الفن والنرجسية
الفن والنرجسية
وسام جبران في مقابلة إذاعية :
لا يوجد لي منافسون..لا يوجد موسيقيون سواي!!
سيمون عيلوطي
شاعر ومحرر موقع "الموقد الثقافي "
أبرز ما يُكسب المثقف والفنان الاحترام هو كونه مثقفا وفنانا يرتبط بهموم شعبه ومجتمعه ويعبِّّّّّّّّر عنه تعبيرا فنيا يرقى إلى مستوى الثقافة والفن بدون تعال، وبدون ادِّّّّّّّّّّّّّّّعاء بانني سيِّّدكم.. فأطيعوني .
الاعتزاز بالنَّّّفس والثقة بالابداع الذاتي تعتبر صفة طيبة وإيجابية، وتعطي المبدع آفاقا رحبة للاستمرار بالعطاء والابداع ، ولكن أن تتحوَّّّّل هذه الصِّّّّّّّّّّّّّّّّفة الى نرجسيَّّّّّّّّة وغرور شخصي ، فانها بهذه الحالة تهدم ولا تبني، وتنعكس سلبا على من يغرق في نرجسيَّّّّته .
نحن في "الموقد" نُحب فناني شعبنا، ونتمنى أن نراهم في ابداع وتألق دائمين، وأن يجد انتاجهم الصدى الطيب في أوساط شعبهم ، بل ويسرنا أكثر وصول فنانينا ومثقفينا الى العالمية والانتشار الواسع أسوة بشاعرنا محمود درويش .
أسوق هذا الكلام ألما مما أراه وأسمعه من بعض مبدعينا وفنانينا بأنهم عباقرة عصرهم، ولا يوجد على الساحة الفنية والثقافية منافسة حقيقية لهم مع مبدعين آخرين.
إن التواضع من أخلاقيات المبدعين الحقيقيين، وأذكر هنا أنه حين توجَّه أحد الكتاب بسؤال إلى الكاتب والمفكر سلامة موسى عن كيف يتحسن أسلوب الكاتب، أجاب : عندما تتحسن أخلاقه، والأخلاق الحميدة التي يجب أن يتحلَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّى بها الانسان عامة والفنان خاصة هي الكفيلة باحترام الآخرين لفن وشخص هذا الفنان أو ذك مما يعود بالفائدة المطلوبة والضرورية ما بين الفنان والمتلقِّي .
إن ما سمعته في البرنامج الاذاعي "أوراق" الذي يعده ويقدمه الصديق الكاتب والاعلامي نادر أبو تامر من الأستاذ وسام جبران الذي حلَّّ ضيفا على حلقة الأسبوع الماضي، حيث قدَّّّّّّّّّّّّّم نفسه على أنه لا منافسين له في الابداع الموسيقي والأدبي، وبأنه المؤلف الموسيقي الوحيد ولا يوجد سواه في بلادنا، وأن الشعر الذي يكتبه يعجز القارئ عن فهمه بسبب فنية هذا الشعر غير العاديَّّّّة ، ثم أن اسهاماته في المقالات الثقافية "أوحي"بأنها رفعت من المستوى الثقافي والأدبي في وسطنا العربي .
كنتُ أودُّّّّّّّ لو أنه قدَّم شيئا أكثر مما قدَّمه ليدلل به على ما يقول، ذلك لأن الذي قدَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّمه لم يشر الى ما ذهب إليه في هذه الحلقة .
أقدِّّّّر وأحترم جميع ابداعات أدباء وفناني شعبنا، ولكن من غير المعقول أن نقبل الغرور لأنه سيقودهم حتما الى الانعزال والسقوط في المهاوي بوهم عظمتهم .
الابداع لا يتوقَّف على شخص، والفن لم يولد وينتهي بشخص لأن ذلك يتناقض مع حركة الحياة نفسها، ولا أريد أن أذكر هنا ما كتبه أستاذه "أدونيس" بهذا الخصوص في كتابه القيم "الثابت والمتحوِّل"، وأرى انه لو استفاد من أستاذه لعرف أن ماهيَّة الفن تتنافي بجوهرها مع النرجسية، وتتنافر بطبيعتها مع التعالي والغرور.
كيف نستطيع أن نعبِّّّّّّّّّّّر عن الحياة بأبعادها المتناقضة، وعن مكنونات الانسان وما يختلج بباطنه من قضايا وهموم وأفكار وتداعي أفكار....ألخ.... ونحن ننظر اليه من برجنا العاجي، بل ونتَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّهمه بالقصور الفكري والثقافي وبالعجز عن استيعاب ابداعنا .
ألا يجضر بهذا الفنان أن يقف أمام نفسه ويعيد النظر في أوهامه .. وأن يعمل على التخلُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّص من نرجسيَّته..؟؟