الصحفي المبدع محمد أبو العزائم
الصحفي المبدع محمد أبو العزائم
مبدع من الزمن الجميل
توثيقي للفن السوداني
سليمان عبد الله حمد
الصحفي الكبير والإعلامي الاستاذ محمود ابو العزائم الذي كان ملء السمع والبصر ونجما ساطعا في دنيا الاعلام المقروء والمرئي والمسموع والراحل المقيم من مواليد مدينة ود مدني في النصف الثاني من عشرينات القرن الماضي و اكمل دراسته الاولية بمدرسة النهر العريقة والتحق بالمدرسة الاميرية الوسطى التي كان ناظرها (المربي المعروف الاستاذ صالح بحيري مؤسس مدرسة المؤتمر الثانوية بام درمان فيما بعد) وامضي الاستاذ ابو العزائم فترة تدريبية بالأبحاث الزراعية بود مدني التي عمل بها لفترة قصيرة وعمل ايضا موظفا بشركة النور ومنذ شبابه الباكر استهواه العمل الصحفي وكان يراسل بعض الصحف والمجلات المصرية من مدينة ود مدني وفي النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي استقر بالعاصمة وعمل محررا بجريدة العلم التي كان يرأس تحريرها الاستاذ علي حامد وزامل الشريف حسين الهندي الذي كان احد كتاب الصحيفة وساهما معا في تحرير جريدة النداء التي كان يرأس تحريرها الاستاذ عبدالماجد ابو حسبو وفي عام 1961م عمل الاستاذ ابو العزائم لفترة قصيرة نائبا لرئيس تحرير جريدة الصحافة عند تأسيسها وعمل لفترة نائبا لرئيس تحرير جريدة الزمان وتولى رئاسة تحرير جريدة الصراحة الجديدة في عام 1962م. وفي الديمقراطية الثانية انشأ صحيفته المستقلة اخر الانباء وكان من ابرز كتابها السيد اسحق محمد الخليفة شريف وبرغم خلفيته الاتحادية وصلته القديمة بالزعيم الازهري وصلته الاسرية وقرابته اللصيقة بالسيدين يحي الفضلي واخيه محمود الا انه في تلك المرحلة كان متعاطفا مع حزب الامة جناح الصادق ومن معه من شباب وكان صديقا لدكتور عمر نور الدائم.
وكان الاستاذ محمود رجل مجتمع من طراز نادر فريد وعلاقاته ممتدة مع كل الوان الطيف وصلاته ممتدة في الاوساط الاعلامية والفنية وكان يمثل في السودان امتدادا لمدرسة مصطفى امين وشقيقه علي امين وكان يحتل مدرسة تجمعه مع بعض اصدقائه الاثيرين مثل رحمي محمد سليمان وصالح عرابي ودكتور ابراهيم دقش والاديب المقاتل منير صالح عبد القادر وكان يكن وداً خاصا لصديقه الاستاذ علي شمو وقد جمعه العمل المشترك مع الاستاذ انيس منصور اذ ترأسا مجلة الوادي التي كانت تصدرها امانة التكامل بين شقي الوادي.
وقد ارخ الاستاذ محمود لمدينة ود مدني في سفره القيم - سحارة الكاشف- ونشر كتابه الشهير كنت قريبا منهم.
وفي اواخر ستينات القرن الماضي عمل مديرا للاعلام التربوي بوزارة التربية والتعليم ولعب دورا كبيرا في ارساء دعائم السلم التعليمي وكان من المبشرين به اعلاميا وساهم في الاستنفار الشعبي لبناء الصفين الخامس والسادس وكان موضع ثقة واحترام دكتور محي الدين صابر والرئيس الاسبق نميري ونقل للإذاعة نائبا للمدير ثم عمل لعدة سنوات مديرا عاما للإذاعة وفي بدايات عهد الانقاذ عين مديرا عاما للتلفزيون وظل يكتب في الصحف بانتظام وقدم برامج اذاعية وتلفزيونية توثيقية هامة في مجال الفنون والغناء.
واتسم اسلوب الاستاذ ابو العزائم بالسلاسة والعفوية وهو يشد القارئ لانه يخاطبه كأنه يوانسه وعرف بالصراحة وهو يقول الحقيقة ولو على نفسه وهي خصلة يشترك فيها مع الاستاذ يحي محمد عبد القادر والأستاذ ابو العزائم محدث بارع وقارئ ممتاز وكنت اجد منه تشجيعا وكلمات عذبة تخجل تواضعي وكنت استمتع بأحاديثه العذبة وحكاياته وقصصه الممتعة عندما ازروه بمكتبه - الناشر غرب صينية القندول وكانت بيني وبينه صداقة وود موصول وكان يعاتبني عندما اغيب عنه لفترات طويلة.
قدم برنامجه سحارة الكاشف من خلال اذاعة ام درمان.. كما صدر له فى العام 2005 اصدارة بعنوان : يوميات سودانية ..
رحم الله استاذنا ابو العزائم وانزل على قبره شاهبيب رحمته وجعل قبره روضة من رياض الجنة.
أعتقد جازماً أن جيل اليوم يفتقد كل هذا الصفات الحميدة والصداقة التى ليس لها حدود والوفاء للأصدقاء وزملاء الدراسة ... ليت جيل اليوم يتعلم من ذاكرة هؤلاء وأن يكونوا مثال لغد مشـرف ... أتمني ذلك !!!
هذا من كبار الإعلاميين في ذاك الأمس الجميل نهض بكل منصب اوكل له وقدم فيه كل الإبداعات الفنية تمثل في شكل برامج إذاعية ( سحاره الكاشف ) و برنامج كتاب الفن ـ روعه حلقة عبد العزيز محمد داؤود) نتمني لن يعملون اليوم في قسم التنسيق تقديم مثل هذه البرامج ولو في كل سنة مرة لتعم الفائدة ) ... لأن ظلال التوثيق التلفزيوني لم يسمح ذاك الزمان بتسجيلها ووضعها في أرشيف الإذاعة الذي أندثرت فيه كثير من إبداعات المبدعين بقضاء نحبهم بحيث بأن جيل اليوم لا يعرف من جيل الأمس إلا زرات يسيره من عبق وذكريات هاذاك الزمان الجميل ... وفي هذا المقال ربما يقدم فكرة عن رجال أعلام تلك الحقبة الفنية ... التي لا يجود بها الزمان مره آخرى ...
هذه وقفات مع مبدع وزمن من ذاك الزمن ا لجميل ، إلى أن يحين اللقاء مع مبدع آخر لكم تحياتي أحبتي ..