محمد مفتاح
الكوميديا المغربية يقوم بها عدد من المنتفعين قبل شهر من رمضان!
يرى أن المشرق العربي اعطاه حقه اكثر من الغرب
حسين عبد اللطيف
دبي ـ 'القدس العربي'
بعد تجارب ثرية في المغرب وأوروبا، وظف الممثل المغربي محمد مفتاح خبراته في الدراما السورية، فكان نجماً في عدة أدوارٍ رئيسية بقيت عالقة في أذهان المشاهدين، كدور 'أسد الدين شيركو' في 'مسلسل صلاح الدين' و بدر في 'صقر قريش' و ابن عمار في 'ملوك الطوائف'. 'القدس العربي' التقته في دبي ودار معه هذا الحوار:
بعض النقاد المغاربة قالوا بان السوريين جعلوا الممثلين المغاربة (كومبارس)، أنت الممثل المغربي الوحيد الذي أسندت له أدوار رئيسية في الدراما السورية، ما تعليقك على ذلك ولماذا لم يستطع ممثلون مغاربة أخذ الأدوار الرئيسية؟
هذا كلام خاطئ، فلا يمكن أن نقول أن الدراما السورية توظف المغاربة ككومبارس، بالرغم من وجودهم بطبيعة الحال بسبب التصوير في المغرب، كما أن أي ممثل يشارك في حوار واحد يخرج من هذا المسمى. أما عدم قدرة بعض الممثلين المغاربة على أخذ الأدوار الرئيسية، فأنا لا أقول أنهم لم يستطيعوا، فأنا أُعطِيتُ أدواراً مهمة في مسلسلي 'صلاح الدين' و 'صقر قريش'، لكن دوري في 'ربيع قرطبة' كان صغيراً وهذا لا يعني أنني ممثل دون المستوى، لكن طبيعة الدور تتطلب محدودية المشاركة. الدور الصغير إذا أديته بطريقة جيدة يصبح كبيراً ويترك أثراً في أذهان المشاهدين. في الحقيقة، ليس هناك دور صغير وكبير، إنما هناك ممثل كبير أو صغير.
هل هذا يعني أن الممثلين المغاربة لم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم باستثنائك؟
لا. أنا لم أعن ذلك، إنما المخرج السوري يوزع الأدوار الرئيسية في سورية أو مصر.
لكنك شاركت في أدوار رئيسية مع المخرج حاتم علي؟
المخرج حاتم علي اختارني لبعض الأدوار الرئيسية لأنه يعرف قدراتي بسبب التجربة السابقة معه في مسلسل 'الفصول الأربعة' ويعرف إمكانياتي. أما الممثلون الآخرون فلم تكن لديه تجربة معهم. ففي مسلسل 'صقر قريش' قمت أنا بتوزيع الأدوار على الممثلين المغاربة، وقبل بدأ التصوير قال لي حاتم أنه يريد أن يعطيني دوراً أكبر من دور 'أسد الدين شيركو' في 'صلاح الدين'، وذلك لأن نسبة المشاهدين تضاءلت بعد وفاة هذه الشخصية في الحلقة 18 ، وهذا ما أخبرني به أيضاً منتج المسلسل محمد حمشو، فمثلت دور 'بدر' مولى 'عبد الرحمن الداخل'.
كيف تنظر إلى تجربة السوريين في الانفتاح على العالم العربي بإعطاء أدوار رئيسية لممثلين عرب، وهل واجهت مشكلة كونك مغربي؟
بالعكس، كان هناك ترحاب منقطع النظير من الجمهور ومن الشركة المنتجة، وهذه حقيقة. أما إشراك الممثلين العرب، فهذا ذكــاء من السوريين لأنهم حاولوا أن يضخوا دماً جديداً في الدراما العربية السورية، وأن يخــــرجوا من الفــكر الواحد المتمثل بأن يكون المخرج والكاتب والممثل والمنتج كلهم سوريون، فهم خـــرجوا من هذه النمطية حيث تجد أن الكاتب من فلسطين والممثل من تونس أو الجزائر أو المغرب فهذا التنوع يثري الأعمال.
