ع المكشوف.. مسرحية شبابية تنطق بحال الواقع الفلسطيني
ع المكشوف..
مسرحية شبابية تنطق بحال الواقع الفلسطيني
أحمد عرار
يعد المسرح ظاهرة اجتماعية ونشاط حر يعكس الواقع الاجتماعي والسياسي ويتفاعل معه. وهذا ما عكسته مسرحية عالمشكوف التي كشفت الواقع الفلسطيني الغارق بالفساد السياسي والثقافي والاجتماعي والقيمي ايضا. هذا الواقع الذي ساهمت فيه اسباب عديدة كان من بينها كما عبرت عنه مشاهد المسرحية الانقسام الفلسطيني، والذي حول المواطن الى مراقب على كلاماته وسلوكه التي قد تجعله يُحسب على لون من الألوان.
هذا المشهد هو احدى مشاهد المسرحية المتعددة، والتي امتلئت بالرموز والإحالات الفلسفية العميقة. فقد اشار مشهد البحث عن الدليل والمصباح الذي ثم حمله في النهار، الى الفيلسوف الاغريقي ديوجين والذي كان يبحث عن رجل صالح. بغرض التفتيش حول نوايا الخير والشر والذي كان هذا ايضا هو محور احد مشاهد المسرحية في الحديث حول الخير والشر والانسان، الذي فقد اهمية وجوده ولجأ الى الانتحار او الموت او تعاطي المخدرات في اشارة هنا الى ظاهرة انتشار الترمال.
أحلام واوهام:
لقد جات المسرحية معبرة عن احلام الشباب وطموحاتهم المختلفة سواء منها الوطنية او الشخصية. فقد حُلم ماهر بالزواج، وحلمُ بان يصبح مسؤلاء ليسرق الشعب ويصبح غنيا، في اشارة الى الفساد المالي لدى اصحاب القرار والمسؤلية. كما حُلم ماهر ايضا بالشعب وهمومه، فتمنى ان تتحقق الوحدة وتنتهي حالة الدجل والكذب السياسي ومشاوير القاهرة المتعددة "عالقاهرة رايحين جايين".
كما تحدتث المسرحية عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الراي والتعبير والتي جاءت على لسان مغني راب الذي وجد انه من الافضل له ان يرحل المسؤلين عن القرار والبلد لان حاله بدونهم سيصبح افضل فلن يقوم احد بسرقته كما لن يقوم احد بقتله او كبته. او يهاجر هو كما اختار العديد من الشباب الفلسطيني.
مشاهد متنوعة:
كثيرة هي المشاهد التي يمكن الحديث عنها والتي ازدحمت لتشكل صورة حقيقية وواقعية حول مشهدنا الثفاقي والسياسي بفلسطين. ومن ضمن هذه المشاهد مشهد الاعتقال السياسي ومشهد آخر حول الذين يكتوبن التقارير للجهات الامنية، مشهد حول عدم الانتباه او الاستماع الى صوت المواطنين والشباب وشكواهم من خلال مشهد صندوق الشكاوي.
وفي ختام هذا التقرير اود ان اشير الى اهمية المسرح في التعبير والتغيير والتمر والثورة التي اشارت لها المسرحية فجاء في احدى مشاهدها الى اننا بحاجة الى مائة ثورة.
هذا المسرح والذي يعد انعكاسا حضاريا، يزدهر مع نمو الوعي الثقافي ويتراجع بتراجعه. فقد لعب المسرح دائما في العالم دورا بارزا، واحتل مكانة فنية مرموقة بين مختلف الفنون. كما دافع السمرح عن قيم الحرية والعدالة.
جدير بالذكر ان مسرحية عالمشكوف هي من اخراج الشاعر عبد الفتاح شحادة وتنفيذ مركز غزة للثقافة والفنون، والذي قد مر على تاسيسه سبع سنوات. ويعتبرها المعلقون على المستوى الفلسطيني أول تجربة فلسطينية تقوم على تنويعات بيّنة. وتقدم عملاً فنيا بامتياز. فقد ظل المركز مؤمناً بدوره الثقافي الفني في إرساء تقاليد تُمجد العمل الفني وتؤكد على اهميته، بعيدا عن الاستثمارات الظرفية التي تعتبر الجيب وجهة وكعبة.
وها هو المركز يقدم لنا من جديد هذه المسرحية المميزة بعد ان قدم لنا مهرجان غزة الاول للفن التشكلي المعاصر، كما قدم لنا مهرجان الموسيقى الرائع على خشبة مسرح مؤسسة المسحال. اضافة الى مهرجان الافلام القصيرة والذي كان على مدار اسبوع والذي كان ممولا من المركز الثقافي البريطاني. كما نفذ المركز عشرات الندوات وورش العمل الثقافية المختلفة والتي تهدف كل هذه النشاطات الى تطوير المشهد الثقافي والفني بغزة، حسب ما افاد رئيس مجلس ادارة مركز غزة الأستاذ: أشرف سحويل والذي تحدث حول الخطه الاستراتيجية التي سطرها المركز عبر الاهتمام بالنشاطات النوعية التي يقوم بها فنانون وفنانات وأساتذة وباحثون، كما اضاف سحويل الى ان المركز يتوخى الدقة دائما في العمل، ويهدف إلى تحقيق بعض الاحترافية من أجل منافسة حقيقية مع باقي المؤسسات على المستوى العربي لتعطيه ألقا يحصنه من أية هشاشة تقلل من قيمته الإبداعية والمعرفية.
واكد سحويل على ان المركز ليس سوى امتداد منطقي لمساعي نخبة من المبدعين والمبدعات الهادفة إلى تحصين المجتمع، بكل إمكاناته الذاتية، من مختلف الأخطار، بعيدا عن أية منافسة غير أخلاقية تهز مقوماته القاعدية. ولا يهدف المركز الحلول محل الآخر، ولا السطو على صلاحيات لا تعنينا، إنما علينا كمركز له تقاليده تحمل مسؤولية فك الحصار وتقديم صورة أخرى عن فلسطين الثقافية، وبشكل مُشرف يجعلنا قادرين على تفادي الاستنساخ وكل أشكال الواحدية والتنميط التي تحدّ من طاقة التخييل.