لا تجلدني من جديد

دلال رشاد

قطاع غزة , فلسطين المحتلة

كنت أفكر فيك عندما واجهني بغضب قائلا : اكتبي اسمه...

مد ذراعه, و في يده الأخرى قلم ذو نصل حاد عريض...

دعك من هذا الأمر الآن...

لا أستطيع...فهل تستطيعين أنت؟

ما فات مات...يجب أن ننسى ونبدأ من جديد.

لا...ما فات لم يمت...ولن ننسى...وسنبدأ من الماضي لأننا جزء منه وهو جزء منا.

لا زلت أذكرك

أذكر كل ما فيك

وكأن معرفتي بك موغلة في القدم

كم مرة نظرت الى صورك...

البارحة فقط...عشرات المرات

لماذا أتيت الى هنا؟

ليتك ما أتيت...

لماذا غادرتنا البارحة؟

ليتك ما غادرت...

وكتبت على ذراعك الأجنبية

كلمة المقاومة بالعربية

فتعلقت رأسك بالسماء

وتأرجحت قدماك في الهواء

حسنا لا تريدين ان تكتبيه...سأكتبه بنفسي...

ها هو..

 يعيش على ذراعي ولن ادعه يرحل هل تفهمين؟

أجيبيني...

أين كنت عندما حدث ما حدث؟

هل كنت نائما؟

 وأنت؟...

 ماذا كنت تفعلين؟...

قولي لي...

من يجب أن أكره؟

ممن يجب أن أنتقم؟

 ممن؟ الاحتلال..الارهاب..التخلف..الغباء..الانقسام..العمالة..الفوضى..أمريكا..

..العرب..المسلمين..نفسي..أهلي..بيتي..جيراني..أنت..ها قولي لي..

هو لم يرحل

نحن قتلناه

كنا نياما وهم يزهقون روحه

كنا نياما وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة

لم نكن هناك لحظة واحدة لأجله

وهو كان هنا من أجلنا

اه..ربما لم نكن نياما

ربما كنت تطبخين لتكوني في عملك باكرا

وابن الجيران..ربما كان يواقع عروسه الثانية في غرفة جديدة ملحقة ببيت والده العتيق.

وأبا عبيدة..ربما كان في مناوبة تحقيق لساعات الفجر الأولى دائما مع الشخص الخطأ وفي

المكان الخطأ وهو يحلم بنيشان جديد..

وأبا  الحارث..ربما كان يتابع عملية تهريب أسلحة للمقاومة وبالطبع مواد البناء وسيارات

الماجنوم  عند نفق أبو الحسن الجديد..

ود. أبو إسحق ربما كان في انتظار وصول شحنة ترامال لصيدليته الخاصة بجوار مركز

 الشرطة القريب.

فيتوريو (Vittorio)

ما الذي جعلك تأتي الى هنا؟

هنا..

مزرعة المواشي في إنتظار ذبح جديد

هنا..

مشاريع استشهاد محتملة من أجل تسلط جديد..

هنا..

جرائم قتل مقترحة كي يرضى السيد عن العبيد..

هنا..

الاتجار بحياة البشر وأرواحهم..كل يوم قتيل أو شهيد أو جريح

هنا..

لا حياة هنا...

هنا الموت بطرق مختلفة وبنكهات متعددة

هنا...

هنا قتلناك

هنا قتلناه

Vittorio

قتلناك شنقا ..

بعد أن عذبنا روحك بجحودنا..

كيف لم نشعر بك ,وأنت تشهق شهقة الوداع؟

كيف لم تشعر بك أرواحنا, وروحك تشهد الغدر والخداع؟

كيف لم تشعر أجسادنا بالاهتزازات عندما انتفضت قدماك في الهواء؟

أي الكائنات نحن؟ قولي لي..أي الأشياء نحن؟

لماذا هذا الصمت الغريب؟ أين التحقيق والمحققين؟ أين الجلادين؟ أين الاعتقالات؟

أين الإعلام؟ الكل متآمر..

هل يعقل أن يتآمر الكل على هذا الشاب الايطالي الذي ترك كل مباهج الحياة من أجل

 شعب محروم من الحياة؟!

قولي لي..ما الذي تنتظرينه هنا؟

أشعر بأن روحي تعرضت للاغتصاب...

ماذا افعل؟ كيف أنتقم؟ ممن أنتقم؟من نفسي؟ منك؟ ممن أنتقم؟

هل تعلمين سأذهب إلى الجالاري..

هناك بيت العزاء..

وهناك..

سألعن الجميع, وسأسب الجميع..وسأبصق على الجميع.

افعل ما تريد ولكن لا تجلدني من جديد

اعلم فقط..

انك لن تعيده إلى الحياة

ولن تنتقم له كما تريد

فكبش الفداء جاهز للتقديم كوجبة جاهزة تشبع غل العديد

وقاتله الحقيقي  يراقبكم من بعيد و ضرباتكم الطائشة  وأصواتكم الغاضبة تضيع عبثا

في الهواء..

وسيضرب من جديد.