سيموفونية شقائق النعمان للفنان وسيم إمام

عبد الرحمن هاشم

يمزج الفنان وسيم إمام خبرته البصرية، التي أودعها أكثر من خمسين عملاً فنياً، بالموسيقى التصويرية التي تقرب الفن من الوجدان، في معرضه "سيموفونية شقائق النعمان"، الذي افتتحه بالمركز المصري للتعاون الثقافي الدولي، بالقاهرة، الفنان أيمن لطفي، سفيراً عن منطقة الشرق الأوسط لدى الجمعية الأمريكية للتصوير الفوتوغرافي، والفنان حمدي الوزير ود. أيمن سلامة، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وأستاذ القانون الدولي بـجامعة القاهرة، ود. أحمد فؤاد، أستاذ الادب العبري بجامعة عين شمس ود. عادل جرجس، نائب رئيس جماعة التصوير الفوتوغرافي بنادي الجزيرة، والذي يستمر حتى 18 الشهر الجاري.

واستلهاماً من توهج زهرة شقائق النعمان التي كان لها الحضور الدائم في قصائد الشعراء الأقدمين، نثر الفنان وسيم إمام أفكاره من خلال أعماله مرسلاً عدد من رسائل الروح، أبرزها، أن لا حياة بدون أمل، وأن لا أمل بدون ربيع تشرق أزهاره الخلابة على نفس الإنسان.

وتأتي الفنانة مها السكري، لتقرأ الأعمال قراءة موسيقية تجعلها تصل إلى الوجدان.
فهذه لوحة تظهر كأنها حورية هبطت إلي الأرض، ملفوفة بالنور السماوي فتمنحنا السلام، وهذا ضوؤها يؤطورها ويحيطها من كل الجهات، فتبدو وكأنها مغلفة بالنور.

ويسبح إمام بنظره خلال النافذة شاخصا إلي قطع السحاب تتسابق مع الريح، وتتخذ لنفسها أشكالاً عجيبة، فجعل يتأمل ماذا عساها أن تكون؟ هل تكون جملاً ذو سنامين وخمسة أرجل، أو بطة سابحة تلوي عنقها ذات اليمين وذات الشمال، أو أنها تمساح يفتح فكيه ليبتلع ما تجود به السماء؟

وما ذلك الهوس بالجمال، الذي يجعل صاحبه يصاب بما يشبه الحمي، عندما يشاهد الجمال الأرضي الذي يذكره بالجمال الأبدي، فتنبت له من الأجنحة ما يحضه على الطيران، لكنه لا يطير، بل يشرئب ببصره باحثاً عن الجمال، غير عابئ بما على الأرض من موجودات.

إنها أحاديث النفس تنطق برهافة تناول الفنان وسيم إمام لمفردات لوحاته، تلكم اللوحات التي أسكب عليها من نضارة حسه، وعرامة وجدانه، زيت الحياة، ونفحة الخلود.

وانظر، إن شئت، إلى وسيم إمام وهو يناجي لوحته "أميرة الجنوب" ويقول: مرت بجانبي دون حتي نظرة، و كأنها ملكة سبأ، ناديتها خذي كل شئ لك، ها هي اللآلئ والجواهر، وكذلك الذهب حول عنقك، والفواكه الناضجة بطعم العسل، حياتي لك أذا أحببتي، سأذهب حيثما تأخذني أنفاسك، لبلاد العاج والأبانوس، سأمسح دموعك وآلامك، لا شئ يفوق جمالك، اسمعيني، أجيبيني.. لكنها ردت وقالت: احتفظ بكل كنوزك، فأنا أساوي أفضل من هذا..

أما لوحة "الموت غرقاً في المحيط"، فإنها تنادينا وتقول: للموت أشكال متعددة، فهناك الموت من أجل فكرة، وعقيدة، وهناك الموت غرقا في قاع المحيط، والموت في قلب الصحراء.... لكن الرحيل قائم ولن يبقى إلا الله، لابد أن يرحل كل من ولد، وإن كنا شرا فقد حملنا الشر معنا، وإن كنا طيبين فستطيب حياتنا الجديدة، لقد تركنا أرض الجسد وزال التراب من علي وجه المرآة، ورأينا أنه لا رفيق ولا مؤنس في القبر إلا الشجرة الصالحة التي زرعناها  في الدنيا.. رد التراب واعرف قيمتك.