كيف هي علاقاتك بالممثلين السوريين؟
لي علاقة طيبة مع جميعهم حتى الجدد منهم، ولي حتى صداقة مع مواطنين عاديين أو حتى فنانين كبار كبسام كوسا أو باسم ياخور الذي دعاني إلى منزله وعرّفني على أسرته.
لك موقف معارض، نوعا ما، لمشاركة الممثلين السوريين في الدراما المصرية، لماذا؟
أنا اعترضت على ذهاب الممثل السوري إلى مصر والبحث عن الأدوار بدون استدعاء. فعندما يستدعى الممثل السوري الذي يبني اسمه وشهرته في سورية من قبل مخرج أو منتج من الخارج فذاك أمر جيد أما أن يذهب بنفسه فلا. فأنا استدعيت إلى الشام ولم أذهب بنفسي.
أنت شاركت مع الغربيين والسوريين، من أعطى محمد مفتاح حقه أكثر؟
سورية والمشرق العربي طبعاً. أنا كنت أعمل مع الأجانب بكثرة، في إحدى المرات جلست مع حاتم علي حوالي ساعتين ونصف وأوضح لي مسألة مهمة كانت غافلة عني. سألني كم سنة عملت مع الأجانب، فأجبته منذ وقت طويل، فسألني إذا ذهبت إلى أوروبا هل يعرفك أحد؟ فقلت لا، فقال أن جمهوري هو العالم العربي، ويجب أن أوظف تجاربي كلها في العالم العربي. نحن في المغرب العربي بشكل عام لم يكن هدفنا التوجه إلى المشرق العربي بل أوروبا، أنا شخصياً لم تراودني فكرة الذهاب إلى القاهرة، أو بيروت، أو الشام؛ لقد عملت كثيراً في ايطاليا وإسبانيا حيث كانوا يستدعونني.
شاركت في فيلم أمريكي 'الشيء المستحيل' مع المخرج 'جون فرانكين هايمر'، لم تتم الإشارة إلى اسمك فيه لماذا؟
لأن المنتج كان صهيونياً ويكره اسم محمد.
كيف ترى قرار نقيب الممثلين المصريين بمنع الممثلين العرب التمثيل في أكثر من عمل في العام الواحد؟
أقول أن مصر ليست فقط للمصريين وحدهم، فهي لجميع العرب، نحن لا ننسى ما قدمت مصر لكل الدول العربية، ولا ننسى ذلك التاريخ الجميل عندما ساعدت الدول العربية على نيل استقلالها، وأن معظم الزعماء العرب كانوا في القاهرة حيث كانوا يتواصلون من خلال إذاعة صوت العرب مع شعوبهم. كما أننا لا ننكر ريادتها في السينما والأدب، لكن على أشقائنا المصريين أن ينتبهوا أن هناك سينما أخرى وأن لا ينغلقوا على أنفسهم، لأن الانغلاق يقتل صاحبه، وعليهم أن ينفتحوا على الآخر ويفهموا لهجته كما نفهم نحن في المغرب جميع اللهجات.
في الفترة الأخيرة، شهدنا زيادة في عدد الأفلام المغربية، لكن هذه الأفلام بشكل عام تركز على البؤس وبعضها يشوه صورة المغرب، لماذا؟
المخرجون يظهرون البؤس لأنه يعيش فينا، فأغلب المخرجين هم من البؤساء، عاشوا طفولة صعبة في أحياء مهمشة، وقليل من المخرجين هم من الطبقة الميسورة. كما أن الأفلام التي تتكلم عن الطبقة الغنية لا تجد قبولاً عند المغاربة لأنهم يعتبرونها للأغنياء فقط. بالإضافة إلى أن الأغلبية الساحقة في عالمنا العربي هي من الفقراء، هذه الطبقة هي التي تذهب إلى السينما وتؤدي ثمن التذكرة. والفقراء هم الذين يشاهدون التلفزيون، الذي لا يشاهده الأغنياء وإذا شاهدوه فهم يشاهدون القنوات الغربية. أما مسألة تشويه صورة المغرب، فالإنتاج هو أوروبي فرنسي، والغربيون يريدون من العالم العربي أن يتفكك من أصوله وتقاليده الدينية. كما أن الأوروبيين لا يدعمون فيلماً مغربياً يظهر المسائل الحضارية في المغرب، فهم يريدون أشياء فلكلورية لا يعرفها الإنسان الغربي، هم لا يهتمون بالسيناريو من الناحية الأدبية والتقنية.
