مانِعْ أبويْ .. مانِعْ .. الله يرضى عليك !
أبو حمدو المنتوف ، من حيّ الهُـلـّك في حلب ، اسم على مسمّى .. منتوف حقاً !
لديه عشرة أولاد ، ستّة ذكور، وأربع بنات . تتفاوت أعمارهم ، بين الثامنة ، والثالثة والعشرين ..!
ليس بينهم أحد في المدرسة ، والذين حاول تدريسهم ، تسرّبوا من المدارس في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية ، بسبب الفقر..!
بعضهم يعمل أجيراً ، في محلّ لتصليح عجلات السيارات ، وبعضهم يعمل أجيراً، في محلّ حدادة ، وبعضهم يعمل أجيراً ، في محلّ نجارة .. والبنات في البيت ، لايعملن شيئاً !
وقد تخصّص بعض أولاده ، بنبش حاويات القمامة ، بحثاً عن زجاجة فارغة ، يبيعها مَن يجدها ، أو قطعة خبز يابسة ، يأكلها مَن يعثرعليها ، أو ينظّفها ويدّخرها ، لطعام الأسرة ..!
وقد اعتاد أبو حمدو المنتوف ،على سماع المذياع ، والتصفيق للبطولات، التي تعرَض فيه، وترداد بعض الكلمات التي يسمعها .. نشوة وطرباً !
في عهد حافظ أسد ، حين كانت وسائل الإعلام تردّد كلمات ، مثل : الصمود والتصدّي .. كان أبو حمدو يردّد الكلمات نفسها ، بطريقته ، وحسب فهمه لها .. فكان يخاطب حافظ أسد من بيته ، بجانب المذياع ، قائلاً بلهجته الحلبية العريقة : (اصمودْ أبوي اصمودْ .. أيْ : اصمد !) أو يقول له : ( صَدّي أبوي صَدّي !) لأنه لايعرف كيف يقول : تَصدّ ! وذلك على سبيل التشجيع ! كمن يشجّع فريق كرة قدم ، في مباراة ، يسمع مجرياتها ، على لسان المذيع الرياضي ، دون أن يراها !
وحين ورث بشار، الكرسي عن أبيه ، ودرجت لفظة (الممانَعة) في وسائل الإعلام ، صار أبو حمدو يردّد الكلمات الجديدة ، المناسبة للعهد الجديد ، فيقول على سجيّته وبساطته ، مخاطباً بشار الأسد : إيه .. عَفارِم .. بْراو عليك ، ياسبع ، يا أسد يا ابن الأسد .. يابطل الممانعة .. مانِعْ .. أبوي .. مانِعْ .. الله يرضى عليك !
وحين أُعلِِن في وسائل الإعلام ، أن طائرات الصهاينة ، اخترقت الأجواء السورية ، وألقت مجموعة من محتوياتها ، في مناطق من شرق سورية ، لم يصدّق أبو حمدو ، وظل يكذّب الذين يردّدون هذا الخبر، من أهل حيّه ، ويجادلهم ، بأن رئيسهم : أسد ابن أسد .. ولا يمكن أن يترك عصفوراً صهيونياً ، يمرّ فوق سورية ، دون أن يصطاده ! ثم يردّد ، بعد ذلك ، بعض كلماته المأثورة لديه : تعيش يابشار.. يابطل العرب .. يا أسد يا ابن الأسد .. مانعْ أبوي .. مانع ! وفي كثير من الأحيان ، يردّد بعض كلماته هذه ، أمام أبنائه الذين لايفهمون منها شيئاً ، وهم على مائدة الطعام ، يأكلون بعض قطع الخبز اليابس ، التي يجلبها أبناؤه نابشو القمامة .. أو بعض الخبز الطري (البايت) في حال وجوده ، مع كؤوس من الشاي أحياناً ، إذا كان الحال مريحاً !
وأحياناً يسأله بعض أبنائه ، عن معنى كلامه( مانِعْ ..أبويْ..مانِعْ ) فيضحك ساخراً ، ويقول: وماذا تفهمون أنتم من السياسة .. ياجَهلة !؟
وسوم: العدد 790