البحث عن تعيين

البحث عن تعيين

حيدر الحدراوي

[email protected]

استيقظ طارق مبكرا , لملم اوراقه , وغادر البيت مسرعا , فوصل الى دائرة قد اعلنت انها بحاجة الى موظفين , من ذوي الشهادات , فأنتظر في الطابور , واي طابور ! , يمتد طويلا , ملتو كالافعى , تحت اشعة الشمس الحارقة , والغبار المتصاعد من حركة السيارات والراجلة .

بعد طول انتظار , وصل دوره , فدخل على شخص جالس خلف مكتب فخم , فالقى التحية .

المدير : اهلا ابني .. اهلا بطاقات الشعب الخلاقة ... اهلا بنبض البلاد .

شعر طارق بالارتياح عندما سمع الترحاب , فناول اوراقه للمدير , الذي قلب الاوراق جيدا , وتحسر كثيرا على عدم حصول مثل هذه الكفاءات على تعيين , ووعد طارق بأن يعينه بأقرب فرصة , لكنه اضاف .

المدير : ابني .. احنه في زمن انتخابات ... واني مرشح .. بس ما عندي واحد ابمنطقتكم يسويلي اعلانات ..

طارق : بسيطة استاذ ..

المدير : اني ما اريد ازحمك بالموضوع .

طارق : ما كو زحمة !

فناول المدير بعض البوسترات والكارتات , طالبا من طارق ان يلصق البوسترات ويوزع الكارتات , ووعده بأن يعينه مع ثلة من ابناء منطقته , حالما يفوز في الانتخابات , ويستلم منصبه .

اخذ طارق المزيد من البوسترات والكارتات , وانصرف فرحا , يملئه الحماس , حالما وصل الى منطقته , باشر هو مع نخبة من اصدقائه العاطلين بلصق وتوزيع البوسترات والكارتات , بهمة وحماس , وصرفوا مبالغ مالية من جيوبهم الخاصة , لاستنساخ المزيد من البوسترات , فلم يكف ما لديهم .

في صبيحة ذات يوم , جلس طارق لتناول الافطار مع امه وابيه , واخبرهما بأن السيد المدير قد فاز في الانتخابات , وتسنم منصبه الجديد , لذا فهو عازم ان يقصده اليوم مع ثلة من الشباب العاطلين , فقد حصلوا على وعد منه , وعد الحر دين , فنذرت الام ان تذبح احدى دجاجتها , ونذر الاب ان يذبح صخلة ( ماعز) .

وصل طارق مع رفاقه الى مقر السيد المدير الجديد , حاولوا الدخول , غير ان المكان كان مليئا بالحرس , لا يسمح بدخول أي كان , لابد من وسيلة للدخول , فقرر طارق ان ينتظر خروج المدير ومن ثم يفاجئه , عساه يتذكره ولا ينساه .

دام الانتظار عدة ساعات , واخيرا ظهر المدير خارجا من بوابة البناية , في اثناء ذلك , لوح طارق له , مناديا اياه , محاولا جذب انظاره اليه , بينما الحراس حاولوا منعه , فوقع بصر المدير عليه , فطلب من الحراس ان ياذنوا بدخول شخص واحد فقط .

المدير: اهلا طارق .

طارق : لقد جئت حسب الموعد .. .

المدير : نعم .. نعم .. هناك الكثير من المشاكل .. ولا يمكنني ان اوظف أي شخص حاليا ...

طارق : استاذ .. احنا بصايتك .

المدير: انشاء الله الشهر الجاي .

مرت سنة كاملة على هذا الحال , ولم يحصل طارق غير الوعود , في اثناء ذلك , سمع اعلان عن توفر درجات وظيفية في دائرة ما , فذهب لتقصي الامر , وعند دخوله غرفة السيد مدير الدائرة , استقبله بأحسن ما يكون من الاستقبال , وصب عليه حفنه من الوعود , وطلب منه ان ينشر بعض البوسترات والكارتات , فأنه قد رشح نفسه لانتخابات ما , فأمتعض طارق من ذلك وقال :

    ((  لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين ))