متى تكبر؟؟

سمر حامد العامودي

سمر حامد العامودي

ألستْ عنايات معروفة في حيّها أكثر من غيرها بكثير، بأدبها وبأخلاقها وحبّها للناس ومساعدتها لهم، قَوامُها الممشوق وثقتها بنفسها وبطريقة كلامها، كان له تأثيراً واضحاً في السيطرة على بعض الناس، مثل جاراتها أو بعض الصبية والفتيات الصغار في حارتها، وفي سيطرتها شيء من الحب والإصلاح، فهي لا تحب التسلّط أو فرض ما تريد على الآخرين بل تحب أن ترى غيرها على صواب، وتريد لهم الأحسن والأفضل في كل شيء.

كثيراً ما نراها توجّه الأولاد الصغار الذين يلعبون في الشارع الفرعي القريب لبيتها، توجههم إلى الصواب، وتنهاهم عن بعض العادات السيّئة، والتصرفات السلبية والكلام البذيء وبذلك تكسب ودّ الأهالي واحترامهم، وأكثر ما يقربها من الأطفال إطعامهم بعض الحلوى والسكاكر وهيَ في طريقها إلى بيتها عنْد عودتها من عملها كمعلمة في المدرسة الإبتدائية القريبة من بيتها، أصيل كل نهار.

كل من يراها يقول لا بدّ أنها أسعد الناّس! وهيَ تتمنّى أن يكون عندها ولد لتكون كذلك، وتتخيّل دائماً أنّ لديها طفلاً صغيراً، تُحاكيه وتُناديه.

وغالباً ما تقف في شُرفة منزلها المطلّة على الشارع لتراقب الأولاد وهم يلعبون، والابتسامة لا تفارق محياّها ،وكانت تدعو الله دائما أن يرزقها الولد الصالح.

وفعلاً استجاب لها ربّ العالمين ما كانت تتمنى، وحملت السيدة عنايات بعد 15 سنة مِنْ زواجها، وكتبتْ هذه الكلمات قبل أن يولد ابنها، لشغفها برؤيته فقالت:

متى تكبر؟؟                            

كل دمعة فرحٍ قطرت بلقاك 

كل دقةِ قلبٍ خفقت في هواك

كل بسمة حبٍ رسمتها شفتايْ حين رؤياك

نسجتُها بندى الزهر يا صغيري على محياك

حتى لو لم أرك أراك

أراك طيف خيالٍ أمام عينييّ يُضيء كالجَوْهر

كالنّور كالياقوت الأحمر

كألوان الشمس تزهو يا ربيعاً غدا أخضر

تنام الأنام وعقلي يفكّر

وعيناي  تُبصر وقلبي أبْصر

كلما أراك يا صغيري أهواك أكثر

أعشق الدمعة في عينيك الصغيرتين

أعشق الضحكات أرقب خطاك

لا لا تخط أخاف عليك أن تتعثر

متى تكبر؟

ياعمراً أعيشه وأدعو أن يطول

يا عطراً يفوح بكل الدروب والسهول

يا فرحاً يغنّيه البلبل الشادي الجميل

متى تكبر؟

أريد أن تكبر أريد أن أراك في كل ساعة أكبر

أريد أن تصبح شيخاً جليلا

فاذا حكم القدر وحملتني إلى ذاك المقّرّ

عندها لا تنسني يا صغيري

واهدني شيئا من الترتيل

واستغفر.