ديكاج
علي مسعاد
الدراما التركية ، التي غزت البيوت المغربية كما العربية ، في السنوات الأخيرة ، ما كان لها ، أن تستقطب كل هذه الجماهير الغفيرة من المشاهدين ، لو أنها لم تحترم شروط الفرجة التلفزيونية و الحد الأدنى من أبجديات الكتابة الدرامية ، التي تفتقر إليها الدراما المغربية بشكل كبير ، مما يطرح أكثر من علامة استفهام :
هل قدرنا ، أن نشاهد كل هذه الإنتاجات الرمضانية البليدة و التي لا تحترم عقل وذكاء المشاهد المغربي ؟ا
هل ليس لدينا كتاب سيناريو و فكاهيين من طينة أخرى ، غير هذه الوجوه التي استنفذت مبرر وجودها في عصر "الفايس بوك " ؟ ا
هل ليس لدينا نقد تلفزيوني ، ليضع حدا لكل هذه التفاهات الرمضانية و الوجوه الدخيلة على الدراما و التلفزيون والفكاهة ؟ا
بل أين هي لجنة القراءة ؟ا
ولماذا تصرف عليها ، كل هذه الأموال الطائلة ، على أعمال فنية و فكاهية بليدة وتافهة ؟ا
أين هي الصحفية المتخصصة في مجال الفن ، لتقف عند العيوب الكثيرة ، التي تقترف باسم الفن والإبداع ، خاصة في هذا الشهر الفضيل و فضح الدخلاء والسماسرة في المجال الفني الوطني ؟ا
وغيرها ، من الأسئلة التي تهدف إلى إعادة الحياة إلى المشهد الفني ، الذي أصيب في مقتل ، ولعل الحوارات الصحافية ، التي أجريت مع بعض الوجوه الفنية ، إلا دليل ، على الخلل الذي تعرفه الساحة الفنية ، من ضحالة في الإبداع و تخمة في المجال الإشهاري ، الذي إستقطب إليه العديد من الوجوه الفنية و الرياضية ، مما يسيء إلى صورة الفنان لدى المشاهد المغربي و يزيد في هجرته ، أكثر مما يساهم في تقريبه إليه .
فالدراما التركية ، التي سحبت البساط من نظيرتها المغربية ، ما إستطاعت إلى ذلك سبيلا ، إلا من خلالها قدرتها على إمتاع المشاهد و تحقيق الفرجة و المتعة لديه ، بالرغم من أنها مدبلجة و ليست في نسختها الأصيلة .
و في الوقت الذي تزداد فيه الدراما التركية ، تقربا من المشاهد المغربي ، تزداد الأعمال الفنية المغربية ، بعدا عن عشاقها ومتتبعيها ، بسبب غياب السيناريو ، الحوار و التشخيص و تكرار نفس الوجوه ، بذات الحركات و الملامح عينها ، في كل الأدوار و الشخصيات .
فهل ، بهذه الوجوه التي كشفت عن طينتها ، عبر هرولتها إلى الوصلات الإشهارية ، يمكن أن ننافس الدراما التركية والسورية و المصرية ، التي أبانت عن علو كعبها في رمضان وغيره من الشهور ؟ا
وهل في غياب أبسط أبجديات شروط الفرجة التلفزيونية ، يمكن أن نلبي رغبات المشاهدين المتجددة و المتغيرة و التي ترغب في التجديد و التغيير و البديل عوض التكرار الممل و القاتل ؟ا .
وهل بمثل هؤلاء المهرولين خلف الإشهارات والإعلانات الدعائية ، يمكن انقاد وجه الدراما المغربية و الرفع من مستواها الفني و الإبداعي ؟ا
بل ، متى كان المهرولون ، في جميع مجالات الفن والفكر والإبداع و السياسة ، حلا لقضية ما من القضايا ، التي تتطلب الحلول الجذرية و الواقعية عوضا عن الترقيعية و" عدي بلي كاين "؟ا
لأن المطلوب اليوم ، قبل الغد أن نقول " ديكاج " لكل من يسيء إلى الفن وأهله و إلى كل من يهدر المال العام من أجل إنتاج تفاهات رمضانية باسم الفكاهة والضحك وهي منها براء .
لأن الصمت ، عن كل هذه التفاهات الرمضانية ، لن يزيد الأمر إلا إستفحالا ، في زمن التغيير و الربيع العربي ، الذي يرفع من خلاله الشباب ، شعر " ديكاج " لكل الدخلاء والطفيليين و المنتسبين ، لقطاع ما ، في مجال ما و كانوا السبب في تخلفنا ورجوعنا إلى الوراء ، في العديد من المجالات والميادين ، بسنوات ضوئية .