المقاوم
د. خليل قطاطو
سالم الحداد ، لم يكن هذا اسم عائلته فهو من عائلة الاحمدي ولكن أهل مخيم البريج سموه كذلك لأنها مهنته. منذ سنين والكل يعرف هذا الحداد المتميز، عبقري ، يصنع لك ما تشاء. لم يكمل حتى الثانوية، اضطر أن يترك الدراسة ليعيل عائلة كبيرة بعد موت والده المفاجيء بجلطة في القلب فقد كان يدخن بشراهة
لم يكن أحد يعلم (حتى زوجته وأولاده الخمسة وأبنتيه) أنه يعمل مع المقاومة، يصّنع لهم الصواريخ وفوهات المدافع . السرية والكتمان ضروريتان في مهام كهذه. لم يكن يتقاضى أي راتب مقابل ذلك ، ورغم ضيق العيش، فقد كان يردد أمام قادة المقاومة أن هذا أقل شيء يقدمه للوطن . في ورشة تحت الارض(أيام ألجمعة)، كان يعمل، ويعلم كثيرين مهاراته التي أكتسبها عبر سنين الخبرة، أبتكر أساليبفذة أدهشت مهندسي الكهرباء والميكانيك والالكترونيات، قمة في النشاط. كلما سألته زوجته والاولاد أين يذهب كل جمعة ،أجابهم أنه يتعب طول الاسبوع ويحق له أن يقضي هذا اليوم مع أصحابه خارج المخيم. من هم هؤلاء الاصحاب؟ لا يجيب، أين تقضون كل هذه الساعات؟ لا يجيب . تقول زوجته باسمة: لا يهم ، طالما أنك حلفت لي أنك لم تتزوج امرأة أخرى فحلال عليك كل أيام الجمعة
عرف أبنه الكبير سر والده فشعر بالفخر،أخبر والدته، لكنه لم يخبرها أنه أيضا مع المقاومة كما أنه كتم هذا حتى عن والده، سيخبره في المستقبل
في قصف لطائرة زنانة أستشهد الولد الكبير واحترق مع دراجته النارية في المخيم. أصيب الوالد بانهيار عصبي حاد .أدخل المستشفى في حالة يرثى لها
ذهب مقاومان الى الام ، قدموا التعازي وبعض المال. شربوا القهوة السادة ،هموا بالخروج . أعطتهم تلفون خلوي لزوجها : وجدته في بنطاله وسط هذه المعمعة (لم أره من قبل) يمكن يلزمكم يا ولادي .تفحصوا شاشته الصغيرة، الارقام غريبة، الاسماء غريبة، رسائل صغيرة بأسماء ومواقع وصور وخرائط. اتسعت حدقات عينيهما ورأت فيها شالها ألأسود أكثر اسودادا. اسرعا الى المستشفى يسابقان الريح
على سريره في المستشفى ،وجدوه لتوه ......................قد أنتحر