السينما من فن سابع جميل إلى وسيلة بخسة لتسويق الرذيلة والتطبيع معها
السينما من فن سابع جميل
إلى وسيلة بخسة لتسويق الرذيلة والتطبيع معها
محمد شركي
ليس من قبيل الصدف أن يجهر في بلدنا بين الحين والآخر من في قلوبهم مرض بما يخدش القيم الأخلاقية والدينية تحت مختلف الشعارات كالحرية تعبيرا وتصرفا أو الفن أو الانفتاح أو التجديد والتحديث ... وهلم جرا . ويبدو أن هؤلاء يتناوبون على تسويق أفكارهم الشاذة في مختلف المجالات . فمنهم من يرفع شعار حرية الجنس وحرية التصرف في الجسد ، ومنهم من يرفع شعار حرية الإفطار العلني في شهر الصيام ، ومنهم من يدعو إلى التنصل من الدين جملة وتفصيلا في بلد دينه الرسمي الإسلام ، ومنهم من يدعو إلى حرية الاعتقاد واعتناق المذاهب الشاذة في بلد عقيدته سنية أشعرية ، ومنهم من يتعصب للأمازيغية ويعتبر العربية تهديدا لها ، ومنهم من يدعو إلى تعويض العربية بالعامية ، ومنهم من يتجاسر على المقدس ويرفع شعار إعادة قراءته من جديد على ضوء أهوائه ... إلى غير ذلك من الدعوات المتهافتة المستهدفة لثوابت البلاد وقيمها الدينية والخلقية . ومما يستغل لتسويق الرذائل والتطبيع معها الميدان الفني من خلال مهرجانات ليس لها صلة بالفن الذي يرقى بالأذواق أو يسمو بالأخلاق . وآخر ما طلع علينا به المرتزقة بالفن السابع فيلما يتحدى مشاعر المغاربة الدينية وقيمهم الأخلاقية ، وقد صور في عاصمة المغرب الحضارية مراكش ، وهو عبارة عن عمل منحط شكلا ومضمونا وراءه نوايا خبيثة لتلطيخ سمعة الوطن الأخلاقية ، والتعريض به أمام شعوب الأرض من خلال النبش في أوكار الدعارة الدخيلة على بلدنا عبر بوابة ما يسمى السياحة الجنسية . وذريعة الذين يخوضون في عالم الرذائل في أعمالهم المنسوبة إلى الفن كتابة وتصويرا أنهم يريدون تصوير الواقع والكشف عنه ومعالجة اختلالاته على حد تعبيرهم ،علما بأنهم لا يتناولون أبدا عالم الفضائل في أعمالهم بل يعتبرونها منعدمة في الواقع . والمسوقون والمروجون للرذائل تحت مظلة الفن فئة مستلبة فكريا وثقافيا وتابعة لغيرها، همها وشغلها الشاغل هو إرضاء هذا الغير من خلال التعريض بمقوماتها وقيمها الدينية والأخلاقية . فما أكثر الأعمال السينمائية التي تناولت قيمنا وثقافتنا بالطرق الساخرة، وهي أعمال منحطة تدور حول عالم الرذيلة ، وتمس القيم الدينية والخلقية في الصميم . وتقدم الفضائيات الغربية مثل هذه الأعمال ، ويخيل لمن يشاهدها أن مجتمعنا ليس فيه سوى الرذائل . ومن كثرة تسويق وترويج عالم الرذائل سينمائيا وإعلاميا ارتسمت لدى الأجانب صورة مغلوطة عن بلدنا فصار يعرف لديهم ببلد الرذائل والإباحية وربما كان ذلك سببا في إغراء طلاب ما يعرف بالسياحة الجنسية لزيارته ، وإغراء المتاجرين والمتاجرات بالأعراض . ومعلوم أن عالم الرذيلة يوجد في كل شبر من العالم ولا يقتصر على قطر دون آخر إلا أن الكشف عنه إعلاميا أو سينمائيا يوهم بوجوده في بعض الأقطار دون غيرها خصوصا عندما تتراخى الرقابة في بعض البلدان فيغتنم المرتزقة بالفن العفن الفرص لإنتاج المنحط من الأعمال المتطفلة على الفن . فماذا قدم العمل السينمائي العيوشي الذي قامت حوله ضجة كبرى واستقذره الذوق الوطني السليم ، في حين استعذبه واستحسنه بعض الشواذ الذين يتذرعون بذرائع حرية التعبير والدفاع عن الفن ، وهمهم التطبيع مع الرذائل والفواحش . ولا يستعذب الفواحش إلا من كان له استعداد للانخراط فيها وفي المثل العامي : " لا يروي الذئب إلا حكاياته " ولا شك أن صاحب الفيلم الأخير الذي أحدث هذه الضجة الإعلامية خبير بعالم الرذائل ،لهذا أراد نقل تجربته الشخصية عن طريق استغلال الفن السابع الجميل وتحويله إلى فن قبيح من خلال عرض المشاهد الساقطة والحوارات المنحطة التي تعكس سوء تربيته . وشأن من يشتغل على نقل العلاقات الغريزية الجنسية سينمائيا أو إعلاميا كشأن من يصور للناس مشاهد اختلائهم في دورات المياه . فإذا كان ما يثير في اختلاء الناس في دورات المياه فكذلك سيكون شأن اللقطات الجنسية . وما هي القيم التي سيعالجها عمل سينمائي وسيلته تصوير اللقطات الجنسية ؟ وأخيرا يبدو أن غياب الرقابة على العمل الإعلامي والفني هو الذي شجع المستهترين بالقيم الدينية والأخلاقية على تسويق العفن باسم الفن . ومن أجل مواجهة هؤلاء وردعهم لا بد من استحضار ثوابت الأمة وعلى رأسها الدين الإسلامي الملزم للجميع والمحرم لتسويق الفواحش مصداقا لقول الله عز وجل : (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) فعلى القضاء عندنا أن يأخذ بهذا النص في تعامله مع مروجي الفواحش إذ لا يمكن السكوت على مسوقي الفواحش إعلاميا وسينمائيا في الوقت الذي يحاكم فيها مرتكبوها ويدانون . وعلى الذين يدافعون عن عفن عيوش أن يعلموا أن الله عز وجل حين كتب العذاب الأليم في الدنيا والآخرة على مسوقي الفواحش يعلم وهم لا يعلمون شيئا حين يدافعون عنهم .