زمن البعير وأقاصيص أخرى
قهر الرجال
سألت الصّغيرة أباها باستغراب: أبي هل أنت أحمق؟
تساءل الوالد: لماذا؟
قالت: تهدم بيتك بيدك كما بنيته بيديك!
أشعل الأب سيجارة وأدار ظهره لابنته ومسح دمعة غلبته.
زنجبيل جيت
حمل كيسا من السّكاكر يوزّعها على المصلّين كعادته في كلّ يوم جمعة، في هذه المرة أحضر حلوى الزّنجبيل، ألقى إليّ بضع حبات، وقال مداعبا:
هذي مليحة للختياريّة، تبّسمت وتظاهرت بأنّي لم أفهم قصده.
حين عدت إلى البيت وضعتها أمامي، احتجّ أبنائي بأنّ هذا النّوع من الحلوى يرفع الضّغط، تناولت حبّة مضغتها فسحبت أحد أضراسي معها، أخفيت الأمر، قالت زوجتي بخبث:
هاتها أخبّئها لك في الدّرج المجاور لسريرك.
صلاح عويسات- فلسطين.
زمن البعير
لف مشاري رأسه بخرقة، خرج من خيمته التي تعصف بها الرّيح، ليقضي حاجته بعد مغص شديد، لم ينفعه شرب بول بعيره، في الصّباح عاد مرّة أخرى فما زال المغص قائما، عاد لموضعه السّابق فوجد سائلا أسودا قد امتزج بالرّمال، ظنّها النّهاية فسارع إلى عيادة طبيب لاجئ، أخبره بالقصّة فطلب منه إحضار عيّنة، بعد فحص ذلك السّائل، أخفى الطّبيب ضحكتة قائلا: ويلنا منكم إن فهمتم، فكنزكم تحت أقدامكم .
غدر
تلك اﻷفعى التي تقطر أنيابها سمّا، تلتف بعنف حول قبّتنا الذّهبيّة لابتلاعها،حين هرولنا تجاه إخوة لنا لحمايتها، وجدناهم يحتضنون بيض اﻷفعى وذيلها.
انتصار
صنعها على عينه، شجّعها بكلّ قوّته، سدّد أخطاءها وخطاها، حتّى استوت على ساقها، وآتت أكلها، وأصبح قلمها معروفا... تنمّر في وجهها، رماها بحجارته فتساقطت عليه رطبها، أظلّته بظلالها بسقت تطاول السّحاب، حينها أحسَّ بصغاره، رفع رايته البيضاء.
حضور مميّز
في إفطار نفاق رمضانيّ عقده الوالي، تبارى المداهنون في إلقاء خطب المديح والثّناء، وبعد كلّ خطاب تعجّ القاعة بالتّصفيق، سوى رجل ظريف يعرف بالصّدق، أجبرته الظّروف على الحضور، فانزوى في ركن بعيد، تقدّم الوالي إليه وسأله ممازحا ماذا عنك يا شيخنا؟ فأجاب بابتسامة ماكرة: ها نحن أيّها الوالي سمّاعون للكذب، أكّالون للسّحت.. انصرف الوالي وهو يقسم في قرارة نفسه، أنّ هذا أصدق الحاضرين.
هاها...
صديقي في "العالم اﻷزرق"، وضع صورته وهو يرقد على سرير الشّفاء، طالبا من أصدقائه الدّعاء، فأردت أن أعلق (بعين تدمع)، ثمّ أتبعه بتمنّياتي بالشّفاء، فأخطأت إصبعي وبدل العين الدّامعة جاءت على الضّحكة (هاها)
سارعت ﻷستدرك الخطأ، منعني انقطاع النّتّ في تلك اللحظة، ظهرت عنده ضحكتي، فظنّ أنّي أسخر من ضعفه ومرضه، عاد النّتّ في اليوم التّالي، فوجدته قد كال لي الشّتائم، واتّهمني بسوء اﻷدب، والرّقص على جراح اﻵخرين، واضعا حدّا لصداقتي.
وسوم: العدد 909