فنّ وفنّانون فلسطينيّون في الجزائر

جميل السلحوت

[email protected]

يبدو أنّ في داخلي إنسان معاد للفنّ مع ما تحمله الفنون من رسالة ثقافيّة مؤثّرة، وإلا فكيف غاب عن ذهني الفنّ والفنّانون الذين شاركوا في الأسبوع الثّقافيّ الفلسطينيّ على هامش احتفالات"قسنطينة عاصمة الثّقافة العربيّة للعام 2015"؟ خصوصا ذلك الفنّان النحّات الرائع:

 زكي حسن: وهو فنّان يعود أصله إلى قرية الطنطورة قرب حيفا التي تعرّضت لمذبحة في نكبة الشّعب الفلسطينيّ الأولى عام 1948، وهو مولود في مخيّم اليرموك قرب العاصمة السّوريّة دمشق، ويعيش الآن في الجزائر، بعد أن فقد كل ما يملك في المخيّم بما في ذلك منحوتاته الشّهيرة والعالميّة، وقد كان ضمن الوفد الفلسطينيّ الثقافيّ في تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربيّة" في الجزائر. وخصّص له جناح في قصر الثّقافة في قسنطينة المدينة التّاريخيّة. والرّجل صاحب الابتسامة الدّائمة واللافتة هادئ بطبعه، منحوتاته لها دلالات عميقة عمق انتماء الرّجل لقضيّته ولشعبه ولأمّته، لاقت اقبالا كبيرا من جمهور من ارتادوا القصر الثّقافيّ، والرّجل يتكلّم بألمٍ شديد عن منحوتاته وعن بيته في مخيّم اليرموك، وكيف استولى "المتأسلمون الجدد" على بيته واتّخذوه مقرّا لهم بعد أن دمّروا المنحوتات التي أمضى سنوات في نحتها، وها هو يبدأ حياته من جديد في الجزائر العظيم.

أمّا الرّسام سميح أبو زاكية وهو من الخليل، فقد أضفى على أسبوعنا الثّقافيّ جمالا وحركة استقطب آلاف الأطفال والأمّهات الجزائريّات والشّباب والمهتمّين بالفنون،  وقد كان تفاعل الأطفال معه رائع ولافت، خصوصا تلك الطفلة المسمّاة"غزّة" والتي أطلق والداها عليها هذا الأسم؛ لأنها ولدت أثناء العدوان على قطاع غزّة في العام 2008.

لكنّ فاكهة البرنامج الفنّيّ تمثّلت بالفنّان الرّائع أحمد داري ابن قرية العيسويّة المقدسيّة المولود في الكويت والمقيم في باريس، وهو هادئ بطبعه وذو ثقافة واسعة، عزف على العود رفقة الأمسية الشّعريّة التي قدّمها شعراؤنا الجميلون مراد السّوداني، سميح محسن ونصّوح بدران. كما عزف على العود وغنّى أكثر من مرّة وفي أكثر من موقع، فأسعد من شاهدوه ومن سمعوه.

أمّا الزّجال الشّعبيّ عبد الله غانم من منطقة جنين، وهو شابّ نبيل هادئ، يتحلّى بأخلاق القرية، ويجيد ارتجال الزّجل الشعبي وأغاني "الميجنا والعتابا" وغيرها، وكانت له أمسية جميله شاركه فيها الفنان أحمد داري، وأدخل الفرحة في قلوب من استمعوا إليه.

وتألّقت فرقة" أوف" المقدسيّة للرّقص والدّبكة الشّعبيّة، واستقطبت جمهور الحاضرين في أمسيتين واحدة في قسنطينة، والثّانية في الجزائر العاصمة. وألهبت القاعتين اللتين ضجّتا بالتّصفيق، وسط زغاريد أخواتنا الماجدات الجزائريّات.