كانت قضايا اجتماعية ترتبط بالواقع الاجتماعي و ينتقد قضاياه كتحرير المرأة مثلا ، أو قضايا سياسية ، دينية ... و غيرها من القضايا الأخرى التي تحاول من خلالها المسرحية إبرازها و تقديمها للمجتمع
و الأهم ان تكون المسرحية تنبني على نظام الفصول حيث تتراوح أعدادها بين ثلاث و خمس فصول و يتحدد الفصل بنهاية مرحلة محددة في مسرحية محددة و يرمز في الخشبة على بدايته بإصدار الستار- فالمسرح ككل يهذب الذوق و يساهم في تقدم المجتمع في وعيه و تثقيفه و منذ أن انطلق فيها الاحتفاء باليوم العالمي للمسرح، قبل أربع وأربعين عاما والعالم يحتفل بهذا الحدث سنويا ، خاصة بعد التغيير الذي حدث في بلدان ربيع الثورات العربية حيث الشباب الواعي وإيجاد جيل جديد يستكمل الحراك المسرحي بفكر جديد يواكب العصر، محترما في ذات الوقت العادات و التقاليد الاسلامية السمحة دون ميوعة و استهتار لأن المسرحي نريده أن يبني و لا نريده ان يهدم و ان نحس بثقل المسؤولية ، مثمنين اهتمامنا بالمسرح باعتباره نموذج من نماذج الثقافية العالمية و هذا لا يعني ان ننغلق على أنفسنا و لكن ان نكون منفتحين على الاخر بايجابياته و ليس بسلبياته . و ان المجتمع العربي ككل و التونسي لم يكن ضد المسرح، و عليه ان يدعمه على أرض الواقع، وأن يرى الأنشطة المسرحية الثقافية و الترفيهية تشهد إقبالا كبيرا، فإذا أعطي الجمهور مسرحا فسوف يستفيد والثقافة المسرحية موجودة فالمواطن مسرحي بلا مسرح فلا بد من خطة تنموية كبرى على مستوى العالم العربي الثقافة كباقي المجالات الأخرى. لكن يبقى تساؤل فالى أين وصل المسرح العربي بعد اندلاع ربيع الثورات ؟