استدعاء الأحباء!
استدعاء الأحباء!
مجدي شلبي
رفرفت السعادة على قلبيهما، وانطلقت زغاريد الفرح؛ سعادة بقدوم العريس برفقة أهله
دلل أحد الحضور على عمق العلاقة بين الأسرتين؛ فذكر بالخير عم عويس (رحمة الله عليه) الذى كان صديقاً صدوقاً (للمرحوم الحاج بركات)... والحاجة (أم محمود الله يرحمها) التى كانت روحها فى (أم نوال رحمة الله عليها)
شغلتهم قراءة الفاتحة على أرواح الراحلين؛ عن مهمتهم التى قدموا من أجلها....
اتشحت العروس بالسواد؛ وهى تقدم للضيوف القهوة السادة؛ عوضاً عن الشربات!
**************
أم سعيد
على عتبة قبره؛ راحت تلقى على رفاته أحمالها الثقال؛ التى تحملتها بعد رحيله؛ فى سبيل تربية ابنهما الوحيد؛ الذى كبر الآن بالعمر، وصغر بالعقوق...
مرت بالطريق المجاور حافلة تقل المدعوين للفرح؛ يتقدمها ابنهما (سعيد) الذى قرر الزواج فى البيت الذى طرد أمه منه؛ منذ ساعات قليلة.
**************
قرار أخير
بعد زواج استمر سنوات؛ قرر التخلص من تلك السلبية التى تمارسها زوجته معه؛ حيال كل أقواله وأفعاله؛ فلا اعتراض ولا تعقيب؛ شعارها الوحيد (السمع والطاعة)...
هذا هو السكين، وهذه قنينة البنزين وعلبة الثقاب... وأمامها الخيار... طريقان يؤديان إلى نهاية واحدة فأيهما تختار؟!
لم يمهلها زوجها الكثير من الوقت:
ـ أنا سأخرج الآن وسأعود بعد ساعة؛ تكونين قد انتهيتى من تنفيذ أمرى.
اقشعر بدنها وكاد قلبها يخرج من صدرها؛ وهى تحاول لأول مرة فى (حياتها الزوجية) أن تثنيه عن قراره؛ تُقبل قدميه معتذرة عن ذنب لم تفعله؛ لكنه ركلها بقدمه فى بطنها؛ ونظر إليها نظرة أطل من خلالها شيطان الانتقام والغضب....
تدحرجت على الأرض؛ حاولت أن تقوم؛ خانتها قواها؛ زحفت نحو السكين؛ أشارت به إليه:
ـ سأغمض عينى... لتذبحنى أنت؛ فهذا أيسر لى من أن أفعل أنا... لا تشعل فى جسدى النار؛ فقد تنتقل إليك؛ وأخشى أن يؤذيك من ناحيتى شىء
ـ أنا قلتها كلمة واحدة، ولن أعيدها مرة أخرى
واتجه نحو الباب، صفقه خلفه بعنف، ومضى
اتجهت ببصرها نحو السقف؛ تريد معاونة السماء؛ شعرت بحركة قادمة أمام الباب؛ أسرعت بغرس السكين فى قلبها بقوة الخوف والفزع.... انفجر شلال الدماء
دقات عنيفة على باب البيت الذى رحل ساكنوه؛ فالزوج هو الآخر قضى فى حادث سيارة وهو فى طريق عودته منتشياً.
**************
من بيوت يسكنها الصمت الرهيب؛ انطلقت صرخات استغاثة مدوية؛ تاهت معالمها تحت وقع أقدام المعزين، وهم فى طريقهم إلى بيوتهم، بعد أن دفنوا المرحوم وأغلقوا عليه باب المقبرة....
أرهف أحدهم السمع...
رجع....
نبش القبر....
لم يتحمل الصدمة؛ فقضى
وقف المرحوم وسط الجموع؛ يتلقى العزاء فى منقذه .
**************
ثمـار المستحيل
ذرف الدمع سخياً وهو يودع زوجته؛ فلن يلقاها إلا بعد عامين؛ هما مدة العقد المبرم بينه وبين كفيله الخليجى ...
ـ سنكون على تواصل من خلال الانترنت ياحبيبى
هكذا قالت له... وهى لا تقل عنه لوعة وحسرة على هذا الفراق الذى أتى بعد شهر واحد من زفافهما السعيد
عادت إلى بيت أبيها؛ يؤرقها أكثر من فراق زوجها؛ زيارات ابن عمها الذى كان يريد الزواج منها؛ وحالت إمكاناته المادية دون ذلك....
لم تمض شهور قليلة إلا وتحرك الجنين فى أحشائها؛ فرفرفت السعادة بجناحيها عليها وهى تبلغ زوجها بالخبر السعيد....
فسخ الزوج العقد وعاد إلى بلده؛ ليزيل العار الذى لحق به قبل أن يقع... فقد ثبت من خلال تحاليل طبية أجراها قبل الزواج؛ وجود أسباب تمنعه من الإنجاب..
**************
سكة سفر
طرحه أرضاً فأحدث ارتطامه ببلاط الحجرة وتهشمه دوياً؛ أقبلت على إثره زوجته مهرولة:
ـ ماذا حدث؟ ألم تعجبك القهوة؟... لقد نصحك الأطباء بعدم تناولها... هل أخطأت بامتثالى لرجائك ومخالفتى لتعليماتهم؟
بصوت واهن متهدج قال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة:
ـ رأيت فى قعرها؛ سكة سفر...