الحمامة و الغراب الغدار

الحمامة و الغراب الغدار

قصة للأطفال

رضا سالم الصامت

في قديم الزمان،  كان هناك غراب لئيم تعرف على حمامة طيبة القلب تفعل الخير و لا ترجو جزاء، فطلب منها هذا الغراب إن تسمح له ببناء عشا خاصا به فوافقت و طلب مساعدتها له فساعدته و هي فرحة مسرورة

في الواقع كانت  نواياه  من البداية مبنية على الغدر و كانت هذه  الحمامة التي لم تؤذيه  تتصرف معه بصدق  و دون حسابات  .

قال الغراب في نفسه: الآن سأصول و أجول بالمنطقة كلها.. و سأستدعي الغربان و أهيئ لهم الأجواء ... كان الغراب يحمل في رأسه أفكارا مبيتة و خطط جهنمية للقضاء على

 الحمامة التي  كانت تعتقد أن الغراب  سيكون لها صديقا  وفيا لها  فساعدته على بناء عشه و عندما  صار له عشا تنكر لها وتغير سلوكه تجاهها و  أصبح على غير عادته

انتبهت الحمامة من تصرفه هذا و استغربت فقالت في نفسها: غريب أمر هذا الغراب، لقد أصبح يعاملني معاملة باردة و قاسية، ترى هل هذا جزاء من أحسن له

و في يوم من الأيام قررت زيارته لتبارك له العش ،و فور وصولها قالت له : يا صديقي الغراب، إن عشك هذا جميل ، فألف مبروك

رد عليها قائلا: هذا العش أجمل من عشك أيتها الحمامة

قالت: عشي بسيط ، و لكن عندما تهب الرياح يصمد، أما عشك فتنقصه بعض الفروع المتشابكة حتى يصمد هو الآخر أمام العواصف و الفروع لا يعرف سرها غير الحمام، فالحمام قادر على ربطها بخيوط ربطا محكما مع فروع الشجر

فقال الغراب: إذن ، هل تتكرمين علي أيتها الحمامة الجميلة و تقومي بربط العش بفروع الشجرة ؟

ردت عليه الحمامة قائلة : بكل سرور ، غدا سأجلب لك  بعض الخيوط و سأقوم بربط الفروع بالعش ، حتى يزداد متانة

فكر الغراب بينه و بين نفسه و قال للحمامة: سوف لن أنسى جميلك هذا ما دمت حيا

وفي الغد جاءت الحمامة بخيوط و بدأت تربط العش بفروع الشجرة

و عندما أكملت عملها جاء الغراب،  فوجد العش متينا و لم يعد يخاف من اهتزازه حين تهب الريح أو تأتي العاصفة

بعد أيام و أشهر لاحظت الحمامة أن الغراب غير سلوكه معها و لكي تتيقن سلمت عليه،  فبدلا من أن يبادلها التحية و السلام  أدار وجهه و تنكر لها فغضبت الحمامة و قالت

انه مرة أخرى يتنكر  للجميل رغم إني  أحسنت إليه و ساعدته و  لم أؤذيه

استغربت الحمامة من تصرف الغراب تجاهها فسالت جارها الطاووس  : أيها الطاووس لقد سمحت للغراب  بأن يبني عشا و ساعدته و لكني لا حطت انه تنكر لي و لم يعد  كعادته

فرد عليها الطاووس : يا لك  من  غبية  أيتها الحمامة ،  هل تعتقدي أن الغراب  يقبل بصداقتك و أن رغم ما فعلتيه معه سيظل يرى بالجميل ، انك متوهمة 

نصح الطاووس الحمامة و قال لها:خذي من الآن حذرك منه فالغراب لا صديق و لا صاحب له

خافت الحمامة من كلام الطاووس و ندمت على كل ما فعلته و قالت : أيها الطاووس أفهم من كلامك أن ابتعد عنه فقد يؤذيني

رد عليها الطاووس قائلا :  نعم بالتأكيد ، فهذا الغراب قد يؤذيك في يوم ما

رجعت إلى عشها حزينة و نادمة و أصبحت تراقبه من بعيد فأحست انه ينوي غدرها

و في يوم خرجت  لتبحث عن طعام و في كل مرة تجلب طعاما و تضعه  في العش و ترجع ثانية  للبحث عن الطعام  و تضعه في العش  و تواصل عملها هذا عدة مرات  إلى أن جمعت الكثير من الطعام و بينما هي غائبة عن عشها أتى الغراب و اخذ كل الطعام الذي جمعته  الحمامة و وضعه في عشه .

 عادت الحمامة ولم تجد طعامها في عشها   ففهمت أن الغراب سرق طعامها فبقيت تنتظره و هي كئيبة حزينة و قالت له عندما وصل إلى عشه: أيها الغراب هل رأيت أحدا اخذ طعامي من عشي ؟

رد عليها و هو يضحك ساخرا: أنا لست حارسا على عشك؟  فقالت : أردت فقط  أن أسالك  لأني أعتبرك  من أفضل أصدقائي و قد سبق أن تعاونا معا و ساعدتك على بناء عشك

رد عليها هذه المرة غاضبا : أيتها الحمامة أولا أنا لا أعتبرك صديقة لي ، ثانيا ليس بيني و بينك أي تعاون و ثالثا و أخيرا لست مسئولا عن ضياع طعامك و الآن يمكنك الانصراف

حز في نفس الحمامة كلام الغراب و قالت له : أهذا جزاء من أحسن إليك  ، أتطردني يا غراب ،  صدق من قال  اتق شر من أحسنت إليه .

غادرت الحمامة و عادت إلى عشها وهي تبكي و تقول  : يا له من  غراب أسود  حقير و لئيم و ناكر للجميل ... 

مر أسبوع  و دخلت الفرحة قلب الحمامة ، عندما وضعت بيضة ثم ازداد العدد ، فقرر الغراب أكل كل البيضات لا لشيء سوى لينغص عليها حياتها و يجعلها  تفر بجلدها و تترك عشها  لغربان آخرين 

وبعد أيام عادت الحمامة للعش فلم تجد بيضها ، تألمت كثيرا و بكت و عرفت أن الغراب اللعين هو من أكلها فقررت الانتقام منه بأي طريقة .

 نادت الحمامة على أشقاءها اليمام و شكلت مجموعة منهم و قرروا مهاجمة عش الغراب  في غيابه  .

أخذ اليمام يبعثر عش الغراب إلى أن سقط على الأرض ، بعد أن قامت الحمامة بفك  الخيوط التي ربطت بها العش بفروع الشجرة  فهوى العش  على الأرض ،فأخذ الطاووس يرفسه برجليه إلى أن تلاشى  .

عاد الغراب  فلم يجد عشه ، فغضب غضبا شديدا و قرر مهاجمة الحمامة، لكنه تفاجأ بمجموعة اليمام الذي طوقوا المكان و منعوه من الاقتراب ... في الأثناء كان الطاووس يراقب  حركات الغراب من الأسفل

وتقدمت الحمامة بكل جرأة و شجاعة للغُراب و قالت له و هي غاضبة : هذه نهاية كل ظالم مستبد ناكر للجميل ، لم يعد لك مكان بيننا  و من الأفضل أن  تبتعد عنا و تتركنا نعيش في سلام .

كانت الحَمَامة سعيدة تغرد مسرورة و اليمام و الطاووس  يصفقون بأجنحتهم و يبدون فرحتهم بالنصر على هذا الغراب اللئيم  ،   فشعر الغراب بالمهانة و بالهزيمة قد لحقته فقرر الهروب و طار كالجبان دون رجعة .