الفنان التشكيلي "طارق الخطيب" اللوحة عنده تموج وتتحرك

الفنان التشكيلي "طارق الخطيب"

اللوحة عنده تموج وتتحرك

تنقلنا من واقع إلى واقع فني تشكيلي مميز

منى كوسا

[email protected]

طارق الخطيب فنان تشكيلي سوري من مدينة " حمص " خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق , له أعمال داخل القطر و خارجه ,حصل على العديد من الجوائز ,أقام معرضاً فردياً في المركز الثقافي الروسي بمدينة دمشق , والذي قدم فيه مجموعة من الأعمال المنجزة بالحبر على الورق مستخدماً التنقيط وهو أسلوب دقيق ,صعب نظراً لما يحتاجه من تركيز أثناء العمل، لأن الحبر مادة حساسة، سريعة العطب وغير قابله للتصحيح، كما أن هناك صعوبة في مزج الألوان لأنها تمزج في أنبوب صغير جداً ولا يمكن رؤية اللون داخله مما يتطلب وجود خبرة كبيرة .

استند إلى مواضيع البيئة الشامية والطبيعة الصامتة والخزفيات الإسلامية في لوحات مميزة تحمل الحلم الذي يواكب شخصيتة لدرجة أنه تماهى معه إذ تكمن متعتها وتميز ها في لغتها التشكيلية التي جسدت عوالمها السحرية , الخيالية و الواقعية و جعلتها عملاً متميزاً ,أيضاً في استثمارها للطاقات الكامنة في التقنية الفنية من حيث دلالاتها و إيقاعاتها الموسيقية المتنوعة و كل هذه السمات المنسوجة باللغة التشكلية هي التي شكلت كاريزما مميزة للوحة و جعلتها تملك أفقاً جديداً ربما لأنها تكونت بشكل واع و عبرت عن وجدان الفنان و عواطفه و مواقفه عبر سلسلة من المشاهد الواقعية التي استعان بها ليكّون معادلاً موضوعياً لرؤيته و موقفه .

تكمن أهمية فكرة أو مفهوم العمل الفني للوحة في أنها تكشف عن أهم عناصره أو جوانبه الفنية و الفكرية و تلقي الضوء على لحظات التجلي و التفوق و التأثير التي تجود بها عبقرية الفنان في لحظات الإبداع أو الحالات التي يتفوق بها على نفسه , هذه اللحظات أو التجليات هي التي دفعت به إلى التفرد والتميز .و لنتبه إلى تحليل إختياره للألوان التي جاءت في اللوحات فقد كانت تحمل موقفه بكل صراحة و وضوح فالأخضر إنما يوحي إلى الحيوية و كل لون له معناه الفني و إيحاءاته , كلها تنقلنا من حالة الصمت إلى حالة الإزدهار مما أدت إلى كسر أفق التوقع عند المتلقي , و لكن هل يمكن أن يتوفر لهذه اللوحة كل هذا البنيان المتماسك المحكم الذي تنفعل فيه جميع العناصر الفنية و التخيلية , الإيقاعية لتعالج واقع في أشد ما يمكن لو لم يكن الفنان متمتعاً بموهبة فنية حقيقية و ممتلكاً لحس مرهف ووعي جمالي فائق و خبرة متمرسة مكنّته من تركيز شغله الفني بشفافية اللوحة وحيويتها ؟

لقد هيأ الفنان " طارق " نفسه في مملكة الألوان فأخذ يجوس خلالها حتى وقع اختياره على الأسود ,الرمادي و الأبيض في بعض لوحاته و أخرى كانت متعددة الألوان منها الحارة و منها الهادئة كما في الخزفيات و البيت الدمشقي و كان له حديث منفرد مع كل لون على حده ثم معها مجتمعة في علاقات يدور بينها حديث داخلي يترجمه لنا بالحجم و الحركة و دقة الخطوط و يختار لنا الأماكن و الأشكال المتعددة و المختلفة ولكل منها دوره الخاص مع نفسه و الأشياء في فضاء اللوحة .

يجب ألا ننسى أن لكل فن من الفنون أصوله الفنية في التحول بالمكان و الزمان و الأداة و الكائنات و الأشكال المختلفة إلى علاقات فنية تشكل صوتاً خفياً و أحاديث داخلية تدهش المتلقي و تثير لديه متعة الحوار و التأمل و التفكير و قد امتلك الفنان " طارق " أصول الفن لرسم اللوحة و كأنه يحس بها تمسك بيده لتأخذه إليها ليبدع شيئاً مختلفاً ..اللون , المساحات الممتلئة , المساحات الفارغة , الكائنات , حيث يجد المرءنفسه مشدوداً إلى ما تبض به اللوحة في تحركها و ترابط أفكارها و حرارة إيقاعها و انفساح أفاقها كذلك امتداد رؤيتها بحيث تنطق شعراً موسيقياً فنياً تشكيلياً مفتوحاً نحو العالم .

إذاً تزخر الدراسة بالملاحظات النقدية اللافتة التي تفصح عن وعي مبكر بمرتكزات المنهج التشكيلي في النقد و هو بصدد تحليل للتقنية و بما تميزت به اللوحة من مشاهد مليئة بالإيحاءات فجاءت متلاحقة و متناغمة الإيقاع مع تداعي الوعي و تطور الرؤية , الواقعية الفنية

اللوحة تموج وتتحرك تشد المشاهد ليسمع صوتها بأبعادها الجديدة و تقنيتها الفنية و مذاقها الفني الجديد أي تنقلنا من واقع إلى واقع فني تشكيلي متميز هذا هو زمان و مكان اللوحة عند الفنان " طارق " .