شَدُو

محسن عبد المعطي عبد ربه

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

آلَامٌ فِي الظَّهْرْ..آلَامٌ فِي الْأَجْنَابْ..آلَامٌ فِي الْأَرْجُلْ..لُطْفَكَ يَا رَبْ , هَكَذَا قَالَ الثَّعْلَبْ..بَعْدَ أَنْ أَخَذَ عَلْقَةً سَاخِنَةً مِنَ الْكِلَابْ وَكَادَتْ أَنْ تَكُونَ نِهَايَتُهُ الْحَتْمِيَّةْ..وَهَلَاكُهُ الْأَكِيدْ عَلَى يَدِ الْكَلْبِ الْأَبْيَضِ {شَدُو}..نَامَ الثَّعْلَبُ لَيْلَتَهَا مُنْهَكاً خَائِرَ الْقُوَى يَتَوَجَّعُ وَهُوَ فِي رُعْبٍ يَتَمَلَّكُ عَلَيْهِ حَيَاتُهُ خِيفَةَ الْمَوْتْ كَانَ الْكَلْبُ{شَدُو}كَلْباً طَيِّباً يُحِبُّ صَاحِبَهُ وَجَمِيعَ أَفْرَادِ عَائِلَتِهْ..فَإِذَا ذَهَبَ أَحُدُهُمْ مِشْوَاراً رَافَقَهُ حَتَّى نِهَايَةِ الْمِشْوَارْ حَتَّى أَحَسَّتْ الْعَائِلَةُ بِالْوَفَاءِ وَالْحَمِيمِيَّةِ تِجَاهَ الْكَلْبِ {شَدُو}لَكِنَّ الثَّعْلَبَ الْمَكَّارَ أَصْبَحَ فِي جُحْرِهِ أَعْلَى الْجَبَلْ..يُفَكِّرُ وَيَعْصِرُ عَقْلَهُ حَتَّى اهْتَدَى إِلَى حِيلَةٍ يَنْتَقِمُ بِهَا مِنَ الْكَلْبِ {شَدُو}ذَلِكَ الْكَلْبُ الشُّجَاعُ الْجَرِيءُ الَّذِي أَصْبَحَ عُقْدَةَ حَيَاةَ الثَّعْلَبْ..عَرَفَ الثَّعْلَبُ أَنَّ عَمِّ أَحْمَدَ الْفَلَّاحَ لَهُ مَزْرَعَةٌ مِنَ الِْعنَبِ يَحُرُسُهَا لَهُ الْكَلْبُ {شَدُو}وَأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ قَطْفِ الْعِنَبْ..و أَنَّ الْكَلْبَ{شَدُو}يَتْرُكُ الْمَزْرَعَةَ لَيْلاً بَعْضَ الْوَقْتِ لِيَتَعَشَّى فِي بَيْتِ صَاحِبِهْ..جَمَعَ الثَّعْلَبُ جَمِيعَ أَصْدِقَائِهِ مِنَ الثَّعَالِبْ..وَأَجْهَزُوا عَلَى الِْعنَبِ وَقْتَ عَشَاءَ الْكَلْبِ {شَدُو}وَلَمَّا وَصَلَ الْكَلْبُ{شَدُو}إِلَى الْمَزْرَعَةْ..وَجَدَ الْعِنَبَ الَّذِي كُلِّفَ بِحِرَاسَتِهِ قَدْ نَفَدَ عَنْ آخِرِهْ..فَحَزِنَ حُزْناً شَدِيداً وَتَأَلَّمَ أَلَماً جَمًّا وَأَخَذَ يَنْبَحُ نُبَاحاً مُرًّا..أَدْرَكَ الْعَمُّ أَحْمَدُ وَعَائِلَتُهُ أَنْ لَا أَحَدَ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا الثَّعْلَبُ الْمَكَّارُ وَرِفَاقُهْ..فَطَلَبَ مِنَ الْكَلْبِ {شَدُو}أَلَّا يُغَادِرَ الْمَزْرَعَةَ حَتَّى الْعَشَاءْ..فَقَدْ أَحْضَرَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الطَّعَامْ ..وَطَلَبَ مِنَ ابْنِهِ شَدَّادَ أَنْ يَظَلَّ مَعَ {شَدُو} طِيلَةَ اللَّيْلِ تَحَسُّباً لِأَيَّةِ حِيلَةٍ أُخْرَى مِنَ الثَّعَالِبْ  وَبِهَوْهَوَةٍ مُعَيَّنَةْ..اسْتَدْعَى الْكَلْبُ {شَدُو}أَصْدِقَاءَهُ الْمَهَرَةَ مِنَ الْكِلَابْ..وَبَاتُوا فِي الْمَزْرَعَةِ عَلَى أُهْبَةِ الِاسْتِعْدَادْ..وَمَعَهُمْ شَدَّادْ..وَعِنْدَمَا أَسْدَلَ اللَّيْلُ ظَلَامَهْ..جَاءَتِ الثَّعَالِبُ الْمَاكِرَةُ مُتَسَلِّلَةً لِلْمَزْرَعَةْ..وَشَعَرَ بِهَا شَدَّادْ.. فَوَشْوَشَ {شَدُو}قَائِلاً:" حَبْسِكْ كُلُهْ"فَانْطَلَقَ الْكَلْبُ{شَدُو}وَأَصْدِقَاؤُهْ..وَمَزَّقُوا الثَّعَالِبَ بِأَنْيَابِهِمْ إِرَباً إِرَبَا..وَفِي الصَّبَاحْ..جَاءَ الْعَمُّ أَحْمَدْ فَرَبَّتَ عَلَى ظَهْرِ {شَدُو} مُبْدِياً جَزِيلَ الشُّكْرِ وَعَظِيمَ التَّقْدِيرْ وَأَتَى لَهُ وَلِأَصْدِقَائِهِ الْكِلَابْ..بِعَظْمِ عِجْلٍ كَانَ قَدْ ذَبَحَهُ { لِلْغَلَابَةِ}وَالْمَسَاكِينْ..وَعَاشَ الْكَلْبُ{شَدُو}وَفِيًّا لِصَاحِبِهْ  وَعَاشَ صَاحِبُهُ مُحِبًّا لَهْ..وَخَسِئَ الْمَاكِرُونَ وَالدُّهَاةْ..وَأَوَّلُهُمُ الثَّعَالِبْ .