يعني لا توجد نية حسنة؟
كلا، لا توجد نية حسنة، بالنسبة لهم بلداننا العربية يجب أن تبقى كسوق استهلاكي.
باختصار ما المشكلة التي تواجه الفيلم المغربي؟
يُنتَجْ في المغرب ألان حوالي 15 فيلماً في السنة، يشاهدها حوالي مليون شخص، هذه النسبة قليلة مقارنة بتعداد السكان الذي يبلغ حوالي 30 مليون نسمة.
ما الحل إذن؟
الحل هو أن تفتح الحدود بين بلدان المغرب العربي وعندها يتوزع الفيلم المغربي على الأقطار المغاربية وكذلك بالنسبة للفيلم الجزائري والتونسي، كما أن المنتجين سيتشجعون على استثمار أموالهم في السينما.
بعض النقاد في المشرق يعتبرون أن عدم قدرة وصول الأفلام المغاربية إلى المشرق هي اللهجة، ما تعليقك؟
أنا ضد هذا الكلام الواهي، وهو يعرقل المسيرة السينمائية المغاربية بصفة عامة. السينما بحد ذاتها لغة، لكن أشقائنا في المشرق العربي، مع احترامي لهم، يشاهدون بأذانهم وليس بأعينهم، وهم يفتقرون للثقافة البصرية؛ وهذا يعود لأن ثقافتنا في العالم العربي مبنية على السرد. يوم اُخترِعَتْ السينما كانت صامتة، شارلي شابلن كان صامتاً مع هذا تفاعلنا معه في حزنه وضحكه وقلقه بدون أي لغة أو لهجة.
ما الذي يميز السينما المغربية عن المغاربية؟
تتشابه والمدرسة واحدة، بسبب التاريخ المشترك والاستعمار الواحد. نستخدم أدوات نفس المدرسة لكن بمفهوم مغاربي.
يشير الكثير من النقاد المغاربة إلى فشل الكوميديا المغربية، هل حس الفكاهة ضعيف عند المغاربة أم المشكلة في النصوص؟
المشكل متداخل؛ الفكاهة في المغرب تزدهر في رمضان لان البعض يعتقد مخطئاً أن الإنسان المغربي يجب أن يضحك في رمضان. كما أن إدارة التلفزيون تبدأ قبل خمسة عشر يوماً أو قبل شهر بتحضير السيناريوهات في عين المكان، في شكل مبتذل مع مجموعة من المنتفعين الذين يعقدون صفقات، إذا صح التعبير. نتيجة لذلك، يكون العمل ناقصاً أدبياً وفكرياً وساقطاً حوارياً، وبدل أن يضحك يبكي. أنا أعتقد أن الدولة تريد من هذا إعطاء أموال لمجموعة من الممثلين المتسكعين، لكي يأكلوا في رمضان، كفطرة يوم العيد. وليس كما يقول بعض النقاد أن المغاربة ليس لديهم حس الفكاهة، لأن المواطن المغربي أيضاً يتساءل هل يضحكوننا أم يضحكون علينا؟
في الفترة الأخيرة رأينا ظهورا للدراما الخليجية، ما رأيك بها؟
بالإضافة للدراما السورية والمصرية، هناك الدراما الخليجية القادمة وبقوة لأن لديها جميع الإمكانيات البشرية والمادية والتقنية وغير ذلك.
خلال مهرجان وهران الماضي حصل بينك وبين الممثلة إلهام شاهين سوء تفاهم عندما اتهمتك بأنك كنت فظاً معها، هل تصالحتما؟
أنا أسامحها عما قالت لأنها لم تكن بحالة جيدة. وهذا الكلام قالته أمام مغاربة كانوا معنا في حينها لكنها وهي لم تعرف انهم من الوفد المغربي. كما قامت بشتم المغرب والممثلة الجزائرية 'بهية الرشيدي' وهي عضو في لجنة التحكيم. أنا أقول أنها ليست لديها الجرأة أو القدرة لتقول للوفد المصري أن هناك أفلاماً عربية أخرى قوية. وهي ليست فنانة بل هي ست وليس لديها ثقافة سينمائية.