أحمد والنمر الوفي
رضا سالم الصامت
يحكى في القديم أن ملكا يدعى فرجان كسب نمرا متوحشا يدعى " نمرون" و ذات يوم تعرض هذا النمر لحادثة ففر من القصر ليجد نفسه في الغابة و كان هناك شاب وديع اسمه احمد يخرج
إلى الغابة لاصطياد بعض الطرائد ، و فجأة وجد نفسه أمام نمر الملك فرجان و هو يئن و يتوجع فتقدم أحمد نحوه و سأله: ما بك يا أيها النمر ؟ هل أنت مريض ؟
رد عليه النمر قائلا : لست مريضا و لكني لا أستطيع المشي فالملك فرجان هو من سبب لي هذا الألم
نظر النمر لصديقه أحمد نظرة لوعة و رحمة و قال له : أرجو أن تساعدي يا صديقي أحمد – لقد هربت من قصر الملك فرجان و قد يبعث حراسه ليقتلوني
فقال احمد لنمرون : لا تخف ، دعني أفحصك ، و إن كان بإمكاني مساعدتك فتيقن أنني سوف لن أبخل عليك ؟
لكن تعدني بالعودة إلى قصر الملك فرجان عندما تتعافي ، لأني إن تسترت عنك فقد يغضب ملك غابتنا فرجان و يأمر بسجني
وافق النمر على شرط أحمد ، و قال له : حسنا ، كن مطمئنا يا صديقي سوف أعود للقصر عندما تتحسن حالتي
اقترب احمد من النمر فلاحظ في رجله شوكة قد انغرست بين مخالبه و هي التي كانت سببا في معاناته و جعلته يتألم و غير قادر على المشي ...
حاول احمد مسك الشوكة و جذبها ، لكنه لم يفلح لأن نمرون يتوجع ولأنه لم يعد يحتمل الألم .
لقي أحمد صعوبة في القيام بعمله فقال للنمر : هيا تشجع يا صديقي النمر ، فلقد خلتك قوي العزيمة - واثق النفس - ثابت القلب، فكيف تضعف أمام شوكة تبدو بسيطة ؟
قال له النمر: صحيح من يقول نمر أو أسد كل الحيوانات تهابه و تخافه لأنهما يرمزان إلى القوة كما ذكرت ، و لكن في الواقع نحن معشر النمور نحس مثل باقي الحيوانات و نضعف أحيانا ، إنما هذه الشوكة رغم بساطتها فهي أقلقت راحتي
فحاول أن تمسك بها هذه المرة وتريحني منها
ضحك أحمد و قال : حاضر يا مولاي النمر
و فجأة جذب أحمد الشوكة على حين غفلة و سال الدم كثيرا ....
أحس النمر بالفرج، و قال لصديقه أحمد : آه ... آه لقد أرحتني من شوكة مؤذية ، لك يا صديقي ألف شكر
كان الدم يسيل من رجله بغزارة،فأخذ النمر يلحس موقع الجرح ، إلا أن أحمد أخذ قطعة من القماش و لفها على رجله ، فأحس النمر براحة ، بعد أن كانت رجله تؤلمه ففهم أن احمد ساعده و أزال عنه هذا الألم.
تحسن حال نمرون و أصبح قادرا على المشي ، فعاد إلى قصر الملك فرجان لأنه وعد صديقه أحمد بذلك.
مرت الأيام و الأشهر و وقع احمد بأيدي حراس الملك لأنه خالف قانون بالغابة و تستر عن نمرون و لم يبلغ عنه ، فحوكم بأن يلقى أمام حيوان وحشي مفترس في ساحة يحضرها المشاهدين و المطلوب من احمد أن يقف في هاته الساحة و يصارع الحيوان المفترس و بدون سلاح ، فان تغلب على الحيوان فقد يكرمه الملك و إن افترسه الحيوان فقد أراح الملك فرجان منه
و بعد يومين حان الوقت لينفذ حكم الملك ، فتم فتح باب صغير من جانب الساحة المعدة للمصارعة و أدخل أحمد إلى الساحة و خرج النمر من القفص ليهجم على احمد ، لكن النمر وقف أمامه احتراما لأحمد و أطلق زئيرا أرعب كل الحضور بما فيهم الملك فرجان ذاته ، و بدلا من أن يهاجمه اخذ النمر يداعب احمد فاندهش الملك و تعجب لمثل هذا التصرف .
فهم أحمد أن النمر الذي هو أمامه هم صديقه نمرون الذي خلصه من الشوكة . فقال في نفسه : الحمد لله ، انه نمر وفي حفظ الجميل و نفذ وعده
تذكر نمرون إحسان أحمد له ،و تعجب الحاضرون و سأل الملك فرجان أحمد عن سر ما حدث فعرف منه القصة و عز عليه أن يكون الحيوان أكثر إشفاقا من الإنسان فصاح لرجاله أن أطلقوا سراح احمد فورا.
تعلم الملك درسا لن ينساه ، فغير سلوكه مع مر الأيام و أصبح فرجان محبوبا بعد أن كان مستبدا و عنودا و ظالما ...
وظل أحمد يعمل بالقصر ، يرافق يوميا صديقه نمرون و مرت أشهر و تزوج أحمد من ابنة الملك شهرزاد و أصبح يعيش في قصر الملك فرجان مع نمره المحبوب و زوجته ابنة الملك فرجان ، في سلام و سعادة و اطمئنان.