رسالة إلى امرأة الرسالة

سناء لهب*

بعض الزائرين لهذه الدنيا الموغلين في الأقنعة والكذب والخذلان ذكروني برجل أسمه "جان

باست غرنوي" بطل رواية العطر للكاتب السويسري باتريك زوسكيند.

هذا الرجل نابغ في اختراعه لمختلف أنواع العطور الساحرة، التي لا مثيل لها على الإطلاق...وقدرته على مزجها في خياله حسب رغباته وأهوائه، مما أوصله لابتكار واختراع أنواع من الروائح الغير موجودة في العالم الحقيقي ليعوض عن فقدانه للرائحة، إذ كان قزما مشوها وقذرا وتلك بعض شناعته...أما شناعته الحقيقية فكانت في عبقريته الإجرامية الجنونية في تحضير كل عطوره الكاسحة من جثث وفتات أجساد البشر.

إذن..العطر هو القتل؟ أم أن القتل والعطر سيان في هذه الرواية؟؟؟؟

 وأنا اليوم  وبعد ذالك العمر الممتلئ..لم يعد يعنيني أن أثبت شيئاً لأحد، ومقالتي هذه ليست ردا على العطر السام الذي تبثه إحدى العابرات في طريقي وطريق أغلب زملائي المسرحيين..لا ليس كذالك لأن عطرها يتمثل في شناعته عطراً قزما مشوها وقذر..وما هي إلا لوحة لقيطة لذاكرة مزورة..

صاحبة هذه الذاكرة أسعفتها ذاكرتها بأن تتناول العمل المسرحي "غيوم في رحلة جبلية" بعد سبعة أشهر من ولادتها..بعد أكثر من نصف سنه من إغماء الذاكرة تحت رايات الفتور..قررت اليوم الخروج من المشرحة ومن برادات الجثث لتستعيض بالمجد عن الحب مثل مصاص دماء هرم..

قررت الكشف عن أسنانها وأظافرها المدببة لتطعنني بعملي المسرحي وهي أول من أجاد به..بل من اختاره بصفتها إحدى أعضاء لجنة النصوص في مسرح الميدان ..وأول من دافع عنه بشراسة أمام الجميع وباركته بصفتها من أصحاب القرار لقبوله وإخراجه للنور بصفتها أحد أعضاء الإدارة....!!!

ووقعت الواقعة وتم رفض طلبها رغم إلحاحها وتهديداتها بمشاركة طاقم مسرحية "غيوم في رحلة جبلية "برحلته إلى المغرب للمشاركة بمهرجان الأبيض المتوسط.

وهنا ينتفض   السؤال الباحث عن المنطق في هذا الزمن اللاموازي للمنطق والشرف والكرامة..

هل قلمك سيدتي هو عبدا لهواجسك الملغومة بالمصالح؟؟؟؟

كيف تستطيعين الوقوف في حضرة الورقة البهية ملوثة بأحقادك ومراراتك؟؟؟

لم على المبدع أو الفنان أن يتحول  ضحية لقلمك لمجرد انه شارك في عمل لا يتناسب مع علاقاتك ومصالحك الشخصية؟؟؟

لم عليّ أن أعيش سنوات طوال أتمرغ وأعمالي بين أوراقك لمجرد ذنب افخر به هو جريمة بنظرك بأني على صلة صداقة وأخوة وثيقة مع حب فاشل رافض لكي؟؟

لِمَ على هذا الشخص أن يدفع ثمن رفضه لكي ،ضريبة لمحاولاتك الفاشلة لهدمه كممثل ومبدع في كل عمل مسرحي يقوم به؟؟؟؟

لم كتب على عائلتك وأقربائك وقريتك عرابة "أم الأبطال" أن يطالهم سوء خلقك ونشر سمومك وكرهك لهم في مقالات لا تعني أحداً سواك؟؟؟؟

أستميحك عذرا أيها القارئ لأني أسمح أن أدلك أحزاني وأحزان زملائي الفنانين عضوا عضوا أمامك..ففي قلبي مغاور ومغاور أفتش فيها عن أبجدية تحتوي غضبي وألمي لما وصلنا إليه...

فقد بتنا ندعي الثقافة وهي براء منا!!!

بتنا ندعي الإنسانية فلا نجد غير صوت الصمت الهادر حقدا !!!

بات القلم المقدس الذي نحمله سكينا حاقدا لكل من يخالف طريقنا ومصالحنا!!

بتنا نعيش الهواجس الملغومة بالمصالح نتجشأ مجدنا متخمين بعظمة كاذبة...طاووساً هرماً كالح الألوان يعيش داخل مهرجان يومي تكريمي لذاته!!!

هنا أتذكر ابن تيمية إذ قال قبل ثمانمائة عام

"إذا قتلتموني فهي شهادة،وإذا حبستموني فهي خلوة، وإذا نفيتموني فهي سياحة.."

عذراً ابنا تيمية للتشبيه..ولكني أقولها لك رجاء بكريه إن حكمة العمر في هذا المعنى تتفوق على الزمن كله...

فالموت الذي يصادر هذا العمر بحد الكراهية يتحول إلى نقيض ذاته، حيث لا تموت الحكمة ولكنها ترتفع بالمبدع إلى أفق الخلود...

أما حبسه في مقال من مقالاتك فإنها فرصة للمبدع أن يرحل داخل نفسه في خلوة نادرة..شاكرا الله على إنسانيته ، مشفقاً عليك من فقدها ، متمكناً من تحطيم كل القيود والأغلال ، طالما هو متمكن في الأساس من منع هذه التراكمات الصدئة من الوصول إلى ذالك الداخل الرائع والحميم في النفس الحرة الأبية...

لم يبق أمامك إذن سوى النفي...وهنا اقترح عليك أن تقومي بإعلان القائمة السوداء" مؤقتا" لكل المبدعين والفنانين والمسرحيين الذين حظوا أن يكونوا في عدادها وحظوا أن ينالهم حقدك الشخصي وسمُك القزم المشوه.....

               

*كاتبة و مسرحية

عضو الهيئة الإدارية

 لإتحاد كتّاب الإنترنت / فرع  فلسطين