الهاوية

الهاوية

د. مرفت محرم

في الوقت الذى رسم فيه أحدهم قلبين على جذع شجرة، امتطى آخر صهوتها العالية؛ رافعاً شعارات العداء والكراهية....

هو شاب فى مقتبل العمر، لكنه رضع البغض من صغره؛ فقسى قلبه، ولم تخشع جوارحه.... رفع مبادئه التليدة ، وشعاراته العنيدة؛ فوق تلك الشجرة القريبة ....

أخذه الحماس إلى آخر مداه؛ فرفضت الشجرة (رمز الحياة) أن تظل مطية؛ فسقطت؛ لتسقط الغلظة والمعاداه؛ بصفة نهائية .

*******************

استغاثة

وقفت من بعيد أتأمل حزنها الدفين وثباتها الرصين وشموخها العظيم... تمر بها الأحداث الجسام فلا تضعف ولا تلين... الآن أراها على غير عهدها وقد تضاعف ألمها وكسى الحزن وجهها، وانفطر قلبها، فترفع أكفها للسماء، تستغيث ربها وتلهج بالدعاء :

رحماك يا الله ... يا من تجيب المضطر إذا دعاه

ثم ها أنذا أراها تجهش بالبكاء

اقتربت منها؛ فخرجت عن صمتها، وأفصحت عن حالها، فقد دخل الشيطان بين أبنائها فزرع بينهم انقسام ، وحال بينهم وبين التوحد و التوافق والوئام ....

وما كادت تكمل مأساتها...  حتى غابت عن وعيها، من شدة حزنها وألمها....

فلكِ الله يا أماه.

*******************

الحصة الأخيرة

فى مشهد مروع رهيب، راحت الأم تبحث عن ابنها الوحيد، تنادى عليه وسط أشلاء لا تسمع ولا تجيب.. أشلاء اختلطت بالدماء على قضبان قُدت من حديد....

منذ دقائق معدودات كان التلاميذ والتلميذات فى حصتهم الأخيرة كعادتهم الأثيرة يستعدون بهمة ونشاط لركوب  السيارات التى ستقلهم إلى بيوتهم ... يمازح بعضهم بعضاً ... ويتحدثون أيضاً عن رحلتهم القادمة إلى العاصمة حيث سيزورون من المعالم الكثير والكثير وعلى رأسها ميدان التحرير ...

حقائب مدرسية سوداء تعلوها حمرة الدماء وكأنها العلم .... يعلو الصراخ والنحيب والصياح؛ على من أدوا فى الصباح تحية العلم .... وبعد قليل من زمن؛ أضحى العلم هو الكفن .

*******************

الزلزال

أفزعنى من نومى الهادىء؛ انفجار مفاجىء.... شعرت بدوار، الأرض (أم الأسرار) تتحرك بغير استقرار؛ حركات تنبىء بشر وخطر، تهدد الحياه ، وتخالف اتجاه إرادة البشر ....

ترك الناس بيوتهم، وبحثوا عن مكان يحقق لهم الأمان؛ إلى أن وجدوه؛ فى الميدان .