أضواء على تاريخ الإخوان المسلمين المسرحي ( 5 )

أضواء على تاريخ الإخوان المسلمين المسرحي ( 5 )

بدر محمد بدر

[email protected]

لم تستمر أنشطة الإخوان المسلمين المسرحية طويلا، بسبب دخول الجماعة في مرحلة الصدام والأزمات قبل أن ينتهي عقد الأربعينيات من القرن الماضي، وسرعان ما تم حل الجماعة في عهد رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في 8 من ديسمبر عام 1948، والذي تعرض للاغتيال في 25 من نفس الشهر، وبعد شهر ونصف تم اغتيال الإمام حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين في 12 من فبراير عام 1949، لتدخل جماعة الإخوان بعدها، ولفترة طويلة (أكثر من 60 عاما)، في مرحلة المحن والاضطهاد والاعتقالات المستمرة.

وفي فترة الخمسينيات والستينيات ظهر واحد من كبار الأدباء والروائيين الإسلاميين، وهو الدكتور نجيب الكيلاني أحد رجالات الإخوان، الذي قدم أولى رواياته "الليل الطويل" في عام 56، ونالت جائزة وزارة التربية والتعليم في عام 57، وقررت الوزارة تدريسها لطلاب المرحلة الثانوية في عام 59، ثم نشر العديد من رواياته بعد ذلك ومنها: اليوم الموعود ـ في الظلام ـ قاتل حمزة ـ نورالله ـ ليل وقضبان ـ رجال وذئاب ـ حكاية جاد الله ـ مواكب الأحرار ـ عمر يظهر في القدس ـ ليالي تركستان ـ عمالقة الشمال ـ أميرة الجبل ـ عذراء جاكرتا ـ ملكة العنب ـ دم لفطير صهيون ـ على أسوار دمشق، إضافة إلى سبع قصص أخرى.

ظهرت روايات الأديب الكبير نجيب الكيلاني في فترات المحن التي عاش فيها الإخوان في الستينيات والسبعينيات، فلم تلق الاهتمام الكافي من النقاد والأدباء والفنانين، كما لم تجد من يسعى إلى الاستفادة منها، سواء في المسرح أو السينما أو في التليفزيون، لكني أحسبها الآن متاحة لمن شاء أن يبدأ مشوارا جادا، لإحياء فن المسرح الإسلامي، وفن السينما الملتزمة من جديد.

كانت فترات المحن كابوسا مظلما أثر على الفن الملتزم، ولو تخيلنا استمرار نمو المسرح الإسلامي بأشكاله وتياراته المتعددة، ونضجه وتطوره وتمدده إلى كامل ربوع مصر، بل وانطلاقه إلى كافة أقطار الوطن العربي والإسلامي، أعتقد أن الصورة كانت مختلفة عما هي عليه الآن، وأن التدهور القيمي والأخلاقي الذي نلمسه في بعض الأعمال الفنية، كان سيبقى محاصرا بدرجة كبيرة، ولا تتسع الساحة الفنية والأدبية بشكل عام إلى هذا الغث الذي يسيطر عليها حاليا.

ومع نهاية عقد الثمانينيات وبداية التسعينيات بدأت تظهر بعض الفرق المسرحية من شباب الهواة، التي استفادت من نشاط وتواجد الإخوان في عدد من النقابات المهنية، ومنها النقابة العامة للمهندسين ونقابة الأطباء، وقدمت عدة مسرحيات ناجحة منها: "شقلبة" التي جذبت جمهورا كبيرا من شباب التيار الإسلامي وقتها، وبنفس القوة جاءت مسرحية "اصحوا يا بشر"، ثم تلتها مسرحية "فيتنام 2" التي تناولت التورط الأمريكي في الحرب على العراق الشقيق، وغيرها.

وعندما تسلمت إدارة تحرير جريدة "آفاق عربية" في شهر يونيو من عام 2000 كان فيها زاوية تحتل نصف صفحة أسبوعية بعنوان "آفاق فنية"، يعمل فيها أحد الزملاء بشكل أساسي ويساعده آخر، واكتشفت أن التغطية الصحفية للزاوية متواضعة، وأن التناول الفني يحتاج إلى اهتمام أكبر.

وبالفعل نجح القسم الفني في الجريدة بعد ذلك في توسيع دائرة الجوانب الفنية التي يغطيها، من مسرح وسينما وتليفزيون ومعارض فنية وغيرها، وقدم نقدا فنيا جادا وتحقيقات وحوارات وأخبارا موضوعية عن الأعمال الفنية المعروضة.

كما نجح أيضا في إقامة ندوات متخصصة حول أعمال فنية مثل المسلسلات والأفلام، جمعت بين فنانين وفنانات ومثقفين إسلاميين، والحديث موصول بمشيئة الله تعالى.