شهرزاد على مسرح الجمهورية
شهرزاد على مسرح الجمهورية
تعود الفنانة "رغدة" إلى المسرح من خلال العرض المسرحى (حَكايا لم تروِها شهرزاد) الذى يتم عرضه على خشبة مسرح الجمهورية بالقاهرة. من إنتاج مسرح السلام التابع للبيت الفنى للمسرح. و يشارك الفنانة "رغدة" فى البطولة كلٌ من "سامى عبدالحليم" و "أحمد صلاح السعدنى"
و المسرحية من تأليف "علاء عبدالعزيز سليمان" و إخراج "حسام الشاذلى".
و على الرغم من أن المسرحية تتخذ من الأصل التراثى الشهير نقطة إنطلاقها إلا أنها تختلف مع هذا الأصل التراثى جوهرياً، سواء على مستوى القصة الإطار أو على مستوى القصص الداخلية التى ترويها شهرزاد. إن شخصية "شهرزاد" فى المسرحية ليست مجرد إبنة وزير تلجأ إلى الحيلة من أجل إنقاذ حياتها من خلال تشويق الملك بسلسلة لانهائية من الحكايات الخرافية التى تنبع طرافتها فى ابتعادها عن الواقع و جنوحها إلى عالم الفنتازيا و هو ما نجده فى قصص (ألف ليلة و ليلة). على العكس من ذلك فإن "شهرزاد" فى المسرحية تبدو كشخصية إنتحارية غير عابئة بالموت. لا يهمها سوى أن تحافظ على عذريتها إخلاصاً لعهد قطعته على نفسها مع حبيبها الفقير، الذى تحكى عنه فى إحدى قصصها.
إن قصة حب "شهرزاد" نفسها تكشف جانباً مما يعانيه شعب المملكة حيث يحول فقر حبيبها دون زواجها منه فى مملكةٍ ترسِّخ لقيمة الفوارق الطبقية و الإجتماعية، فضلاً عن الجنون الذى أصاب هذا الحبيب بسبب عجزه عن حماية شقيقته من الشنق بتهمة ظالمة لأنها حاولت الدفاع عن شرفها أمام وقاحة أحد رجال الشرطة.
و تتوالى حكايات "شهرزاد" للملك و هى على تنوعها ليست قصصاً خرافية تنبع طرافتها من إغراقها فى الخيال و إنما هى قصص واقعية حدثت لأبناء المملكة و تنبع طرافتها من جهل "شهريار" بها. هذه القصص فى مجملها تمثل تنويعات مختلفة على مدى ما يعانيه أبناء هذه المملكة من قهر رجال الملك لتكشف عن عزلة الملك الغارق فى الخمر و الساكن فى أعلى قمة برجٍ يتوسط قصره الذى تفصله الأسوار العالية.
هذه العزلة المزدوجة –مادياً و معنوياً- لا تتيح للملك أن يعرف شيئاً عن الحالة التى وصل إليها أبناء شعبه حيث تقلص عالم الملك فى فعل قتل العذارى التكرارى إنتقاماً من خيانة زوجته الأولى. و لا يتيح له هذا الإنشغال بالهم الذاتى أن يدرك الخطر الكامن فى مرابطة جنود جيش مغول الغرب على حافة حدود المملكة.
إن ما يميز تناول هذه المسرحية للأصل التراثى هو قدرتها فى فضح المفارقة غير المنطقية الكامنة فى حكايات (ألف ليلة و ليلة)، إذ كيف يستقيم أن تنعم مثل هذه المملكة بالاستقرار و الرخاء بينما الموت و القهر هو واقعٌ يومى يعيشه العامة؟!!