حدثنا الراوي
حدثنا الراوي
تالة مهايني
حدثنا الراوي يا سادة يا كرام , فقال :
... في يوم من الأيام والناس نيام , استيقظت الأم من المنام , وحين همت بدخول الحمام , سمعت صوتاً خفيف , في غرفة ابنها عفيف , وغلبها الفضول , فاقتربت في خمول , لكنها حين رأت ضوء المصباح , دخلت الغرفة تطلب الإيضاح , فشاهدت ابنها أمام الكمبيوتر , يتصفح الفيس والتويتر , يتحدث وعلى رأسه السماعات ,ويقول لننسق ونضع المخططات.
وحين شعر بها خلفه , قفزعلى عجل , وقد تملكه الوجل ,وغيّر الصفحة , عسى أن يتجنب الصفعة , فاصفر لونها واحمرت عينها , وصرخت وهي تلطم صدرها , ويلي ويا سواد ليلي , أأنت من أولئك "المتشددين الكفار" الذين يسمون أنفسهم ثوّار؟؟؟ إنهم مجموعة من "المندسين الزعران " حرمونا "السيران" وحتى الأركيلة كمان , منذ سنة لم نرَ الربوة ولم نشرب بها قهوة, يقبضون المال من الخارج , ليجلبوا لنا الفالج...
فاقترب عفيف منها وقال: يا أمي ,هل ابن خالي المهندس ,ورفيقي حسن الطبيب , وأخوه الجامعي وابن عمي النقيب , زعران أو خوّان؟؟ وهل أنا من المتشددين الكفار, الذين يرتشون بالدولار, أنت أخبر الناس بحالي , وخلقي وكرهي للظلم ومدى احتمالي , فكيف أرى أبناء بلدي يقتلون , وشيوخها يشردون , ونساؤها يرملون ,وشبابها يعتقلون ,وصديقي أمجد ذاك الذي اعتقلوه ,وبحقدهم قتلوه , وأخته ليلى تلك التي اغتصبوها , ولكي يخفوا جريمتهم ذبحوها وشوهوها , هل تريدين مني أن أرى كلّ هذا الطغيان, وأغمض عيني وأدّعي النسيان , وألتزم الصمت ليطغى الموت , هيهات وألف كلا , ما ربيتني هكذا يوماً , وقد كنت للحق دوماً مرشدتي ,ولا تقبلين معصيتي , فشعرت الأم بالخشوع , وانهمرت الدموع , واحتضنت ولدها وقبلته , وإلى حضنها ضمته , وشعرت أنها ممزقة , ويرتجف جسدها كالورقة , لكن روحها محلقة , نظرت بحبٍ إلى عينيه و أمسكت بيديه , وجلست معه أمام الكمبيوتر, وقالت :افتح الصفحة واقرأ لي الأخبار , أحسن ما شوف الدنيا وأعصابي تنهار, كنت عم اقنع حالي أنو سورية بخير , بس بالحقيقة بعرف أنهم ماحيخلوا فيها بشر ولا طير , أنا لن أمنعك عن الحق بعد اليوم , ولن تسمع بعد الآن مني لوم , بل سأنضم معك إلى القوم.........
ثم سكت الراوي عن الكلام وترك لنا حرية الختام................